أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سليمان يوسف يوسف - قراءة غير سياسية للحرب في العراق















المزيد.....

قراءة غير سياسية للحرب في العراق


سليمان يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1083 - 2005 / 1 / 19 - 11:38
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لا شك أن هذه الحرب، وكل حرب، ما هي إلا استمرار للسياسة، لكن بوسائل أخرى. ولا خلاف على أن الحرب في العراق، هي حرب من أجل عالم جديد تقوده( الولايات المتحدة الأمريكية)، تضمن فيه مصالحها الإستراتيجية، فهي تأتي في اطار صراع دولي أزلي على (من سيحكم العالم). لهذا لا أريد التوقف كثيراً عند الأسباب والدوافع الأمريكية لحربها في العراق، على أهميتها، وإنما أرى من الأهمية أيضاً، أن ننظر لهذه الحرب من زاوية فلسفية ترى، في الحروب (ضرورة حضارية) باعتبارها، ظاهرة تاريخية، رافقت حياة الإنسان عبر مسيرته الطويلة، كظاهرة الحياة و الموت ، وظاهرة الخير والشر.
فمنذ فجر التاريخ، عانت البشرية باستمرار من ويلات حروب مدمرة، منها عالمية ومنها إقليمية ومنها محلية، اندلعت تحت ذرائع وتسميات مختلفة، منها حروب (تحرير)، (دينية)، ( قومية)،( أيديولوجية/سياسية).فبالرغم من كثرة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تدعو الى حل الخلافات بين الدول بالطرق الدبلوماسية، واحترام كل دولة لسيادة الدول الأخرى، وبالرغم من كل الجهود التي تبذل من قبل أطراف، دولية وإقليمية، ومنظمات إنسانية ، لتجنب اندلاع حرب ما محتملة، لكنها في النهاية تقع (الحرب)، مخلفة وراءها مزيد من الويلات والمآسي الإنسانية. لهذا، بقدر ما هي (الحروب) مقيتة مرفوضة ومكروهة إنسانياً، تبدو أيضاً، ضرورة وحاجة ( حضارية)، نظراً لأهميتها ووظيفتها في حياة (المجتمعات والحضارات)، فإذا كانت الحروب (مقبرة) لبعض الحضارات فهي ايضاً (قوة محركة) لبعضها الآخر.
و يرى هيغل:(أن الحروب هي التي تحكم التاريخ وتحدد مساره)، والبعض يرى فيها ( امتحاناً للشعوب) حيث تقوم بوظيفة، إزالة الأشكال الاجتماعية، والدول، والأعراق، والحكومات (المنهكة) لتخلي المكان للقوى الغضة، ولأشكال وأساليب جديدة من التفكير والعمل، فقد تركت(الحروب الكونية) آثاراً سياسية واجتماعية وثقافية على مستوى العالم، وشهد تاريخ البشرية ( تغييراً حضارياً) في أعقاب (حروب مدمرة) بين عام 1453م 1521م والتي أدت إلى سقوط ثلاثة عواصم هامة هي: (القسطنطينية) على أبواب الشرق، و (وغرناطة) في أقصى الطرف الغربي من البحر الأبيض المتوسط، و(مكسيكو) على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. وفي هذا السياق يمكن أن يشكل سقوط بغداد والحرب في العراق، مرحلة تحول حضاري( سياسي وثقافي) مهم في بلاد الرافدين والمنطقة عامة.
ألم تكن حملة(نابليون) الفرنسية على (مصر وبلاد الشام)، عام 1798م، عاملاً مهماً في إيقاظ الشرق من غفوته وسباته الغارق في الجهل والتخلف، بعد أن أمنت هذه الحملة الاتصال المباشر بين الغرب الأوربي المتقدم والشرق العربي المتخلف، حيث جلبت معها أسباب العلم والتقدم، مثل المطابع وفتح المدارس ونمو الحركات الفكرية والأدبية، فكانت سبباً في تأسيس الجمعيات العلمية والأدبية وانطلاق الصحافة العربية، حيث أنشأ المرسلون الأمريكان (الجمعية السورية في بيروت)عام 1847 وخلفتها (الجمعية العلمية السورية) وكذلك (المجمع العلمي الشرقي) 1882م وعن هذه الجمعيات انبثقت (الجمعية السرية) التي شكلت بدايات (النهضة السياسية العربية) والمطالبة بانهاء حكم الخلافة الإسلامية(العثمانية) على العرب. وهيئت هذه الحملة لنمط جديد من الوعي والتفكير السياسي والاجتماعي في المنطقة العربية. كذلك ساعدت الجيوش الأوربية العرب في الحرب العالمية الأولى على تفكك الامبراطورية العثمانية و خروج العرب من تحت حكم الاستعمار العثماني وتأسيس الدول العربية.
ولا أعتقد أن الحرب الأمريكية الراهنة في العراق تخرج كثيراً عن اطار مفهوم ( صراع الثقافات أو صدام الحضارات)، بحسب تعبير صموئيل هينتغتون، فهي تحمل في طياتها صراعاً بين حضارتين أو ثقافتين مختلفتين في نظرتيهما للعالم والإنسان، حضارة الغرب (العلمانية/المادية) من جهة أولى- وهي بدون شك ليست بـ(مسيحية)، كما يحلو للبعض أن يسميها، لأنها انقلبت على الثقافة والعقيدة المسيحية، قبل أن ترفض ثقافة وعقائد الأديان الأخرى- ومن جهة ثانية حضارة الشرق (الدينية أو المتدينة)- وهي ليست بـ(إسلامية)، وإن كان الإسلام اليوم يشكل أحد أهم مكوناتها، انها تجمع وتضم عناصر من جميع ثقافات وديانات الشرق القديم- . ضمن هذا السياق التاريخي يمكن لنا أن نتفهم، طبعاً من غير أن نبرر، الحرب الأمريكية في العراق، ونقول:(رب ضارة نافعة). فمن النتائج المباشرة لهذه الحرب، إنها نبهت جميع حكومات الشرق العربي و الإسلامي إلى حالة الاحتقان في مجتمعاتها بسبب انغراقها في الاستبداد السياسي والقهر الاجتماعي لشعوبها وتفاقم الوضع الاقتصادي، كما نبهتها الى أهمية الديمقراطية وتداول السلطة والحريات السياسية واحترام حقوق الإنسان، في حل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المزمنة ، وتجاوز حالة التخلف العلمي والتأخر الحضاري لهذه المجتمعات. كذلك كشفت، الحملة الأمريكية، مخاطر الاستبداد على الوحدة الوطنية، فقد بدا واضحاً أن الشعوب المقموعة لن تدافع عن أوطان حولها الاستبداد الى مزارع خاصة لمافيات السلطة، كما نبهت هذه الحرب الى مشكلة الأقليات الدينية والقومية المضطهدة في أوطانها، والى مخاطر بقاء هذه القضية من غير حل عادل وصحيح يقوم على أرضية الوحدة الوطنية والديمقراطية.
لا نبالغ في القول: إن (الحملة الأمريكية) على العراق أحدثت صدمة عميقة و كبيرة (للعقل السياسي العربي ) وكشفت عمق الأزمة التي يعاني منها هذا العقل، حيث كانت بمثابة (زلزال سياسي) وفكري ستمتد آثاره ونتائجه لسنوات طويلة، وهو يوازي بنتائجه وآثاره بالنسبة للمنطقة، نتائج، تفكك الاتحاد السوفيتي، ذاك (الزلزال السياسي الكبير)، على المعسكر الاشتراكي في أوربا. فقد كشفت (الحملة الأمريكية) زيف جميع شعارات (القيادات العسكرية) التي انقلبت على الأنظمة اللبرالية وعلى (الشرعية الديمقراطية) في بلدانها و حكمتها باسم (الشرعية الثورية)، وقد أوهمت بتلك الشعارات الشعوب العربية طيلة الحقبة الماضية، إن كان على المستوى القومي أو الوطني، وبسبب تلك الشعارات، دخل الكثيرين السجون والمعتقلات واعدم المئات ونفي الآلاف منهم خارج أوطانهم.
لا شك، تبدو صورة العراق قاتمة جداً في هذه الأيام، وهو على موعد مع أول انتخابات حرة وديمقراطية تحصل في تاريخه السياسي، حيث تتزايد أعمال العنف والعنف المضاد والفلتان الأمني بشكل مخيف ومقلق، وحيث تعمل القوى الظلامية في العراق - المتمثلة بالتيارات الإسلامية والقومجية المتطرفة و بقايا النظام البائد وحزبه، والمدعومة من بعض القوى المحلية والإقليمية- على تحويل هذه الحرب من حرب مع قوات الاحتلال، الى حرب الإنسان العراقي ضد أخيه الإنسان العراقي، وهي تدفع بالعراق باتجاه حرب أهلية وصراعات عرقية وطائفية بهدف تقسيم العراق وتمزيق الى عدة كيانات عرقية وطائفية .
الكاتب: سليمان يوسف يوسف........ كاتب سوري ..... مهتم بحقوق الأقليات.
[email protected]



