أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - سلطة القانون وآليات الضبط الاجتماعي في المجتمعات المتخلفة














المزيد.....

سلطة القانون وآليات الضبط الاجتماعي في المجتمعات المتخلفة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1085 - 2005 / 1 / 21 - 12:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن السلوك العام لدى الفرد في المجتمع المتخلف، سلوك عدائي ناتج عن طبيعة الإنسان الساعي نحو التنافس غير المنضبط لتحقيق الذات وعلى حساب الآخرين. وقد يستخدم الإنسان المتخلف كل أشكال العنف والاستبداد لإخضاع الآخرين لسطوته عند الحاجة، ويمكنه فرض سطوته بأشكال أخرى غير أساليب العنف حيث يلجأ إلى التهديد والحط من قدر الآخرين بغرض إخضاعهم بشكل مباشر إلى محيطه.
هذا السلوك الغريزي للإنسان لايعتبر سلوكاً شاذاً في المجتمعات التي تعاني من الفقر والجهل والأمية، بل العكس فالقيم الاجتماعية المتخلفة تفسح المجال للعب الأدوار الرئاسية لأفراده في المجتمع. ويعد مفهوم القوة أحد أشكال الريادة التي يتوجب أن يمتلكها الفرد (القائد أو الشقي) ليفرض احترامه على الآخرين ويخضعهم لسطوته بشكل غير مباشر.
وتمنح المجتمعات المتخلفة الفرصة لبروز القادة الأشقياء، لأنهم يشعرن بحالة عدم الأمان والاستقرار ووجود الزعيم أو القائد الشقي في وسطهم يولد لديهم إحساساً كاذباً بالأمان والاستقرار لأنه قادر على الدفاع عنهم عند وقوع الأخطار المفترضة.
وفي ظل غياب سلطة القانون في المجتمعات المتخلفة، تزداد حاجة الفرد في المجتمع للبحث عن غطاء للحماية الذاتية (الحزب، العشيرة، الطائفة، المنطقة، الأشقياء..) من تجاوز الآخرين ومن أخطار مفترضة الوقوع في المستقبل المنظور.
لذا يلجأ الفرد إلى توثيق صلته بأفراد أسرته وعشيرته وطائفته وحزبه ومنطقته....وهذا ما يفسر تنامي دور العشائر والانتماء القومي والطائفي والمناطقي والحزبي في المجتمعات المتخلفة بغرض تحقيق نوع من التوازن النفسي والشعور الكاذب بالأمان المستمد من حجم التكتلات الاجتماعية الذي ينتمي إليها الفرد.
وبالضد من ذلك نجد في المجتمعات المتطور، تتلاشى حاجة الفرد للانتماء للعشيرة والقومية والطائفة والمنطقة واحزب....لأن الدولة تعد الضمان الأساس لحرية الفرد في المجتمع من خلال احتكارها لوسائل العنف المؤطرة بسلطة القانون.
وعليه فأن القانون هو الآلية الرادعة للتجاوزات والاعتداءات على أفراد المجتمع، ويعد الوسيلة الناجعة للضبط الاجتماعي لأنه يعبر من خلال بنوده عن الأحكام الرادعة وفرض العقوبة على الخارجين عن حدود المجتمع.
ويعتقد ((دوركيم))" أن القانون القهري هو وسيلة الضبط الاجتماعي، والعقاب هو الميكانزم الرئيسي الذي يستهدف الفرد وإخضاعه. إن الخوف من العقاب هو الذي يدفع الأفراد لإنجاز واجباتهم وأداء وظائفهم. فالعقاب الذي يحكم البشرية، وهو الذي يحميها أيضاً".
تنهل المجتمعات المتخلفة قيمها وتوجهاتها من منبع المجتمع البدائي، وتفتقر للمرتكزات الأساسية للمجتمعات الحديثة المستندة لمبدأ سيادة القانون في المجتمع، العنصر الأساس لبناء الإنسان الحديث الذي يعي واجباته تجاه الدولة والمجتمع والمطالبة بحقوقه المفترضة من الدولة.
ولم تتأسس البنى الاجتماعية السليمة للمجتمعات الحديثة إلا من خلال احتكار الدولة لوسائل العنف لفرض توجهاتها وقيمها على جميع أفراد المجتمع من خلال التلويح باستخدام العنف والعقاب ضد الخارجين عن أعرافها وقيمها.
