|
الشارع الأيزيدي في ظل عاصفة الاصلاح والتجديد -
سندس سالم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 01:17
المحور:
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
من البديهي ، كلنا قرا وتابع وتمحّص بما كُتب مؤخرا ونُشر من لدن دعاة الاصلاح والتجديد في الديانة الأيزيدية .. ومن المعلوم ، ان ذلك الطرح الكاسح على شكل عاصفة موسمية تسعى لتغيير جوهري واساسي في الديانة الايزيدية ونمط المجتمع الراهن ، ليس بالامر الجديد او الطارئ علينا .. وان كانت قد طفت على السطح حتى اضحت اكثر تداولا وجدلا قيد النقاش في الشارع الايزيدي وساحات الاعلام ، حتى بدأت باثارة كثير من السجالات والجدل في اوساط كل من ( المثقفين الاحرار والمثقفين بالظاهر والمتدينين ورجال الدين والبسطاء على حد سواء ) .. ومن هذا المنطلق ـ رايت ، انّ الأوان قد آن ،َ لطرح ما خَلقَتْ لدي تلك الموجة من رؤى ً وملاحظات وتحليلات ونقد بناء وموضوعي لكل ما اراه مستحقا ، وبالصراحة الممكنة راجية ان تكون طروحاتي بعيدة كل البعد عن الشخصنة والنقد الانفرادي ، سلبا كان ام ايجابا من وجهة نظري كأحدى داعيات الاصلاح والتجديد والمناصِرات الرائدات لاعادة تشكيل البيت الايزيدي بما هو منطقي وجوهري ونفعي حقيقي ، آملة ان تكون مساهمتي فعلٌ فاعل لأثراء الحوار بما هو مجدٍ وفيه منفعة تذكرْ .. . وبين ثنايا تلك الانطلاقة ، انقسم الشارع الايزيدي الى اربع معسكرات وهي على التوالي : اولا : المعسكر المعارض : وهو الذي استقبل الطرح الذي جاء ضمن خطاب الزميل والكاتب ( بدل فقير حجي ) بطريقة متشنجة ، متعصبة متصلبة ، غير حضارية اذا صح القول ، مما حمل البعض على نعته بالانحراف عن الجادة لتجاوزه الجرئ والواضح وللمرة الثانية على اولئك الذين لا زالوا يعيشون نشوة الدين والتعبد الغير مبني على اسس دستورية ولا قواعد او ارضية او كتاب جاء به من العلى كباقي الاديان ، وكثير منهم بطبيعة الحال ، لا يدرك اساسا من امور وقواعد الدين الا افقرها واعتقها ، مع جل احترامي للجميع . وهم الذين يحملون على عاتقهم قضية المجتمع واشكالياته معلنين ومعبرين برفضهم وممانعتهم واحتجاجهم دون الوقوف امام الافات التي تحفر بالجسد الايزيدي وتأكله رويدا رويدا ودون الوقوف والتفكير باستراتيجية للمعالجة والحلول ولا حتى التصليح ، فهم متحفظين ومكتفين بمحاولات الترقيع للممزق المخفي والمستور و يحللونه كما يشاءون ويكون حراما حيث و حين يشاءون ، بل ومفتخرين بماضويتهم ورفضهم لكل ادوات الطلب الهادفة الى اصلاح الحاضر بالحاضر و ساعين دوما الى اصلاح الحاضر بالماضي ومهما كان الثمن ..
ثانيا : المعسكر المناصر الصامت : وهم اولئك الذين استقبلوا ذلك الطرح الجرئ ، بالترحاب والانشراح صمتا ً ( صمتا ً) ، واشتمل على المثقفين وغير المثقفين ، محاولين تعضيد صاحب الخطاب من خلال مد جسور وفتح قنوات جادة للتحاور معه ، ولكن بالخفاء والخوف والتستر والتحاور بسرية تامة ! وكل منهم ينتظر غيره ليكون في فوهة المدفع وهو المتفرج والمتمني والمنتظِر قد يتحقق من مساعي غيره الفرج الازلي المُنتَظَر ْ.. ثالثا : معسكر المثقف ( الظاهر) : رغم نعتهم بحملة الاقلام وتظاهرهم بالسعي والكفاح بهدف التغيير والاصلاح ، لكنهم ما زالوا يعيشون رواسب الماضي ويتوجسون الريبة والاقتراب من وهج الحقيقة التي تسيطر عليها افرازات تاريخية محمومة وموبوءة ، وسط اجواء ملبدة بركام الثقافة الموروثة وافاتها وفيروساتها الخطرة . هؤلاء استخدموا اسلوب النقد متناسين بل و جاهلين بان النقد له شروط وقواعد اساسية ثابتة ، الا وهي ، استيعاب وتفهم الاخر لقواعد النقد لموضوعة في غاية العمق والاهمية لراهننا الايزيدي الرازح تحت نير القهر والاحباط والشعور الابدي بالدونية والتي تسيطر على ذلك الواقع ،وذهنية الجمود القابعة في كثير من العقول الخاوية من ادنى مستلزمات التفاهم والتفاعل مع الحقيقة الغائبة والمعلقة قيد ها .. رابعا : معسكر المثقف الحرْ اي ( المثقف الواعي ) : تكون نظرته اصلاحية بحتة واجنداته استراتيجية مجردة عن كل ماهو نفعي ، يتمثل منهاجه بالنزعة الواقعية ، اي انها تهدف الى ازالة الماضي واحتضان الحاضر كمنهج استراتيجي لبناء التقدم واعادة البناء ونبذ التزمت والتعصب الذَين هما من صفات التخلف والرضى والاكتفاء بالموجود.، والاعداد لادراكه وبرمجته وهضمه وتتويجه هدفا دينيا وانسانيا .. ان الديانة الايزيدية تتميز بمحافظتها الشديدة في عاداتها وتقاليدها بدرجة وتحفظٍ قلّما تتمكن الادوات الحضارية الوافدة من تغريبه او تجديده عن ذلك النمط . لذلك يعيش الايزيديون اليوم مخاضا يتأرجح يمينا وشمالا .. و رغم ان المجتمع الايزيدي ، يعيش مرحلة شبه زاهرة من الانفتاح ، والتكيف ، ولكن رواسب وتراكمات الماضي لا زالت تتجلى في ثقافته ، والتي يمكن للعيان رؤيتها بشكل جليّ في كثير من المفاهيم الدينية الغير مبنية على اسس ونصوص دينية تنتمي الى دليل سماوي ، والتي تسيطر عليها مفاهيم اسطورية موروثة عن الاباء والاجداد لا غير ..
