أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - المنصف رياشي - الثورة التونسية دون قيادة ثورية















المزيد.....

الثورة التونسية دون قيادة ثورية


المنصف رياشي

الحوار المتمدن-العدد: 3676 - 2012 / 3 / 23 - 01:13
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    



من الواضح لكل متابع للمسار الثوري في تونس أن ثورة الكرامة و الحرية كانت ذات طبيعة اجتماعية ديمقراطية وطنية حيث طالب الجماهير المنتفضة منذ 17 ديسمبر بالعدالة الإجتماعية و الشغل و الكرامة كتعبير عن مطالبهم الإجتماعية و طالبت بالحرية و الديمقراطية و كذلك بسيادة الوطن و قراره و التخلي عن قروض البنوك العالمية و شروطها . هذه المطالب الإجتماعية و الديمقراطية و الوطنية عبر عنها في الشعار شغل حرية كرامة وطنية . في ما يخص التيارات السياسية فإن هذه المطالب لم يتبناها كلها غير اليسار الماركسي في حين كانت التيارات القومية أقرب إلى تبني المطالب الوطنية أكثر من باقي المطالب أما الليبراليون فلم يكن يهمهم بالأساس غير الحريات السياسية من دون حقوق اجتماعية و اقتصادية . آخرون كانوا يتابعون من بعيد انطلاقة الثورة و لم يلتحقوا بصفوف الجماهير إلا مترددين و متأخرين و جزء منهم كان في صف الديكتاتور و لم يظهروا في ساحة الميادين إلا بعد رحيله , كل هؤلاء لم يكونوا يتبنون أي من مطالب الجماهير الثائرة بل هي مطالب مناقضة لإيديوليجيتهم و لم يكن يهمهم غير السلطة و توطيد نظام رجعي بربري متخلف عميل للإمبريالية و و منحاز لرأس المال و معادي للجماهير و لأبسط الحريات الفردية و العامة و يعتمد على الشعوذة الدينية و التمويلات الخليجية والعديد من الدول الإسلامية التي تتبنى شريعة الاستبداد . ومن غريب القدر أن هؤلاء الخارجين من كهوف الرجعية المظلمة و النتنة المليئة بدماء المستعبدين بشريعة القهر هم من وصلوا إلى الحكم بفضل مهزلة انتخابية كرست المال السياسي و المساجد لطمس المطالب الأساسية للثورة . و قد كان جزء من الشعب لم يشارك في ثورة الكرامة و الحرية هو الذي حسم نتائج الإنتخابات و أوصل ذلك الفريق إلى سدة الحكم بعد أن استبدلوا مطالب الثورة الإجتماعية و الديمقراطية و الوطنية بشعوذة الهوية و الأصالة و السنة . و يتحمل المسؤولية عن هذه الكارثة الشعب و الأحزاب اليسارية و الديمقراطية ( الليبيرالية ) .
مسؤولية الشعب :
لم يدرك جزء كبير من الشعب ضرورة مناصرة الثورة و أهمية الإنخراط فيها أو الوعي بأهدافها و التنبه للمؤامرات المحاكة ضدها من قبل البرجوازية و المراكز الإمبريالية عبر عملائهم الليبيراليين و الإسلاميين . يمكن القول أن الوعي لم يكن حاضرا لدى فئات واسعة من الشعب و الأسباب طبقية بالأساس تعود إلى الواقع الإقتصادي للبلاد .
البرجوازية :
كانت معارضة للثورة و مستفيدة من انحياز النظام لها على حساب الفئات الشعبية الكادحة و العاطلة وهي الآن متأمرة على الثورة خوفا على مصالحها التي راكمتها لعقود طويلة من عرق المفقرين .
البرجوازية الصغيرة :