ويعبر ((هوبز)) عن أهمية ترسيخ مفهوم القوة والعقوبة في ذهنية المجتمع قائلاً:" ينبغي للقوة أن تكون دائماً حاضرة في الأذهان سواء استخدمت من قبل السلطة ضد المجتمع أم لم تستخدم".
إن تعدد السلطات في المجتمع، يعد دليلاً على ضعف الدولة وتراجع هيبتها وضعف قدرتها على احتكار وسائل العنف. وهذا الأمر يؤدي بدوره إلى إحداث شلل تام في فرض سيادة القانون المستندة إلى ميكانزم استخدام العنف والعقاب المتمثل في السلطة ضد الخارجين عن حدود المجتمع.
كما أن تعدد السلطات داخل الدولة، يؤدي إلى تعدد مراكز القرار ويقلل من هيبة الدولة ويعدم سُبل سيادة القانون. وينسحب ذلك كله على آليات الضبط والتحكم الاجتماعي، مما يؤسس لحالة من الفلتان الأمني في المجتمع تستوجب استخدام العنف المفرط ( وغير المبرر) لإعادة الاستقرار والأمن في المجتمع.
وبهذا الصدد يعتقد ((روسو))" أن السلطة في المجتمع وحدة لاتنقسم وإلا فليس ثمة سلطة على الإطلاق".
تستند هيبة الدولة إلى سيادة القانون، وقوة القانون تأتي من قوة السلطة العنصر الأساس للضبط الاجتماعي. ويتحقق الاستقرار والأمان في المجتمع، من خلال خضوع وطاعة أفراده للدولة الممثلة لسلطة القانون والقابضة على وسائل العنف لردع المتجاوزين على المجتمع. إن ترسيخ مفهوم الواجبات في ذهنية أفراد المجتمع تجاه الدولة، يعزز من مبدأ شرعية المطالبة بالحقوق من الدولة ذاتها.
ويرى ((مصطفى حجازي))" ليس هناك احترام للقانون أو التقبل له، بل هناك رضوخ وإرغام. فالقاعدة هي أن تخرق القانون إذا استطعت!. ويعني ذلك عدم الاحترام للعلاقات الإنسانية لأن خرق القانون هو في النهاية تجاوز على الآخرين، وعلى علاقات المواطنين والانتماء الجماعي".
يؤدي مبدأ سادة القانون في المجتمع إلى تأسيس علاقات متكافئة بين أفراده، وهذا التأسيس بدوره يؤدي إلى خطوة نحو الأمام للمجتمعات المتخلفة للإلحاق بركب المجتمعات المتحضرة في العالم. ويقاس مدى التحضر في المجتمعات بتطور وسيادة قانونها المدني والتعاطي الايجابي لأفراد المجتمع مع آليات الضبط الاجتماعي لتحقيق الآمان والاستقرار في المجتمع من أجل تفعيل القوى المنتجة لتحقيق سُبل الرفاهية والعيش الكريم.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاغية المستبد والشعب المقهور
- الاستبداد والعنف وانعكاسه على المجتمع
- الشعوب المقهورة والزعيم المنقذ
- العسكرة والأدلجة في الثقافة والإبداع
- نتائج العنف والاستبداد على الشعوب المقهورة
- الحثالات والرعاع في المجتمع المادة الخام للإرهاب
- موقف الفلسفة من الشعر والشعراء
- سلطة الطغاة والشعوب المضطهدة
- السياسيون وراء قضبان العدالة
- أنماط الوعي والإدراك في الصراع الاجتماعي
- إعدام شيخ الفلاسفة بكأس القانون وسَّم السياسة
- مفهوم الثقافة والمثقف
- الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي
- صدر كتاب جديد للمؤلف صاحب الربيعي بعنوان (المثقف بين المهادن ...
- البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم
- رؤية فكرية في النظرية والتطبيق
- شرعية استخدام العنف في النظم الشمولية والديمقراطية
- مفهوم الثورة والتحديث في المجتمع
- التوجهات الأساسية في الفكر الليبرالي
- الانتخابات وعملية إرساء أسس النظام الديمقراطي


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - سلطة القانون وآليات الضبط الاجتماعي في المجتمعات المتخلفة