أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جابر احمد - الفيدرالية وعناد العنصريين في ايران















المزيد.....



الفيدرالية وعناد العنصريين في ايران


جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 1080 - 2005 / 1 / 16 - 09:38
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


تبدل البحث في السنوات والأشهر الأخيرة حول إقامة نظام فيدرالي في إيران، إلى أهم البحوث في المحافل السياسية والثقافية في إيران، حتى إن الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني الذي يعد من اعرق الأحزاب السياسية في منطقة كردستان، قد تخلى عن شعاره القديم الرامي إلى إقامة الديمقراطية في إيران والحكم الذاتي لكردستان وتبنى فكرة الفيدرالية رابطا نضاله بنضال القوميات الإيرانية من جهة وبالتطورات الإقليمية والدولية التي شهدها العالم خلال السنوات الماضية من جهة أخرى، وباعتبار إن الحل الفيدرالي يمكن إن يحقق المزيد من المكاسب للشعب الكردي الإيراني
المؤيدون للفيدرالية:
الغالبية العظمى من الذين يحثوا في هذا المجال، قد تبنوا إقامة ألنظام الفيدرالي إلا لكل من هؤلاء أسبابه
الخاصة به في قبولها، كما إن مواقفهم من إقامة الفيدرالية ليست موحدة ويمكن تقسيمهم إلى عدة مجموعات.
مجموعة تبنت خيار النظام الفيدرالي اعتقادا منها إن هذا النظام قادر على حل المعضلة القومية، كما وانه يستجيب لمطالب الشعوب الإيرانية بنيل حقوقها القومية.
مجموعة ثانية طرحته بسبب ديمقراطيته إزاء النظام المركزي.
المجموعة الثالثة التي أيدت الفيدرالية، تتشكل من جماعات يعتقدون إن الفيدرالية تتمتع بالكثير من المزايا لإدارة المجتمع ونظامه السياسي والتنفيذي.
وأخيرا مجموعة تعتقد، أن النمو السكاني المتزايد في إيران يتطلب إقامة نظام فيدرالي في إيران.ا
وفي الحقيقة إن كل واحدة من هذه الاعتقادات و ما تحتويه من براهين تستطيع بمفردها إن تكون سببا لإقامة النظام الفيدرالي في إيران، لأنها جميعها من حسن الحظ موجودة في إيران.
إما معارضي إقامة النظام الفيدرالي في إيران، فإنهم في واقع الحال أقلية في حالة دفاع وتراجع، لأن جميع أدلتهم في رفض الفيدرالية هي أدلة غير منطقية وغير عقلانية أبدا.
المعارضون للفيدرالية:
أن اكبر فريق يعارض اليوم الفيدرالية في إيران، يتشكل من أفراد وجماعات يعتقدون إن إيران شعب واحد ( ملت إيران ) إما الشعوب الإيرانية فهي ( أقوام ) أي مجاميع، من هنا فلا مجال للحديث عن أقامة أي نظام فيدرالي في إيران والبعض يغالي في هذا النهج إلى درجة العنصرية حتى أنهم ينظرون إلى اللغة الكردية على أنها أحدى لهجات اللغة الفارسية، إما الشعب العربي في الأهواز أو عربستان، فهو شعب ”مهاجر"، وإما اللغة التركية الآذرية فأنها لغة ” الأجانب " تعلمها أتراك إيران بمرور الأيام، حيث حلت محل اللغة الفارسية، وبعض من هؤلاء السادة العنصريين يخفون أنفسهم وراء علم ”الديمقراطية ” حيث يطرحونها كبديل للفيدرالية.
إما المجموعة الثانية التي تعارض الفيدرالية، فهي جماعات أدعياء اليسار حيث أنهم ينظرون الى الفيدرالية وحسب زعمهم من زاوية " الحفاظ على مصالح الطبقة العاملة ” على أنها طرح ”رجعي " و بذلك تتطابق مواقفهم مع العنصريين في هذا المجال تطابقا تاما.
