أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - الإصلاح الاقتصادي ودور الدولة في النشاط الاقتصادي في الجمهورية العربية السورية















المزيد.....

الإصلاح الاقتصادي ودور الدولة في النشاط الاقتصادي في الجمهورية العربية السورية


مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق


الحوار المتمدن-العدد: 1084 - 2005 / 1 / 20 - 10:03
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لم تكن نتائج استراتيجية التنمية ذات النموذج الشمولي التخطيطي على المستوى الذي كان متوقعاً، بالرغم من أن هذا النموذج قد حقق مكاسب كبيرة في مجال البنية الأساسية، وإقامة بعض الصناعات الكبرى ذات الأهمية، والإنصاف والمساواة في توزيع الدخل وفرص الوصول إلى العمل والأصول الإنتاجية، وتحسين مستوى المعيشة والتنمية البشرية، إلا أن نطاق القطاع العام اتسع بشكل كبير جداً وضيق الخناق على القطاع الخاص أحياناً وأدى إلى تهميشه، وقد أدى هذا الأمر إلى انخفاض الكفاءة الاقتصادية ومستوى الأداء الاقتصادي، وضعف النمو الاقتصادي، وظهرت الاختلالات الكبرى في الاقتصاد وتفاقمت لدرجة، أصبح من الضروري القيام بالإصلاح الاقتصادي الذي يعني فيما يعنيه الانتقال من النموذج التنموي الشمولي إلى النموذج (الليبرالي) التحرري.
لقد ازداد دور الحكومة في النشاط الاقتصادي في سورية منذ بداية الستينات من القرن الماضي وتعاظم في النصف الثاني منها، ويرى ذلك واضحاً من خلال زيادة حصة الإنفاق الحكومي في الناتج المحلي الإجمالي. وتزايد دور القطاع العام في مجال الاستثمار.
ولقد جاء توسع دور الحكومة والقطاع العام في النشاط الاقتصادي في سورية، نتيجة لتحول دور الدولة من دور تقليدي محصور في الحد الأدنى من الوظائف الأساسية إلى دور إنمائي يمتد إلى جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واستخدام الميزانية كأداة تدخل وضبط. وكان السند النظري لذلك التحول في دور الدولة يرتكز على الفكر الاقتصادي السائد والسياسة الاقتصادية المتبعة. حيث اعتبر القطاع العام عنصر حاسماً في عملية التنمية لا بل قائداً لها، مما دعا الحكومات المتتالية لترعى التنمية الشاملة تحقيقاً للمصلحة العامة وتوخياً للمساواة والإنصاف.
وفي ظل الدور الإنمائي المتزايد للدولة، يبرز التخطيط كوسيلة لتحقيق التنمية الشاملة. وأصبح التخطيط الشامل والمركزي في سورية هو القاعدة. وقامت مجالس التخطيط المركزي، إلى جانب هيئة تخطيط الدولة (وزارة التخطيط) بصياغة خطط التنمية الاقتصادية الاجتماعية طويلة الأجل ومتوسطة الأجل والخطط السنوية. وبذلك تضمنت السياسة الاقتصادية المتبعة عدم الاعتماد على آلية السوق، وتدخل الدولة المباشر في النشاط الاقتصادي لتوجيه عملية التنمية. وفي ظل التخطيط الشامل والدور الإنمائي للدولة، حققت سورية إنجازات تنموية كبيرة وهامة وبخاصة في مجال التعليم والصحة والتغذية والعمر المتوقع عند الولادة (أي في مجال التنمية البشرية). وكذلك في تنامي حجم الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد والبنية الأساسية.
وبالرغم من تلك الإنجازات التي تحققت، فإن مساهمة القطاع العام في عملية التنمية والتطوير والتحديث في ظل الدور الإنمائي للدولة، كانت دون المستوى المتوقع لاحقاً، الأمر الذي دعا إلى إعادة النظر في دور الدولة في الحياة الاقتصادية. وأخذت قضية الإصلاح الاقتصادي تطفو على السطح وزاد الاهتمام بها في أعقاب أزمة الركود الاقتصادي والسياسات الانكماشية التي اتبعتها الحكومة في الثمانينات. إضافة إلى انخفاض أسعار السلع التصديرية الرئيسية، تدهور معدل التبادل التجاري، خلل ميزان المدفوعات، تباطؤ معدلات النمو، والعجز المتزايد في الميزانية.
وفي إطار البحث عن مصادر جديدة للنمو الاقتصادي، وسياسات اقتصادية معززة له في المدى المتوسط والطويل، اتخذت عملية إعادة النظر في دور الدولة في الحياة الاقتصادية أهمية خاصة. وبدأت عملية الإصلاح الاقتصادي في منتصف الثمانينات، وبدأ دور الدولة الإنمائي يتراجع أمام تقدم عملية الإصلاح الاقتصادي. وفي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات أخذ الإصلاح الاقتصادي دفعة جديدة، وبخاصة بعد صدور قانون تشجيع الاستثمار رقم /10/ لعام 1991.
