أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صادق - إسرائيل الشيعةِ هُم ألسِنّه .. وإسرائيلُ ألسنّةِ هُم ألشيعه















المزيد.....


إسرائيل الشيعةِ هُم ألسِنّه .. وإسرائيلُ ألسنّةِ هُم ألشيعه


محمد صادق

الحوار المتمدن-العدد: 3689 - 2012 / 4 / 5 - 18:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أتذكّرُ جيدا عندما تَفَتَحَت عيوني , ورأيت نفسي أعيش بين اُناس أشعر إنّهم إخوَتي وأشعرُ انني مع محيطي الطبيعي ومع عائلتي , حيث كانت الإنسانية لا زالت في برائتها , و كان الصراخ من على المنابرِ لازال هادئاّ, أدركت واقعي الحقيقي وأنا طفل بعمر تجاوز الست سنوات عندما كنت ولأول مرة طالباً في بداية المرحلة الإبتدائية , كان إحساسي هو إنني جزء حيوي من جسد المحيط الذي أعيشه , كنت أنا الكردي وأعيش بين العرب في مدينتي العريقة ومدينتي الرومانسية مدينة الموصل , التي وُلِدتُ فيها, كان التلاحم بأبهى صوره , كان الفرق بيننا يكاد ينعدمُ , وبعدها علِمتُ إنّ أبي وعائلتي كانت قد هربت من هول الصراعِ بين الشيوخ والكادحين من قريتهِ , ساعدهم ذلك عدم التوازن وكثرة المشاكل بين زوجة جدّي الثانية ووالدتي اللتانِ كانتا في صراع دائمٍ , وأعتقد هذا كان السبب الرئيسي للهجرة, والدتي هربت من الظلمِ التي كانت تشعر بها من زوجة جدّي الثانية , ووالدي هرب من سطوة الصراع بين المالك والمملوكِ , بين الشيخ والكادح , حيث كانت الشيوعية والقومية في أوجِّها وكانت تُتَوٍجُ مفاهيم التحرر آنذاك وحسب مفاهيم ذلك الزمان .
بالنسبة لي كطفل قي بداياته إندمجت مع واقعي الجديد , لأنني لم أكن أدري بعد إنني غريبٌ على هذا الواقع , ولم أحس أبدا بالغربة بين من أعيش , لازلت أتذكر النصف الثاني من ستينات القرن الماضي , أتذكر جيدا عندما كنا نتبرعُ جميعنا سواسية لفدائيي فلسطين , أتذكر يوم كانت يوميتي عشرة فلوس , وكيف كنتُ ببراءة اتبرعها بشراءِ طابع من أجل المقاومة الفلسطينية وأنا أشعر بالجوع كما كنت أشعر بالفخر ,
كانت تجمعنا القضية الفلسطينية والشعارات الرنانة ونحن صغار وأطفال , لأن الإسلام كان طبيعيا وحقيقياً وكان معنى الإسلام هو التواصل المستمر بين الله وعبده كما كنت أفهم ذلك الوقت وليس كما الآن .
لاأتذكر إنّ أحدا قال لي أنت كرديٌ , ولاأتذّكر انني سمعت إننا كرد وغيرنا عرب , سنةٌ وشيعة , أو حتى مسيحيين أو يزيديين , لااتذكر ذالك أبداً.
للأمانة فقط أتذكر الآن عندما سيطر الفكر القومي والبعثي على السلطة في نهاية الستينات , كان بعض اولاد الأئمة المسلمين في محلتنا ينعتوننا بكلام بذيء , وكانوا يقولون لنا ( كردي كردي حه مه قه حه مه قه بالبغنيي) وكانوا يتممون مقولتهم بكلام أخر لكنني مع الأسف قد نسيتهُ ومعناه أننا الكرد حمقى , وعلامة على التصغير والتقليل والتذليل .
ومما أتذكرهُ من ذلك الزمن أيضاً , عندما كنت طالبا في الصف الثالث الإبتدائي عام 1969 والبعث في بداية حُكمهِ , سلّط الحظُ السيْ مُعَلٍماً بعثيا علينا لمادة القراءة واللغة العربية , من زميلي عرفت ان المعلم الجديد هو بعثي , ولم أكن أعرف ما معنى البعثية او الشيوعية او القومية , لكنني إفتَهَمتُ من زميلي أن البعثيين شواربهم طويلة ونهايتيهما متدليتان قليلا أدنى الشفتين .
في يومٍ من الأيام ونحن ندخل الصف بعد إنتهاء الفرصة , وإذا التلاميذ يُلَوِحون الى السبورة ( لوحة خشبية سوداء كبيرة مُعَلّقة في الحائط تستخدم للكتابة عليها بالطباشير الأبيض لغرض التّعلُم)
