طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3686 - 2012 / 4 / 2 - 10:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ركبتْ أتوبيس الواحات . مشتْ فى الممر الضيق . رأته طويلا سرابيًا . بالكاد وصلتْ إلى مؤخرة الممر. وجدتْ مقعدها المرقوم على تذكرتها . جلستْ آملة الراحة بعد طول عناء .
بعد قليل تردّدتْ . فــكــّرتْ فى ترك السيارة . همس لها وجدانها (( ما جدوى ذهابى إلى الواحات ؟ هل يتحمّلنى أخى بعد أنْ تخلى عنى الجميع ؟ أخشى السفر ولا أملك التراجع))
فشلتْ فى إتخاذ القرار. استسلمتْ إلى اللاشىء . أدركها التعب من عدم النوم يوميْن مُتتالييْن . بدأتْ تــُـنهنه بصوت خفيض .
تململتْ وتمنتْ أنْ تنطلق السيارة بسرعة ، فيتقرّر مصيرها أيًا كان . ضايقها الحر. ودّتْ لو تملك الجرأة فتطلب من جارها أنْ تــُبادل مقعدها بمقعده ، فتجلس بجوار النافذة . لم تستطع . غلبها التردد والخجل . جاءها صوت وجدانها ((حياتى كلها تهاون فى حق نفسى . ولم أجرّب الدفاع عن رغباتى))
قالت فلأجرب الجرأة وأطلب من جارى الجلوس بجوار النافذة . غلبها التردد فلم تفعل .
غلبها النعاس إثر تحرك السيارة ، ومداعبة الهواء لوجهها وجسدها اللزج المُرهق . بدأتْ تغفو. تغفو غفوات قصيرة . وفى كل غفوة تصحو بهزة عنيفة من رأسها إثرحلم مُفزع .
فرد جارها ذراعه خلف ظهرها بعفوية. كانت تــُزاحمه المقعد بغفواتها الفزعة. سحب ذراعه والتصق بجدارالسيارة أكثر، وأطلق بصره على الأصفرالرملى . تلال من الرمال تجرى . تململتْ جارته وتمايلتْ عليه أكثر. جاهدتْ ذاكرته كى تستعيد ملامح وجهها ، عندما صعدتْ إلى السيارة . تأمل الأبيض الشاحب على السطح الأزرق للسماء . انتفضتْ جارته فزعة. اعتدلتْ . فى هذه اللحظة استعادتْ ذاكرته ملامح وجهها . وفى هذه اللحظة تمايل رأسها فى غفوة جديدة .
ظلتْ تغفو وتستيقظ بفزع إلى أنْ راحتْ فى سبات عميق . الرأس يتوسّد كتف الجار. إحمرّ وجهه . أيوقظها ؟ أيُبعد رأسها ؟ لم يفعل شيئــًا . تمنى لو تهنأ فى نومها . وأنْ تهدأ نوبات الفزع . ودّ لو يفرد ذراعه ويفرش كفه ليُغطى كتفها ، ولم يفعل . فى هذه اللحظة كان رأسها ينزلق على صدره .
***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