|
بالشكر تدوم النجوم
علي ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 1081 - 2005 / 1 / 17 - 11:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أنا لا أعلم شيئا عن الممثلة الأميركية" ساندرا بولوك"، و لا حتى عن مطربتنا المشهورة أصالة نصري؛ كما أني لست من هواة أو متتبعي أخبار النجوم- لا في الفنون ولا في العلوم- و كل ما في الأمر أن الخبر وقع بين يدي، و أنا أخبط عشوائيا في دروب الأنترنيت المتشعبة، و حشر نفسه في أنفي، و قال لي يافتى ضاقت بك السبل؛ إن البدور اللواتي كنت تجهلها، ها أنت بينهما( نعم)؛ يا ليتهم رحلوا!! الخبر الأول- إذا صدق- عن تأسيس المطربة الوطنية جمعية لمناهضة التعري( و ربما تكون هذه الظاهرة جزءا من مؤامرة العولمة المستمرة ضدنا؟)، و اما الخبر الثاني فيحمل و جها من وجوه العولمة ذاتها- التي نقف منها موقف الثعلب العاجز عن طول العنب- و يفيد بأن الممثلة الأمريكية ساندرا بولوك تتبرع بمليون دولار لضحايا الطوفان: نعم الطوفان الآسيوي، حيث التعري الحقيقي. أدري أن المقام هنا ليس ملعبا للتسري بالسجع، و لا للبكاء على الأطلال، و لكن أليس من حقي الشعور بالخيبة؟ أعلم، أن كلامي- الذاهب هباء- هو مجرد ضرب من ضروب شكوى الخائبين؛ أليس من دواعي شعور المرء بالخيبة حين يكون من أمة ابتليت( نعم نائب الفاعل شريك في الفعل- شكرا لعهد فاضل) بكل صنوف الأمراض، ومنها العضال الذي يهدد وجودها( و قد عدد يوما ممدوح عدوان بعضا منها، ثم أضاف" و إن شكرتم لأزيدنكم" ليضع هنا خاتمته الضاجة بالمفارقة:" شكرا لله"- و عليها، احيل القضية لأهل الفتوى في جواز محاكمة ممدوح على مسؤوليته عن سرعة تدهور أوضاعنا عقب ذلك الشكر الإشكالي!؟)؛ أقول- كي لا أضيع و أضيع من بقي صامدا في تتبعي- أليس من دواعي الخيبة، على ذلك، أن يخرج لمجتمعه و من مجتمعه فنان يفتخر بأنه أسس جمعية باسم العفة، و شعارها مقاومة التعري!! هي تجي منين ولا منين- على قول المصريين؟ هل من مناهضة نساء قطريات لزيارة المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى بلدهن قطر، عقابا لها على القيام بحقها في التعبير، و هو حق إذا أسقطناه عن شخص لم يعد يجوز لنا أن نعرفه بأنه إنسان؟ أم من مناهضة حانوت صغير( الفريدي)، إذا قسمنا مساحته على رواده من الأعلام، الذين تحولهم الأمم إلى أيقونات تدخل في ذاكرة الأجيال؛ إذن لخرجنا بنتيجة التقسيم على عدد السنين و الأجيال.. أن كل مبدع منهم يستطيع أن يفخر بأنه استحوذ على مساحة من الحرية لا تقل عن مليمتر و احد لقامته الإبداعية التي سنباهي بها الأمم يوم القيامة! و في موضوعنا: هل حقا تحتاج الأمة العربية لمثل هذه البادرة النوبلية؟ هل طفح كيل فنانتنا المشهورة، بالعراة حتى لم تعد قادرة- كما من قبل- على إقامة حفلاتها بنفس التركيز، الذي كانت تبز به بوذا؟ سيلومني العقلانيون على التناقض الداخلي للمسألة التي أختلقها، كمن يطلب السمك في البحر الميت، و لكني مضطر لسؤال العقل: هل حقا أسست فنانتنا موقفها، على أضعف إيمان- كما يفترض عمل من مستوى إشهار جمعية- بأن جمعيتها ستداوي مجروحا، أو تغيث ملهوفا، أو تطعم جائعا، أو تؤوي شريدا، أو تؤمن مقعدا دراسيا لمن سدت أمام طاقاته السبل... و ما الى ذلك من الأمثلة والأسئلة؟؟ هنا أيضا يستحق العرفان كل من الكاتب اليوناني كازانتزاكي و مترجمه العربي ممدوح عدوان، على تخليد قصة المرأة الشحاذة التي اقتعدت الأرض، و راحت تستجدي المحسنين، فوقف بإزائها رجل متأنق جاد، إذ ساءه منظرها، و انتهرها على انكشاف ساقيها؛ فأنشبت فيه قوة جوعها، و زفّرته بالقول الساخط الهازئ: ألم ترمن عريي غير ساقي؟!! ثم من أين أتت فنانتنا؟ و ما نوع الأثقال و الأهوال التي ينوء تحتها الوسط البشري، الذي تعتقد أنه بحاجة ملحة لثورة احتشام، تحميه من الانهيارات اللا نهائية. و تنهي كل ألوان معاناته، و تسكنه فسيح ثوب العفة- التي هي أبقى و خير له من الأولى! أليست فنانتنا من مجتمع مليء بنوادر من مثل نادرة أبو فواز الذي اكتشف ان زوجته تنام و تقوم بالثياب نفسها. فتسرب صبره، من صدره في ليلة خاب فيها أمله منها، فنهزها بقوة، هبت على إثرها من نومها مأخوذة من صوته الحاد الساخر:" و ليش مانك مشتدة!!"- أي لماذا لا تنتعلين بقدميك؟ أعتقد أن الوكالة الحصرية للاحتشام لن تخول أصحابها بأقل من الطلب- و لكن جديا هذه المرة، و ربما تحت طائلة تأليب السلطات المعنية- إلى نسائنا أن ينتعلن بأقدامهن، بل يتسربلن بالأقفال، قانتات نائمات قائمات.. و هو ما قد يحتاج لإخطار أمثال الشاعر المتيقظ لقمان ديركي، بتشكيل لجان استقصاء أخوية مهمتها دخول البيوت- طبعا من أبوابها- في أي وقت، للتأكد من عدد الارتكابات في البيت الواحد؛ و بالتالي تقديم كشف يومي بنسب تنفيذ أعمال النهي عن المكروه. أنا لا أعطي المطربة، صاحبة المبادرة، حجما أكبر من حجمها- ربما كانت تسعى إليه بمبادرتها التي اجترحتها أو اجترحت لها، من فاعل ما للخير ينوب عنه الفعل- كما و لا أقلل منه أيضا( الحجم)؛ فهذا أمر في حساب الزمن.. و لكني أطرح حقي بشعور بالخيبة، و بسؤال، فحسب: أما الخيبة فتعود إلى الكيفية التي نصنع بها حداثتنا- و نجومنا معها- و الكيفية التي يصنع بها الآخرون حداثتهم و نجومهم؟!! و اما السؤال فيتحدد في معرفة من الأسبق في الوجود: كوارثنا ام نحن؟ هي أم شكرنا؟ علي ديوب
#علي_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|