أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد يوب - النص الأدبي: المعنى و المبنى















المزيد.....

النص الأدبي: المعنى و المبنى


محمد يوب

الحوار المتمدن-العدد: 3679 - 2012 / 3 / 26 - 01:26
المحور: الادب والفن
    



إن المتصفح للكتابات العربية المعاصرة يلاحظ هاجسا ثقافيا بين جميع الدارسين, وهو محاولة تحديد المفاهيم في ميادين العلوم الإنسانية على اختلافها , إن إشكالية ضبط المفاهيم راجعة إلى رغبة قومية تتمثل في تحديد الهوية العربية التي ظلت مدة طويلة من الزمن تتجاذبها رياح الثقافة العربية متمسكة بهاإلى حد الإعجاب و التقديس, وعندما تجاوز العرب مرحلة الاستهلاك إلى مرحلةالإنتاج لم يجدوا مفاهيم نقدية مضبوطة لدراسة نصوصهم الإبداعية, فكل مابين أيديهم عبارة عن مفاهيم غربية منقولة إلى اللغة العربية بترجمات متنوعة, فنجد مثلا كلمة نص,متن,خطاب، مدونة......يستخدمها النقاد العرب باعتبارها مفاهيم موحدة, ومن ثم استحدثت هيئات لتحديد المصطلحات المترجمة و الاتفاق عليها في جميع أقطار الوطن العربي مثل مجمع اللغة العربية بسوريا ومصر, ومكتب تنسيق التعريب بالمغرب.

و إذا نظرنا إلى كل ما كتب عن مفهوم النص نجد اختلافا كبيرا بين المناهج النقدية ، فكل منهج يعرفه حسب اتجاهه و منطلقه النظري ولذلك لا يمكن أن نجد تعريفا محددا للنص الأدبي نظرا لهذه المعطيات فكل ما هنالك هو وجود خصائص و مميزات تشترك فيها هذه المناهج كلها ، وقد طرح رولان بارت استحالة وجود تعريف محدد للنص الأدبي مبينا أحسن وسيلة للتقرب منه لأنه "ليس بالإمكان إعطاء تعريف لكلمة نص ... لا يمكن الاقتراب منه إلا بطريقة استعارية أي يمكن أن نروج و أن نعدد و أن نبتكر بالغنى الممكن استعارات حول كلمة نص" .
وهذا النص لا يجعلنا مكتوفي الأيدي أمام استحالة إيجاد تعريف محدد للنص الأدبي بل بالعكس إنه يدفعنا لطرح هذه الاستعارات التي أشار إليها بارث و التركيب بينها لأخذ فكرة قريبة من مفهوم النص و إعطاء الخصائص و المميزات التي تميزه وذلك في ضوء منهجين اثنين هما : المنهج البنيوي و المنهج الاجتماعي .

مفهوم النص عند المنهج البنيوي
إن النص كما يتفق كثير من النقاد البنيويين عبارة عن مدونة لغوية سواءأكانت مكتوبة أو منطوقة ويتعاملون معها على أساس أنها شبكة مغلقة لهابداية ونهاية غير خاضعة للسياق الاجتماعي و الأخلاقي فهم يحاربون هذه الجوانب انطلاقا من رفضهم لكل معيار أيديولوجي في تعريف النص أو تقييمه, مهتمين فقط بالجانب الشكلي في النص الأدبي وهو الذي سماه جاكبسون بأدبيةالنص الأدبي وهي حسب قوله ( إن موضوع العلم الأدبي ليس هو الأدب وإنماالأدبية أي ما يجعل من عمل ما عملا أدبيا) و الاهتمام بالشكل ودراسته دراسة علمية تهدف إلى أليلة المنهج وجعله قائما على أسس علمية بحثة تستفيدمن العلوم التجريبية المعاصرة, فيحاولون استخلاص القواعد و القوانينالمكونة للنص الأدبي في حالته السكونية الثابتة عير خاضع لتأثير الذات الدارسة ولا لتأثير المحيط الاجتماعي, وهو بذلك مستقل بذاته و كل التغيرات التي يتعرض لها تتم من داخله ومن البنيات المكونة له ، وهذه الطبيعة شمولية معتمدة على ما سماه سوسير ( الضبط الذاتي ) أي أن النص يتحكم في نفسه و ينمو من تلقاء ذاته و يستدعي من الدارس عدم تقسيمه و تجزيئه إلى وحداته الصغرى المكونة له ، لأن عزل هذه الوحدات اللغوية بعضها عن البعض الآخر يؤدي إلى تشويه في النص ، ولذلك نجد تودوروف يرد على أصحاب تحليل الخطاب و من بينهم هاريس لكونهم يقسمون النص إلى أجزائه الصغرى لأن الوحدة في استقلالها و عزلها لا تعطي أي معنى ، فكلمة الخبز مثلا لا يمكن فهمها مستقلة بل يجب البحث عن مدلولها في إطار البنية ككل لأنها قد تعني الخبز الحقيقي و قد تعني القربان أو أشياء أخرى متعددة في الواقع الاجتماعي .
و النص في نظرهم يتصف بالغرابة و هي عملية تخلق دلالات متعددة للكلمة الواحدة لأن طبيعة النص غير منسجمة إنها مليئة بالثنائيات الضدية موت / حياة بناء / خراب، ولعل هذه التناقضات هي التي تحدث هذه الغرابة و الغموض وهذا لا يعني أن النص يتصف بالتعتيم و الضبابية التي يتيه فيها القارئ و لكن هذه الغرابة نوتر النص و تجعله يتضمن أكثر من دلالة لذلك فإنه يستوجب مفسرا أو ناقدا ليفسره بواسطة الدراسة الداخلية لمكوناته الفنية و الجمالية .
و النص الأدبي يدخل في حوار مع النصوص السابقة له و يستفيد منها و هي التي سماها رولان بارث النصوص الغائبة و هي لا تحضر في شكلها الحقيقي و لكن في صورة مختلفة لا يؤخذ منها إلا مضمونها مثل : حضور بعض الكتابات الروائية في رواية مدام بوفاري .