إن إعادة النظر في دور الدولة في الحياة الاقتصادية والتحول من الدور الإنمائي إلى الدور التصحيحي للدولة، لا يعني تخلي الدولة عن مواجهة التحديات التنموية، بل يؤكد على دور جديد ومختلف للدولة في السعي لتحقيق التنمية. ويشتمل الدور التنموي الجديد للدولة على ثلاثة عناصر رئيسية هي: (الأول هو التحرير الاقتصادي الذي يقوم على إزالة القيود والمعوقات أمام التجارة الخارجية، ودعم المنافسة في ظل تشجيع القطاع الخاص. والثاني هو إصلاح القطاع العام، عن طريق تحسين إدارة المصروفات العامة، وإصلاح الخدمة المدنية، وتحسين أداء المؤسسات العامة. والثالث سياسة اقتصادية كلية تقوم على تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي).
وفي ظل الدور الجديد للدولة، لابد من إصلاح القطاع العام وتحسين أداء المؤسسات العامة، وتحديد مجالات عمل الحكومة، وترك مجالات أخرى للقطاع الخاص في ظل سياسة اقتصادية جديدة تؤمن باقتصاد السوق الاجتماعي، بحيث يتم تقليص عمل الحكومة في بعض الميادين وبخاصة التي يمكن لاقتصاد السوق الاجتماعي أن يجعلها تعمل بصورة ناجحة وجيدة، تركيز دور الحكومة في المجالات التي لا يمكن الاعتماد فيها على اقتصاد السوق وحدها، مثل: الاستثمار في التعليم والخدمات التعليمية والصحية والغذاء والتخفيف من وطأة الفقر، والمساواة في الوصول إلى فرص العمل وأموال الإنتاج.
(تنطلق استراتيجية التنمية الجديدة، المعتمدة على السوق، من تكامل نشاط ودور القطاعين العام والخاص في تحقيق أهداف الاستراتيجية المتمثلة في التنمية الشاملة، المرتكزة على كفاءة تخصيص الموارد. وفي إطار ذلك التكامل المنشود، تبرز الحاجة للتعرف على القيود التي يمكن أن تقلص الكفاءة الاقتصادية، والحوافز التي تحث على رفعها لدى كل من القطاعين).
وبذلك تبدو أهمية التعددية الاقتصادية كسياسة يتم اتباعها لخلق نوع من التكامل بين مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني (العام، الخاص، المشترك والتعاوني).
أن السياسات القائمة على ملكية الدولة لمعظم النشاطات الاقتصادية، ووجود قيود بيروقراطية وقانونية تحد من انسياب رؤوس الأموال، وتوفير الدعم والحماية المتواصلة للصناعة المحلية ولفترات زمنية طويلة، والعمل بأسعار صرف قسرية، سيؤدي إلى تحجيم الإنتاجية وإعاقة النمو الاقتصادي في أية دولة. كما أن التنمية ذات التوجه الداخلي، والقائمة على منح الامتيازات للصناعات المحلية وحمايتها من المنافسة الخارجية بواسطة القيود الكمية والتعريفة الجمركية المرتفعة أو منع الاستيراد، ستفضي إلى توجيه الاستثمار نحو صناعات ذات قدرة إنتاجية منخفضة لا تستطيع المنافسة في الأسواق المحلية أو العالمية، إضافة إلى أن الحماية الجمركية والقيود على الواردات تعمل على حرمان المستهلكين من الحصول على سلع ذات مستوى جودة عالية، كما أنها ترفع أسعار السلع محلياً.
ولكي تتمكن سورية من التأقلم السريع مع التوجهات التجارية الليبرالية العالمية وتحرير التجارة الخارجية من كافة القيود، عليها أن تهتم بخلق بيئة محلية تشجع التنافس وتساعد على الابتكار وزيادة الإنتاجية، وإعادة تأهيل مواردها البشرية وبنيتها الأساسية والتكنولوجية، واقتناص نصيب أكبر من تدفقات الاستثمار العالمية. لأن التطور الاقتصادي اصبح يعتمد بدرجة كبيرة على درجة الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي. أما الدول التي تختار أن تبقى خارج النظام الاقتصادي العالمي، ستجد نفسها في عزلة دولية وستدفع ثمناً باهظاً ربما يصل إلى إضاعة فرص التنمية الاقتصادية.
تستبعد القيادة السياسية والحكومة في الوقت الحاضر في سورية عمليات الخصخصة وتعتبرها تهديدا مباشرا للعمالة، وفي الحقيقة تستند الإصلاحات التي قامت بها الحكومة على زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، وبخاصة في مجالات الصناعة والسياحة والتجارة الخارجية، والانفتاح على الاستثمار الخارجي المباشر، إلى جانب التحرير الجزئي للتجارة الخارجية، والتوجه إلى تشجيع الصادرات.
الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
جامعة دمشق – كلية الاقتصاد
[email protected]

