أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسن الجنابي - الطغاة وهوس السلطة - العراق نموذجا















المزيد.....


الطغاة وهوس السلطة - العراق نموذجا


حسن الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 249 - 2002 / 9 / 17 - 03:49
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


السلطة الطاغية تشبه، من حيث الطبيعة،  الفيروسات لأنها لا تعيش إلا في وسط مريض وملوث. لذا فهي تسعى على الدوام لإفساد المجتمع وانهاكه كي تسهل قيادته واستعباده. وتتمادى، بدون مبرر، في استعمال العنف وتوسيع مداه. وتتفنن في إشاعة الخوف عن طريق الفتك بالمعارضين في ردة فعل غير متناسبة مع حجم الفعل المعارض. ولا يشذ جلاد، في هذه القاعدة، عن جلاد آخر إلا بدرجة البشاعة، وقدرة المخيلة المتسلطة على اختراع طرائق جديدة للتعذيب والانتقام وتشويه الجسد وتقطيع الأعضاء البشرية التي ميزت طاغية العراق.

ففي العراق لا توجد بالمرة حدود معقولة، أو مفهومة، لحجم انتقام السلطة أو ردود أفعالها  ضد المواطنين حتى وهم رهن الاعتقال. فحسب رواية لمواطن عراقي، يقيم الآن في سيدني، أنه شهد اعتقال أحد معارفه، وكان شابا رزق للتو بصبي، في مدينة النجف الاشرف. فبعد اقتحام بيته من قبل رجال الأمن، و في لجة الموقف المتوتر، الناتجة عن اقتحام الدار والاعتداء على الحرمات الشخصية، اراد الرجل تقبيل رضيعه مودعا، كأب أدرك انه لن يقدر بعد اليوم على رؤيته. فما كان من رجل الأمن إلا اختطاف الرضيع من يدي والده وقذفه بعنف على الجدار ليهشم رأسه ويميته في الحال، ولتنطلق، بعد ذلك، المجموعة الأمنية بصيدها الثمين، أي الأب المنكوب بقتل وليده، إلى جهة مجهولة.

قد يشك البعض، من ذوي النيات الحسنة ومن الاخوة العرب بالتحديد، ان هذه "تصرفات فردية"، فما بالك إن تكررت هذه "التصرفات" آلاف المرات وفي كل المدن والقرى والقصبات العراقية؟.

لنفترض جدلا أن هذه الأعمال ليست منهجا سلطويا مشرعا، وهذا أمر ممكن إن كان المرء ساذجا أو غير راغب في معرفة حقيقة ما يجري في العراق، فهل يمكن لأي عاقل تفسير سبب إبادة سكان حلبجة بالسلاح الكيمياوي؟

أترى أن كرسي صدام الهزاز تعرض للخطر اثر دخول مجموعة من مقاتلي البيشمركة الأكراد لقرية في شمال العراق؟

ألم يكن لدى السلطة مدافع ودبابات وطائرات كافية لاستعادة "سيادتها" المنتهكة في حلبجة؟

لم يكن، بالطبع، "تحرير حلبجة من الخونة" هو الدافع لتدميرها بالسلاح الكيمياوي ،  كما لم تكن "مصالح العراق" قد اقتضت احتلال الكويت. فالكويت، آنذاك، حكومة وشعبا، كانا في جيب صدام. وكانت الخزانة الكويتية مسخرة لتمويل ماكنة العدوان الصدامية طيلة سنوات الحرب ضد ايران. ولم يكن باستطاعة الشيخ سعد العبد الله وقف التدفق المالي، مثلما لم يكن باستطاعة عزة الدوري إنقاذ مفاوضات جدة. وبسبب طبيعته الشخصية والطريقة التي يحكم بها البلاد، لم يكن صدام حسين قادرا على وقف نزيف الجرح العراقي بسبب عدوانيته المتأصلة واحترافه للقتل.