و تضم صغار التجار و متوسطي الفلاحين وكبار موظفي القطاعين العام و الخاص وهي بطبيعتها الطبقية و وضعيتها في السلم الطبقي تبحث عن الإستقرار لمراكمة أرباحها أو للمحافظة على امتيازاتها الوظيفية . هذه الفئة من البرجوازية كانت دعامة هامة لحكم بن علي تصفق له و ترفض الإضرابات و الآن و من أجل المحافظة على مكاسبها و تدعيمها فقد اختارت فئات واسعة منها ما رات أنه أكبر حزب ليصبح ولي نعمتها فتصفق له و تمارس الدعاية له .
الطبقة العاملة و العاطلين عن العمل و صغار الموظفين :
وهم الحضن الذي احتضن شرارة الثورة و ألهبها و واصل المسار الثوري . هؤلاء يمثلون ضحايا سياسة البرجوازية الإقتصادية و نظامها القمعي النوفمبري لذلك كانت معارضتهم لنظام الرأسمالية الفاشل في تونس طبيعية حتى و إن لم يكن البديل لدى العديد منهم إشتراكيا . وهي تفتقد للتنظيم السياسي أما تنظيمها النقابي فهو اصلاحي ذو قيادة بيرقراطية متواطئة مع نظام الحكم .
البروليتاريا الرثة :
وهي حثالة المجتمع و نفاية آلة البرجوازية الإقتصادية و مثلت دعامة إضافية لحكم بن علي و هي لا تتوانى لخدمة من يدفع لها المال من أي طرف سياسي و العمالة له . و قد انضموا إلى الطرف السياسي الرجعي الظلامي الذي لم يبخل عليهم بالمال السياسي القذر من عائدات العمالة لدوائر الإمبريالية وإمارات عربان الخليج في مقابل إرهاب المواطنين و التعدي على المسيرات الديمقراطية و المظاهرات العمالية و السياسية . و بعد فوز الطرف الظلامي بالحكم صارت مجموعات منها تضم ارهابيين تشكل ميليشيا مساندة للحكومة .
مسؤولية الأحزاب اليسارية و الديمقراطية :
لم تكن الأحزاب الديمقراطية تبحث عن العدالة الإجتماعية أو السيادة الوطنية في مواجهة التبعية للمراكز الرأسمالية و إنما كانت تسعى إلى ايجاد ديمقراطية ليبيرالية من دون أي مضمون اجتماعي بل إنها كانت معادية للجماهير و لا تنظر إليها إلا كخزان انتخابي تسعى لاستمالته بأساليب الخداع و الوعود الزائفة . لذلك لم تتوانى عن مساندة الحكومات المتتالية التي خلفت بن علي لكن مع تصاعد المضايقات و الإعتداآت على المسيرات الديمقراطية و التهجم و تشويه المطالبين باحترام الحريات العامة والحقوق الفردية و خاصة حقوق المرأة و العلمانية من قبل مهووسي الرجعية الدينية ركزت هذه الأحزاب على المطالب الديمقراطية خاصة بعد أن بان بالكاشف سعي الحزب الظلامي الفائز إلى تركيز ديكتاتورية دينية من داخل المجلس التأسيسي و بشرعية مسروقة بواسطة صندوق الإقتراع . إلا أن دفاع هاته الأحزاب عن الديمقراطية لم يكن حازما و كان خجولا و في سعي إلى الإتفاق مع الظلاميين على حل وسط وهو ما يثبت ان الديمقراطية و الحريات و حقوق الإنسان لم تعد من مهام البرجوازية الليبيرلية و إنما هي من مهام البروليتاريا و حزبها الثوري .
أما أحزاب اليسار التونسي وهي المدعوة وحدها دون غيرها إلى مجابهة المؤامرات الليبرالية و الرجعية فغنها كانت أقرب للليبيرالية منها إلى اليسار و لم تعد تربطها به غير شعارات كاذبة و يسارية زائفة و وفاء معهود للستالينية و الماوية و للبيرقراطية و الزعامتية و العصبوية و النفاق و الصراع في ما بينها و كانت متفقة على عدم الإتفاق في مواجهة الخطرين الرجعي و الليبيرالي لا بل أن أحد أحزابها وهو حزب العمال الشيوعي التونسي كان يتمسح على