أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمد أيوب - أمنيات مواطن فلسطيني غلبان














المزيد.....

أمنيات مواطن فلسطيني غلبان


محمد أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 1079 - 2005 / 1 / 15 - 10:49
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في بداية العام الجديد
في ليلة رأس السنة الجديدة ، تناولت في وجبة العشاء بالتحديد طبقاً من الفول وفحل بصل وبعض الفجل مع رغيف من الخبز ، كان ذلك أثناء اجتياح الجزء الغربي من حي الأمل بخان يونس ، لم نشاهد احتفالات رأس السنة في الفضائيات بسبب انقطاع التيار الكهربائي ، كان صوت القصف يطرد النوم من عيوننا ، ومع ذلك كبس علي النوم فجأة ، نمت دون أن أسحب الغطاء على بطني ، كان الفول والبصل يغليان في جوفي وكأنهما خليط من الأسمنت والزلط داخل خلاطة باطون .
رأيت فيما يرى النائم أنني عثرت على مصباح علاء الدين السحري ، لم أصدق عيناي ، بقيت في حالة ذهول لفترة ليست بالقصيرة ، ترى ماذا أفعل بالمصباح ؟ وماذا أفعل إذا دعكت المصباح فجاءني خادمه قائلا لي: " شبيك لبيك ، سعدك بين يديك ، أطلب وتمني". أجهدت فكري فيما يمكن أن أطلبه قبل أن أدلك المصباح حتى لا أقع في المحظور وتهرب الكلمات مني ، لا بد من خطة واضحة ومبرمجة للطلبات ، يجب ألا أفعل مثل حكوماتنا التي ترتجل الأمور ارتجالاً ، فكرت في الانطلاق من واقع الحال ، وعليه كان أول طلباتي هو أن نعيش في أمن وأمان ، وأن يتوقف هذا الموت المجاني الذي يزورنا فجأة ويذهب فجأة ، فالناس في بلدنا يموتون بالصدفة ويعيشون بالصدفة ، تسقط القذيفة في الشارع فتصيب زيدا وتخطئ عمراً أو العكس .
أما الطلب الثاني فقد أسعفني فيه غوار الطوشة حين تذكرت مسرحيته التي يخاطب فيها والده بعد أن سأله عن الأحوال : قال غوار بطريقته المحببة ما معناه : كل شيء تمام يا والدي ، كل شيء متوفر عندنا ، والله يا أبي ما ناقصنا إلا شوية كرامة ، قررت أن يكون طلبي الثاني هو أن نعيش حياة كريمة تتوفر لنا فيها مقومات الحياة التي تليق بالبشر دون إحساس بالظلم بعد أن ترفرف رايات العدالة الاجتماعية ويصبح الناس متساوون في الحصول على فرص العمل ، متساوون أمام القضاء ، أريد حياة كريمة لكل أبناء وطني بغض النظر عن اللون أو الدين أو الجنس أو المعتقدات الفكرية والانتماءات السياسية .
فكرت في مطالب أخرى ، فالغلابى من أمثالي طماعون ، لا حدود لطمعهم خصوصا إذا أتيحت لهم فرصة مثل التي أتيحت لي بالحصول على المصباح ، كنا ونحن أطفال نحلم بليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، كان الكبار يدغدغون مشاعرنا ويعدوننا بأن تتحقق آمالنا في هذه الليلة ، كانوا يقولون لنا أن ليلة القدر تظهر على شكل عمود من النور يهبط من السماء ، فلا تضيعوا الفرصة في هذه الليلة ، اطلبوا من الله ما تتمنون أن يتحقق لكم ، لم نكن نعرف وقتها ما هي الطلبات التي يجب أن نطلبها ، ولكنهم كانوا يغششوننا ويلقنونا أمانيهم وطلباتهم هم ، يقولون لنا : " اطلبوا من الله : بيت مال ، وبيت رجال ، وحجة للنبي المختار، كان البدوي القديم يكمن في قلب هذه الطلبات ، فالعقلية العشائرية ما زالت تعيش في أعماقنا ، لذلك كنا نطلب من الله أن يزيد في عدد رجالنا وأن يزيد في أموالنا ، لأن الرجال والمال هم عماد القوة في المجتمع البدوي والمجتمع الإقطاعي وشبه الإقطاعي .
ولكن العبد الفقير الذي هو أنا ، ركب رأسه وخرج من عباءة القبلية والعشائرية ، فقررت الانتماء إلى أمة كانت خير أمة أخرجت للناس ، ومع ذلك لم أستطع التخلص من عقدة البداوة الكامنة جذورها في أعماق كل منا ، فقررت أن أطلب بعض الطلبات الخاصة ، وإلا فإنني لا أستحق شرف الانتماء للعروبة ، ولا أستحق أن أكون عربياً أو فلسطينياً .
ماذا أطلب يا ترى ؟ أجهدت ذهني ، وبعد لأي قررت أن أطلب من خادم المصباح أن يتم دفن جثماني في مسقط رأسي في يافا ، وأن يساعدني على العودة إلى مدينتي الحبيبة ولو في كفن أبيض كالثلج ، كما قررت أن أطلب من خادم المصباح أن يحمي بيتي من الأذى فلا يهدم على رأسي ورءوس لأبنائي وألا نتشرد منه في غرف المدارس أو القاعات العامة أو الخيام ، ولكن طمعي ليس له حدود ، يجب أن أطلب شيئاً شخصياً آخر ، خطر على بالي أن أحصل منه على طاقية الإخفاء حتى أستطيع عبور الحواجز دون انتظار لفترات طويلة ، ودون أن أضطر للمبيت على الحاجز أو في معبر رفح الحدودي ، فقد جربت النوم على الكرسي ثلاث ليال سويا ، لم أضع جسدي على الأرض ، فقد تنافس الناس في الحصول على قطع من الكرتون ليناموا عليها بدلا من الفراش في البرد القارس ، شعرت ببرد شديد ، بحثت عن بطانية صوفية أتدثر بها فلم أجد ، ولكن الله أسعفني فوجدت بالطو قديم مع رجل باعني إياه بثمانين شيكلا عدا ونقدا ً.
هل أكتفي بما سأطلبه ، أخشى أن أغضب خادم المصباح إن أكثرت من طلباتي ، ولذلك قررت أن أفرك المصباح بكلتي يدي ، وما إن فعلتها حتى ارتعدت فرائصي حين هجم علي خادم المصباح بهيئته المرعبة صارخا بأعلى صوته : شبيك لبيك ، سعدك بين يديك ، هرب الكلام مني وجف ريقي ، أردت أن أشرب فلم أجد ماء بجانبي ، لملمت شجاعتي ولكن طمعي غلبني ، نسيت كل الطلبات إلا طلباً واحداً ، قلت لخادم المصباح : أرجو أن تحملني إلى بيتي في يافا أنا وأسرتي حتى أموت وأدفن هناك !
سخر مني خادم المصباح ، أطلق ضحكة مدوية : هأ هأ هااااا ، شعرت بالارتباك وأنا أسأل خادم المصباح : هل قلت ما يدعو إلى الضحك أم أنني أخطأت في حقك ؟ قال : هذا الطلب لا يقدر عليه سوى الرئيس بوش بمصباحه السحري الجديد ، الديمقراطية على الطريقة الأمريكية .
حاولت أن أضرب كفا بكف ، وبدلا من ذلك أصاب كفي زوجتي ، هزتني لتوقظني ، ولكني كنت في سبات عميق ، ولما استيقظت كان الفول قد فعل فعله ، فقد أصابني الانتفاخ ، ولا بد من الرد على قصف الدبابات بقصف من نوع آخر .
الموقع الإلكتروني : www.ayoub.ps
د . محمد أيوب