مفهوم النص عند المنهج الاجتماعي
إن المنهج الاجتماعي عرف تغيرات متعددة في مضامينه الفكرية و ذلك عبر فترات متلاحقة من الزمن وكان في فترة زمنية ينظر إلى النص من خلال زاوية معينة وفي ضوء أيديولوجية محددة نابعة من مبادئ و أسس يرتكز عليها هذا المنهج .
لعل السمة الغالبة في نظرة المنهج الاجتماعي للنص هي رفضه التعامل معهباعتباره بنية لغوية مغلقة , إن هذا التعامل الضيق يتنافى مع المبادئالماركسية التي يتبناها ويحرس على تطبيقها في تعامله مع الظاهرة الأدبيةوينظر إلى النص الأدبي باعتباره مضمونا أيديولوجيا يعكس واقع الطبقاتالاجتماعية المختلفة و على الناقد أن يكشف هذا الصراع في النص الأدبي غاضا الطرف عن كل المقومات الفنية التي يعتبرها النقاد الاجتماعيين بمثابة وعاءفقط يصب فيه الأديب أفكاره، لأن ( المنهج الاجتماعي يؤمن قطعا بأن التحليل الداخلي للعمل الأدبي لن يوصلنا إلى القبض على الدلالة المركزية للنص أي الكشف عن الرؤية )
و لعل أهم فكرة طرحها المنهج الاجتماعي و حث على توفرها في النص الأدبي ، واعتبرت من أهم مبادئه التي نادى بها ، ألا وهي فكرة الانعكاس في العمل الأدبي ، بمعنى أن كل نص من النصوص الأدبية يعكس الواقع الاجتماعي و التغيرات الطارئة عليه لكن هذا الانعكاس يبقى في حدود الآلية التي تعتبر أن النص الأدبي بالضرورة تصوير و انعكاس للبنية التحتية .
غير أن هذه النظرة الميكانيكية للانعكاس الأدبي تعتبر متجاوزة في نظر لوكاتش الذي اعتبر أن ( الفن تعبير غير مباشر عن الصراعات الاجتماعية في أي مجتمع ) ،لأن هناك علاقة جدلية بين هاتين البنيتين ، بين البنية التحتية و البنية الفوقية ، فالأولى تؤثر في الثانية و الثانية تؤثر في الأولى في إطار تجاوب و تحاور جدلي لا يظهر فيه الانسجام الذي يحتم هذه النظرة الانعكاسية ، ولذلك نجد بأن الواقع قد يكون مزدهرا لكن الأدب غير مزدهر و العكس صحيح .
و قد استفاد لوكاتش من لينين الذي يعتبر أول من طرح فكرة الانعكاس الجدلية عندما درس أعمال دوستويفسكي الروائية فرأى أن الأديب لا يملك القدرة على عكس الواقع وفق مبدأ المحاكاة الأرسطية ( أي تقليد الواقع بشكل حرفي مرآوي للواقع )
و انطلاقا من هذه النظرة السريعة لمفهوم الانعكاس عند لوكاتش و عند أصحاب المنهج الاجتماعي نلاحظ الدفعة القوية التي ساهم بها جورج لوكاتش في طرح هذا المفهوم النقدي بجديته وصرامته بعيدا عن التفسيرات الضيقة التي تنفي عن الأديب حرية التصرف في التعامل مع الواقع الاجتماعي و بالتالي تنفي قدرته على التخيل لأن المبدع ليس آلة تعكس ما تلتقطه أمامها من الصور و المآثر بل هو إنسان يتخيل و يتذوق ، ولذلك نجد حضور العالم المتخيل في النص الأدبي .



#محمد_يوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التباينات الخطابية في رواية أمريكانلي للأديب صنع الله إبراهي ...
- شقائق النعمان
- القصة القصيرة جدا الفهم...الإفهام...الإقناع...الاقتناع
- السخرية السوداء في-وطن وسجائر... بالتقسيط-للقاص أحمد السقال
- تقويض بنية اللغة في “مرايا” للقاص سعيد رضواني
- الرمز في الشعر المغربي المعاصر
- حدود السرد وحدود السيناريو في -كائنات من غبار-للروائي هشام ب ...
- مستويات الرؤية إلى العالم في القصة المغربية المعاصرة
- من أجل رواية حداثية-ليلةإفريقية-لمصطفى لغتيري نموذجا
- قضية الموت أم موت القضية في -فتنة المساءات الباردة-للمختار ا ...
- بنية التقاطع السردي وتفاعلية النصوص دراسة في -وشم العشيرة- ل ...
- مستويات التلقي و التأويل في القصة المغربية المعاصرة
- الشخص و الشخصية في القصة المغربية المعاصرة - دراسة سميائية-
- البنية الفنية في القصة المغربية المعاصرة
- المنهج الثقافي -البحث عن الهوية المفقودة-
- جمال الغيطاني و اعتزال الكتابة من خلال قصة -نوم-
- دلالات الوجوه في لوحات نور الدين محقق
- الشذوذ الجنسي في قصة -همس- للقاص المغربي سعيد رضواني
- قراءة في مشروع - نقد العقل العربي- للجابري
- الانزياحات البلاغية و النفسية في -قطف الأحلام-


المزيد.....




- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...
- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد يوب - النص الأدبي: المعنى و المبنى