أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سوسن بشير - حكايات البيت المسكون: شهادة دموية جريئة على الوضع الإنساني في السودان














المزيد.....

حكايات البيت المسكون: شهادة دموية جريئة على الوضع الإنساني في السودان


سوسن بشير

الحوار المتمدن-العدد: 1078 - 2005 / 1 / 14 - 10:38
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


صدرت مؤخراً في مصر المجموعة القصصية الأولى للكاتب السوداني "حسن إبراهيم" بعنوان "حكايات البيت المسكون:مشاهد من أم درمان"، التي لا تمثل قصصاً بقدر ما تمثل واقعاً حياً وفعلياً لشخصيات المجموعة التي تنبض حياة وألماً. فعبر ثلاث قصص طويلة، تمثل كل منهم رواية قصيرة، يقص علينا المؤلف عبر حبكاته أحداث ما بعد التمكين الإسلامي في السودان، وما جره على أهلها من بؤس.
فقصة تقوم على عودة بشر الحافي إلى الحياة، وصدمته مما يحدث لميري الشابة، التي يقابلها مصادفة في الطريق ويسألها عن حال أهل البلد العجيب الذي وقع عليه، فيكتشف كيف تعيش ميري وغيرها من نسوة كن عزيزات وتم إذلالهن وأقوامهن، فباتت الواحدة منهن تبيع جسدها ألف مرة للعسكر الذين حكموا عنوة، لتسد رمقها أو حتى لتقتنص فرصة الحياة ولو بغير ما يسد الرمق، أو يغمس حتى في التراب.
وقصة تقدم تفاصيل ما حدث حقيقة لمواطن سوداني داخل معتقل تعذيب، يقع وسط الأحياء السكنية في العاصمة. فالمعتقل ما هو إلا بيت كبير مما يطلق عليه بيوت الأشباح، وهو البيت الذي يبتعد عنه الجميع بوصفه مهجوراً، ويعتقد بسطاء العقول أنه "مسكون"، لكن الجميع يعرف ما يتم فيه ليل نهار من تعذيب مواطنين، كل جريمتهم أنهم مارسوا التفكير وتكلموا، وربما منهم من لم تتح له الفرصة في الكلام، وتم ضبطه متلبساً يفكر، فحوكم بجريمة محاولة إطفاء نور الله، وتم اغتصابه بأنبوب حديدي، وهذا أفضل حالاً من غيره من النساء والرجال الذين يتناوب عليهم حراس البيت المسكون يومياً. وتأخذ الأحداث أبعاداً دراماتيكية حينما يتكاتف نزلاء البيت المسكون مع نزيل جديد، هو الشيخ سودان الذي يبلغ من العمر أرذله، وسبق قتل ابنته واغتصابها في نفس النزل، بعد أن اختطفت من بيتها الآمن لأن أخيها حاول إطفاء نور الله، فأطفئت حياتهما معاً، وجاء الدور على الشيخ الهزيل، فقام النزلاء المنتهكون بشبه إضراب، فأغلقوا سجنهم من الداخل بمتاريس أجسادهم، وأنشدوا أغانيهم الوطنية التي صمت آذان الحراس الذين انقلبوا أنفسهم سجناء، لتنتهي الأحداث نهاية دامية متوقعة في مجزرة تعسة.

أما قصة أيوب مع الناطور ذي السحنة السمجة، التي تدور أحداثها في أروقة مؤسسة الدولة الثقافية، فتعري المثقف العربي بشكل عام، في صورة المثقف أيوب الشيوعي السابق الذي يبيع نفسه أولاً، حينما يمتشق حسام القلم فيما كان يتعلم طوال حياته لمحاربته، ويكتب عن ما يسمى الأدب والفن الذين يخدمان الله والرسول ورفعتهما، بينما تزل قدمه إلى ما هو أبعد من بيع النفس، فيبيع جسده حين يصبح عشيقاً حقيقياً للشيخ الشاذ جنسياً، الذي يراوده عن نفسه مراراً وتكراراً في مشاهد برع المؤلف في نسج حواراتها، وكأننا نتابع فيلماً هزلياً لعاشق يطارد عذراء.

والقصص الثلاث، أو الروايات الثلاث القصيرات، تطرح من خلال أحداثها المتشعبة وضع الإنسان العادي في السودان، الذي يمثل أغلبية السكان، وإن لم تف كلمة أغلبية بالغرض،فهذا المواطن يعاني الفقر الذي ينهش عظمه، مع ما ينهشه من أمراض وأوبئة.وإن لم يمت بهذا أو ذاك، أو تحول بجهله أو شره لقاتل، فأعراس الشهداء مثواه، فسوف يتم تدريبه صغيراً أو كبيراً ليشحن إلى الجنوب ليقاتل من أجل إعلاء كلمة الله، وغالباً يُرد إلى أهله قتيلاً...عفواً شهيداً، ليقام له عرس الشهيد، ولا يحق على أهله سوى الزغاريد فرحاً بشهادته.

هذا باختصار شديد وأتمنى أن لا يكون مخلاً، ما تطرحه هذه المجموعة، بلا أي رأي نقدي، و هي تعبر لمن يقرأها عن شهادة جريئة وصادقة يستشعرها مباشرة، وفي نفس الوقت تتمتع بحبكة الجو القصصي الذي يرتقي بمؤلفها ويضيف إليه. وإن كنت أرجو أن يكون قد استعد لما قد يواجه من هجوم لجرأة ما تحمله تفاصيل مجموعته.



#سوسن_بشير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حريم في الرؤوس
- باشلار و سبعة وستون عاماً على ميلاد النار
- طريق الحوار المتمدن نحو التمدن
- فيلسوف المرآة
- يحدث في بلادنا : يوم عالمي للفلسفة بلا فلسفة
- ماريت تقول : مصر تقتل نفسها
- جيفارا ....مقهى ومطعم
- فرقت السلطات السعودية بين علي الدميني وأبيه....فهل لا تفرق ب ...
- بَدَد الشيوعية العربية بين أثر مفتوح و تأويل ُمفرط
- قدرألذوات العربية المتفردة وشعوبها بين التجميد و الإذابة:فرج ...


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سوسن بشير - حكايات البيت المسكون: شهادة دموية جريئة على الوضع الإنساني في السودان