إما الفريق الثالث الذي يعارض إقامة نظام فيدرالي في إيران، فهم مجموعة من كتاب ومثقفو الداخل(وعاظ السلاطين ) الذين يشكلون جزءا مهما من جسم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث يطرحون التعددية السياسية، إزاء الفيدرالية و يعتقدون أنها الحل المناسب للمشكلة القومية وغيرها من المشاكل التي تعاني منها إيران.
وأخيرا يعتبر الملكيين و القوميين الفرس و نظام الجمهورية الإسلامية من اكبر أعداء إقامة النظام الفيدرالي في إيران، وذلك بدواعي ” الحفاظ على وحدة الأراضي الإيرانية وسلامتها ” ومن اجل "مواجهة النزعات الانفصالية".
وإذا أخذنا بعين الاعتبار النهج السياسي لهذه الجماعات التي تعارض النظام الفيدرالي في إيران فأننا نراها أنها لا تعتقد لا بالفيدرالية ولا بالديمقراطية ولا بالتعددية السياسية و لا حتى أجراء أي تعديل مهما كان نوعه على البناء السياسي والجغرافي للبلاد.

من يخشى الفيدرالية:
وباختصار يمكن القول اليمين غلاة اليسار الإيراني اصطفوا إلى جانب بعضهم البعض ووحدوا مواقفهم السياسية تجاه هذه المقولة، في حين إن الغالبية العظمى من قوى اليسار الإيراني، تدافع عن الفيدرالية، حقوق القوميات، الديمقراطية و التعددية السياسية وما شابهها من المقولات، في حين اليمن الإيراني بدءا من الجمهورية الإسلامية بكل أطيافها السياسية وحتى الملكيين و"القوميين " الفرس بكل اتجاهاتهم وأدعياء اليسار يعاندون الفيدرالية وكل ما يشم منه رائحة الديمقراطية.
وفي الحقيقة أن اشد الأجنحة اليمينية المتطرفة فكريا وسياسيا وكذلك اشد الأجنحة المتطرفة يساريا أو ما يسمون اصطلاحا بالإصلاحيين" الراديكاليين " أو"القوميين " كلهم يخشون الفيدرالية والتعددية السياسية والتنوع القومي في إيران.

مقولة الشعب والشعوب:
وفي ردي على أولئك الذين يتحدثون عن هل إن إيران ” شعب " أو مجموعة من " الشعوب " أود الإشارة إلى مسألة على غاية من الأهمية، وهي من وجهة نظري إن أي شعب يمتلك إرادة سياسية ويريد تقرير مصيره بنفسه، أو بعبارة أخرى يتمتع ” بالشعور القومي" ممكن إن نطلق عليه تسمية الشعب وهذا ما ينطبق على الشعوب في إيران حيث تصدق مقولة شعب على كل من الأكراد، الأذريين والعرب والتركمان والبلوش.
إن بعضا من الشعوب الإيرانية قريبين أكثر لبعضهم البعض من الناحية الثقافية وخاصة الناحية اللغوية و هذا ما يبشر بالخير، لان النظام الفيدرالي في الوقت الذي يتمتع فيه في على اقل قدر من التجانس، يتمتع على إلزامية هذا القدر من التنوع أيضا، ولا يرتبط هل الشعوب الإيرانية شعوبا أم لا ولا يغير في الواقع، لان اكبر شرط لوجود كل شعب هو ليس بعده أو قربه من هذا العرق أو ذاك، وهذا الشعب وتلك القومية المجاورة وإنما مدى تمتعه بالشعور القومي وفهمه المشترك للتضامن القومي بين مجموعة من البشر ينتمون إلى قومية واحدة ولغة وثقافة مشتركة، وهذا ما ينطبق على الشعوب الإيرانية، التي تتفاعل مع شعوبها خارج حدود إيران، حيث شاهدنا تفاعل هذه الشعوب مع قضايا إخوانها من الشعوب المجاورة ( تفاعل الشعب الكردي الإيراني مع إخوانهم الأكراد في أكثر من بلد، وهكذا العرب والأذريين والبلوش والتركمان ).
إن هذه المشاعر تعبر عن وجود وعي وتضامن بين هذه الشعوب مما يمهد الأرضية للارتقاء بوعيها وتحقيق وحدتها.