#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية آشورية للأحداث الخيرة في الجزيرة السورية
- حوادث الحسكة والتصريحات المخالفة للمحافظ
- في سوريا حزب الأغلبية الساحقة يخش الديمقراطية
- نعم لفتح باب الترشح للرئاسة في سوريا
- المؤتمر الدولي التاسع للدراسات السريانية
- في سورية حريات دينية وحرمانات سياسية
- شرق اسلامي، من غير يهود ومسيحيين
- نعم للدولة الوطنية ، لا لدولة القوميات في سوريا
- مسيحيو العراق بين سندان الاحتلال ومطرقة ارهاب المقاومة
- قانون الأحزاب وعقدة الديمقراطية في سوريا
- تصريح سياسي
- الحركة الكردية السورية بين السلطة والمعارضة
- في سورية خطوة إلى الأمام قفزة إلى الخلف
- مقاربة فلسفية للحرب العراقية
- الرئيس بشار الأسد والتحول باتجاه المعارضة الوطنية...؟
- ملامح مرحلة جديدة في سوريا
- علم مشوه لمجلس حكم مصطنع
- قراءة وطنية لموضوعات وبرامج المعارضة السورية
- في ذكرى مذابح الأرمن والسريان في تركيا
- سوريا موطن السريان ومهد الحضارات تحتضن مؤتمر التراث السرياني ...


المزيد.....




- فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني ...
- إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش ...
- تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن ...
- الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل ...
- تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
- بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
- تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال ...
- -التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين ...
- مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب ...
- كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سليمان يوسف يوسف - قراءة غير سياسية للحرب في العراق