|
المرأة بين سنادين السلطة ومطارق الدين
محمد البدري
الحوار المتمدن-العدد: 3683 - 2012 / 3 / 30 - 21:54
المحور:
ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي
لولا اكتشاف الانسان لعيوبه لما سعي لتغييرها ولن يرتقي الا بعد ان يغيرها. والعيوب عديده تغطي مساحات متنوعة موزعة بين البشر رجالا ونساءا، ثقافيا واجتماعيا. وليست الثورة سوي اداة للتغيير شرط أن يدرك المشاركين فيها انهم يسعون للتغيير لما اصبحوا واعيين به. وتصبح قضية المرأة طبقا لهذه المقدمة القصيرة قضية وعي. شاركت المرآة من كل الفئات العمرية في الثورة. فعلي اي شئ ثارت ولاي هدف خرجت؟
الثورة في مجملها ليست فقط ثورة علي الذات التي تشكلت علي واقع ادي لقيام الثورة انما علي الواقع ذاته لاعادة تشكيل الشخصية علي اسس جديدة. فالبشر، حسب ما تقوله السلطة وتردده الكتب البالية، ابناء نجباء اوفياء ومخلصين لثقافتهم. أما الاكثر اخلاصا ووفاءا ونزاهة هم المتمردون خونة الواقع الوضيع الثائرين علي تلك الثقافة السائدة المنجبة للثورة. انهم الابناء وهذا هو السبب في انها ثورة الشباب وليست ثورة كهول الفكر والثقافة بتنوع مشاربهم. الثورة إذن هي قيمة مضافة لمعني الانجاب والولادة لكل الامهات اللائي شاركن في الثورة وعليهن ان يتعلمن ان الولادة تعني ولادة كل ما هو مختلف كثورة علي الام ذاتها. إمرأة ما بعد الثورة عليها الا تستنسخ نفسها والا تعلم ابناءها وبناتها سخافات الشيوخ ومترهلي الفكر والثقافة. خرجت المرأة ضمن الثوار فتحية لكل من خرجت وانضمت لابنائها لانها الاكثر اخلاصا ووفاء لمعني التغيير بهدف التغلب علي كل ما اعاقها في واقع ما قبل الثورة. وهنا نأتي للنقطة الثانية، في ملف المرأة في موقع الحوار المتمدن، لنؤكد ان التغيرات ستحصل علي كل الاصعدة إذا ما تشكل الوعي علي قواعد تختلف جذريا عما كان سائدا.
كان القديم يؤكد ولاية الذكر حسب ثقافة العروبة والاسلام السائدة بعقلية التسلط والاستعلاء. فنصوص الاستعلاء الذكورية تملأ نصوص الاديان، التي روجها نظم الفساد والتسلط، ويجاورها بالتلازم معها ما يخص المرأة ويؤكد الحاجة الدائمة للثورة عليها. فالمدي الذي يمكن ان تذهب اليها الثورة لتحقيق وضع جديد للمرأة مشروط بتغيير النظام بكليته وليس فقط في عزل راس النظام، ولعل ما ويجري حاليا في تونس من مطالب اسلامية سلفية تسمح ببيع وشراء النساء طبقا للشريعة الغراء التي روجها مشايخ وفقهاء وحكام ما قبل الثورة، وما يجري في مصر من حزب النور باعضائه البرلمانيين كمشروعات قوانين بالغاء حد سن الزواج من اجل الاستمتاع بالصغيرات كفيل بالتأكد ان نتائج الثورة قد سارت في اتجاه عكس ما كان يسعي اليه الثوار وكس مطالب النساء المشاركات في الثورة. صحيح ان المطالب لو شرعت واصبحت قوانين فهي وبلا جدال تغيرات جوهرية، والاصح انها فتح من الله ونصر قريب لمن يريد وضع المرأة اسفل سافلين باعتبارها وتاكيدا لوضعيتها الاسلامية بانها عورة وناقصة عقل ودين وان الشيطان يتتبعها حيثما حلت. هتاف الثورة "كرامة حرية عدالة اجتماعية" يجعلنا نؤكد ان الاحزاب الدينية التي اوصلها عسكر ما بعد الثورة الي المجالس النيابية وحسب مشروعات القوانين السابقة هم ضد الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، علي الاقل في مجال المرأة وفي مجال الشعب برمته عامة. أخطأت المرأة قبل الثورة مثلما أخطا الرجل عندما انصتوا لاقوال المشايخ والفقهاء المضللين للعقل والفكر، فمن لبس الحجاب الي التحول الي النقاب ثم التحول لداعية، اي التوظف ليكونوا نخاسين وموردي عبيد علي هوي الحكم الفاسد، أمر ادي للثورة فلماذا بقي الحجاب في الميدان وقت الثورة؟ اليست الثورة ثورة علي وضعية المرأة؟ عند هذه النقطة الحساسة فان مسؤولية المرأة مضاعفة وعلي الرجل مساعدتها في تجاوز محنة الثورة بشكلها الشامل. ولن يتقاعس عن المساعدة الا من يمني نفسه بالتسلي بالصغيرات وتعدد الزوجات كفرض عين لانه من المعلوم من التخلف بالضرورة أو متسكعي الاسواق بحثا عن جواري زمن ما بعد الثورة !! فهل العودة للمجتمع الذكوري ثورة وهل قامت الثورة من اجل النخاسة؟
