أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - جدار المرحاض الحر














المزيد.....

جدار المرحاض الحر


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 3671 - 2012 / 3 / 18 - 21:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بعد سقوط النظام الصدامي على يد الاحتلال الأمريكي عام 2003 استخدمت جدران الأبنية كالمدارس والمؤسسات الحكومية لافتات سياسية بالكتابة عليها عبارات بالصبغ الأسود ما بين مؤيد للنظام الجديد وما بين مؤيد للنظام القديم وأبرز ما اتسمت به هذه ألافتات هو لغتها التسقيطية والتهديدية حد الشتائم مثل (سنعود يا قرود) و (الموت والعار ل...) و (من نال شرف العضوية في حزب ال.. فلا شرف له) و (العملاء) و (ألحرامي) وغيرها، بعدما كانت النكتة والإشاعة هي السبيل الوحيد المتاح للشعب العراقي ضد نظام (صدام حسين) حيث كانت النكت الساخرة من استبداد النظام وفساده وتهوره بالمئات، والإشاعات التي كانت ضده تتناقل من بيت لبيت ومن مقهى لمقهى سرا، تتحدث عن اتفاقيات سرية بين )صدام حسين( وأمريكا وإسرائيل، أو نية الحكومة في تجويع شعبها وهكذا، لكن بعد تشكل الأحزاب وانتشار الصحف والإذاعات والقنوات الفضائية كوسيلة بديلة للتعبير من دون إبدال التسقيط الآخر، تراجعت ظاهرة الكتابة على جدران البنايات وانحسرت على الميليشيات الصغيرة الغير معترف بها حكوميا ومحظورة، ومواضيع رياضية تسقيط أو تشجيع أسماء الأندية العالمية لكرة القدم. لكن هناك ظاهرة قديمة نشأت غير معروفة وغير معلنه وغير معترف بها أصلا، إنها الكتابة على جدار المرحاض أو بابها من الداخل! وربما أثناء قضاء الحاجة، إنها حرية تعبير غير تقليدية لا تلتزم بأي شكل من أشكال الياقة والاحترام والتحفظ، غالبا ما تكون أسطر قليلة مكثفة، يكون موضوعها التنكيل أو الشتم أو السخرية من مسؤول الدائرة أو المنتسبين أو الوزارة ذاتها، وقد تستخدم الرسوم الكاريكاتورية مرفقة بكتابة تعبير عما يقول الشخص المرسوم، أو حتى تكون كتابات ورسوم جنسية تعكس فظاظة كاتبها. واختيار هذا المكان للتعبير (المرحاض) هو جزء من السخرية والرفض ذاته باعتباره مكان حقير في الثقافة العربية، وهذه الظاهرة لا توجد في مراحيض البيوت والمساجد والمرافق العامة؟ ما يدل غلى قصديه الكتابة ضد المؤسسة التي توجد فيها المرحاض باستثناء الكتابات الشخصية ولا تقف وسيلة الرفض والاغتراب عند حدود الكتابة أو الرسوم والمكان بل بإهمال نظافة المرحاض كعدم سكب الماء بعد التغوط أو تركها متسخة لذلك نرى مراحيض دوائرنا العراقية دائما قذرة، وهي وسيلة تعبير بدائية غير حضارية بالمرة تدل على أن صاحبها مستلب سياسيا أو اقتصاديا يجهل طرق التعبير المعروفة كالكتابة أو الكلام المنمق أو مقموع ولا يستطيع إبدالها بلافتات أو التوجه لهيئة شكاوي مخولة بسماع مشاكل المنتسبين. وحين كنا صغارا في المدارس الابتدائية كانت جدران المراحيض تعج بالكتابات الساخرة من المدير والمدرسين القساة، والشتائم والرسوم الجنسية للمُدرسات بحكم وسيلة التعبير في عمر الصبا، بالتالي فالذي يمارس هذه الرسوم والكتابات يعاني نكوص طفولي من الناحية النفسية، واستلاب جنسي وأخلاقي واقتصادي من الناحية الاجتماعية، وهي تكثر في المجتمعات التي تعاني الانغلاق والاستبداد والقمع والخوف لأنها وسيلة التعبير المتاحة بعد النكتة والإشاعة ضد النظام وظلمه وقهره، من جانب آخر هناك ظاهرة الكتابة بصورة عامة على ظهر مقاعد الباصات ومقاعد المتنزهات وعلى جذوع شجر المتنزهات؟ أشعار أو رقم هاتف أو أسم شخص ولقبه أو ذكرى لعاشقين أو رسوم كقلب مثقوب بسهم، وهي اعتداء سافر على الممتلكات العامة والخاصة، ومن هنا تصبح ظاهرة الكتابة على جدران المراحيض وأبوابها مفهومة في سياق هذه الثقافة السلبية لكن الفارق بين الكتابتين إن الأولى انتقاديه ساخرة ضد جهة ما، أما الثانية عاطفية أو للذكرى الشخصية.
مازال الإنسان العراقي يشعر بالاغتراب تجاه السلطة ما ينعكس سلبا على كل ممتلكاتها والملكية العامة التي له نصيب بها؟ لهذا يتم الإهمال والتجاوز والنهب والتدمير لها كشيء غريب عنه!!.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين مقتدى الصدر وصدام حسين
- فلسفة الخطأ الإنساني
- تأثيرات الهاتف الخلوي على المجتمع العراقي
- من ذاكرتي بين عهدين
- حقيقة انتمائي
- السياسة في نظرية الحق الشعبي
- صورة المرأة الثنائية في المجتمع العربي
- أربع قصائد سياسية
- فلسفة الحب الأسطورية في المجتمع العربي
- أسطورة الشيطان ونظرية المؤامرة
- التحولات المُعاصرة للمقدس في الغرب
- التطور العلمي والانتخاب الحضاري
- غاية الإنسان ؟
- ملاحظات حول الصراع بين مذهب السلطة ومذهب الانقلاب
- ما هو الإسلام الحق؟
- الرغبة والعبادة
- موقفي من العادات والتقاليد
- شذرات فكرية
- ثنائية القبلية والتمدن
- الكونية في الأديان السياسية؟


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - جدار المرحاض الحر