أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي بداي - حيرة العراقيين بين القمة والقمامة















المزيد.....


حيرة العراقيين بين القمة والقمامة


علي بداي

الحوار المتمدن-العدد: 3670 - 2012 / 3 / 17 - 02:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



حكامنا، لو عُرضَت مستوياتهم العلمية وكفائاتهم الشخصية على أي مكتب متخصص بالتنمية البشرية والتوظيف في أي بلد أوربي غربي، لما حصل معظمهم على وظيفة أعلى من مستوى الدراسة المتوسطة، ولربما كان العوق اللساني لمعظمهم وثقافته اللغوية الضحلة التي لاتتعدى الإلمام بالعربية بحدها الأدنى ، ونظرته المتخلفة للحياة التي ترى في العيش على إعانات البطالة مكسباً مقارنة بمشقة النهوض صباح كل يوم والتزاحم مع المواطنين الأصليين الذاهبين الى أعمالهم ..لربما كان ذلك سبباً في بقائه سنيناً عاطلاً . هم لايسمون إعانة البطالة إعانة بل راتباً يدفعه الكفار جزية للمؤمنين ..هذا هو حال العديد من الوزراء والبرلمانيين العراقيين الحاليين الذين كانوا عالة على المجتمعات الأوربية الى أن قدم بوش الإبن بعصاه السحرية فحول بياع الأغنام الى وزير زراعة، والمضمد الى وزير تخطيط، وشرطي المرور الى وزير مواصلات، ودلالات شارع مريدي الى نائبات برلمانيات مثلما حول صدام رعاة البقر الى وزراء دفاع وتصنيع عسكري فكسب معاركه التأريخية الواحدة تلو الأخرى..
وحكامنا ، ربما بسبب من ذلك، ليسوا كحكام الدنيا. هم لايلبسون مايلبس الناس ولايسكنون مثل مايسكن الناس ولا يسافرون كما يسافر الناس ،ولايفكرون بالطبع كما يفكر الناس. إذا ما قرر أحدهم أن يزور مسقط رأسه فستتجمد الحركة في نصف شوارع المدينة، وسيجر خلف سيارته المصفحة عشيرة من أفراد الحماية، والمخابرات، والإعلام، أما إذا قرر كبارهم أن يعقدوا قمة لينظروا بوجوه بعظهم ، ويلتقطون الصور التذكارية ويستنكرون، ويشجبون، ويتبادلون الغمز واللمز والتهديدات المبطنة بكشف المستور فسوف لن يحل الأمر بأقل من مئات الملايين من الدولارات للطعام، والحلويات، والخدمة ،والهدايا إضافة الى جيش الحمايات والمرافقين وتعطيل المطارات والأجواء وغلق الحدود والشوارع والمحال التجارية ورفع درجات الإنذار الى أقصاها ..
المشكلة الآن أن حكام العراق متحمسون لدخول التأريخ من باب القمم العربية، غير عابئين بالأشلاء المتطايرة يومياً بالمفخخات والعبوات اللاصقة وعمليات الإنتحاريين ، مؤكدين أن البلاد آمنة وسعيدة وأن العراق يروم العودة الى الحضن العربي مهددين بأن الحضن التركي(كما يقول بعظهم) أوالأيراني ( كما يقول البعض الآخر) قد يكون البديل إن لم تلب القمم العربية الدعوة، وهم رغم إفناءهم ميزانية هائلة من اجل إعداد الفنادق وتأمين مستلزمات الضيافة وتأكيداتهم أن كل شيئ جاهز لإستقبال القمم القادمة لكن مشكلة واحدة بقيت عالقة مازالت دون حل.... القمامة!
ففي العراق الذي ينتج يومياً ملايين براميل النفط الغالية ، تمتد أحياء من القمامة تحاصر مانسميه بالمدن ، هناك في تلك القرى المنتفخة التي نسميها جزافا مدناً ومحافظات، ترعى الحمير، وتتجول الكلاب والماشية التي تعودت أن تقتات على النفايات. وبين الكلاب السائبة، والحمير، والقوارض، والفئران، والقطط يعيش ويتكاثر ويعمل آلاف البشر من العراقيين ممن لم يجد مآوى له في بلاده الغنية سوى خرائب على ضفاف بحور القمامة ،وممن لم يجد عملاً له سوى البحث في أعماق القمامة عما يمكن أن يعيد له الحياة من مستهلكات . قبل عامين كانت الآمال حية ولم تمت بعد حين توهم الناس أن الأمن قد إستتب وأن شارع المطار الذي وعد أمين بغداد صابر العيساوي العراقيين أن يجعله "أجمل شارع في العالم " سيحجب عن عيون القمم العربية الضيفة، بأشجاره الوارفة الظلال وزهوره التركية البديعة رؤية بؤس عاصمة الرشيد وتلوثها البصري المخيف، لكن بريق هذا الشارع قد بهت بعد أن عصفت أخبار الفساد بهيبته قبل أن تكتحل عيون العراقيين برؤيته.
أما الآن فقد تبدلت الأمور .. نائب رئيس الجمهورية الهارب والمطعون بوطنيته يهدد .. القاعدة تهدد.. حارث الضاري يناشد القمم أن لاتذهب وإلا.. و أخبار سرية قد وصلت جهاز المخابرات تفيد أن الإرهابيين وأعداء العملية السياسية يعدون لمفاجأة من نوع خاص جداً.
في العراق الآن .. كل شئ قابل للبيع أو للتسويق كإشاعة ويبدو أن ماتسرب قبل أيام واحد من هذين الإحتمالين ..تقول الإشاعة أن إجتماعاً سرياً قد عقد لمناقشة تسريبات تفيد بعمل " إرهابي" من نوع خاص يستهدف القمة ، وهنا تفتقت عبقرية أحد المحللين الواقعيين ليقول:
"سيدي، الإرهابيون لايستطيعون عمل أي فعل عسكري لكني سمعت أنهم يحشدون لإطلاق سكان أحياء القمامة في شوارع بغداد، هم دفعوا لسكان هذه الأحياء لكي يتسللوا من كل صوب ، هؤلاء سيزحفون علينا بأسمالهم هم وحميرهم وقططهم وكلابهم وفئرانهم مثلما زحف المتظاهرون في شباط من العام الماضي وساعتها ستفلت الأمور فمن يضمن أن لاتداهم قافلة كلاب سائبة سيارة " بن حلّي"؟ أو أن تتسلل فرقة فئران محتجة لمخدع أمير قطر أو تتنزه ثلة قطط جرباء في فناء دار السلطان قابوس؟
وهنا كبرت المشكلة لتكتسب صيغة أمر إداري وعسكري: يجب أن لاترى القمة القمامة ..ولا أن تصل القمامة القمة بأي ثمن، وبأي إجراء، ومهما كانت الظروف يجب أن لاتعرف القمم بوجود تلال القمامة ولا بساكنيها. هكذا تقول التقارير السرية التي تسربت عبر الإعلام.
"نعم سيدي ولكن كيف ؟" "تقول كيف ؟ حملات تطوعية : أخي المواطن النظافة من الإيمان ، تنظفوا فإن الإسلام نظيف ، النظافة حب وطاعة وإيمان ، زج الفنانين والوجوه الإجتماعية والتلفزيون في عمل إعلامي يحث على إثارة اليقضة بحيث يكون منظر أية قطة في شارع مثيراً للإنتباه..
"سيدي أنا لدي حل آخر: نحن لانستطيع تأمين حياة الرؤ ساء والملوك، قبل شهرين هاجمونا في البرلمان والبارحة داهموا سوقاً وقتلوا من صادفهم ، أقترح أن يعتذر العراق ويحول ملايين القمة الى ملايين لإزالة القمامة وإذا لم توافقوا هذه إستقالتي لانني صاحب أطفال وحين سيتعرض واحد من خدم ضيوفكم هؤلاء لخطر ستتركون كل شئ وتركضون بإتجاهي وتتهمونني بتدبير مؤامرة "
وتقول التقارير السرية ..أن هذا المسؤول المتوسط الحجم الذي كان في ما مضى من زمان لاجئاً في بلاد الغرب قد عاد الى موقعه القديم ..يستلم إعانات البطالة راضياً قنوعاً بما قدر الله. إنتهت الإشاعة.
اللهم ربي أسألك أن لاتصح هذه الإشاعات ولا التقارير السرية وأن تحيط حكام العراق وضيوف العراق من الملوك والرؤساء بعنايتك ، ليس حبا بهم بل لأننا لانريد دماً أكثر ، من أي أحد ،مللنا الدم والله ولكني أغتنم هذه المناسبة لأسالك يا إلهي أن تلتفت قليلا لهؤلاء الغائصين في بحور القمامة .. هؤلاء آملوا بعد أن لطموا وشقوا الجيوب وفلقوا الرؤوس وبحت أصواتهم بأن تعيد لهم أحزاب الإسلام شيئاً من إنسانيتهم الهاربة..ولما يأسوا لم يتبق لهم غيرك كما يرددون وماأظن صبرهم سيطول ،حينها سيزحفون هم وأسمالهم وقططهم وفئرانهم.. الى آخر القصة...



#علي_بداي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 69 عام ..عمر الدكتاتور القاتل
- يالها من مزعطة!
- ياصاحب أشرف العمائم
- حوار حول الاقليات
- صديقتنا أمريكا
- سياسة اللجوء الأوربية.. أسئلة حائرة
- أخلاق اليساريين - بمناسبة محاولات بعث الروح في الصدام اليسا ...
- مأزق الديموقراطية العراقية و الثورات العربية
- هل جن دولته؟
- وا طنطلاه
- أصدقائي التوانسة ..إحذروا من أسوا العابدين بن....
- ثلاثة أوهام لتبرير إستعباد الناس بإسم الدين
- 2011 عام العالم العراقي -عبد الجبار عبد الله- بمناسبة ذكراه ...
- البحث عن أخبث رجل في العالم
- رد السيد علي الدباغ على مقالة علي بداي
- حقيقة تزوير المالكي لشهادة وزير التربية
- لو اسس عراقيو الخارج حزبهم الخاص
- الانتخابات عيد العراقيين الوحيد
- هل تسعى جهة ما لتدمير العراق سرا بالسلاح الايكولوجي؟
- الجعفري يبدا حملته الاتخابية بمعلقة عنصرية


المزيد.....




- أول تعليق من نتنياهو على الغارات ضد الحوثيين
- الإشعاعات النووية تلوث مساحة كبيرة.. موقع إخباري يؤكد حدوث ه ...
- 53 قتيلا ومفقودا في قصف إسرائيلي على منزل يؤوي نازحين في غزة ...
- مسؤول روسي: موسكو لا ترى ضرورة لزيارة جديدة لغروسي لمحطة كور ...
- -نيويورك تايمز-: شركاء واشنطن يوسعون التجارة مع روسيا ولا يس ...
- بينها -مقبرة الميركافا-.. الجيش اللبناني يعلن انسحاب إسرائيل ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وإصابة اثنين آخرين في معارك ...
- الكويت.. خادمة فلبينية تقتل طفلا بطريقة وحشية تقشعر لها الأب ...
- 76 عامًا ولا يزال النص العظيم ملهمًا
- جلس على كرسي الرئيس.. تيكتوكر سوري يثير الجدل بصورة له في ال ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي بداي - حيرة العراقيين بين القمة والقمامة