أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - عاصفة الصحــــراء















المزيد.....

عاصفة الصحــــراء


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1081 - 2005 / 1 / 17 - 11:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عاصفة الصحراءdesert storm, هو الإسم الذي أطلق على عملية تحرير الكويت ,والذي اختاره جورج بوش الأب كتسمية للحرب العسكرية الأممية العولمية في ربيع العام 1991 والتي شارك فيها بعض العربان ودبت النخوة النادرة في أوصالهم, والذين تعولموا فجأة عسكريا, ولوجستيا, برغم ازدرائهم ورفضهم الظاهروالمعلن للعولمة,وذلك لاستئصال ذلك الورم القومجي المزمن الذي تضخم حتى وصل إلى الخاصرة الكويتية المسالمة.وهذا ما استدعى التدخل الفوري للجراح الأمريكي الماهر في "استئصال" الأورام المستفحلة العضال عادة.والتي كانت أيضا المسمار الأول الذي دق في نعش حارس البوابات الكاذبات والسائبات والمشرعات للغوادي والبوادي, وبطل القادسيات الخلبيات, وأمهات الهزائم والكوارث والبهادل سابقا, ,و"آس البستون" Ace of Spade, والنزيل ,على ذمة الرواة,في إحدى زنزانات مطار بغدادلاحقا وفي تاليات الأيام .وقد استمرت تلك العاصفة الهوجاء لمدة حوالي الشهر,كانت كافية لاقتلاع ووقف الإنتشار السرطاني ودحر المحتل الغاصب من أراضي الآخرين.

ومن مفارقات القدر ,المضحكة والمبكية ,أن تعود الزوبعة الصحراوية بلون أسود إلى نفس المنطقة هذه المرة, وبعد خمسة عشر عاما, على شكل مواجهات على النمط "الشيكاغوجي" وفي الشوارع و بجرائم قتل استهدفت أبرياء ,بكل المقاييس, يؤدون واجبهم الوظيفي,أو مشاة عابرين شاء حظهم العاثر تواجدهم في المكان الخطأ وفي الزمن الخطأ , وكان أبطال هذه الغزوات العاصفية المتصحرة والقاحلة, ليس الجار القومجي العفلقجي المتغول, بل أصحاب "الفكر الضال" ,على حد تعبير الدولة التي غذتهم, ودفعتهم إلى الواجهة كبعبع مرعب, وسد منيع في وجه أي فكر تحديثي وتنويري جديد.وقد وصلت العاصفة الآن إلى الشوارع والبيوت الآمنة مرة أخرى في تلك البقعة الهادئة, ولكن التي ما فتئت تشهد جيشانا وغليانا وصراعا حاميا, كان أحد أطرافه الرئيسيين قوى الظلام والغيب الأسود الباغي التي كانت قد أطاحت ,ومنذ وقت قصير, بوزير رفض الإنصياع لهم وفضل الإستقالة على المثول والوقوع ببراثنهم ومخالبهم الحادة التي لا ترحم. وبدا واضحا أنها تملك قوة كبيرة وتسيطر على مفاصل الحياة السياسية والشارع وتفرض ما تريده من رؤى وأفكار, ومهما بدت بدائية وسادية ومتخلفة وظلامية, ومتحدية لإرادة الأغلبية التي أرهقها تحكم هؤلاء بدفة تسيير الحياة الساسية. وإذا كان العدو في العاصفة الأولى معروف وممكن تمييزه بسهولة ,فإنه وبالثانية متخف, ومندس بين الجموع الطيبة المسالمة التي لاناقة لها ولا جمل, ولا حتى معزة واحدة, بكل ما يحصل.

وبالعودة إلى جذور نمو هذا السرطان القاتل في كافة المجتمعات, والرقع المستنسخة, وذات الصبغة المتشابهة,فهو التغييب المتعمد, والمقصود للقوى الوطنية, والمدنية, والليبرالية, والتحديثية ,والتنويرية,والإصلاحية, والتقدمية, والماركسية, واليسارية بشكل عام عن الساحة السياسية وبمختلف الأشكال ,وعن طريق السجن أو القتل أو التهجيروالإفقار, وإطلاق هذه القطعان البدائية المتوحشة لوحدها على الساحة,وفتحت لها كل وسائل الإعلام والصحف والشاشات وعلى مصراعيها, لتمتلك أدوات شرعنة العهر السياسي الذي تمارسه السلطات الحاكمة,ونشر الجهل والهذيان وغسل الدماغ,وتكفير واستئصال كل من لا يروق لهم ولأولي الأمر,وتخدير الناس وإرسالهم في أحلام اليقظة الميتافيزيقية التنويمية ,وشل الحركة العامة في المجتمع تماما.والتركيز المستمر والدائم على الماضي وان كل مايجري وماسيجري في العالم, وبعد ألف سنة, لايعنينا بحال من الأحوال, وغير مهم إطلاقا, وليس من اختصاصنا في هذه المرحلة بالذات.فهل أدرك فقهاء الشموليات حجم الكارثة, والأخطاء القاتلة, التي كان يتغنى بها المنافقون والمزركشون على أنها سوابق وفتوحات كبرى في علوم السياسة وقيادة الشعوب؟