وقد كُتِبَ عليها عبارة ( البعثُ حِمارُنا ) مِنْ قِبَلِ مجهول , وألى ألآن لاأعرف من كتبها, وفي هذه الأثناء دخل المعلم البعثي الى الصف ورأى ما كُتِبَ على السبورةِ , وإذا به يَتَعَصّب ويثور ويسأل من هو الحمار الذي كتب هذه العبارة ؟ لم يأتيه الرد من أي طالب , فقط لانعلم يا أُستاذ, وبعدها طلب من احدنا لنمسح هذه العبارة , وحينها عرفت من زميلي ذوالتربية الشيوعية , إن البعث إستلبَ السلطة في العراق وهو الذي يحكمنا لكن الشعب العراقي لا يقبل ولايريدهم , نسيتُ الموضوع لأنه كان أكبر من طاقتي وفكري آنذاك , في الأمتحانات الشفهية لنهاية السنة جاء دوري لكي أمتحن , بعد جلوسي على الرحلة , بدأ المعلم البعثي يطلب مني قراءة الكتاب ألذي أمامي , قرأت وبلسان فصيح دون أخطاء عدة عباراتِ كان يطلبُ مني قراءتها ويسألني عن الكلمات ومعانيها , وقد أجبتُ على كلها دون ان أخطأ , من كثرة أسئلتهِ شعرتُ قليلاّ بعصبيته وأستهزاءهِ بي , ثم قال لي إطْلَع بَرّه ( أي اُخرجْ من الأمتحان ) , وأنا أخرج وهو خلفي وإذا بضربة غير متوقعةٍ قوية قاسية جدا من رجله على أسفل ظهري , على أثرها ارتفع جسمي كله عن الأرض وارتطمت بقوة على الأرض , وأنا أبكي من شدة الألم قلتُ له ماذا فعلتُ انا ياأستاذ ؟ صرخ في وجهي بشدة أُطْلَع بَرّه يا كلب , تألَمت كثيرا وبَكَيتُ كثيرا , ولحد الآن أتَذَكّر ألَمَ تلك الضربةِ القاسية , ولكن المصادفة الغريبة كانت عندما إستلمتُ نتائج الأمتحان ظهر انه قد منحني 10 على 10 في هذا الدرس وكنت الثاني على صفي , وعندما كبرت علِمتُ إنه كان يشتبه بي لأنني كردي وأنا الذي كتبتُ العبارة ( البعث حمارنا ) على السبورةِ . وأنا لم أكتبها.
وعندها عرفت إن الدنيا ليست هي بتلك الرومانسية التي إعتَدتُ عليها , وبدأ الخطاب القومي العنصري وبدأت الحناجر تصرخ عالياّ وبدأت معها المتاجرة بقضية الإنسان وبقضية فلسطين , وتأكدت عند ذاك إنني غريب عن المحيط الذي أعيشه وهم الذين قالوا لي انت كردي ونحن عرب وبدأت المأساة عندي , وبدأت مأساة الإنسانية في هذه الرقعة الجغرافية الأخوية , وإنكشفت حدودنا , وإنكشفت عوراتنا , وإنكشف العداء المزمن بيننا .
وحينها عرفت إننا لسنا إخوة , إننا غرباء عن بعضنا , وإننا أعداء جمعتنا الصدفة ومَقّص التراث والتعليمات الدينية , وخيانة شيوخنا وصراخ الأئمّة وأكتشفت الحقيقة المرة , إننا مُحتلون من قبل أفكار جيراننا . ولازلنا عبيداّ في انظارهم وأفكارهم المريضة.
وتبين لي إن أسرائيل واليهود والكفار لم يحتلوا أرضي , انما الذين أحتلوا أرضي وعقلي وذبحوا الإنسانية هم جيراني بكتاب رسمي من السماء , وبأمر من الجهات العليا من السماء, لَيْتَهُمْ أخذوا كل أرضي ومملكتي وأموالي وفكّوا أسْرَ عقلي.
وكلما كَبِرتُ في السّنِّ كلما إكتشفت زيف الجيران , حتى تبين لي إنهم متفرقين الى عدة طوائف ومِللٍ , واكبر الأخوين المُزَيَفَيْن في هذا الطيفِ هم السنة والشيعة وهم دوما مختلِفَينِ في الأفكار ومتعطشبن لدماء بعضهم للآخر, وكلما إزداد صراخ المتدينين من الطرفين , كلما إزداد الشرخ بينهم , وظهرت عيوب أكبر , وسال دمٌ أكثر, وظهرت روائح كريهة أقوى وتأكّد لي كما إننّا الكرد مُحتّلين من ٌِقِيَلِهِم , فإن السماء مثلنا أسيرةٌ من قِبَلِهِم, وعندما تتحرر السماء سوف نتحرر نحن الكرد .
كُنّا في الستينات حسب عمري آنذاك متوحدّين , ولافرق بين عربي وأعجمي إلّا بالإنسانية , وعدونا واحد ,ومستقبلنا ومصيرنا مشترك , ولكننا الآن وبعد خمسين سنة ترانا متفرقين , وعلى شفا حفرة من النار بيننا وكل منّا عدو الآخر , وأسرائيل الكرد هم العرب والترك والفرس , وإسرائيل السنة هم الشيعة , وإسرائيل الشيعة هم السنة , وإسرائيل التي كانت عدونا المشترك تعيش بأمان وتبني مستوطناتها بكل هدوء , ولكن لاتنسوا إنّ أئِمتنا يصرخون بصوت أعلى من على المنابرِ , وكما تَفَرّقَ بيت الإسلام , تَفَرّقَ بيتُ والدي وجدّي وَتَفَرّقَ بّيتُنا ........ ولكن مادام إيماننا كامل , لاينقصنا شيء والحمد والثناء للعقل إنْ وِجِدْ .....



