أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ساسي سفيان - البحث العلمي















المزيد.....

البحث العلمي


ساسي سفيان

الحوار المتمدن-العدد: 1080 - 2005 / 1 / 16 - 10:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا شك أن التعبير القائل أن جميع نشاط الفكر الإنساني أبحاثا،فيه الكثير من التجاوز،باعتبار أن هناك اختلافات جوهرية بين النشاطات الفكرية للإنسان،فمنها البحوث الكاملة التي يصل فيها الباحث إلى معرفة جديدة،ومنها المقالات العلمية والتقارير والملخصات وغيرها،وفي كثير من الحالات قد يتخيل الدارس المبتدئ أنه عندما يسجل آراء عدد كبير من الباحثين أو العلماء فيما يتعلق بموضوع ما،أنه قد أجرى بحثا علميا متكاملا.
والحقيقة أن معرفة آراء الآخرين،قد تكون مفيدة،لكنها لا تحل مشكلة أو تؤدي إلى معرفة جديدة،وبالتالي فإنها لا تعد بحثا متكاملا،وحتى الوصول إلى معرفة جديدة لا يكفي في حد ذاته أن يكون بحثا،بل يجب البرهنة عليها والتأكد من صحتها.
ولا يغيب عن الذهن أن المقالات العلمية،لا تعد بحثا بالمعنى الدقيق لهذه المفردة،وذلك لأنها تظل مجرد دراسة أو تلخيص لموضوع أو مشكلة قام ببحثها باحث معين، كما أن المقال التحليلي بهذا المعنى لا يضيف بالضرورة جديدا للمعرفة الإنسانية، فهو لا يزيد في العادة عن تقديم ملخص لمعلومات سبق اكتشافها أو بحث قام به آخرون، ولهذا السبب لا يتقيد كاتب المقال بنفس القواعد التي يلتزم بها الباحث لدى كتابة تقرير عن بحثه،كما لا يتوقع من كاتب المقال توثيق جميع بياناته،في حين يلتزم الباحث لدى كتابة تقرير بحثه بالإشارة إلى مصادر معلوماته بدقة ووضوح،حتى يتسنى للقارئ أو لأي دارس آخر الرجوع إليها والتأكد من صحتها.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه من الباحث تقديم شيء جديد وعدم الاكتفاء بمجرد التعبير عن آراء الآخرين مهما كانت قيمتها العلمية،وأن يوضح كيف أن مشكلة علمية قد درست،وتم إيجاد الحلول لها وأن حقائق جديدة قد اكتشفت،فإن كاتب المقال يكتفي بعرض ملاحظاته وخبراته،وقد يحلل ويضيف آراء،ولكن ذلك كله لا يعتبر إضافة علمية جديدة .
وعلاوة على ذلك،فإن المقالات العلمية قد تكتب لمجرد التيسير على الدارسين عند الرغبة في معرفة نتائج بحث ما أو معلومات معينة،ولهذا فإنها تتصف عادة بإثارة التشويق لدى القارئ، وبتقديم الحقائق بطريقة مباشرة وموضوعية ومختصرة،ولكن الأمر ليس كذلك في كتابة تقارير البحوث،حيث أن كثيرا من المقالات تتسم بالذاتية وتتضمن استنتاجات غالبا ما تكون مبنية على الملاحظة غير المضبوطة،كما أنها تكون أحيانا مدعومة بحقائق متميزة لجانب واحد من الموضوع.
ومع أن المقال يؤدي خدمة كبيرة في نشر الأفكار والآراء،إلا أن عرضه يختلف اختلافا كبيرا عن كتابة تقرير البحث،ناهيك عن اختلافه من حيث القيمة العلمية ودرجة الدقة والابتعاد عن العنصر الشخصي الذي تتطلبه الدقة العلمية في كتابة تقارير البحوث.
ويجدر التذكير هنا،إلى أن أي بحث علمي يجب أن يتضمن ثلاثة جوانب رئيسية تؤخذ في الاعتبار لدى تقويم أهميته العلمية وهي:اكتشاف حقيقة جديدة-التمحيص النقدي للبراهين والأدلة المؤدية إلى النتائج التي توصل إليها الباحث-كيفية الاستفادة من الحقائق الجديدة في استخدامها تطبيقيا في الحياة العملية.
ولا شك أن الكشف عن حقيقة معينة تعتبر نشاطا علميا أرقى درجة من مجرد كتابة مقال أو تلخيص جهد علمي معين،ومن الأمثلة على ذلك النوع من النشاط العلمي، اكتشاف فاعلية عقار جديد في تدمير نوع من الفيروسات،أو تجميع معلومات وبيانات من وثائق مختلفة توضح حقيقة تاريخية معينة كالكشف عن مدينة أثرية مثلا حيث تعتبر أغلبية عمليات التوثيق لونا من هذا النوع من النشاط البحثي ، وكثيرا ما تتعدى مرحلة الكشف عن الحقائق إلى مرحلة التعميمات المستنبطة من هذه الحقائق.

التحليل والتفسير النقدي :
يلجا الكاتب إلى أسلوب التحليل والتفسير النقدي لما يتوصل إليه من بيانات مختلفة يسعى إلى حمل عملية الكشف عن الحقيقة خطوة أبعد،كما قد يتعامل الباحث في بعض المجالات، مثل الفلسفة والأدب،مع أفكار وآراء أكثر مما يتعامل مع حقائق علمية، مما يجعل البحث يتألف التفسير النقدي لهذه الآراء،ولمعرفة آراء وأفكار الكاتب الأصلي الذي عبر عنها في أعماله الفكرية والتي لا تظهر بشكل محدد،فإنه لا بد من استنباطها عن طريق التفسير النقدي بما يحتويه من براهين وحجج.
إن الوسائل الأساسية المستخدمة في هذا النوع من البحث هي التجربة والمنطق،وكذلك مستوى رفيع من الإمكانات العقلية يتطلبها التفسير النقدي لأنه ينطوي بالضرورة على حكم شخصي مبني على الأسباب المنطقية ومستند إلى التعليل المقبول والمعقول، والتفسير النقدي له قيمته التي لا يمكن إنكارها والتي بدونها يصعب الوصول إلى استنتاجات علمية في مسائل يندر إيجاد حقائق محددة عنها،ومع أن الكشف عن الحقيقة يقدم لنا الكثير من الحقائق عن الإنسان وعالمه،فإنه يوجد جزء كبير من التجربة الإنسانية والإنتاج الفني والفكري لا يمكن بلوغه بالطريقة الواقعية أو بـأي طريقة أخرى إلا عن طريق التفسير النقدي،ويتصف بهذه الخاصية الجزء الأكبر من البحوث ذات الطابع الأكاديمي للعلوم السلوكية والاجتماعية.

خصائص التفسير النقدي :
يتميز التفسير النقدي بثلاث خصائص أساسية هي:
-1أن يقوم الجدل على حقائق ومبادئ معروفة في المجال الذي أجريت فيه الدراسة أو على الأقل يتفق معها ،
-2أن تكون الحجج المقدمة في التفسير النقدي واضحة ومعقولة،أي أنها يجب أن تنطلق من المنطق، بحيث تكون التعميمات والاستنتاجات التي تم التوصل إليها في هذا النوع من النشاط البحثي مستنبطة منطقيا من الحقائق المعروفة، ومن المبادئ التي يطبقها الباحث عند معالجته لمادته،وعلاوة على ذلك،فإن الخطوات التي قادت الباحث إلى استنتاجاته يجب أن تكون سهلة البرهان في أثناء عملية الاستنتاج من الوقائع أو المقدمات،ذلك أن الإجراء الأساسي في التفسير النقدي هو الاستنتاج من الوقائع أو المقدمات،والشرط هنا أن يكون هذا الاستنتاج صادقا،حتى يستطيع القارئ تتبع الحجج دون أي معوقات تجعله مضطرا إلى القبول برأي الباحث دون اقتناع.
3-إن التفسير النقدي،يتوقع منه أن يتمخض عن بعض التعميمات التي ترتبت على عملية الاستنتاج من الوقائع أو المقدمات،ولهذا فمن الضروري أن يكون الرأي الاستنتاجي للباحث مبنيا على الحقائق والبيانات المقبولة في مجال البحث ومدعومة بالمنطق والبرهان.
ولا يغيب عن الذهن،أنه يجب أثناء التفسير النقدي،تلافي وضع استنتاج يعتمد على الحدس أو التخمين أو على مجرد انطباعات عامة أكثر مما يعتمد على التعليل والمناقشة المنطقية.
أما البحث المتكامل،فإنه يتضمن الكشف عن الحقيقة والتفسير النقدي،ويزيد عن ذلك الوصول إلى نظرية أو مبدأ أو معرفة جديدة،ويظهر إمكانية تطبيقها في مجالات الحياة المتصلة بموضوع البحث.
ولا يخفى في هذا المجال،أن الكشف عن الحقيقة فقط لا يحل بالضرورة أي مشكلة، كما أن التفسير النقدي مع أنه يهدف في الغالب إلى حل مشكلة ويقوم على أساس الاستنتاج المنطقي من الوقائع والمقدمات،لا يمكن دائما أن يبني قضيته على البرهان الواقعي حيث يعتمد إلى حد كبير على الحكم الشخصي،وعليه،فإنه بعد أن يتم تحديد مشكلة البحث،فإن الخطوة الأولى تتضمن الإجابة على السؤال التالي:"ما هي الحقائق الكامنة في هذه المشكلة؟"وبالإضافة إلى تجميع البيانات حولها،قد يسأل الباحث أيضا "ماذا يقول الخبراء أو الباحثين في هذه المشكلة؟ " وبعد أن يفرغ الباحث من جمع الحقائق قد يتساءل أيضا:ماذا توحي هذه الحقائق من أجل حل المشكلة؟،ثم بعد أن يقرر رأيه في الحل الصحيح،يبدأ الباحث في اختباره بكافة الوسائل والطرق المختلفة حتى تتأكد له صحته،مع ضرورة أن يراعي الباحث مدى اتساق الحل مع جميع الحقائق المعروفة، ومدى وضوح هذه الحقائق وكفايتها لدعم وتأييد الاستنتاج النهائي.
ويجدر التذكير في هذا المقام،أن البحوث المتكاملة تختلف من حيث الهرم العام،فهناك البحوث النظرية، والبحوث التطبيقية،كما تختلف من حيث البحوث الأساسية والبحوث العلمية، والاختلاف بين البحوث من حيث كونها نظرية أو تطبيقية لا يعد تعارضا أو تناقضا،فإذا تصورنا استمرارية ذات اتجاهين للبحث العلمي، فإن أحدها يمثل البحوث النظرية ويمثل الآخر البحوث التطبيقية، والمعلوم أن البحوث النظرية تهدف إلى الوصول إلى المعرفة من أجل المعرفة فقط،وبهذا لا يكون هناك غرض تطبيق بمعروف بعد الانتهاء من البحث،وفي الطرف الآخر فإن البحوث التطبيقية ترمي أساسا إلى الوصول إلى حل مشكلة معينة ولو لم يصل الباحث أثناء بحثه إلى حقائق جديدة.
ويضاف إلى ذلك،أن البحوث المتكاملة قد تكون بحوثا رئيسية تهدف إلى دراسة مشكلة عامة مع إجراء الدراسة على محيط معين،وقد تكون بحوثا عملية تهدف إلى دراسة مشكلة محلية في وضع خاص.
و يختلف هذان النوعان من البحوث من حيث سير البحث في عدة نقاط ويلتقيان في نقاط أخرى،فمثلا من حيث مجال اختيار موضوع البحث (المشكلة) يكون البحث الرئيسي في ميدان معرفة معين،كالمجال التاريخي أو التربوي(مثلا)،أما في البحث العلمي فيكون هناك مشكلة خاصة في مكان وزمان محدد،كما يختلف هدف أو غرض البحث بين النوعين،ففي الأول، يكون الهدف من الدراسة هو الوصول إلى معرفة معينة في الميدان العلمي الذي تنتمي إليه مشكلة البحث،أما في الثاني،فيتركز الهدف على حل المشكلة محليا،والواضح أن الغرض التطبيقي عند التعميم واستخدام النتائج يختلف في البحث الرئيسي،في أن نتائجه تستخدم على نطاق واسع،أما في البحث العلمي،فينحصر استخدام النتائج على مجتمع البحث فقط.
والملاحظ في هذا المجال أن الباحث في البحث الرئيسي،له حرية خلق الظروف التي يريد إجراء البحث فيها،أما في الثاني ( البحث العلمي ) فإنه يلتزم بالظروف القائمة فعلا،ويتفق النوعان في بقية خطوات البحث،كالفروض وطريقة البحث،وجمع البيانات،والوسائل المستخدمة،كما قد يتفقان في الصعوبات التي تواجه الباحث.
ساسي سفيان
البريد الإلكتروني : [email protected]



#ساسي_سفيان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناهج البحث العلمي
- الدراسات العلمية الأكاديمية
- مفهوم العلم
- مفهوم البحث العلمي
- البحوث الأكاديمية تقليد رسمي
- خصائص الأسلوب العلمي
- قراءة في فعاليات المؤتمر الإقليمي
- تاريخ نشوء الحركات الشبابية و الطلابية
- المنهج النقدي في استخدام الأسلوب العلمي
- مقومات نهضة إنسانية
- وعي المرأة العربية المعاصرة
- :دراسات عربية في علم الاجتماع الأسري حول المرأة
- مساواة المرأة أم حريتها
- قوانين الأسرة العربية والضغوط الخارجية
- العمل و العمال في الفكر اليساري الثوري
- حقوق المرأة في ضل العلمانية
- قراءة لمؤتمر النساء العربيات في مراكش
- المعرفة
- تاريخ العلمـانية العالمي
- دراسات عربية في علم الاجتماع الأسري حول المرأة


المزيد.....




- التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف ...
- جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا ...
- قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل ...
- مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي ...
- مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار ...
- السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال ...
- واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي ...
- هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
- تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ساسي سفيان - البحث العلمي