لقد اجتاحت هذه العواصف السوداءالجديدة الأراضي المقدسة في الجزيرة العربية منذ مايقارب السنتين, مخلفة وراءها الكثير من القتلى والجرحى والدمار, واستعراض فاجر لانفلات الإجرام الأسود ,وغصة وحرقة قاتلة عند الجميع. وعدم القدرة في أحيان كثيرة على تفسير ما حصل وأسبابه.كما كانت أرض الرافدين العزيزة, المنكوبة أصلا بموجات وعواصف المد القومجي الأرعن, مسرحا لكل أنواع الفجور الدموي المسترسل. وكان ضحية ووقود هذه الحرب بشكل رئيسي فقراء المسلمين والرعايا المنهوبين والآمنين المدنيين.ويبدو أن هذه القوى الغاشمة كالنار إن لم تجد ما تأكله أكلت نفسها.فبعد "المقلب الأفغاني",وطي صفحة أسطورة الجهاد, وشعر الجميع أنهم قد خدعوا وضحك على ذقونهم وعقولهم,وبعد سنوات طويلة من التجييش الظلامي الأسود,والضخ التأجيجي اللاهب واستعداء الآخرين,لم تجد هذه القوى ماتأكله ,وتوجه سهامها القاتلة نحوه, سوى الداخل وأهل البيت و"أولي الأمر"الذين ربوهم, ودللوهم, ورعوهم ,وأطلقوهم كحلفاء أبديين في معركة البقاء في سدة الحكم والسلطة والجاه إلى أجل غير مسمى ,متناسين تماما ماحصل مع "بطل العبورالأكتوبري", الذي تحالف معهم, وقربهم منه في مواجهة القوى الوطنية والأحزاب الأخرى, ففاجأته العاصفة الإسلامبولية الدموية على المنصة, وأخذته على حين غرة إلى المكان الذي كان يتوعد ويهدد معارضيه بإرسالهم إليه.

وطالما تساءلت ,وبحيرة, عن سر حكاية الإيمان والورع والتقوى التي يتظاهر بها أؤلئك الشموليون الدوليون,ويمارسوا أقصى درجات التصوف والزهد والتعبد أمام الكاميرات, وهم يتأبطون أذرع تلك المومياءات الظلامية الطالعة لتوها من قيعان بحور الشعوذة الغيب والسحر والألغاز , فيما تعج سجونهم بآلاف السجناء,والمعتقلين, وسيرتهم حافلة بما "لذ وطاب" من القصص والمآسي والفضائح السياسية,وأصبحوا رموزا دولية وقدرية للتخلف السياسي البدائي والإنحطاط البشري والحضاري بشكل عام. وإذا كانت عاصفة الصحراء العسكرية قد تسلحت بالأسلحة الفتاكة والطائرات والجنود والجنرالات وبعض القرارات من مجلس الأمن,فإن عاصفة الصحراء السوداء تتسلح بالفكر التكفيري والغيبي الظلامي ووراءهم جيش من المعممين والمحللين والمشرعين, وبعض الفتاوى النارية التي تدفع للموت بدون نقاش أو جدال,وجحافل غير محددة من المنساقين والمنجرين وراءهم بشكل أعمى.

