أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - احمد عبد الستار - فتوى البابا بندكتس السادس عشر بأن - الماركسية أصبحت غير واقعية -















المزيد.....

فتوى البابا بندكتس السادس عشر بأن - الماركسية أصبحت غير واقعية -


احمد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 3688 - 2012 / 4 / 4 - 10:37
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



قام البابا بندكتس السادس عشر بزيارة رسولية، للمكسيك وكوبا استغرقت 6 أيام ، وهذا النوع من الزيارات التي يقوم بها رئيس الكنيسة البابوية، للخارج ، تعتبر من صلب مهامه الرسولية . للتواصل مع المؤمنين ونشر تعاليم المسيح، ويتعهد في أحيان كثيرة التشفع عند العذراء لحل مشاكل العالم التي تطرح أمامه.

وقد صرح أثناء هذه الزيارة تصريحا فلسفياً قائلا " بأن الماركسية كمفهوم لم تعد تتماشى مع الواقع ".

إن دور الكنيسة البابوية معروف منذ قرون، منذ اعتمدت الرجعية الإقطاعية عليها مدة طويلة كسلاح روحي ضد كل تمرد مناهض لها داخل المجتمع في أوربا بالخصوص . وكيف طغت ونكلت بكل ما هو تقدمي، ابتدءا من العلماء المتنورين الذين غيروا وجه العالم وقتلهم بأبشع طرق القتل ، بتهمة الهرطقة الجاهزة للإدانة , وسجل المجازر التي قامت بها الكنيسة مدون بحروف من دمٍ ونار في تاريخ البشرية المليء بما لا عد له من المجازر وفي مقدمتها مجازر الكنيسة أيام طغيانها الرهيب ، وكيف تشاركت مع الأباطرة والأمراء والإقطاعيين، بنهب الأراضي الشاسعة والمال والذهب واستعبدت ملايين البشر استعبادا دمويا، باسم الدين المسيحي.

إلا إن التاريخ يتقدم، معلنا انتهاء عهد الإقطاعية وعهد الكنيسة المستبد، فالثورة البرجوازية التي أطاحت بالإقطاعية أطاحت كذلك بسلطة الكنيسة ودورها في الحياة العامة في المجتمع آنذاك، واستبعدت الكنيسة من سطوتها على المجتمع وحُجم دورها كثيرا إلى حد عزلها بعيدا داخل مستعمرة داخلية صغيرة تدعى الفاتيكان , وهذا كله كي تتخلص البرجوازية الصاعدة من السلطة المادية لعهد الإقطاعية الآفل والسلطة الروحية للكنيسة التي تعتمدها الإقطاعية للسيطرة على الناس، والتخلص من السلطتين يعني التخلص من عهد كامل تماما .

ولكن السلطة الروحية تحتاج إليها الطبقات المسيطرة لإخضاع الآخرين، والبرجوازية الطبقة المنتصرة تحتاج لسلاح روحي لإدامة وجودها وبقائها، في ضوء هذا الحال لابد من إعادة إنتاج الكنيسة والبابا كأداة وسلاح من جملة أسلحتها الروحية والنفسية التي توجه باتجاه ملايين البشر.

في بدايات تسلق الطبقة البرجوازية الصاعدة للسلطة، خلال صراعها مع الإقطاعية الآخذة بالتعفن وقتذاك، حاربت الأولى الأخيرة بكل مراكز سلطتها الاجتماعية بما فيها الكنيسة، وانتقدت الثقافة الدينية نقدا قاسيا ووصمتها بالتخلف والشعوذة .

لكن لم يكن النقد البرجوازي لسلطة الكنيسة والخرافة الدينية , نقدا عاما ومجردا لطبيعة الدين , كما فعل النقد الماركسي للدين ولكل غيبي، كان النقد قد توجه للكنيسة كون الاثنين ( الإقطاعية والكنيسة ) متكاتفتين بنظام اجتماعي واحد هو النظام الإقطاعي , وعليه يجب تدمير هذا النظام وإحلال النظام البرجوازي الصاعد مكانه .

