|
بضع كلمات عن الكرد والعرب وعن الوطن
محمود محفوري
الحوار المتمدن-العدد: 1082 - 2005 / 1 / 18 - 11:01
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لا أعتقد أن بين العرب متنور لا يكن للكرد المودة والاحترام. فجميع المثقفين العرب يعرفون أن الكرد أشقاء العرب وشركائهم في التاريخ الطويل، حلوه ومره. فعند المفاخر نجد الكرد معنا، وعند النكبات دفع الكرد مثلنا. قاسمونا كل المعايشات وتحملوا معنا كل الصعوبات. عندما تنظر الى سحنة المواطنين العرب في بلاد المشرق العربي تجد فيها هذا التنوع العجيب في الملامح. انه اختلاط الأعراق والدماء وأكثرها أختلاطا دماء من عاشوا عيشا أخويا مشتركا عبر آلاف السنين وهم العرب والكرد. فالكرد أيها الأصدقاء هم أبناء العرب كما العرب هم بناء أبناء الكرد. كم من الملايين من العرب تجري في عروقهم دماء الكرد لنسب عن طريق أم أو جدة أو جدة من أصوله البعيدة، وكم اختلطت هذه الدماء عبر مسافات الزمن الطويلة؟؟؟. هذا ناهيك عمن استعرب من الكرد لأسباب حياتية مختلفة، محبة بالدين الحنيف، تزاوج مع العرب، انقطاع التواصل مع بيئته وعيشه في بيئة عربية كاملة، نزوحه عن بيئته لأسباب طائفية أو دينية وغير ذلك من الأسباب. فالعرب أيها الأخوة نوعان - كما نعلم جميعا - عرب عاربة تعود في نسبها الأبوي الى قبائل العرب المعروفة والموثقة النسب، وكل من يعود الى هذه القبائل تقريبا يحافظ على نسبة، وعرب مستعربة، وهي قبائل غير عربية الأصل دخلت الاسلام واتخذت اللغة العربية لغة لها والعروبة انتماء، ومن بين هؤلاء الكثير من الكرد. كم من العرب لو سألته لأية قبيلة يعود لما استطاع الاجابة على ذلك لأنه قد لا يعود في نسبه الى قبيلة عربية. وكم من الكرد يحمل في عروقه دماء عربية عن طريق نسب لأم أو جدة أو احدى الجدات القدامى؟؟؟. هل تستغرب أيها القارىء العزير أن واحدة من أهم عائلات الكرد السياسية عبر تاريخ طويل تفاخر بأنها من "الأسياد" وهل هناك من لا يعرف من هم الأسياد؟ أي تعود بنسبها الى الرسول العربي عليه أفضل الصلاة والسلام محمد بن عبد الله، انها العائلة البرزانية العراقية، عائلة الملا مصطفى البرزاني ومن بعده ابنه مسعود البرزاني. بكلمات أخرى العرب والكرد أخوة، بل وأشقاء، ومن رغب أو يرغب من العرب والكرد باللعب بورقة العرقية أو القومية العنصرية فهو قد خدم ويخدم أعداء وطنه ويتعارض مع مصالح شعبه. الوطن يكبر ويشمخ بكل أبناء الوطن دون استثناء لأحد، انهم ثروته الحقيقية. فالوطن يحتاجنا جميعا، ولنا حق فيه، وعلى هذا الوطن أن يضمن لأبنائه حياة كريمة، حرة، عزيزة بعيدا عن الغبن والظلم والتمييز على أساس العرق أو الدين أو الطائفة أو السياسة. ليس لنا أيها الأخوة، أي كنتم من تلاوين اللوحة الجميلة لشعبنا، الا أن نسير بخطا سريعة لنقصر المسافة بيننا وبين الشعوب التي سبقتنا وتتقاوى علينا، بل تتقاذفنا، وأن نتوحد جميعا بعيدا عن الاختلافات مهما كانت، لندفع باتجاه التغيير الذي يفتح الآفاق أمام بلادنا الغالية والحبيبة لتفوز في السباق الحضاري الصعب، ولنحافظ عليها عزيزة شامخة ومصانة من كل أيدي الغدر والتآمر التي لاتريد بنا خيرا على اختلاف التلاوين. فالتغيير يحتاج أن ندرك ضرورته الملحة والمصيرية. ويحتاج أن نعرف أدواته ووسائلة وموارده. فأدوات التغيير هي الشعب بكل قواه وفي طليعتها نخبته الوطنية المثقفة