سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 15:25
المحور:
سيرة ذاتية
الكتاب الخامس
دراسات في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي
تأليف,زكي خيري وسعاد خيري
كانت لابي يحيى وانا ارؤنا الخاصة في جميع مجالات سياسة الحزب الشيوعي العراقي في فترة التحالف مع البعث. وناضلنا بكل طاقاتنا وفقا لقواعد الحزب الشيوعي التنظيمية , ضد المفاهيم الخاطئة والممارسات التي مكنت حزب البعث من الاسئثار بالحكم وتبعيث السلطة والمجتمع. وحذرنا من العواقب الوخيمة لذلك ,على شعبنا وحزبنا. وسبق ان كتب زكي خيري تقييما مفصلا لتلك الفترة وقدمه للحزب في مطلع الثمانينات. وعملنا سوية على كتابة ,دراسات في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي, وعلى اصداره على شرف الذكرى الخمسين لتاسيس الحزب الشيوعي العراقي في عام 1984.
يضم الكتاب 560 صفحة وثماني ابواب واثنان وعشرون فصلا . بدءا من الظروف الذاتية والموضوعية لنشوء الحزب الشيوعي العراقي وانتهاء بالمؤتمر الوطني الثاني للحزب عام 1970. وتشكل مقدمته التي كتبها زكي خيري , خير تعريف بالكتاب جاء فيها.
,يتناول الجزء الاول من , دراسات في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي, المدة منذ نشوئه ونضاله الثوري عبر مراحل الثورة الوطنية الديموقراطية من منطلق ماركسي لينيني, اخذا بنظر الاعتبار قوانين التطور الاجتماعي ومراحله, ومسيرته الفعلية في المجتمع العراقي, بارتباطاته العربية والعالمية. مركزا على القاعدة الاقتصادية للتطور العام وعلى الصراع الطبقي وتطوره في مختلف مراحل الثورة وتأثيراته السياسية , وبالتالي على النضال السياسي بكل جوانبه.
وقد اعتمد الكاتبان في تحليلاتهما على العام للتعمق في دراسة الخاص ومن ثم ليصلا من خلال الخاص الى العام. وتوخيا في البحث متابعة الخطوط العامة الرئيسية للتجربة دون التوغل في الجزئيات على اهميتها في كتابة التاريخ. ليتمكنا من بلورة التجربة الحية والغنية التي يجسدها هذا التاريخ. ويضعاها امام الثوريين في البلدان المتحررة وامام الحركة الشيوعية العالمية واضحة قدر الامكان. وانهما يجدان في نجاحهما بهذه المهمة المغزى الاساسي في حياتهما.
وجاء تبويب الكتاب, فيما عدى الباب الاول المخصص لتكوين الحزب, وفقا لدور الحزب وسياسته في المراحل المتعاقبة من الثورة الوطنية الديموقراطية . وجاءت فصوله تركيزا على مهمات الحزب الاساسية في كل مرحلة. وعلى الرغم من احتفاظ معظم المهمات الاساسية بمواقعها في مختلف مراحل الثورة الا ان معالجتها جاءت مختلفة ومتطورة بخط تصاعدي ينسجم مع الطابع الديناميكي التصاعدي لتطور الثورة , على الرغم من كل التراجعات والانتكاسات.
لقد اعتمد الكتاب فضلا عن المصادر النظرية والسياسية والاقتصادية بالدرجة الاساسية على وثائق الحزب وادبياته . ولم يحتوي الكتاب اي حكم على سياسة الحزب الشيوعي العراقي ومواقفه غير مدعم بالوثائق الصادرة عن مؤتمراته وكونفرنساته واجتماعات لجنته المركزية ومكتبها السياسي.
وركز الكتاب على التجربة التاريخية للحزب الشيوعي التي على الرغم من خصوصيتها تعكس الخطوط العامة لتطور الثورة الوطنية الديموقراطية وتعاقب مراحلها في البلدان المتحررة بشكل واضح وجلي وما يرافقها من صراع طبقي بشكل مكشوف وحاد. لعبت في بلورته الى جانب الظروف الموضوعية وفي مقدمتها محتوى العصر, عصر الانتقال من الراسمالية الى الاشتركية , الذي لا تدرك كنهه القوى الثورية المعاصرة الثلاث فقط وانما القوى المناهضة لهذا المحتوى والمعرقلة لمسيرة التاريخ ايضا. ويتطلب هذا تلاحم القوى الثورية المعاصرة لمواجهة التلاحم المضاد للقوى المعاكسة التي اخذت تضم الى جانب القوى الرجعية التقليدية فئات من البرجوازية الوطنية ولاسيما البيروقراطية والطفيلية فضلا عن فئات من البرجوازية الصغيرة الرجعية المعادية للشيوعية, بقيادة القطب الاكبر للامبريالية العالمية.
