أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - قصة (بعد صلاة الجمعة) والفكر الأصولى















المزيد.....

قصة (بعد صلاة الجمعة) والفكر الأصولى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3679 - 2012 / 3 / 26 - 09:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



نشرت صحيفة الأهرام(19/7/91) قصة للكاتب محمد عبدالسلام العمرى بعنوان (بعد صلاة الجمعة) يصف فيها مشاهدته لمنظر تنفيذ حكم الإعدام بالسيف فى السعودية. وللقصة مستويات فنية عديدة ، أهمها أن الكلمات تتحول الى لوحة مرئية ، يستطيع القارىء من خلالها أن يرى رد فعل السعوديين قبل وأثناء التنفيذ ، وما هى مشاعرهم. وفى المقابل رد فعل المصرى وباقى الأجانب. وما هى مشاعرهم. ففى فقرة قصيرة يُقدم لوحة تجمع بين نوعين من البشر.أى نوعين من الثقافة القومية. فعند اقتراب الحرس من ساحة الإعدام ، ومعهم الإنسان الذى سوف تطير رأسه ، فى هذه اللحظة تتحدد مشاعر كل إنسان وفق ثقافته القومية. وصف الكاتب حالة بطل قصته ((تنامى الى سمعه همهمات وتأييد كما يحدث فى سباق رياضى له مريدوه ومشجّعوه وهو وحده الخصم الوحيد فى هذا الخضم . وربما هناك كثيرون مثله من الأجانب الذين لايظهر منهم أحد. وعلت الأصوات والدق بالأرجل والصخب المستطير. ثم استحال الهدير الى غليان متفجر بالفرح والتهليل)) .
قبل ذلك المشهد فإن بطل القصة ((أدرك بضغينة وكره لنفسه لم يعهدهما من قبل)) لأنه سيرى قص رقبة إنسان علنًا. ولعن الفكرة والذين شجّعوه على ذلك. والسبب الذى جاء من أجله الى هـــــــذا البلد. وبات الخروج من هذا المأزق قبل تنفيذ الحكم ضربًا من الجنون. عاقبته وخيمة لمن يحاوله)) .
فالكاتب هنا يعبر عن حضارة المصريين الى نبذت القسوة. وينقل الكاتب هذا المشهد الذى يُلخّص الثقافة النقيضة ((فلما التفت تلقائيًا حواليه رأى علامات التشفى والانتظار التى تصطلى بصمتها على ملح النار. مرتسمةً على الوجوه البادية النعومة والرائقة البهجة)) وبعد أن تطايرت الرأس، فإن رد فعل أبناء هذه الثقافة هو((كان صمت القبور ولذة الفعل فى آن مرتسمين على الوجوه التى بات واضحًا أنها وصلت الى قمة النشوة والبهجة برؤية الرأس مقطوعًا. والدم نازفًا . وأثناء وضع الجسد على الترابيزة ، ارتفعت الأصوات مهللة ومكبرة. راضية ومستحسنة)) وفى نهاية المشهد ينظر فى وجوههم فماذا رأى؟((ووضحت معالم تلك الوجوه الشمعية التى لاتُظهر أى نوع من أنواع الألم أو المشاعر أو الشفقة. وتأكّد أن المسألة قد بدت عادية بالنسبة لهم. وأن مجيئهم للمشاهدة هو شحنة وزاد للأسبوع القادم الذى أخذوا يتساءلون عن نوعية القصاص فيه)) .
فإذا كانت هذه هى انعكاسات هذه الثقافة على أصحابها، فما هى انعكاسات الثقافة المصرية على واحد من أبنائها؟((وجاءته من الداخل الضربات القوية التى رجّت أمعاءه رجًا. وأحسّ بنوبة من الغثيان والقيىء قوية. دفعت معها أعصاب سيقانه وكتفه ونخاع عظامه الشوكى. وأحسّ بالدوار)).
ولكن هذا التصوير الأمين لمشاعر واحد من أبناء الحضارة المصرية، لم تعجب الأصوليين . فهاجموا الكاتب وحرّضوا على قتله . بحجة تطاوله على الإسلام والاعتراض على حد من حدوده. ومن بين هؤلاء الشيخ محمد الغزالى الذى وصف الكاتب بأنه((كان يكذب فى كل حرف خطه)) ونعته بالحمق وبأنه((كاتب مخبول الخ)) ولكن أخطر ما ذهب اليه الشيخ الغزالى هو مخاطبة فرق الاغتيال ، محرضًا على قتل الكاتب لأن ما كتبه فى القصة ((هو فى حقيقته تنديد بشرائع الحدود . ودفعٌ الى تعطيلها)) (صحيفة الشعب 30 / 7 / 91) .
