|
نظرية الخلافة بعد الثورات العربية
فوزي بن يونس بن حديد
الحوار المتمدن-العدد: 3685 - 2012 / 4 / 1 - 12:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كان الأمر في تونس أشبه بالحلم حينما فرّ الرئيس التونسي السابق من بلده وولّى وجهه نحو المملكة العربية السعودية، لم نكدْ نصدق ما حدث وبقينا نتساءل هل فعلا هرب بن علي كما يقول ذلك المحامي الذي يصرخ في الشارع ليلة هروبه من قصر قرطاج، وكما حدث في مصر بعد أن تنحّى حسني مبارك قسرا وتجمع الآلاف في شكل وحدوي للتعبير عن الفرحة العارمة لما حصل في أرض الكنانة، وبعد أن انقضّ الثوريون في ليبيا كذلك على من كان يصفهم جرذانا فصار هو الجرذ الكبير الذي لم يستطع التحكم في زمام الأمور كما كان يعتقد، وخرج الليبيون في مسيرات يعبّرون عن فرحهم وابتهاجهم بالديمقراطية والحرية والكرامة، وما إن تيقّنا من هذه الأخبار وتأكّدنا فعلا أن هؤلاء غادروا كراسي الحكم إلى غير رجعة وبعد ما توحّدت القلوب والحناجر من أجل تحقيق هذا الهدف ومن أجل ترسيخ الديمقراطية في تونس الخضراء ومصر وليبيا حتى تراءت لنا تشكيلة المجتمعات المرعبة وظهرت طوائف لم نسمع بها من قبل وأصبح كل طرف يدعي أنه وريث بن علي ومبارك والقذافي في الحكم ولا أحد غيره. ورغم أن الثورات قامت في الأساس على مبدأ الحرية والكرامة وأنّ من قام بها وتجرأ إلى الخروج في الشارع رافعا صوته وكاشفا صدره ضد الدكتاتورية العمياء شباب يريدون العيش بحرية وكرامة، شباب يرغبون في خدمة البلاد ويبتغون العيش بسلام وأمن وأمان، لا يتدخل أحد في شؤونهم الخاصة وتمنحهم الدولة حقوقهم على حد سواء إلا أن ما حصل في تونس ومصر وليبيا وما سيحصل ينذر بعراقيل كثيرة وصعوبات كبيرة تقف حاجزا منيعا للوصول إلى الهدف والمبتغى. وما الذي حدث في تونس ومصر وليبيا؟ وصل إلى الحكم الإسلاميون وحققوا نتائج مذهلة في تلك البلدان ظنّا من الشعب أن الإسلامي أفضل بكثير من الشيوعي والعلماني في خدمة الشعب من منطلق أن سيد القوم خادمهم وسيظل هذا الإسلامي يخدم أمته بكل إخلاص وتفان بعيدا عن الرشوة والمحسوبية والأنانية والتشبث بالكرسي، والتزاما بالديمقراطية ولكن الخطير في المسألة ليس هؤلاء من وصفوا بالاعتدال ورضي عنهم المجتمع الدولي الذي كان سابقا يهابهم ويخاف من كل واحد منهم لأنه يحمل فكرا إسلاميا بالدرجة الأولى. وما إن وصل الإسلاميون إلى الحكم في تونس ومصر وليبيا حتى تجنّدت الأقلام الموافقة والمخالفة لإظهار حسنات أو سيئات هذه الفئة من المجتمع فمنهم من اعتبرها فئة ضالة ستدمّر المجتمع وتجعله يحلّق خارج السرب ومنهم من اعتقد أنها ستجعله يعيش في بحر من النعم، وظلت الفئتان تتناحران وتتقاتلان مرة بالقلم واللسان ومرة أخرى بالسلاح والمدفعية والقنابل والألغام، إنها لغة غير مفهومة تجنيها الثورات العربية الآن. والأخطر من ذلك بكثير ما يدعيه أدعياء السلفية الذين بسطوا نفوذهم في هذه البلدان بعد أن كانت أفواههم مكمومة بعصى من حديد، الآن فقط تنفسوا الصعداء وأرادوا الركوب على الثورات ويزعمون أن عهد الخلافة قد أتى، وأن لا يحكم البلاد إلاّ من ينتمي إلى مذهبهم، ويرون الدنيا سوداء قاتمة يجاهدون من أجل حكم إسلامي وتطبيق للشريعة الإسلامية وأكثر ما يهتمون، يهتمون بتطبيق الحدود، هؤلاء الذين يدّعون دائما وأبدا أنهم من السلف وعن أي سلف يتحدثون ويتشدقون؟ إنما يريدون زعزعة الاستقرار برفع أعلام لا تمثل هويتهم ويصدرون أقوالا لا تعبر عن صدقهم، يهيمون في الأرض ويعيثون فسادا بغير حقّ، لا يفهمون ولا يفقهون معنى الإسلام الذي جاء سيد الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، هو الذي شاع نوره في السماوات والأرض أمرنا بأن نكون مبشرين لا منفّرين وما عرض عليه صلى الله عليه وسلم من أمرين إلا اختار أيسرهما، فعن أي خلافة يتحدثون؟ إن كانوا يقصدون تطبيق الحدود في مجتمعات يسودها الاضطراب والقلق فإنهم بذلك مفسدون من حيث لا يشعرون، وهم سفهاء من حيث لا يعلمون. الإسلام عندما جاء لم يطبق الحدود، وإنما هيأ الظروف وانتشر بأمن وأمان ويسر وسلام وبعد أن تعرض المسلمون إلى كل أنواع الأذى لم يأمرهم الله عز وجل بالقتال إلا بعد أن ذاقوا مرارة العذاب وتحملوا مشاق الدعوة بالمجادلة الحسنة والكلمة الطيبة والرؤية الصادقة هذا هو لبّ الإسلام، مهمتك أيها السلفي لا المطالبة بالخلافة كما تدعي بل تنحصر في الدعوة إلى الله والالتزام بما أمر الله والبحث عن ما يجلب الأمن والأمان والاستقرار لا الذي يجلب النفور والنكوص وقمة العار. السلفية في هذه البلدان ينادون بالخلافة، وأقسم أنهم لا يفهمون مغزاها ولا معناها ولا ظروفها ولا شروطها ولا أسبابها ولا دواعيها، إنما هم يبتغون السلطة ولا شيء غيرها لتحقيق مآربهم ومصالحهم على حساب مجموعة أخرى،يريدون أن يفرضوا فكرهم ومنطقهم على الجميع بالقوة والرهبة والتخويف والترهيب. لا تتركوا هؤلاء يفعلون ما يريدون فإنهم مفسدون حيث لا يشعرون وسفهاء من حيث لا يعلمون.
#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وسقط قناع قناة الجزيرة
-
غزة تستغيث بحمد بن جاسم
-
الزوجة تحتاج إلى دفء
-
سر الأنثى
-
أخي في ذمة الله
-
هل يرحل بشار الأسد؟
-
هل ستسقط سوريا؟
-
ما الذي يجري بالضبط في سوريا؟
-
هل أصبح للحب زمن؟
-
كيف ننظر إلى المرأة
-
لبيك يا حسين
-
واهتز عرش إسرائيل
-
لا إعلام محايد
-
لماذا سوريا الآن
-
احذروا السلفية
-
الحداثة زندقة فكرية
المزيد.....
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|