ان رعب الرجعيات المحلية بكل فصائلها من محتوى العصر والتطورات الحتمية والسريعة التي تشهدها روافد الثورة العالمية وانتصاراتها على الصعيد العالمي وتلاحم القوى الوطنية التي يهمها انجاز الثورة الوطنية الديموقراطية على الصعيد الداخلي افرزت حقائق جديدة تستدعي الدراسة واستخلاص النتائج النظرية والعملية. ومن هذه الحقائق فتح الطبقات الرجعية الحاكمة بلدانها امام اساطيل الامبريالية وليس فقط امام رؤس اموالها ووسائل اعلامها وتبني اسلحتها الايديولوجية. وبعد ان كانت الامبريالية تجهد من اجل الحصول على القواعد العسكرية وتبذل الكثير من اجل تنصيب حكومات تقبل بعقد معاهدات او الانضمام الى احلاف عسكرية اصبحت الانظمة الرجعية تتوسل بالدول الامبريالية لاقامة قواعد عسكرية في بلدانها ولتولي مهمة الدفاع عن سلطتها بعد ان ثبت عجزها عن تحقيق ذلك بسبب وقوفها ضد طموحات شعوبها نحو التحرر والسلم والاشتراكية , مطوحة بالاستقلال الوطني الذي ناضلت شعوبها سنوات طويلة وحققته عبر نضالات دامية وتضحيات جسام. ان البرجوازية البيروقراطية في الدول المصدرة للنفط ولاسيما قطر والسعودية تضحي بالكثير من ارباحها لحماية النظام الراسمالي العالمي ليس فقط من خلال اشغال الشعوب بالصراعات الطائفية وترويعها بالاعمال الارهابية وصولا الى الحروب الاهلية , بل وبالدعم المالي لانقاذها من الهزات الاقتصادية المتفاقمة .فلم يعد النظام الراسمالي العالمي بكل اقطابه قادرا على مواجهة متطلبات العصر لاسيما وقد خلق عصرنا ويخلق كل الامكانيات لتحرير البشرية ورفاهها.
لم يأت الكتاب باستنتاجات نظرية جديدة في هذا المجال وانما اكد على القوانين العامة للثورة الوطنية الديموقراطية التي صاغها لينين ولا تزال تحتفظ بحيويتها وتتلاءم مع الظروف الملموسة للدول المتحررة مهما كانت درجة تخلفها .
وجاء في المقدمة , ان التناول الماركسي لتاريخ الحزب الشيوعي العراقي هذا يسلح الحزب واجياله المقبلة بما يحميهم من تكرار الاخطاء ويفتح الطريق امامهم لاستشراف المستقبل والتهيؤ له ويسد الطريق امام محاولات اعداء شعبنا طمس تجاربه او تشويهها او على الاقل اسدال ستار النسيان عليها .
ان تاريخ الحزب الشيوعي العراقي سفر رائع مليء بالبطولات والتجارب الغنية الناجحة منها والفاشلة ,لا يمكن ان يغطيها مثل هذا المجلد ولابد لتغطيتها من عشرات الكتب التي تتناول كل مرحلة من مراحل تاريخه او كل ناحية من نواحي نضاله المتعددة بالاضافة الى انه مجال خصب للابداع الفني بكل جوانبه ولاسيما القصصية والسينمائية. ولذلك يتوجه الكاتبان الى جميع من تعز عليهم الشيوعية والحزب الشيوعي العراقي المجسد الحي لها في العراق من العلماء والكتاب والفنانين ان يساهموا في تجسيد وتخليد هذا التاريخ وتحويله الى دروس ثورية.
لقد انغمر الكاتبان طيلة حياتهما في مسيرة الحزب التاريخية , وبروح الحرص المبدأي والحب العميق الذي تنبض به كل خلية من كيانهما لحزبهما العظيم كشفا عن مأثره العظيمة وعن الثغرات التي رافقت مسيرته وسر صموده وافاقه باعتباره فصيل طليعي من فصائل حركة التحرر الوطني العراقية وسلاحها لتحقيق اهدافها القريبة والبعيدة ولذلك فهو يجسد مستقبل الشعب العراقي واماله في الخلاص من جميع اشكال الاستغلال والاضطهاد والحروب وامانيه في بناء الاشتراكية والشيوعية.
اخذ زكي خيري نسخة من الكتاب قبل طبعه الى كردستان عندما دعته اللجنة المركزية لاعداد وثائق المؤتمر الوطني الرابع عام 1984 لاطلاع قيادة الحزب عليه قبل اصداره . وكالعادة انشغل في اعداد وثائق المؤتمر بما فيها وثيقة التقييم, في ظروف غير صحية وعاد وقد انحنى ظهره من الارهاق, ولكنه كان سعيدا بما انجزه واقرار اللجنة المركوية للوثائق بعد تعديلات بسيطة, اولا ولاعادة انتخابه بالاجماع الى المكتب السياسي , دون ان يتابع قضية اصدار الكتاب.
وجاءتنا بعض الانتقادات ومنها كيف يمكن لكاتبين فقط انجاز مثل هذا العمل الذي يجب ان تنهض به لجنة تشكلها اللجنة المركزية !! وكان جوابنا , اليس هذا افضل من الانتظار حتى تشكيل هذه اللجنة الذي لم يتم منذ المؤتمر الوطني الثاني حتى الان.في حين اوكلت اللجنة المركزية في عام 2001 الى شخص واحد لكتابة تاريخ الحزب !! وحسنا فعلت ففي كل مرة يعاد كتابة تاريخ الحزب يغتني بالوثائق والتحليلات وتلخيص التجارب من وجهات نظر متعددة.
ولضيق الوقت وقرب الذكرى الخمسين لتاسيس الحزب الشيوعي العراقي , ارسلنا نسخة منه الى اختي كلير في لندن لتتولى طبعه لاسيما وهي تنهض بطباعة ادبيات الحزب الشيوعي العراقي . واستطاعت اصداره قبل نهاية عام 1984, العام الخمسيني لميلاد الحزب !! وبناء على قرار من الحزب توقفت عن الطبع بعد اصدار 500 نسخة منه وتوزيعها. فقد ارسلت لنا الى دمشق 150 نسخة والى قيادة تنظيم الخارج في براغ 150 نسخة , رفض مسؤلها توزيعها بحجة عدم موافقة اللجنة المركزية على اصدار الكتاب. وبقيت تلك النسخ تتسرب لحاجة قواعد الحزب وكوادره الى مثل هذه الدراسة , حتى صفيت اخر وجبة منها عام 2000 على يد من استلمها بوعد تسليمها لي . ولكنه تصرف بها حتى بدون اعلامي.
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