|
حسن البنا كان صنما اخوانيّا و مهرّجا سلفيا 19
حمادي بلخشين
الحوار المتمدن-العدد: 3689 - 2012 / 4 / 5 - 13:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فما كان حقد الغرب على نبيّ الإسلام ورسالة الإسلام و أهل الإسلام، ليـتحوّل بين عشــية و ضحـاها الى حبّ و وله ، لولا " ما زيد فيه"، أي ما زيد في الإسلام من وسطية اخوانية ذات مرجعية مسيحية فصلت الدين عن السياسة مما جعله يناسب الغرب و "يناسب روح العصر" زيادات حوّلت العدوّ أرنيست رينان إلى وليّ حميم ! (1).
لقد كان واجب إحترام القارئ يملي على حسن البنا توضيح عـبارة " ما زيد فيها " و لكن مرشد الإخوان مرَ مرورغيرالكرام ( كما ستوضح لنا ذلك الأسطر التالية التي تضمنت غبطة مؤسس الإخوان بتلك الشهادة الصليبية القيّمة التي إقتتطع منها ما يؤيّد فكرته المميتة )، فقد ورد فـي نفس الكتاب و فـي نفس الصفحة ما نصّه:" أعرب الأستاذ [ ارنيست رينان]عن رأيه في عقيدتنا بجلاء و وضوح، و قد كان صريحا في إبداء رأيه ، بقدر ما كان موفّــقا في هذه الدقّة أيضا، و يمكنك أن تخرج من هذا الرأي الدقيق الذي ألقي من وراء البحار في عقيدة الإخوان المسلمين بعدّة نقاط: أوّلا عقيدة الإخوان المسلمين مستمدّة من نفس المنهج الذي وضعه محمد صلوات الله عليه وسلامه، هذا هو التعبير الفرنسي الذي استطاع الأستاذ [ ارنيست رينان]الذي لا يتّصل بالإسلام إلاّ بصلة العلم، أن يعرب به عن رأيه.. ومعنى هذا أن الأستاذ أرنست رينان يرى أنّ عقيدة الإخوان المسلمين إسلامية بحتة لم تخرج عن الإسلام قيد شعرة... لقد إستطاع بدقة بحثه و صفاء فكرته، أن يصوّر الإخوان المسلمين و أن يفهمهم ويفهم أنهم للإسلام... و للإسلام وحده، على بعد الشقة وإنـقطاع الصّلة فيما بيننا و بينه، على حين يظن بعض الناس الظنون بالإخوان المسلمين، و يتساءلون عن ماهية مناهجهم و كنه مقاصدهم و يتشكّكون في عقيدتهم و مسالكهم ..." ( إهــ )
(لقد تحوّل الشكّ الي يقين كما تحولت الظنون المجرّدة الى أدلّة ماديّة طفحت بها مجاري قادة الإخوان و زكمت نـتونتـها الأنوف، وأسمعت بدويّها من به صمم، و لم تعد خافية إلاّ على جهول أومتجاهل. فهاهم زعماءالإخوان يغتالون في العراق والجزائر و افغانستان ، ويطاردون في كل سهل وجبل مثل الكلاب المسعورة، جزاء خياناتهم الوطن قبل خيانتهم الدين. )
سيلاحظ القارئ فيما سيستقبله من هذا البحث، أن الدّليل الشرعيّ المعتمد لدى الإخوان هو قـول حسن البنا وعمله و إقراره، فإذا أضفنا إعتماد البنا نفسه على ما قاله الصليبيّ كمعيار لصحّة " فكرته" وسلامة "عقيدته"، بدا لنا أيّ سند ذهبيّ يـمكن أن يعتمده المرء في تمييز الحقّ من الباطل من أمر الإخوان، إذا كان الإخواني يحيلك إلى البنا، و البنا يحيلك بدوره الى نصرانيّ!. و لكنّ القارئ الملمّ بعقيدة المسلمـين كما شرحها و طبقها خاتم النيين و صحبه الميامين، لن يعدم وسيلة كي يستشفّ من كتاب المؤلف الإخوانيّ القحّ، أهمّ معـالم " إسلام الإخوان"(2) ألا وهو إلتزامهم المبكّر، بأخلاقيات المجتمع المدني الذي كـثرت في السنوات الأخيرة الدّعاية اليه والدنــدنة حوله في بلاد المسلـين،أي "مجتـمع الـتسامـح" و"الحوار" و" قبول الآخر" بعجره و بجره، و"التحاكم إلى الشرعيّة الدسـتوريّة"، ووجوب وسلوك "القنوات الرسميّة" للتغيير الديمقراطيّ، حتى ولو كانت تلك القنوات أضيق من منخر نملة أو عقل سلفي. بل حتى ولو كان الحاكم جاهليا في مرجعية دستوره و في وقوفه "عقبة كأداء في طريق الإسلام".