#محمد_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزمان والمكان في القصة القصيرة
- البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة بين التشابه والاختلاف
- من دفتر الاجتياح
- جدار السلام هو الضمانة الأكيدة للسلام
- قراءة نقدية في ديوان - تأملات الولد الصعلوك - للشاعر : باسم ...
- العناصر الفنية في القصة القصيرة
- ملاحظات حول القانون رقم 5 / 96الخاص بانتخابات المجالس المحلي ...
- الذاكرة المثقوبة
- انتخابات الرئاسة في فلسطين والحملة الانتخابية
- الصعوبات التي تواجه المثقف الفلسطيني
- ورقة عمل حول الإصلاح الوطني والتغيير الديمقراطي
- الأزمات الداخلية في التنظيمات الفلسطينية
- ما وراء النص في ديوان - البدء ... ظل الخاتمة - للشاعر توفيق ...
- الزمن في بعض الروايات المحلية
- الانتخابات الفلسطينية
- لديمقراطية الأمريكية والحرب النظيفة
- حول قضية العملاء
- ما هو المطلوب من القيادة الفلسطينية في المرحلة القادمة
- البنية الروائية عند بعض الروائيين في غزة
- جوم أريحا - دراسة نقدية


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمد أيوب - أمنيات مواطن فلسطيني غلبان