- See ,Collier Paul, The Role of the State in Economic Development : Cross Rogional Experience, University of Oxford, paper Presented at the African Economic research Consortium Plenary Session, Nairobi 1996.
- د.علي توفيق الصادق ...، جهود ومعوقات التخصيص في الدول العربية، صندوق النقد العربي، أبو ظبي 1995، ص 19.
- علي توفيق الصادق، ..، ص 26.
- الإصلاحات الهيكلية والنمو الاقتصادي في سورية، محمد هشام خواجكية، الحياة العدد:13851 15-02-2001 ص 13.
- المصدر السابق.
- يمكن العودة إلى: Carol J. Lancaster, African Economic Reform: The External Dimension, Institute for International Economics / June 1991.



#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى
- التنمية المستدامة وتدمير البيئة
- النظام الاقتصادي والتنظيم الاقتصادي
- الانظمة الاقتصادية المعاصرة
- تنمية الموارد البشرية وإمكانية رفع فعاليتها
- سياسات تشجيع الاستثمار في الجمهورية العربية السورية
- اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي في ظل المتغيرات الاقتصادي ...
- الفكر الاقتصادي في اليونان القديم
- الأفكار الاقتصادية لدى أرسطو (384 - 322 ق.م)
- (*)الأفكار الاقتصادية والنشاط الاقتصادي لدى الفراعنة
- الملتقى الثامن لمجتمع الأعمال العربي عمان – المملكة الأردنية ...
- أفلاطون والأفكار الاقتصادية
- أهم عوائق التنمية الاقتصادية في الدول العربية
- العولمة والهوية الثقافية
- العالم الإسلامي جغرافياً وسكانياً
- الشراكة المتوسطية
- خصائص الاقتصاد السوري والتجربة التنموية *
- المشرق العربي يقوم بدور الوسيط بين شعوب دول المتوسط
- تأثر البحث العلمي في الدول العربية بمنهجية البحث العلمي الغر ...
- التعاون البحثي بين الجامعات العربية والجامعات الأوروبية في م ...


المزيد.....




- نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات ...
- اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ ...
- تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
- للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م ...
- مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر ...
- البنك الأوروبي: التوترات التجارية تهدد الاستقرار المالي لمنط ...
- مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
- مصر.. الدولار يقترب من مستوى تاريخي و-النقد الدولي- يكشف أسب ...
- روسيا والجزائر تتصدران قائمة مورّدي الغاز إلى الاتحاد الأورو ...
- تركيا تخطط لبناء مصنع ضخم في مصر


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - الإصلاح الاقتصادي ودور الدولة في النشاط الاقتصادي في الجمهورية العربية السورية