فشل انتفاضة اذار 1991 ادمى قلبي

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 3681 - 2012 / 3 / 28 - 13:33
المحور: سيرة ذاتية
    

علل الكثيرون اسباب فشل اتنفاضة اذار 1991 بجملة عوامل لا يميزون بينها. ومنها, عدم وجود قيادة سياسية ميدانية وعدم اخذ توازن القوى في الحساب وعدم انطلاق الانتفاضة في جميع انحاء العراق مرة واحدة مما سهل على صدام ضربها الواحدة بعد الاخرى, ومحاولة القوى الاسلامية صبغها بطابع طائفي وغيرها. واذ تحتمل كل هذه الاسباب النقاش فان السبب الرئيس لفشل الانتفاضة على الرغم من عنفوانها وامتدادها هو خلو ساحات المعارك من القيادة السياسية الواثقة بقدرة الشعب العراقي والمعتمدة على امكانياته بالاساس. ففي البصرة حرر الجنود الثائرون المدينة من قوات النظام واطلقوا سراح السجناء السياسيين. وبقيت المدينة بدون قيادة سياسية واقتصادية واجتماعية لتنظيم حياة الجماهير وتعزيز مواقع الانتفاضة وتدفع بها لتدك معاقل الدكتاتورية في المدن الاخرى ولاسيما بغداد. فتصدت الاحزاب الدينية بفضل تواجدها وقربها من الحدود الايرانية لتملأ الفراغ ولتطبع الانتفاضة بطابعها الطائفي وتفرض حلولها للازمة. فشكل هذا التصدع الداخلي الاول الثغرة التي استغلتها القوات الامبريالية المتخالفة للتدخل لحماية النظام الدكتاتوري تحت شعار , وحدة العراق, واطلقت العنان للحرس الجمهوري الذي كانت تحاصره ليقمع الانتفاضة. ورغم ذلك توسعت الانتفاضة وشملت مدن اخرى بما فيها ضواحي بغداد وجميع مدن كردستان وانضم الاف الجنود الى الانتفاضة ورفضت الاف اخرى مقاومتها.
وعلى الرغم من وجود قيادة الجبهة الكردستانية على الساحة ومساهمتها بالانتفاضة الا انها لم تثبت جدارتها في قيادة الاتنفاضة الى نصر حاسم. فقد توقفت عند حدود كردستان. وانشغل كل اطرافها بالصراع على المناصب وتعزيز مواقعهم الحزبية في حين كانت المعركة في اوجها تتطلب تجميع القوى وتنظيمها وزجها في مواصلة زحفها لدك معاقل الدكتاتورية في بغداد, مستعينة بالاف الجنود الذين التجأوا الى المنطقة باسلحتهم المتطورة ولكنها تركتهم في حيرة وبقيت اسلحتهم منتشرة في كل مكان!!
لم يكن هذا الموقف نتيجة قصور ذاتي او ضعف همة لدى قيادة احزاب الجبهة الكردستانية وانما موقفا طبقيا واستراتيجيا , لا يعتبر الامبريالية العدو الرئيس لشعبنا بعربه وكرده ويتوهمون بان عداء القوات الامبريالية المتحالفة, للنظام يمكن ان تدعم الانتفاضة وتحميها. وكانت وسائل اعلام كل قوات المعارضة تغذي هذه الاوهام ولذلك عارضت في مؤتمر بيروت دعوة زكي خيري والجواهري بالعودة الى الوطن لقيادة الانتفاضة. ولو فعلت ذلك لكان لها دورها في قيادة الانتفاضة بل وانتصارها وعلى الاقل فرض تواجدها على ارض الوطن وتعزيز مواقعها وثقة الشعب العراقي بها. ولكسبت دعم الراي العام العالمي وتضامنه وشل يد الدكتاتورية عن ضربها. وفضلت البقاء في الخارج بانتظار اسقاط القوات الامبريالية النظام وتسليمها السلطة لقاء تعهدها بضمان استمرار هيمنتها على المنطقة ولاسيما العراق واستمرار استثمارها لثرواته النفطية. وبالفعل وفي لقاءات صحفية ووفود الى واشنطن والسعودية عرضت على القوى الامبريالية ولاسيما الامريكية استعدادها لتكون البديل الذي يحقق هذه الاهداف الامبريالية.
ولكن القوى الامبريالية لم تعد تقيم وزنا لقوى المعارضة المتهالكة على السلطة لانها منعزلة عن الجماهير وليس لها اي سند جماهيري وبقيت تحسب الحساب للروح الثورية للشعب العراقي الذي فاجأها بالانتفاضة ولذلك لم تجد افضل من صدام لقهر هذه الروح وترويضه لقبول استعبادها له.
فاطلقت الادارة الامريكية العنان للنظام الدكتاتوري في اقتراف افضع الجرائم لقمع الانتفاضة وابادة المساهمين فيها. واوغلت في فرض العقوبات وتشديد الحصار الاقتصادي وكثفت قواتها القصف المتواصل لمناطق الحظر التي ابتدعتها بدعم من الامبريالية البريطانية التي بقيت تحلم باستعادة هيمنتها على العراق

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات