|
المشكلة
عمر دخان
الحوار المتمدن-العدد: 3670 - 2012 / 3 / 17 - 20:46
المحور:
المجتمع المدني
مشكلة الكثير من المسلمين هي رفضهم الإعتراف بوجود أي مشكلة بهم، مفضلين لوم الغير و بطريقة غاية في السذاجة. الجميع في العالم المسلم يرفض الإعتراف بوجود التطرف في العالم الإسلامي، و جميعهم يصر على أن المتطرفين يشكلون أقلية و لا يمثلون جميع المسلمين. هم أيضا يؤكدون على أنه ليس من العدل إتهام جميع المسلمين بالتطرف بسبب "قلة" منهم، و لكنهم في نفس الوقت لا يرون حرجاً من وصم الحضارة الغربية بكل سيء، ناسين أنهم هم أنفسهم الذين يستخدمون التقنيات الغربية و الأدوية الغربية كل يوم. الجهل، و الذي ينتشر في كل مكان في المجتمعات المسلمة و حتى بين أولئك الذين يعتبرون أنفسهم "مثقفين"، هو السبب الرئيسي لطريقة التفكير الكارثية هذه، و التي يختار فيها المرء إلقاء اللوم على الآخرين بدل مواجهة المشكلة و محاولة إيجاد حل حقيقي لها. لهذا تمتليء المجتمعات المسلمة بنظريات المؤامرة و التي تجعل المسلمين يعتقدون أن العالم بأكمله ضدهم و يستهدفهم. ماهو هذا الشيء الذي نملكه – كعرب و مسلمين – و الذي يجعل كل أمة على وجه الكرة الأرضية تستهدفنا؟ هل لدينا أي إختراعات علمية سرية يريدون سرقتها منا؟ أم أن لعب دور الضحية دائما هو أمر أسهل و لا يتطلب أي مجهود منا و لذلك نلجأ إليه؟ في كل مرة أحاول الحديث مع المسلمين حول مشكلة التطرف في مجتمعاتنا، أجدهم يتحدثون لي عن التطرف في المجتمعات الغربية، و الذي شخصيا أعتقد أنه في كثير منه رد فعل على تطرف الإسلامويين في الغرب و طموحاتهم الإمبريالية لتحويل الدول الغربية إلى دول إسلاموية. التطرف بين المسلمين في الغرب بدأ أيضا يصبح مشكلة، خاصة و أن العديد من المسلمين في الغرب متعاطفون مع المتطرفين. المتطرفون يمكن أن يكونوا- على الرغم من أنني متأكد أنهم ليسوا – أقلية في المجتمعات الإسلامية سواء في العالم الإسلامي أو الغربي. لكن، سواء كانوا أو لم يكونوا أقلية، هم بالتأكيد أعلى صوتاً و أكثر نفوذاً و تأثيراً، و هذا ربما يعود إلى لعبهم على ورقة "نحن نمتلك الدين الإسلامي" و التي يمكن لها بسهولة التأثير على المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل و يقل فيها العلم و الإنفتاح الفكري. الفقاعة الوهمية التي يعيش فيها المسلمون اليوم، معتقدين أنهم الأفضل و الأحق بحكم العالم، تلك الفقاعة يجب فقعها لأنها تقف كحاجز بين المسلمين و بقية العالم، و لأنها تعزز شعورهم بالتفوق على الرغم من أنهم في آخر الترتيب البشري، هذا إن كنا لا نزال في الترتيب أساساً. أضعت الكثير من الوقت في مجادلة الكثير من "المثقفين الجهلة" و في كل مرة أصل إلى نفس الإستنتاج: هؤلاء الأشخاص تم برمجتهم على البقاء في ظلمات الجهل، حتى و إن تظاهروا بغير ذلك و مهما إمتلكوا من العلوم. هذه النتيجة يمكن رؤيتها أيضا في حقيقة أننا نملك العديد من "الأساتذة" الذي يدرسون تلك الأفكار المسمومة لتلاميذهم، و هم الذين – أي التلاميذ – ملئت رؤوسهم بنفس تلك الأفكار المسمومة منذ سنين طفولتهم الأولى. تلك الأفكار المسمومة تؤدي في الأخير إلى ظهور المزيد من الإرهابيين و المتعاطفين مع الإرهاب. معظم أولئك الأشخاص لم يغادروا حتى المدن التي يعيشون فيها، و حتى عندما جائهم العالم بأكمله على شكل الإنترنت، إختاروا أن لا يستخدموا تلك الوسيلة للتواصل مع الأمم الأخرى و تعلم المزيد عنها.لا، بل إختاروا إستخدام الإنترنت لنشر نفس الخرافات و الأفكار البدائية المبتذلة التي لم يتوقفوا عن تكريرها منذ طفولتهم، مواصلين التعبير عن رفضهم للحضارة الغربية – بإستخدام أدوات و أجهزة الحضارة الغربية – على الرغم من أنهم يعيشون في رفاهيتها و يداوون أنفسهم بأدويتها و يستخدمون كل ما قدمته لهم و هم الذين لم يقدموا شيئا في المقابل. إنه نفاق لم نعد نراه سوى في العالم العربي للأسف. أيها العرب و المسلمون، إنكم تخسرون كل شيء، و مع ذلك تعتقدون أنكم تربحون. تعيشون في الجهل، و مع ذلك تعتقدون أنكم متنورون. تحملون أكثر الأفكار تطرفاً، و مع ذلك تعتقدون أنك مسالمون. هذا الكلام يأتي من عربي عاش بينكم و ناقشكم كثيراً. أنتم لستم مسالمين و لا تقبلون الآخرين كما هم. أنتم لستم متفتحين فكرياً حول أي شيء. تعيشون حياة قاتمة اللون تريدون فرضها على الجميع، حياة فارغة زادها التطرف و الكراهية سوءاً. و الشيء الذي زاد الطين بلة هو إعتقادكم الجازم بأنكم تقومون بشيء إيجابي و تسيرون في المسار الصحيح و أن العالم يهتم بأفكاركم فعلا. العالم يهتم فقط بمن يخدم الإنسانية و يحاول تطوير نفسه و تطوير البشرية، و ليس أناساً و شعوباً لا تقوم بشيء سوى الكثير من الثرثرة و لا عمل على الإطلاق. الحقيقة المؤلمة التي ترفضون سماعها هي أن حياتكم بائسة كنتيجة للجهل الذي تقدسونه و تدافعون عنه بكل ما تملكون. تعيشون للأكل و الشرب، الزواج، بناء البيت ثم الموت. نكرة تلو النكرة. جميعكم تسيرون نحو الإنقراض واهمين أنكم "المختارون" في حين أنه لا وزن حقيقي أو إيجابي لكم في عالم اليوم. العالم يزيد إنفتاحا و تقارباً، تاركاً إياكم بتخلفكم و عاداتكم البالية و جهلكم المقدس. إستيقظوا و ألقوا نظرة على حياتكم البائسة، فلربما أعاد لكم ذلك بعض الروح البشرية التي تخليتم عنها. لا يمكن علاج المشكلة مالم تعترف بوجودها أولاً.
#عمر_دخان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التعليم في مقابل التلقين
-
من كثر كلامه
-
يساريون إسلامويون
-
المفسدون في الأرض
-
أتركوا العراق لأهله...يا عرب!
-
حرام عليكم حلال علينا!
-
المكتوب
-
الوهم العربي
-
الفرق بين الطفل الصيني و الطفل العربي
-
أولاد الذوات
-
حقوق المرأة بين الرجعية و الإنحلال
-
تحليل بسيط لمقارنة سطحيه
-
غباء مشفر
-
في ذكرى الثلاثاء الأسود
-
شعوب مُستَبِده
-
الشقاء المقدس
-
ليبيا الحره
-
وكالين رمضان
-
و تريدون دولة أخرى؟
-
أنا شرير إذا أنا موجود!
المزيد.....
-
رئيس بوليفيا يدعو لاعتراف الأمم المتحدة بالهجرة كحق أساسي من
...
-
فريق الخبراء المعني بليبيا التابع للأمم المتحدة: نفوذ غير مس
...
-
اعتقال اثنين من قادة المعارضة في جورجيا خلال مظاهرة مناهضة ل
...
-
اعتقال -خفاش- النظام السوري السابق.. متهم بارتكاب جرائم بشعة
...
-
حمدان: العدو الإسرائيلي يماطل في قضية الإغاثة والإيواء لسكان
...
-
مادورو: قضية احترام حقوق المهاجرين وكرامتهم ستكون أولوية الق
...
-
الجزائر: منع سفر تعسفي ضد المنتقدين وفق هيومن رايتس ووتش
-
بوليتيكو: واشنطن تنسحب من مجلس حقوق الإنسان وتوقف تمويل الأو
...
-
حماس: الوسطاء أبلغونا بخطوات ستلزم الاحتلال بما تم الاتفاق ع
...
-
الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: الوضع الإنساني في غزة رغم كارثي
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|