تعالوا معي لحظة واحدة ننسى البحث في هذه المواضيع لنفترض إن إيران مجموعة من " الأقوام " أو الجماعات تشكل بمجموعها ” الشعب الإيراني " وفي مثل هذه الحالة نستنتج ” هل أنهم لا يحق لهم الحديث عن تقرير مصيرهم السياسي بأنفسهم ؟ إن أقوال من هذا القبيل لا تستند على أي وثيقة معتبرة وعلمية ومنطقية و سليمة، يمكن الركون إليها بأن قومية ما لا تستطيع تشكيل كيانها السياسي المستقل ؟ إن مثل هذا متيسرو ممكن لقومية مثل القومية الاذرية في أذربيجان الشمالية، في حين انه غير ممكن للقومية الآذرية ويعتبر جرما وكفرا في إيران؟ والآن لنفترض وكما يدعي العنصريين الفرس إن إيران تتكون من قومية واحدة ولها لغة موحدة أي منطق هذا الذي يمنع بعض من البشر من نفس القومية والناطقين بلغة موحدة من الانفصال، فإذا ذا كانت اللغة احد الدلائل الحتمية لتشكيل الدولة الواحدة كيف لنا إن نفسر وجود 22 دولة عربية، وعدد من البلدان الناطقة بالإنجليزية، ؟ إلا إن العنصريين الفرس خلافا لكل بلدان العالم المتحضرة الذي تؤمن " بحق الأمم في تقرير مصيرها ” يدعون إن هذا المبدأ لا يشمل إيران وانه إذا كان ينفع كل بلدان العالم فانه لا ينفع إيران، الشعب الفلسطيني من حقه إن يستند على هذا المبدأ في حين الأكراد والاذريين والعرب والبلوج والتركمان لا يحق لهم الاستناد على هذا المبدأ، ألكوبك و إلباسك والايرلنديين يستطيعون الاحتكام إليه، إلا إن الشعوب الإيرانية محرم عليهم التقرب منه أو التعرف على محتواه، الكشميريون والتبت والتا ميل يستطيعون المطالبة بحقوقهم على ضوء هذا المبدأ ولكن الشعوب الإيرانية لا تستطيع الاقتراب من هذا المبدأ، حتى أكراد العراق وتركية بمكانهم تقرير مصيرهم على ضوء هذا المبدأ ولكن أكراد إيران محرومون منه.
إن هؤلاء السادة في الوقت الذي لا ينكرون صراحة التنوع اللغوي في إيران ويقرون به، يجب إن نقول لهم أي منطق هذا الذي يقول إن لغة هذه القوميات والتي تشكل في مجموعها الأكثرية العددية في إيران إن تمنع من التداول في النظم الإدارية والتعليمية، يعني يجب على الكردي والاذري والعربي والبلوشي والتركماني تعلم اللغة الفارسية، إضافة إلى ذلك عليهم إن يتعلموا اللغتين الإنجليزية والعربية في حين إن أي من هذه القوميات لا يحق لها إن يكون لها كتاب واحد في اللغة القومية ( لغة إلام ) ؟ نعم أنهم يقولون هذه ليست عنصرية، نعم أنها ليست كذلك ولكنها فاشية من الطراز الأول، تصوروا إن الجامعات الإيرانية تدرس منذ عقود اللغات الصينية، اليابانية، الروسية، الفرنسية، الإنجليزية والألمانية وغيرها من لغات العالم في حين تمنع تدريس اللغات القومية، أنها نهاية الظلم إن يستفاد من الميزانية العامة التي هي من حق كل الشعوب الإيرانية بدءا الفرس إلى الأكراد والعرب والبلوش والآذريين والتركمان وغيرهم لتنمية ثقافة القومية الحاكمة وعلى الأعلام و طبع الكتب الفارسية، كما توضع البرامج الإذاعية والتلفزيونية العمومية في داخل البلاد وخارجه باللغة الفارسية كما إن الثروات الكامنة في باطن أراضي هذه الشعوب تحولت ألي أدوات لقمع تلك الشعوب.