ففي واحدة من" الزيادات" التي أضافها حسن البنا لدين الإسلام ،جعله ذروة سنام جهاد ذلك النوع من الحكام هو جهاد اللسان والقلم!،( ورد ذلك في ص 64 من الكتاب المشار اليه حين كتب المؤلف الإخواني:" وهـذا الإسلام نفسه يرفـض الحكم الجاهلي شـكلا، و موضوعا أيضا، لا لأنه تخلّى ــ فحسب ــ عن شريعة الله عزّ و جلّ، بل لأنه أيضا يقف عقبة كأداء في طريق الإسلام، هي بمثابة صدّ عن سبيل الله (3) وجهاد هذا الحكم الجاهلي باللسان و القلم، فرض كفاية، إذا لم يقـم به البعض أثم المسلمون جميعا" إهـ (4)
وأخيرا، و بعد أن سقط خيار حسن البنا بالكامل، وبعد ان مات و قبر قبل أن يموت حسن البنا نفسـه ويقـبر(5). و بعد أن أعلن الحكام عن إستحالة وصول المعارضة للسلـطة إلاّ على جثثهم (6)، و بـعد أن دخلنا عصــرالديمقراطيات الوراثية التي يرث الولد فيها والده، وبعد أن أعلنت الحكومات صراحة، بأنها لن تقـبل بأي حزب إسلاميّ التوجه ، و بعد أن كشف النظام العالمي الجديد عن وجهه الصـليبىّ، وعـن الجانب الدينيّ الكريه لعولمته التي يقصد منها أمركة حياة الناس، والقضاء النهائي على أدنى مظاهر التديّن الخارجيّ حتى في مهبط الوحي و بلاد الحرمين الشريفيـن، وبعد أن أسلمتنا " فكرة" الإخوان إلى السكيـن الأمريكي، وبعد أن ضبط تلامذة "الرّجل" في فراش العم سام، و في البرلمان والحكومات المشكلة تحت حراب المحتل الأمريكي في أفغانستان والعـراق، وتحت حراب المغتصب اليهودي في فلسطين، ( كتب هذا البحث قبل ايصال امريكا اخوان تركيا الى السلطة و لكن بعد الإنتفاضات العربية لشتاء 2011 يمكن ان اضيف ما يأتي : و بعد ان اوصل الربيع العربي المزيف الإخوان المسلمين الي الحكم بمباركة غربيّة لتكريس الهيمنة الأمريكية و تثبيت استعمارها السياسي و الأقتصادي و الثقافي و الدستوري بشرعيّة اخوانية ذات قشرة اسلامية زائفة). بعد كل ذلك، لم يعد هناك ما يدعو الى مزيد من السـكوت عـن"الرجل" الصنم و" فكرته" المدمّرة ذات الحصانة الأبدية من النقد واعادة النظر! ( يـرى صاحب دارالإعتصام الإخوانية، أنّ فكرة البنا لا تحتاج الى تقييم! فقد أورد على ظهر كتاب "حسن البنا الرّجل و الفكرة ما نصّه": فحـسن البـنا الذي أستطاع أن ينقذ شعبا وأن يحيي أمّة، ليـس في حاجة إلى تأريخ... ودعوته العالميّة التي إكتسبت صلابتها من أصالة الإسلام ليست في حاجة إلى تقييم"! إهـ.
فلندع الكليشيه السخيف و المبتذل، والقائل بكل إستخفاف بالعقول، أن:" الرجل لم ينته بإغتياله، والفكرة لم تمت بإعتقـالها... و سوف يبـقى الرجل وتبقى الفكرة، ما دامت السماوات و الأرض"(" حسن البنا الرجل و الفكرة " ص 24") فال الله و لا فالك يا شيخ ! لأن بقاء الفكرة يعني موتا محققا لا قيامة بعده، .بعد ما ثبت أن تلك الفكرة سم ّمجرّب.
لقد ولد "الرجل" ميتا، ولم يعش يوما واحدا كرجل حرّ، هذه هي الحقيقة المرّة ..( ألم يقل الزعيم مارتن لوثر كينج رغم نصرانيته،انّ حياتنا تبدأ نهايتها يوم نبقى صامتين إزاء القضايا الكبرى، فما بالكم بشخص كحسن البنا عاش كما سنري، يؤيد الطغيان،ويجند الشعب المصريّ بل و كل الشعوب الإسلامية لدعمه، و الإستكانة بين مطرقته و سندانه ؟!. أما " الفكرة" فقد تعيش هنيهة، بعد ان انزلها الغرب من الرفّ و نفض عنها الغبار، ولكنه عيش ذليل، رفض العربي نظيره في جاهليته، و رضي بجهنم عوضا عنه،(في حين يدعونا فراخ البنا الى قبوله مغتبطين يقول عـنترة بن شداد العبسي: لا تسقني ماء الحياة بذلة/ بل فاسقني بالعز كاس الحنظل/ ماء الحياة بذلة لجهنم / وجهنم بالعز أطيب منزل )....