ولكن سرعان ما سيعلن شعار ( يجب الاحتفاظ بالدين من اجل الشعب ) بعد تسنم البرجوازية للسلطة وتوثق عراها بيدها . وستعود الكنيسة من جديد خادمة للطبقة الجديدة , ولكن بدون الامتيازات السابقة التي كانت تسبغها عليها عهود الإقطاعية .

لأن لا يمكن لطبقة تستغل وتستثمر الناس أن تكون بلا سلطة روحية , وعليه أعيد تأهيل الكنيسة والمؤسسة الدينية وفق متطلبات عصر الرأسمالية .

الكنيسة المعاصرة هي الآن أكثر ذلا من أي وقت مضى خلال تاريخها الذي امتد على مدى قرون طويلة، أصبحت واجه مباشرة للرأسمالية , ولاسيما هذه الأيام التي نعيشها أيام الأزمة الاقتصادية التي تمسك بخناق عدد كبير من الدول الرأسمالية الكبرى في العالم , وعلاوة على الأزمة الاقتصادية , تواجه البشرية الآن تحديات من نوع آخر مثل التغير المناخي واستنزاف وتلوث البيئة , هي نتائج مباشرة لنظام الرأسمالية وطريقة إدارتها للعالم .

يشهد العالم خلال هذه الأعوام الجارية , احتجاجات واعتراضات عمالية و اجتماعية واسعة وغير مسبوقة , معظمها في قلب العالم الرأسمالي , في أمريكا وأوربا وفي كثير من البلدان الأخرى التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية , ولكن أحرج تلك الاحتجاجات كانت في أمريكا وأوربا , حيث انطلق الملايين بحركات وتظاهرات احتجاجية تحت ما سمي حركة ( احتلوا ... ) مناهضة للرأسمالية ومنادية في أكثر من مرة وفي أكثر من مكان بإسقاط النظام الرأسمالي وتغييره بنظام يسود فيه العدل الاجتماعي والمعيشة المضمونة , ورفع صور ماركس والمناداة بشيوعيته , وقد قوبلت هذه الاحتجاجات بكل شدة من قبل حكومات أمريكا وأوربا , من استخدام البوليس والجيش في قمعها , ولم يتوان زعماء هذه الدول بدعوة رجال الدين بالتدخل في تهدءة الأوضاع التي كادت في معظم الأوقات أن تخرج عن السيطرة , والطلب المباشر إليهم بالتوسط وحث المتظاهرين بقبول الأمر الواقع .

إن الأزمة الاقتصادية لازالت مستمرة ولازالت الأوضاع المعيشية تتدهور للكثير من المجتمعات في البلدان الرأسمالية، تحت وطأة خطط التقشف وسلب حقوق العمال ومؤسسات الضمان الاجتماعي، وتنصل الدولة للكثير من مسؤولياتها في المجتمع تحت ذريعة خطط التقشف وإعادة جدولة الدين العام .

فالأزمة الاقتصادية تلقي بضلالها غير المريحة على النظام الرأسمالي برمته وبالخصوص في الدول ذات الاقتصاديات الرأسمالية الضخمة، لان ذلك يستدعي الكثير من الاحتجاجات والمطالب العمالية والاجتماعية الداعية لتحسين ظروفها المعيشية . وتستدعي بالمقابل هذه الاحتجاجات، إلى هجوم معاكس تشنه الرأسمالية ضد العمال والمجتمع للقمع لكي تحافظ على وجودها، باستخدام كافة الأسلحة المتاحة تحت تصرفها ، من الجيش والشرطة والإعلام وشتى التأثيرات النفسية والروحية على الجماهير , ويدخل تأثير رجال الدين في ذلك الأمر من أوسع باب ، وفي مقدمتها .