عتبات حزب النهضة الأصولي و لا يخفي قبوله بمجتمع رجال الأعمال مثل حركة الوطنيين الديمقراطين التي سعت إلى بعث رسائل التطمين للبرجوازية . لقد استبدلت هذه الأحزاب اليسارية إلا البعض منها المسار الثوري الجذري بلعبة الصندوق البرجوازية و غلبت روح الإصلاحية و الإنتهازية و غابت الثورية عنها و خلا اليسار من الحزب الثوري و لم توجد غير جزر متناثرة من الأفراد و المجموعات الثورية الصغيرة التي لم تبخل بما تستطيع لدفع الثورة للأمام . كما لا ننسى دور البيرقراطية النقابية المتواطئة مع أركان الثورة المضادة رغم أن النقابيين القاعديين يعود لهم الفضل في تنظيم و توجيه الحشود و التحريض على العصيان و الثورة و تأطير المنتفضين الذين احتموا بالإتحادات المحلية و الجهوية من قمع بوليس بن علي .
لقد كان غياب الحزب لثوري الذي يجمع الثوريين و يركز جهودهم و يجعل نفسه في خدمة قضايا الجماهير المفقرة , نقطة الضعف في الثورة التونسية التي أعطت الفرصة لإيجاد البديل لنظام البرجوازية بسبب انتهازية القيادات و تذبذبها و ترددها في اللحظات الحاسمة و الإيمان بأوهام الديمقراطية الليبيرالية أو مهادنة الرجعية الدينية . كما تستأثر قواعد هذه الأحزاب بنصيب من المسؤولية لممارستها التطبيل و التزمير لقياداتها والقبول بكل مواقفها و قراراتها دون تمحيص و نقد و التعتيم على أخطائها و الإكتفاء بترديد الشعارات و الفلكلورية و التعصب الأعمى لإنتمائاتها الصغيرة و الإكتفاء في أغلب الأحيان بترديد البيانات و التهرب من العمل الميداني . كما لا ننسى تأثير الأفكار الفوضوية في إعاقة بروز القيادات الثورية الميدانية و إن كان نقد الفوضويين لأحزاب اليسار التونسي حول انتهازيتها و اصلاحيتها و ارتمائها في مستنقع الليبرالية صحيحا إلى حد كبير .
و ألآن و بعد خمسة أشهر من الإنتخابات المشؤومة أشهر أظهرت فيها الحكومة سيئة الذكر التخبط و العجز و الإلتفاف على أهداف الثورة و شروعها في تكريس ديكتاتورية دينية عميلة للإمبريالية ظلت أحزاب اليسار مكتفية بالبيانات و لم تدفع صراحة نحو العصيان المدني أو تفعيل أشكال نضالية أخرى لمواجهة قوى الثورة المضادة و ظلت عبر مداولات المجلس التأسيسي تشارك الديكتاتورية الجديدة صياغة دستور الشريعة . و لا يفوتنا الإشارة إلى وقوف نواب اليسار الممثلين في ذلك المجلس اللعين احتراما للرئيس التركي عبد الله غول وهو الذي يقمع الشعب الكردي و يشن حملة إبادة على حزب العمال الكردستاني و يسجن زعيمه عبد الله أوجلان في زنزانة انفرادية منذ أكثر من عشر سنوات .



#المنصف_رياشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في تونس حزب محاكم التفتيش يتسلم قيادة الثورة المضادة
- المؤتمر 22 للإتحاد العام التونسي للشغل


المزيد.....




- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...


المزيد.....

- نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2 / عبد الرحمان النوضة
- اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض ... / سعيد العليمى
- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - المنصف رياشي - الثورة التونسية دون قيادة ثورية