لا شك ان هناك حاجة ملحة للغاية ومبررة للترتيب والتجديد الثقافي والديني ، ونحن نعي بان ذلك يكون بشكل يستجيب للحاجيات الراهنة والاجتماعية الطارئة في الساحة الايزيدية . .. لذا علينا ان نميز بين محاولات الاصلاح وبين محاولات النقض . ولعل اصعب ما في هذه الخطوة هو خوض السجالات مع اولئك الذين يتشبثون بالاصول والجمود والكارهين لكل شئ اسمه ( تجديد وحداثوي ) ... فعلا انها آفة مهلِكة وخطيرة ( آفة الموروث الديني الراكد ) ومن يتحصن ويجعل من شخصه البادئ بتلك المحاولات الاصلاحية والتنويرية ، لا بد ، ان يكون مهيئا ومستعدا لتضحيات جسام ... وحقيقة ً هنالك قاعدة واضحة وليست خفية ، وهي ان التجديد في الديانة الايزيدية على وجه الخصوص ( عنوان ضخم ومرعب ) ، حيث ان غالبية محاولات الاصلاح والتغيير التي يطلقها البعض بين الآونة والاخرى نلتمس بداخلها سعي معلن بعد ان كان خفيا على الدين وانصاره من متدينين ومثقفين وهو سير ضد التيار ، ومثل هذا الاتجاه لابد ان يكون ثورة جادة و واعية من لدن فاعليها ومناصريها ومناديها ... حينها سينصّب فاعلوها اقطاب رمزية لحركة الاصلاح والتجديد في اعتى ديانة عرفناها حتى اليوم على مستوى الجمود والركود ، والتشبث بالموروث الماضوي والعتيق والخرافة .. وفي مواجهة تلك الموجة العاتية للتراث الطويل الاستبدادي الى الحداثة الديمقراطية بهدف اقامة مجتمع مدني ديمقراطي ، حر وسعيد . علينا ههنا ، ان نكون واضحين في حضرة المنطق ، فالمنطق واجبه كشف الاقنعة وتعرية المستور والمخفي والمدفون والمسكوت والمعفي عنه وقصدي واضح وجلي !!!، ومشكلة الديانات المحصنة بالتعصب والركود انها عكس السياسة لا تقبل نقدها ، فالمحضور يبقى محضورا ، ولا جدل فيه . والماضي يبقى ماضيا وسلطانا على الحاضر والمستقبل بغض الطرف عن كل ما يحدث ويجري للقوم من كوارث وانعكاسات سلبية على مجمل الاصعدة الاجتماعية منها خاصة . فالكل مكتفي بالنظرة التقليدية للامور رغم الادعاء والتظاهر بالسعي للتغيير الجوهري للواقع ، والكل اكتفى بمسايرة الواقع الموجود ، لان المخاطرة في السير عكسه تحتاج الكثير الكثير ، بل و تقود الى الهلاك ....
#سندس_سالم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الموت في رحاب الحب -
-
- ايها الآباء ، ايهما يقودكم الى الفضيلة ، موت بناتكم قتلا ً
...
-
-شئ من الرؤى المتواضعة لحروف شاعر-
-
- ليلة العيد كعينيك -
-
- الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها ! ( من يحب ارضه لا يسعى ال
...
-
- البيت الايزيدي الكردستاني في النمسا يدين بشدة العمليات الغ
...
-
- مزاد وطن -
-
-ويكبر السؤال
-
الى الفارس العنيد ( البيشمركة الراحل عادل اليزيدي )
-
- خلود ومخالب الذكرى -
-
- الصراخ الأبكم -
-
- منْ الفرع ومنْ الأصل ، الحب ام الجنس ، وفقا لنظرية علم الن
...
-
- الحضن المقدس -
-
- رحلة مجهولة -
-
-حبيبتي .. انه تاريخي ! -
-
- أناديك سرا ً -
-
- رسالة من اميرة الصخور-
-
- منذ عرفتك -
-
- وأنبلج الفجرُيا مِصرُ -
-
- الحاكم العربي وسموم البارانويا -
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي
...
/ أحمد سليمان
-
ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة
...
/ أحمد سليمان
المزيد.....
|