في زمن العجز عن الثورة، زمن القوميين واليسار صاحب الاكليشيهات المنقولة، تمرد الرجل علي تعدد الزوجات بشكل فكاهي ساخر فقال: إن عقوبة تعدد الزوجات هي تعدد الحموات؟ حتي ثورة الفكاهة كانت تخشي مما ينغص الذكر الفحل باكثر مما يحق للانثي حقها. وربما البسها الرجل الحجاب والنقاب حتي يجد عصا غليظة ضد الحموات وضدها ايضا عن اللزوم. وساهمت المرأة في تكريس وضعها المتخلف بايمانها بما يقوله رجال الدين ومشايخ السلطان. فالايديولوجية الدينية المؤسسة علي قواعد العقيدة الاسلامية انجبت فكرا اسلاميا يؤكد وضعية للمرأة سادت طوال عصور الاسلام التي ادعت التحرر وعادت مرة أخري بعد الانقلابات العسكرية خدمة للسلطان صاحب الرتب، بينما حقيقة الامر انها كانت تسحب الحريات التي تمتع بها المواطن في ظل الاحتلال الاجنبي لكثير من سكان الشرق الاوسط ليقدموا المواطن علي طبق من ذهب الي العنصرية والفاشية الدينية. فاذا كان خلع النقاب ممكنا في زمن الحتلال القديم فكيف يعود في زمن التحرر الجديد؟ انها معادلة مغلوطة فرضتها ثقافة العرب والاسلام باعتبارها ثورة (ثورة كاذبة) في وجه المحتل بينما هي في حقيقتها ارتداد لزمن البربريات القديمة والبرهان واضح فيما قدمه نواب تونس ومصر من مشروعات قوانين.
سؤال الملف عن الأسلوب الأمثل لنضال المرأة لفرض وجودها ودورها ومشاركتها النشيطة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في تلك الدول العربية التي وصلت فيها الأحزاب الإسلامية السياسية إلى الحكم لا اجابه له الا باعطاء المرأة ظهرها لكل القديم، فلا شئ فيه يستحق الحرص عليه. يقول اليساريون التقليدين علي اختلاف مشاربهم انهم مع الحرية ولا حرية بدون اشتراكية لكنهم لم يتصدوا للاسلاميين ودعاة النخاسة ولا حتي زعماء القومية العربية الفاشلين بقدر ما تصدي الليبراليين لكل التخلف الاسلامي. ذهبت هدي شعراوي كرمز واحد ضد الاحتلال وضد الملك وضد القوي الدينية زمن الخلافة الاسلامية. فخلعت حجابها علنا في وجه الظلم بكل انواعه، كانت هي ثورة بمفردها. الآن المرأة انجبت شباب اصبحوا ثوارا علي وضعيتها وعلي اوضاعهم، بعد ان ازاحها القوميين والعروبيين والاسلاميين والعسكرتارية الي ما قبل زمن هدي شعراوي. اسست شعراوي الجمعيات النسائية لكن كثيرات في زمن الاكاذيب القومية والتخلف الاسلامي انضممن الي مشايخ النخاسة سمعا وطاعة لغثائهم فكانت الحاجة للثورة ضرورة ليس فقط للعودة الي ما سبق من زمن انما لكل ما هو تحرري ويحلم به شباب الثورة.
#محمد_البدري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لوما لماليزيا ودفاعا عن الموطن السعودي
-
التضليل بين العلمانية والاسلام
-
عودة لحضارة السلب والنهب
-
بين التاريخ والعقل
-
محاولة للفهم
-
المعرفة هي خلاص الانسان
-
آه ... لوكان هناك استك
-
علياء وحاجة المشايخ لمصحات عقلية
-
اليسار والثورة بين النمطية والتدجين
-
اليسار بين العلمية وارتهانه للتاريخ
-
النظام والاسلام السياسي بين الخسة والنذالة
-
ثقافات وثورات
-
دستور مصر الجديد المحترم
-
الهروب الابستمولوجي
-
اليسار بين الوحده والتشتت
-
السلفيون والعفو عن قتلة الشهداء
-
الشريعة الاسلامية في خدمة اسرائيل والفساد
-
السلفية والوهابية واسرائيل
-
حتي لا تتكرر كارثة يوليو
-
أضغاث احلام بالخلافة القديمة
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
آفاق المرأة، والحركة النسائية، بعد الثورات العربية، بمناسبة
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|