هذه الذهنية الأحادية أعمت عن الشيخ الغزالى الاعتبارات التى تكمن فى ضمير كل مجتمع متحضر :
- مراعاة الشفقة بالجانى. وهو اعتبار إنسانى تمليه فطرة الإنسان .
– الأبعاد الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التى دفعت الجانى الى الجريمة .
– احتمال براءة المتهم بعد تنفيذ العقوبة .
ولأن هذه الاعتبارات لم تخطر على بال الشيخ الغزالى ، لذلك لم تكن مفاجأة أن يبدأ مقالته هكذا((اذا رأيت جثة مجرم تتدلى من حبل المشنقة ، فلا يتطرق الى قلبك عطف عليه أو ألم له )) أى أن الذهنية الأحادية مع المطلق ضد النسبى. ولاتعترف بقانون السببة. أو قانون الاحتمالات. والتاريخ الحديث والمعاصر يُحدثنا عن آلاف الأبرياء الذين أعدموا لأسباب سياسية. ففى إيران سجّلت منظمة العفو الدولية((مايزيد على ألفى سجين ورد وقوعهم ضحية لموجة من الاعدامات السياسية السرية)) فى الفترة من يوليو 88 الى يناير 89 (كتاب انتهاكات حقوق الإنسان فى إيران: 87 – 90 مطبوعات منظمة العفو الدولية) وقد أوضح آية الله يزدى، أن أعضاء المعارضة، مثل منظمة مجاهدى خلق ، مدانون بصورة جماعية((بشن الحرب على الله)) و((بالفساد فى الأرض)) ومن ثم فهم معرضون للحكم عليهم بالاعدام))(صحيفة اطلاعات 30/5/90 – المصدر السابق) وفى السنوات الأولى من حكم الآيات تم إعدام الآلاف من المعارضين السياسيين (المصدر السابق ص10) وفى الأردن حكمت محكمة أمن الدولة بإعدام 6 أشخاص بتهمة ارتكابهم لأعمال ارهابية والانتماء لمنظمة(جيش محمد) ولكن الملك حسين أصدر أمرًا ملكيًا بتخفيف أحكام الإعدام الى السجن مدى الحياة (نشرة منظمة العفو فبراير92) وفى مصر تم إعدام سيد قطب و6 آخرين . فالأسباب إما سياسية أو عقائدية . وهى أسباب لاتوجب الإعدام إنما الحوار .
وتعتبر منظمة العفو الدولية أن من بين فضائح الولايات المتحدة الأمريكية فى مجال حقوق الإنسان مسألة((الاستخدام المتزايد لعقوبة الإعدام)) (نشرة سبتمبر92) خاصة بعد أن ثبت براءة 23 شخصًا بعد إعدامهم. وذلك عن دراسة أُجريت عام 87 (كتاب عقوبة الإعدام ضد حقوق الإنسان – مطبوعات منظمة العفو عام 89 31) وفى عام 80 اعتمد النظام الليبى رسميًا سياسة التصفية الجسدية للخصوم السياسيين (المصدر السابق ص 194)و فى العراق فإن الإعدامات فى الفترة من 85 – 88 شملت المئات كل عام على جرائم سلب وسرقة الخ والإعدام كان علنيًا. والمحاكمات غير عادلة. ولاحق فى الاستئناف ضد أحكام تفرضها محكمةالثورة وتم إعدام أطفال وإعدام السجناء رغم الحكم عليهم بالسجن (المصدر السابق ص 167 ) .
وفى السودان تم إعدام فضيلة الشيخ محمود محمد طه علنًا فى سجن كوبر يوم 18يناير85 بأمر الخليفة جعفر النميرى. وكان الشيخ المذكور على درجة من التقوى والورع شهد له بهما كل من تعاملوا معه. وكان أحد زعماء الإخوان الجمهوريين. ولم يكن ضد الشريعة الإسلامية. ولكنه كان ضد تطبيق (نميرى) والإسلاميين أتباعه للشريعة. وأعلن أنه ضد قطع أيادى الفقراء المعدمين. واستشهد بما فعله عمربن الخطاب فى عام المجاعة. ولكن أمير المؤمنين(النميرى) أصرّعلى إعدامه رغم نداءات الاستغاثة من معظم رؤساء الدول ومنظمات حقوق الإنسان. وفى مصر، بعد أسبوعين من إنقلاب أبيب /يوليو52 تم إعدام العاملين مصطفى خميس ومحمدالبقرى فى مذبحة كفر الدوار ، لمجرد المطالبة بحق العمال فى نقابة مستقلة وبعض المطالب الاقتصادية .