يتبع ــــــــــــــــــــــــــــ (1) من الزيادات الإخوانية التي ابهجت الغرب و من قبلها الإرهاب الحاكم في بلاد المسلمين تسمية جهاد النظم الأرهابية الحاكمة، "عنفا" يجب التصدي له اخوانيا ، و تسمية عقيدة الولاء و البراء التي تقتضي الكفر بالطاغوت و مقاومته،" تطرفا و تشدّدا " يستحقّ المرء من أجله ان يطرد من حظيرة الإسلام بصك حرمان بطريركي مـن حســـن البنا ومن خلّف بعده من ثدييات إخوانية تســتقبل اليوم بالأحضان من قبل زعماء البيت الأبيض و الكنيست الإسرائيلي من أمثال اردوغان و حمادي الجبالي و راشد الغنوشي.
(2) " إسلام الإخوان" هو شعار رسالة المؤتمر الخامس للإخوان المسلمين! ( انظر محمدعبد الله السمان" حسن البنا الرجل و الفكرة ص 61 ). (3) لا حظوا العقلية الإخوانية ــ المهاتما غانديّة في تبنيّـها الرفق في كلّ شيء و مع كل احد ـ إلاّ مع أهل التوحيد ـ و في إستبعادها سيناريو الصدام و إستثارة الجماهير، فالحاكم الذي يرفض شريعة الله و يقف عقبة كأداء في طريق الإسلام لا يدخل عمله تحت مسمّى الصدّ عن سبيل الله، بل هو "بمثابة " الصدّ عن سبيل الله!. فياليتني كنت أدري ما هو الصدّ الحقيقي عن سبيل الله، إذا علمنا أن أيسر أدوات الحاكم الرافض لشريعة الله أو الحاكم الذي هو" بمثابة الصادّ عن سبيل الله"،من أيسر وسائله وزارة داخلية تزهق فيها الأرواح و تنتهك فيها المقدسات، و يغتصب فيها الرجال قبل النساء ، ووزارة إعلام تصادر الكلمة و تجرّم قائلهـا ،ومؤسـسات تحكم بغير شرع الله و تحمل الناس على التحاكم إلى الطاغوت، هذا مع إزدراء لكتاب الله حتى أنهم لا يطيقون حتى مجرّد سماعه ، فضلا عن التحاكم اليه، فقد جاء في جريدة الشرق الأوسط عدد9275 بتاريخ 30/4/ 2004 و تحت عنوان:" نوّاب مصريون يطالبون بعدم الإستشهاد بآيات قرآنية أثناء الجلسات" ما هذا نصّه:"وجه نواب بالبرلمان المصري انتقادات شديدة لبعض النواب الذين يستشهدون في أحاديثهم تحت قبة البرلمان بالقرآن الكريم في مناقشاتهم المطروحة ..! (4) و هذا ضرب جديد من الجهاد الإخواني، وهو الجهاد بالمراسلة ، نسخ به البنا الجهـاد بالسلاح!
(5) حسن البنا، كما سنرى، هو أوّل من إستبدل الجهاد الإسلامي للوصول الي السلطة، بصناديق الإقتراع. وقد خاض التجربة بنفسه مرتين و فشل فيهما فشلا ذريعا. فيكون مشروعه قد سقط قبل سقوطه هو برصاص الملك فاروق (أو الفاروق العظيم كما كان يسميه شهيد الغفلة و العار!) . (6) حقيقة يؤكدها لسان حال الحكام الذين ينفقون نصف ميزانية الدولة على وزارة الداخلية و أمنهم الشخصي، و إن خرج عبد الكريم قاسم حاكم العراق الأسبق عن المألوف ليعلن صراحة " جئت إلى هذا الكرسيّ بقوّة السلاح و من كانت عنده قوّة فليزحني من هذا الكرسيّ! "( انظر، الخريطة السياسية للمعارضة العراقية . شمران العجلي . ص 101 ) .
#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 18
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 17
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 16
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 15
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 14
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 13
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 12
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 11
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 10
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 9
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 8
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 7
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 6
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 5
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 4
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 3
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 2
-
حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 1
-
يوميّات!! قصة قصيرة
-
منحتان قصة قصيرة
المزيد.....
-
تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر
...
-
قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م
...
-
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
-
صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي
...
-
غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
-
فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف
...
-
الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في
...
-
صور جديدة للشمس بدقة عالية
-
موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|