ان النظام الفيدرالي سيضع حدا لهذا الظلم والتي هو نتاج العقلية العنصرية والفاشية الشاهنشاهية والاخوندية ( رجال الدين ) في إيران، وسيكون في كل مقاطعة لغة الأكثرية القاطنة هناك هي اللغة الرسمية، التعليمية، والإدارية، والإعلامية، كما إن الأقليات اللغوية والقومية القاطنة في هذه المقاطعات لها حقها أيضا التمتع في تعلم لغتها القومية، ومواز مع تعلم اللغة الأولى تستطيع إن تختار تعلم لغة ثانية وثالثة وهذا يعني إن تعلم اللغة الفارسية او أي لغة أخرى ليس إجباريا وإنما اختياريا إذا كانت تلك اللغة ليست لغة الأكثرية من السكان ومن الطبيعي إن كل مقاطعة سوف تشجع الطلاب إن يقررا بأنفسهم أي من اللغات القومية يريدون إن يتعلمون إلى جانب اللغة الرسمية لتلك المقاطعة وعلى الدولة المحلية إن توفر للدارسين كل وسائل التعليم، على سبيل المثال إذا كان طفلا فارسيا يعيش في تبريز فانه يستطيع إن يتعلم إلى جانب اللغة الاذرية اللغة الفارسية.
هذا وتعتبر اللغة من المسائل الحياتية الرئيسية في إقامة الفيدرالية والقضاء على التمييز القومي، لذا يجب الاهتمام بهذا الجانب و البحث في هذه المسائل بشكل جدي وأكاديمي.

لا مشكلة بين القوميات في إيران: ؟
يخلط معارضو الفيدرالية في بحثهم حول هذه المسألة، فيقولون " لم يكن بين الأقوام الإيرانية أي مشكلة قط فكلهم إيرانيون وقد ساهموا في بناءها … " هذه الأدلة هي نصف الحقيقة، إلا إن النصف الأخر منها كله كذب محض، وليس له أي علاقة لا من بعيد ولا من قريب بموضوع الفيدرالية.
أولا: حقيقة كون " الأقوام الإيرانية لم يكن بينهم أي مسالة قط " أفضل شرطا وأرضية لإقامة الفيدرالية في إيران لان هذا التقارب يتعمق حتى مع الفيدرالية، ومن ثم هل لابد للشعوب في بلد ما " مسألة " حتى يكون بمقدورهم بناء الفيدرالية ؟؟.
ثانيا: إن إيران شأنها شأن الغالبية العظمى من بلدان العالم كانت وطوال عقود متمادية دولة غير مركزية وهذا ليس اكتشافا جديدا وليس محصورا في داخل إيران وإذا كان له علاقة بالفيدرالية سوف يكون لصالحها وليس ضدها.
ثالثا: إن بحثنا هذا لا يشمل المراحل التاريخية التي مرت بها إيران وإنما يتعلق بفترة زمنية تبدلت فيها العنصرية إلى سياسة رسمية للدولة المركزية الإيرانية وهو يبدأ من تلك المرحلة التي جهد فيها رضا شاه لبناء دولته القومية على أساس فكرة " شعب واحد دولة واحدة " والتي كان قد استعارها من فرنسا وايطاليا و التي حاول من خلالها بتفريس القوميات الإيرانية وإذابتها في جسم القومية الفارسية، من هنا بنى العنصريين الفرس أيدلوجية حكمهم على أساس المواجهة مع القوميات، فتم وعبر قوة السلاح والإرهاب فرض اللغة التعليمية وفرض الثقافة الفارسية على جميع الشعوب الإيرانية، ووصل هذا المنع إلى درجة حتى إذا كتبت رسالة حب بغير اللغة الفارسية كان كاتبها يستدعى للتحقيق معه في أقسام البوليس وقد أضيفت إلى تلك السياسات العنصرية بعد ثورة عام 79 و في عهد الجمهورية الإسلامية سياسة التمييز العنصري الديني، وعليه لم يشارك أي من أبناء القوميات غير الفارسية وغير الشيعية في بناء هذه السياسة، وذلك نتيجة لطبيعتها العنصرية والفاشية.