فالقاتل المحترف لا يكتفي بقتل الضحية فقط لأنها لا تشبع هوسه وغريزته المريضة. وهو يقنع نفسه أن تصفية الخصوم السياسيين شنقا في السجون المنعزلة لا تحمل رسالته بوضوح للشعب. فإذا ما اضطر للجوء للاعدامات فيفعلها في الأماكن العامة و يشرك أعضاء الحزب بالتنفيذ، ويجبر عوائل المفقودين على تغطية التكاليف. أما إذا ارتبط الفعل المعارض بمدينة فتباد، كما جرى في حلبجة، بابشع الاسلحة، أو تدك وتسوى بالأرض وتزال من الخارطة، مثلما حدث لمدينة الدجيل، أو تستباح ويلغى كيانها الدولي وتلحق بالعراق كمحافظة يحكمها وغد معروف.

هذه العقلية المتسلطة لا ترى في المواطن إلا جوانب الخيانة والغدر فلا تأتمنه، ، ولا في الحرية إلا "حقها" في البقاء في السلطة، ولا في العلم إلا جوانبه التدميرية فتتحول وزارة التصنيع العسكري، بأوامر الدكتاتور، إلى كيان أخطبوطي تجري في مختبراتها السرية أبشع ما يتصوره العقل من عمليات اختبار للجراثيم والبكتريا والغازات السامة، ليست على الفئران، كما قد يتخيل المرء، لأن  السجون مكتظة بالمحكومين بالاعدام من الخونة؟. ثم أن منظر فأرة مختنقة في إنبوبة إختبار لا يستحث في القلوب الغليظة نفس المتعة التي تحدثها ارتجاجات جسد انساني في غرفة محكمة الغلق وهو يصارع تدفق السموم والجراثيم من صمامات التحكم.

لكن المخيلة الشريرة سرعان ما تجد في الظروف المختبرية لهذه التجارب أمرا مضجرا، فتسعى إلى "افق" أشمل لتطبيقه، وتنظم الاحتفالات الدعائية لإعلان النية باستخدامها على نحو شامل كما حصل في التهديد بحرق نصف إسرائيل. غير أن الجلاد أجبن من استخدامها ضد من هم أقوى منه، كما أثبتت تجربة الحكم الصدامي في العراق، ولا يساوي جبنه هذا الا شراسته ضد المستضعفين والعزل من مواطنيه. وهو بالاخير غير قادر على البقاء في كرسيه اذا ما انتزعت منه قدرته على استخدام اسلحة الفتك التي يملكها ويحتمي بها.

 

 

 

 



#حسن_الجنابي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول العمل الحزبي المعارض
- ألحرب ضد الارهاب تتحول الى عقيدة سياسية
- المواطن ومحيطه في الدولة المستبدة
- إشكالية المناخ والبيئةوالديمقراطية السياسية


المزيد.....




- شاهد.. ركاب يقفون على جناح طائرة بعد اشتعال النيران بمحركها ...
- سوريا.. القلم الأخضر بيد أحمد الشرع عند توقيع الإعلان الدستو ...
- كالاس: وشنطن وعدتنا بعدم قبول أي شروط روسية حول أوكرانيا إلا ...
- الاتفاق بين دمشق والأكراد.. ماذا عن التفاصل والآثار المحتملة ...
- سوريا.. محافظ اللاذقية يعزي سيدة من الساحل في مقتل نجليها وح ...
- شيخ الموحدين الدروز الحناوي: لم نطلب الحماية من أحد ويجب إعط ...
- طهران: العقوبات الأمريكية الجديدة دليل على الخداع وخرق القا ...
- حريق ضخم في أحد مباني المعامل المركزية لوزارة الصحة المصرية ...
- محامو الطالب الفلسطيني محمود خليل يطالبون بالإفراج الفوري عن ...
- اكتشاف قد يحدث ثورة في علاج داء الثعلبة


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسن الجنابي - الطغاة وهوس السلطة - العراق نموذجا