منظمة عبر تشكيلات وطنية ديمقراطية من أحزاب وجمعيات ونقابات مهنية ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة، التي تعمل تحت سقف قانون ديمقراطي يحترم الحقوق الأساسية والمدنية لكل المواطنين، ومن خلال برلمان منتخب ديمقراطيا يمثل تمثيلا حقيقيا كل طبقات وفئات الشعب. يلزم لكل ذلك اصدار - وبدون تأخير- قانون يكفل في بدايته التعددية السياسية وحرية تشكيل الأحزاب والجمعيات مهما كان نوعها تحت سقف واضح ومحدد ورقابة صارمة، كي تمر المرحلة الانتقالية باتجاه التعددية السياسية بسلاسة وأمان، باتجاه تكريس هذه التعددية وجعلها جزء من الممارسة اليومية الطبيعية لشعبنا. فالتغيير مثلما يحمل الأمل بالتحسين يمكن أن يحمل مخاطرا يستفيد منها المتربصين بنا وببلادنا شرا ولا يريدون لنا الخير، لذلك لا بد أن يكون تحت رقابة صارمة لخدمة الوطن وبعيدا عن تقييد ومصادرة الحريات الحقيقفية ويتصف بالشفافية والمكاشفة. لا بد من أشاعة الديمقراطية في كل جوانب الحياة اليومية للدولة - من مؤسسات وهيئات – والأفراد. وهذا يفترض تحرير الاعلام ليصبح اعلاما وطنيا صادقا تحكمه المهنية والصدق ويرعاه ويضبطة قانون يراعي المهنية والصدق، في اطار خدمة الحقيقة وخدمة الوطن وحقوق المواطنين. هذا التغيير الذي ننشده هو الطريق لتقوية الوحدة الوطنية وتوطيد السلم الاجتماعي وتمتين وشائج المحبة والالفة بين المواطنين ويضمن الحقوق والتطلعات للجميع ويوطد دعائم دولة نريد لها أن تكون دائما كيان راسخ وطيد لجميع أبناء الوطن تحميهم وترعاهم ويحموها ويرعوها بكل احاسيس الأبوة والبنوة. كيان يتسع لكل ألوان الطيف الجميل لوطننا الغالي. نتعاون جميعا من أجل عزة الوطن وازدهاره ورفاه الشعب وفي سبيل غد أفضل وآمن لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا د . محمود محفوري : رئيس المكتب السياسي في حزب النهضة الوطني الديمقراطي
#محمود_محفوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو بناء رأسمالية جديدة أساسها اقتصاد المعرفة في سوريا
-
الوطن أولاً ! فلتكن ايديولوجيتنا حب الوطن
-
هل سيشكل العرب قطباً في عالم متعدد الاقطاب
-
نحو تحرير ولبرلة التفكير في المجتمع السوري واقامة ديمقراطية
...
-
لنوظف الرأي العام السوري في خدمة التنمية والاصلاح
-
تقدميون في التغيير الاجتماعي والاقتصادي وطنيون في الانتماء ل
...
-
كي يصلح العطار ما افسد الدهر
-
الإصلاح والديمقراطية في الشرق الأوسط والدولة الفلسطينية المو
...
-
كلمات في الديمقراطية والليبرالية والعدالة الاجتماعية كما يرا
...
-
دعوة لتآلف وطني يشمل الجميع
المزيد.....
-
بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
-
هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
-
طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا
...
-
-حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال
...
-
لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص
...
-
بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها
...
-
مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في
...
-
-نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين
...
-
بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
-
الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|