يقول كارل ماركس حول توظيف الدولة للدين " الدولة، المجتمع. وهذه الدولة وهذا المجتمع ينتجان الدين، الوعي المقلوب للعالم .... إنه التحقيق الوهمي للكائن الإنساني " وبناءا على ما يؤسس كارل ماركس بنظريته عن الدين , تعتمد الدولة الرأسمالية على رجال الدين كي يمارسوا وظيفتهم الرسمية , " بالتبشير .. بالمحبة والإحسان والأسمال الرثة وقتل الجسد والتقشف والرهبانية .. " وخلق منظومة كاملة من الأوهام , لتوهم الإنسان بأن سعادته الحقيقية تكمن السماء .

إن الماركسية باعتبارها نظرية مكرسة لنقد النظام الرأسمالي , هي الآن موضع أنظار الملايين ، أكثر من أي وقت مضى , بسبب ما يواجه العالم من أزمات وتحديات , منشأها الرأسمالية , والغليان المستعر على مستوى العالم يطالب جزء منه بتغيير العالم صراحةً وقسم آخر بداء بالتلويح بالمطالبة نحو المساواة والعدالة الاجتماعية .

والتلميذ النجيب , للرأسمالية وخادمها الأمين ، البابا بندكتس السادس عشر لا يتعدى تصريحه " بأن الماركسية كمفهوم أصبحت لا تتماشى مع الواقع " سوى أداء واجب رسمي ، يؤديه لأولياء نعمته , ولكنه لم يخبرنا أي واقع يقصد ،واقع الرأسمالية وهذا صحيح وله كل الحق ، باعتباره احد ممثليها, أم واقع العمال الذين تسحقهم وتجوعهم الرأسمالية ، أم أوساط اجتماعية عريضة انحدرت لهاوية الفقر والجوع , أم الجوع الذي أصبح عالميا تعانيه شعوب كثيرة وفي قارات متعددة , والمجازر التي تتعرض الملايين في عشرات البلدان في العالم بسبب نزاعات الرأسمالية , والخطر الداهم الذي يهدد مناخ الأرض وغيرها مما لا يحصى من مساوئ الرأسمالية .

وتصريحه هذا هو إعلام مقصود , وموجه بشكل مدروس ضد الماركسية , في وقت ومكان اختير بعناية , ليوحي قداسته بنهاية وأفول الماركسية , كي تبقى الرأسمالية خالدة تحفظها عناية الرب وتشفعات العذراء , ليبقى الفقراء فقراء بعيدا عن أي نصيحة بأن " التعاسة الدينية هي، في شطر منها، تعبير عن التعاسة الواقعية، وهي من جهة أخرى احتجاج على التعاسة الواقعية. الدين زفرة الإنسان المسحوق، روح عالم لا قلب له، كما انه روح الظروف الاجتماعية التي طرد منها الروح. انه أفيون الشعب. " *



* كارل ماركس , مقاله نقد فلسفة الحق لدى هيغل



#احمد_عبد_الستار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسلمة الثورات العربية .. ثورة مضادة !!
- مصادرة الحقوق الفردية للمواطنين بين الحظر التعسفي والعبوات ا ...
- مَنْ ينتخب عمال العراق
- مرور عام على تنصيب أوباما والانتخابات النيابية في العراق!!
- هل تعبأ الرأسمالية حقاً بنقاذ الارض !!
- الانتخابات- الصورية آلية من آليات الاحتلال والرجعية
- تظاهرات اليونان وقبلها عمال أمريكا رأس الجبل الجليدي الغاطس
- طبقية العنف ضد المرأة
- حول الأزمة الاقتصادية العالمية ودور الطبقة العاملة
- عن الأول من أيار
- من تاريخ وتحديات الطبقة العاملة العراقية
- دفاعا عن فرع الناصرية لاتحاد الممجالس والنقابات العمالية في ...
- أوضاع العمال في العراق الآن من حيث حقوقهم الإنسانية والاقتصا ...
- أسباب أجتماعية لتفاوت الاجور بين العاملات والعمال
- من يقرر الانتخابات...؟
- الخطاب الديني والجماهير
- هل (( العمالية )) بدعة ؟
- الاعدام او الاسلام


المزيد.....




- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - احمد عبد الستار - فتوى البابا بندكتس السادس عشر بأن - الماركسية أصبحت غير واقعية -