لقد بات من المفهوم تماما أن بعض مظاهر هذا العنف,في بعض أوجهه , ومع الإدانة الكاملة له بالطبع وعدم تبريره مطلقا ,هو شكل من أشكال الإحتجاج السياسي الذي قمع ومنع وهمش ,ولم تترك القوى السياسية الحاكمة أي شكل من أشكال التعبير السياسي لتأخذ مجراها الطبيعي, لاسيما وأن القوى الأخرى, في المجتمع قد أبعدت تماما عن المشاركة, وعن الساحة السياسية ,وتم إقصائها نهائيا, لتخلو الساحة لهؤلاء, وأمثالهم لقيادة المجتمع والشارع .ولئن بدا ذلك لوهلة أولى في مصلحة الأنظمة إلا أنه كان في المحصلة النهائية ضد مصالحهم تماما وحسب ماهو ملموس وواضح الآن .وهذا ما لايقوله ويقر به منظرو تلك الأنظمة وجهابذتهم المتفوهون والمتحذلقون, ويتعامون عن الحقائق الدامغة بعناد وكبروصلف,وكانوا في يوم ما من المصفقين والمطبلين المهللين له.ولو اعتمد أولئك مبدأ "توازن القوى الساسية" على الأرض لكانوا الآن في مأمن من أية زوابع وعواصف أو ريح صرصر هوجاء لاتبقي ولاتذر. ونرى الآن جميعا تلبد الأجواء منذرة بالكثير من العواصف الهائجة وفي أكثر من مكان .ويخطئ من يظن أن باستطاعته التحكم بقوانين الطبيعة, وتأجيل أية عواصف محتملة,والسيطرة على "قيم الضغط الجوي السياسي" العالية الحارة والقائظة التي تؤدي في النهاية, ولامحالة, إلى هبوب العواصف الماحقة الساحقة.ولكن كيف ستتم ممارسة طقوس القصور والبلادة والغباء السياسي المستفحل والمتورم ؟ وكيف سنثبت للآخرين إصابتنا بعمى البصر والبصيرة الحضارية والسياسية؟وماتفعله الديمقرطيات الغربية, ومنذ زمن طويل, في امتصاص كافة أشكال التعبير والإحتجاج السياسي, هوعبر قنوات سياسية, وأحزاب ومعارضات مراقبة ومنظمة ومتحكم فيها.ولكن وهنا وللأسف فإن للأحادية والديكتاتورية والرعونة السياسية والطيش الأعمى المستشري الكلمة العليا والأخيرة.وقد بدا هذا العنف في بعض جوانبه بداية لانفراط العقد والحلف المزمن بين الجانبين, والذي بدا في مراحل ما قويا ومنيعا ومخلدا و"كاثوليكيا".فهل تكون بداية لقراءة صحيحة ,ومراجعة شاملة للواقع الأليم وقبل فوات الأوان,وتجنب الجميع عواقب العواصف والزوابع التدميرية المحتملة؟

لقد ظهر هذا التيار,ودائما,كتيار عنف ورفض وتكفير لكل ماهو قائم ومتعارف عليه وبديهي, ومنذ زمن طويل ,ويرفض الإذعان والإنصياع والمهادنة والحوار ,وإنه كالنار التي ماتزال تطلب الحطب ,فإن لم تجد ماتأكله أكلت نفسها,وهذا ما يحصل الآن, بان تمتد أياديهم الغادرة إلى أولياء نعمتهم, ومن احتضنهم وروج, وسوق لهم, ودعمهم, ومولهم في سنين القحط والكساد السياسي هذه. ولكن لو سألنا من هو المسؤول الأول عن هذا الإجرام وسفك الدماء المجاني وللأبرياء؟ولاسيما وأن القتلى من الجانبين,وحتى الظلاميين هم, بشكل ما, ضحايا ووقود مجانيين لهذه الحرب المستعرة الشعواء؟ومن الذي أوصلهم إلى نقطة اللاعودة هذه وعبأهم وسهل لهم وضخ في عقولهم كل تلك السموم والحقد؟ وحول هؤلاء البشر إلى قنابل موقوتة ,وبدون صمامات أمان, والذي لا يشفي غليلهم سوى رؤية الدم المسفوك؟هل هذه هي نهاية اللعبة و بداية النهاية للحلف المقدس؟إن قادمات الأيام حبالى بالإجابات الشافيات.وما علينا سوى الترقب والإنتظار.

إنهاالعواصف الصحراوية السوداء.............. فتجنبوها.

نضال نعيسةكاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بريسترويكا إعلاميــــة
- شهـــود الــزور
- 2-العولمـــة الجامحــــة
- 1-العولمـــة الجامحـــة
- قوانين الطــوارئ العقلية
- خذوا الكذبة من أفواه السياسيين
- اللعب علــى الحبال
- الفضيحـــة
- حـــزب المواطنــــة
- حتمـــية التعايــش
- يــوم الحســـاب
- الحمـــد لله عا السلامة
- الإبستيمولوجيا الإرتقائية
- الصحافة الســوداء
- الزلــزال
- إلى الأبـــــد
- حتمية العولمـة-عولمة لغويــة
- بابا نويـــــل
- مأوى العجـــزة
- أضغــاث أحـــلام


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - عاصفة الصحــــراء