خصّصت مجلة أدب ونقد ملفًا عن موضوع قصة (بعد صلاة الجمعة) فى عدد أكتوبر91 فكتب د. محمد عصفور((إن العلاقات بين الأدب والدين شديدة الحساسية. ولايجوز استغلال هذه الحساسية بالتكفير أو الإتهام بالدعوة الى تعطيل الحدود)) وكتب أ.محمد أحمد خلف الله أن الصدق فى القصة ((هو صدق المبدع فى تصوير إبداعه. وليس فى مطابقة الواقع. فالمؤلف مصرى. وتطبيق هذا الحد بالصورة التى رسمها خياله ليست من الواقع المصرى فى بشاعتها. فإذا رفضها خياله وإهتز لها ضميره وانفعل انفعالا قويًا ضد بشاعتها فله الحق كل الحق فى ذلك)) وكان رأى أ.رجاء النقاش أن ((موقف شيخنا العزيز العظيم محمد الغزالى من هذه القضية ، يناقض مواقفه الفكرية التى ترفض (الفقه البدوى) وهذا الفقه البدوى كفيل بأن يُمزقنا ويدفعنا الى الوراء كثيرًا. بل وكفيل بأن يُخرجنا من حظيرة هذا العصر. لنصبح هنودًا حمرًا منقرضين)) أما أ.خليل عبدالكريم فقد كان صريحًا وهويحدد أن ((الخلط بين الأدب والدين بدعة استنها الشيخ ومن هم على شاكلته ممن يؤرقهم حلم مد (سور الدين العظيم) حول كافة مناحى الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية والإعلامية والثقافية والتربوية حتى الرياضة البدنية وتحجرها داخله. وقد فاتهم أن تلك مرحلة انقضت الى غير رجعة بغروب شمس العصور الوسطى)) أما أ.فهمى هويدى فإن التحريض على اغتيال الكاتب مجرد رأى كتبه الشيخ الغزالى فهو ((لم يفعل سوى أن قال رأيًا)) وتتطابق أ.كامل زهيرى مع هذا الرأى فكتب((الشيخ محمد الغزالى عندى قيمة كبيرة لأسباب عديدة...الخ)) ثم أضاف((وفيما يتصل بقضيتنا أرى أنه من الواجب علينا أن نأخذ رأيه على أنه اجتهاد منه. ولايجب أن نواجه كل اجتهاد بفزع..الخ)) أى أن التحريض على اغتيال الكاتب مجرد (اجتهاد) ثم كتب بوضوح أكثر((لنعتبر كلام الشيخ الغزالى رأيًا لاحكمًا. فالرجل لاسلطة له. لقد قال رأيًا. ولايجب تحويل كل رأى الى حرب أهلية)) . إن هذه الأحادية مجرد رأى لاحكم على حد قول أ. كامل زهيرى .
*****



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبراهيم أصلان والكتابة بلغة فن الهمس
- محجوب عمر والترانسفير الصهيونى
- نداء الحرية فى مواجهة بطش العسكر
- العلاقة بين التدين والإبداع الشعبى
- الروائى الأيرلندى جيمس جويس واليهود
- الصحافة المصرية وحجب المعلومات
- الدبلوماسية المصرية بعد يوليو52
- الآثاروالسياحة واللغة المصرية القديمة
- بورتريه لإنسان لا أعرفه
- أخناتون بين التوحيد والتفريط فى حدود الوطن
- فتاة صينية (مشهد واقعى)
- روبابيكيا ( مشهد من الحياة)
- الشروط الموضوعية لتحدى الإدارة الأمريكية
- عادل وحلم الطيران- قصة للأطفال
- صديقان - قصة للأطفال
- من يفتح الباب - قصة للأطفال
- السياسة والإبداع
- تاريخ مصرمن ساويرس إلى عبدالعزيزجمال
- هديل الحمام - قصة للأطفال
- نزوات الموج - قصة قصيرة


المزيد.....




- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب ...
- اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا ...
- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - قصة (بعد صلاة الجمعة) والفكر الأصولى