رابعا: إن هذا الشعار الذي يقول " كلنا إيرانيون ” فهو شعار كاذب وليس له أي علاقة بالموضوع لأنه في الوقت الذي تعد فيه الشعوب الإيرانية، إيرانية، فأنها إلى جانب الوجبات المتساوية يجب إن تتمتع بحقوق متساوية، إن معارضتهم للأنظمة المتعاقبة على دفة الحكم في إيران كونهم لا يتمتعون لا بحقوقهم السياسية ولا الثقافية ولا الاقتصادية ولا حتى حق المواطنة، وهذا الأمر أثبتته الوقائع الملموسة في المجتمع وكذلك الأسس القانونية والحقوقية في البلاد، ويتجلى ذلك بوضوح في فرض سلطة اللغة والقومية والدين ومذهب بعينه على بقية اللغات، الثقافات، القوميات، الأديان، والمذاهب والتي لا تنازعها أي سلطة أخرى في إيران.
تصوروا في الوقت الذي تمارس فيه سلطات الجمهورية الإسلامية الايرانية حربها الخفية على الديانة المسيحية في إيران، فأنه لاعتبارات دولية تسمح بوجود عدد من الكنائس في العاصمة، في حين يمنع المسلمون السنة حتى الآن من بناء مسجد لهم في طهران، فغير الشيعي الأثناء عشري لا يحق له إن يكون قائدا أو رئيسا أو وزيرا للبلاد.. الخ، إن إيران هكذا لا يمكن إن تكون للجميع، إيران يمارس فيها كل هذا التمييز والضغوط من قبل شعب معين ولغة وثقافة وفكر ديني ومذهبي وسياسي معين من طبيعته لا يمكن إن يعطي الفرص المتساوية لكافة أبناء الشعوب الإيرانية لكي يقررا مصيرهم بأنفسهم كيف يمكن إن يكون وطن للجميع وهو يمارس شتى أنواع الظلم والاضطهاد على بقية القوميات في كافة المجالات السياسية واللغوية والثقافية والدينية والعقائدية وأنواع الانتهاكات الأخرى.

أنواع التمييز العنصري في إيران:
- التمييز العرقي و التمييز القومي والوطني، ويمارس هذا النوع من الاضطهاد بحق جميع القوميات غير الفارسية وقد تناقلت مؤخرا الصحف الصادرة في إيران إن وزارة الصناعة الإيرانية وضعت عدة معايير مختلفة، وأعطت كل محافظة ومع الأخذ بعين الاعتبار الصناعات الموجودة فيها امتيازا لهذه المحافظات وعلى ضوء هذا التصنيف حصلت محافظة طهران على 8616 امتياز في حين حصلت مقاطعة آذربايجان الغربية على 521 امتيازا واحتلت المرتبة السادسة عشرة وكرمنشاه 298 امتيازا ومقاطعة كردستان على 122 امتيازا ومقاطعة عيلام أو أيلام على 34 ( إما مقاطعة الأهواز أو عربستان العربية لم تحصل على أي امتياز المترجم ) هذا هو المعنى الإسلامي لتوزيع معيار الصناعة وال رفاه الاجتماعي والعائدات في إيران.
- التمييز الديني والأيدلوجي ويمارس هذا التمييز بحق جميع الأديان والعقائد غير الإسلامية منع الإيرانيات من الزواج مع إتباع المكاتب الفلسفية والدينية الأخرى، وكل من يعرض عن الإسلام يعتبر " مرتدا ” مشركا" محارب الله " فاسد في الأرض ”، وهذه نماذج صغيرة مما يفيض به قاموس الظلم والقمع الديني والأيدلوجي الموجود في إيران أمس واليوم.
- التمييز الديني، في ارتباطه بالمذهب السني.
- التمييز الطائفي، في ارتباطه مع الفرق غير الشيعية ألا ثنى عشرية.
- التمييز الجنسي في ارتباطه مع جميع النساء في إيران.
- التمييز السياسي، في ارتباطه مع جميع المفكرين، حتى مع أشخاص مثل منتظري الذي كان يعد من مؤسسي ما يسمى بالجمهورية الإسلامية ويمارس هذا التميز على نطاق واسع حتى لو كان انتقادا بسيطا موجه للحكومة.
- التمييز اللغوي، في ارتباطه مع جميع الثقافات غير الفارسية.
- التمييز الفئوي، في ارتباطه مع جميع الفئات العاملة غير" المعممة " في المجتمع، واستنادا إلى العقيدة الحاكمة وخاصة دستور الجمهورية الإسلامية الذي يعرف الحكومة الإيرانية على أنها ” حكومة ربانية" وقد سلمت إلى " ممثليه " يعني رجال الدين، إن هذه الحكومة لا تستمد شرعيتها من الشعب وإنما من ممثلي الله الذين هم رجال الدين، ونموذجها البارز الأخر إن رجال دين معفون من أداء الخدمة الإلزامية العسكري وهذا الامتياز يخص رجال الدين دون سوهم من أبناء الشعوب الإيرانية.
- التمييز الطبقي، في ارتباطه مع جميع الشرائح و الفئات ومنها الرأسمالية والتكنوقراطية التي لا ترتبط عقائديا بالنظام. التمييز ألمقاطعي " نسبة إلى المقاطعات " والتمايز الفاحش بين طهران والمناطق المركزية الإيرانية الأخرى التي الغالبية العظمى من سكانها من الشيعة مع مقاطعات البلاد الأخرى من حيث التنمية الصناعية واستثمار الرأسمال الحكومي وتوزيع الدخل القومي والثروة والاعتناء بالأمور التعليمية والثقافية، وان هذا النوع من التمييز لا يمكن تصوره على الإطلاق وفي هذا المجال فان قائمة الانتهاكات تطول.
من هنا فأن إقامة نظام فيدرالي وديمقراطي في إيران سيبعث بجميع هذه المظالم إلى مزبلة التاريخ.

الأرضية مساعدة لقيام الفيدرالية في إيران:
لقد قلت أنفا إن إيران تحتوي على الأرضية الملائمة من اجل إقامة النظام الفيدرالي بنجاح، وحتى إذا كانت إيران تضم شعب واحدا ولها لغة واحدة لا يمكننا الاستنتاج وكأنما بسبب هذا الدليل إن الفيدرالية ليس لها حض في النجاح، في حين إن التجربة أكدت لنا إن البلدان ذات النسج القومي الموحد قد نجحت في إقامة الفيدرالية، حيث يعتبر النموذج الألماني اكبر دليل على نجاح النظام الفيدرالي في هذا البلد، فما عدى أقلية صغيرة تتحدث الدنمركية، فان جميع المقاطعات فيها تتحدث الألمانية من هنا فان الفيدرالية أوفت بغرضها في بلدان متجانسة قوميا ولغويا.
ومن الخطأ أيضا الاستنتاج، وكأنما في إيران قومية واحدة أو شعب واحد له مطالب قومية، لذلك فان الفيدرالية لا تستطيع إن تكون نموذجا للبناء السياسي في إيران " بعض الإطراف اليسارية المتطرفة والراديكالية تدعي إن المطالب القومية موجودة في كردستان إيران فقط "، إما بقية المناطق فانه فاقد لأدراك المطالب القومية ولهذا السبب يقولون يجب إن لا نسمح بإقامة النظام الفيدرالي في إيران، حتى إذا قبلنا الادعاء القائل بعدم وجود حركة وطنية في باقي المناطق الإيرانية بمكاننا وفي سبيل رفض مثل هذا الاستنتاج إن نضرب مثلا في نموذجي كندا أو أسبانيا حيث توجد في هذه البلدان أقلية قومية واحدة مع ذلك فإنهم طبقوا تجربة النظام الفيدرالي ونتيجة لذلك تجاوبوا مع معظم المطالب الوطنية العادلة لسكان ألكوبك وإلباسك وبذلك حلوا دون تعريض بلادهم هم إلى الانفصال.
وإذا اتفقنا بأن إيران هي بلدا متعدد القوميات، في مثل هذه الحالة تكون إقامة الفيدرالية أمر مفرغا منه كما هو الحال في النموذج السويسري والبلجيكي والهندي.
وإذا تقرر إن تكون الفيدرالية مناسبة للبلدان ذات المساحات الشاسعة، مثل روسية والهند وكندا كيف يمكننا إن نفسر النموذج السويسري والبلجيكي.
وإذا جاءوا بأعذار إن الفيدرالية وكأنها تصلح للدول الصغيرة، إذا ما هو مصير النماذج التي تطرقنا لها من قبل، حيث تعد كل من هذه البلدان من اكبر البلدان مساحة وسكانا في العالم ؟ .