#محمد_صادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقمة بغداد .. كلنا أعراب وإن لم نَنتَمِ
- اساتذة هذا الزمن ... مقال للترفيه فقط
- خبر عاجل ... كردستان دولة !!!
- اُمّةُ ألجَبَلِ تَتَغَنّى لِنارِ ألصَحراء
- ألْعَقْلُ الفاسدْ ينتج عَمَلاً فاسِداً
- سيادة العقل ام سيادة الوطن؟
- الازمة المالية العالمية
- هَلْ لَنا أنْ نُحِبّ أكْثَرْ؟
- لو لم نكن نحن , لما كانوا هم
- ماهو الشرق الاوسط الكبير الجديد؟
- مستقبل الشرق الاوسط
- هم قتلوا 35 كرديا نحن سنبني 35 مسجدا
- ان ينصركم الله فلا مانع لدينا
- في كردستان نقراء الحدث بالمقلوب
- الوسطية نبي هذا الزمان
- هذا العيد لا يخصني
- من يستطيع تحمل العطش يسهل عليه تحمل الظلم
- الثعلب يستمتع بالثورات العربية
- مالفرق بين الانسان والهه ؟
- الجنة للكرد وللاخرين الاستقلال وجنات نعيم


المزيد.....




- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...
- المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من ...
- ترامب سيرحل الأجانب المناهضين لليهود
- الكنيست يصدق بالقراءة الأولى على مشروع قانون يسمح لليهود بتس ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صادق - إسرائيل الشيعةِ هُم ألسِنّه .. وإسرائيلُ ألسنّةِ هُم ألشيعه