وإذا ادعوا إن الفيدرالية لها حض النجاح في البلدان الغربية فقط، كيف لنا إن نفسر قيامها في بلدان شرقية مثل دولة الأمارات العربية المتحدة والهند.
وإذا قيل إن الاقتصاد الوحيد الجانب " النفط " سيحول دون قيام أسس الفيدرالية، من حقنا إن نسأل لماذا هذا الأمر لم يكن حائلا دون قيام دولة الأمارات العربية في الوقت الذي تعتمد فيه هذا الأمارة على اقتصاد وحيد الجانب أكثر بكثير من إيران.
وفي رفضهم قيام الفيدرالية في إيران فأن بعضا من العنصريين لا يقر ولا يعترف بوجود التمييز القومي واللغوي في إيران وفي الرد عليهم يجب القول:
أولا: إن هؤلاء يخفون الحقيقة من اجل أهداف سياسية معينة.
ثانيا: إذا قبلنا هذا الادعاء كشرط مسبق لإقامة الفيدرالية، فأننا لا نستطيع رفض الفيدرالية، هل يتطلب إقامة نظام فيدرالي في بلد ما بالضرورة وجود الاضطهاد القومي ؟ فعندما تبنت ألمانيا و الكثير من البلدان الفيدرالية، هل كان في هذه البلدان تعاني من الأضطهاد القومي ؟ إن الفيدرالية تستجيب إلى تلبية مختلف الاحتياجات الضرورية، لعل احدها حل المسألة القومية، لذلك حتى إذا كنا لا نعتقد بوجود اضطهاد قومي في إيران، اعتقد واستناد لما ذكرنا سالفا من دلائل، من حقنا إن نطالب بإقامة نظام فيدرالي في إيران.

الردود المنطقية على معارضي الفيدرالية:
إما حول أولئك المرعوبون من إن الفيدرالية والذين مابرحا يرددون أنها ستكون مقدمة لتجزئة إيران يمكن إن نرد عليهم بالقول الآتي:
أولا:إن الانفصال و تكوين دولة مستقلة والذي يسميه القوميين الفرس به
"التجزئة ”، هذا ليس اتهاما، وإنما نعتقد انه حق مشروع لكل امة أو شعب أو قومية في العالم ولا يحق لأي احد إن يسلب شعب ناهض من هذا الحق، إن الحدود ظاهرات تعاقدية، ومن شأن هذه التعاقدات إن تتغير كما هو الحال سابقا حيث لم يكن لدينا إلا أربعة إمبراطوريات ومن ثم عشرة في حين لدينا اليوم أكثر من 200 دولة مستقلة وفي الظروف الراهنة في الوقت الذي نشاهد فيه إلغاء بعض الحدود السياسية بين الدول، نشاهد في الوقت نفسه الكثير من الشعوب قد أعلنت عن قيام دولها المستقلة، وبالنسبة للشعوب الإيرانية فان الفيدرالية هي مطلب الحد الأدنى وليس الأعلى، وذا عارض الرجعيين والعنصريون قيامها مما لاشك فيه إن تبديل إيران إلى " ايرانستان ” أمر حتمي لا مناص منه.
ثانيا: إن الغالبية العظمى من الشعوب التي انفصلت من مجموعة دولها السابقة، كانت دواعي هذا الانفصال في الدرجة الأولى الاضطهاد العنصري الذي مورس بحقهم، وليس نتيجة قيام الفيدرالية، بل على العكس من ذلك إن اغلب البلدان المتعددة القوميات قد تكونت ببركة البناء الفيدرالي، لذلك لم تقف الفيدرالية حائلا في تمزق الدولة المشتركة.
ثالثا: لا يمكن لنا الحديث عن قيام نظام فيدرالي في أي بلد من البلدان دون وجود نظام ديمقراطي، بعبارة أخرى هناك رابطة جدلية بين الديمقراطية وقيام النظام الديمقراطي، لذلك فان السياسي تنظم مجددا على أساس مختلف المقاييس الديمقراطية والقومية، وفي هذا السياق فان حضرت السادة العنصريين المتضررين الوحيدين من تغيير هذه الأوضاع من هنا فإنهم يعارضون قيام هكذا نظام بشدة.
رابعا: لقد تعرض قسما من إيران إلى الانفصال وهذه لم تكن رغبة الشعوب الإيرانية وإنما كان هذا الانفصال بسبب الفساد و جهل الحكام وعدم كفايتهم والرغبة في الحروب لدى حكومات ذلك الوقت، خاصة وان الحدود التي رسمت قد مرت من بين مناطق الشعوب وقد قسمتها وبدون شفقة على عدة بلدان.
وكما شاهدنا فان أي من الدلائل التي يسوقها معارضو الفيدرالية في رفضها لا تستند على أساس منطقي فالفيدرالية معادلة تجمع مابين الاستقلال السياسي والحكومي التام من جهة وعن تمركزا لسلطة السياسية العنصرية من جهة أخرى، من اجل تعايش المناطق والشعوب المختلفة، بأسلوب تجعل كل واحد في مناطقه لديه أكثر ما ينبغي من الحقوق والحريات السياسية والثقافية والاقتصادية والقومية، وفي الوقت نفسه يشكل الجميع فيما بينهم الدولة الفيدرالية الديمقراطية المشتركة. حيث تتعلق الفيدرالية والدولة المركزية بأي قومية بعينها، وإنما هي بلورة لإرادة مشتركة لجميع الشعوب والمناطق ومواطني تلك البلاد، حيث تنظم التقسيمات السياسية من جديد فتحل بذلك الأقاليم بدل المحافظات وينقسم كل إقليم إلى عدة مناطق وتجري انتخابات ديمقراطية، ويتم على أثرها تشكيل برلمان إقليمي، يتم بعد ذلك تشكل حكومة إقليمية وفي الوقت نفسه تسن القوانين الإقليمية، التي تقر من قبل السلطات التشريعية، إضافة إلى تشكيل برلمان مركزي من ممثلي الأقاليم بغية الإشراف على إعمال الدولة الفيدرالية، هذه باختصار هي أهم العناوين الرئيسية التي تتضمنها الفيدرالية.

* نص المحاضرة التي ألقاها مؤخرا السيد يد الله زماني حول إقامة الفيدرالية في إيران في احد المقاطعات الألمانية نشرت بشكل مختصر على موقع " بر وسكه".
ترجمها باختصار جابر احمد .



#جابر_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفحات منسية من تاريخ الشعب العربي الاهوازي القصة الكاملة لشه ...
- وداد فاخر مغالطات تاريخية وتصفية خلافات على حساب قضية الشعب ...
- منظمة الشعوب والقوميات غير الممثلة في هيئة الأمم المتحدة تعق ...
- ممثلوا الشعوب والسكان الاصليين في هيئة الامم المتحدة يضربون ...
- اجتماع القوميات الايرانية تحت قبة البرلمان السويدي السيد كري ...
- تاريخ الاهواز -عربستان - منذ العهد الافشاري وحتى المرحلة الر ...
- تاريخ الاهواز - عربستان - منذ العهد الافشاري حتى المرحلة الر ...
- بسبب بحوثه القيمة حول القوميات الايرانية وخاصة الشعب العربي ...
- لم يعد بالامكان تحمل الاعمال الظالمة مقتطفات من رسالة السيد ...
- مضمون المسألة القومية وظاهرة التعصب القومي -الفارسي - في اير ...
- تقرير وزارة الخارجية السويدية لعام 2003 حول انتهاك حقوق الان ...
- الرؤية الامريكية لمنابع النفط والغاز في ايران تقرير الكنغرس ...
- الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني يتخلى عن شعاره القديم و ...
- نص كلمة رئيس وفد الشعب العربي الى اجتماعات جنيف ( الجلسة الث ...
- موقف الاحزاب والمنظمات الايرانية من المسالة القومية
- حركة الدستور في ذكرها ال 98 الاسباب والمعوقات
- كلمة السيد المهندس كريم بني سعيد رئيس وفد الشعب العربي الاهو ...
- تجار فستق رفسنجان يسرقون مياه كارون واساتذة الجامعة والصحفيي ...
- الشعب العربي الاهوازي يمثل في اجتماع مجموعة العمل الخاصة بال ...
- سياسة الاضطهاد القومي والتجويع صفتان ملازمتان لسياسات حكام ا ...


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جابر احمد - الفيدرالية وعناد العنصريين في ايران