أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - صائب خليل - صراع بين المتضامنين مع الشعب الكردي















المزيد.....

صراع بين المتضامنين مع الشعب الكردي


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1078 - 2005 / 1 / 14 - 10:11
المحور: القضية الكردية
    


مقدمة
تدور اليوم رحى ما يمكن تسميته "معركة صحفية" بين المثقفين العراقيين العرب حول القضية الكردية. هذا ليس سيئا ولا جديد بحد ذاته, لكن الجديد فيه هذه المرة انك تلاحظ ان طرفي الصراع هم من المثقفين المؤيدين مبدأيا للقضية الكردية وحقوق الشعب الكردي ونسبة عالية منهم تشرفت بالدفاع عن هذا الشعب ليس بالقلم فقط وانما وقفت في خندقهم عندما كانت هذه الحكومة العراقية او تلك ترسل الموت اليه.

الفريق الاول, ينطلق من مشاعره الانسانية ومبادئه العليا, ليقف مع القضية الكردية بلا حدود, والفريق الثاني يعيب على الاول انه تجاوز في دعمه العادل للكرد الى التحيز, فهاجم العرب ككل معتد اثم وتبرأ منه, وصور الكرد كشعب نقي من الملائكة.

الدافع الاساسي للفريق الثاني كما يبدو, الاحساس بأن هذا الغلو لايخدم تقارب اهم قوميتين في العراق وبالتالي يهدد وحدته, بتوكيده على مسؤولية العرب كقومية عن تلك المجازر. كذلك يلوم الفريق الثاني الاول على تجاهله اي نقد للقيادات الكردية لتعاونها احيانا مع صدام, ولاشعال القتال داخل الشعب الكردي لمصالح شخصية.
اضافة الى ذلك اتهم البعض الاكراد دون تحديد, بانهم نفعيون لايفكرون الا بانفسهم وانهم يدعون للفدرالية وهم يبيتون للانفصال في الفرصة لمواتية.
يستند هذا الاتهام الى حملة جمع التواقيع المطالبة باستقلال كردستان واهم منها ان الجو الثقافي الكردي يميل بوضوح الى توجيه النقد والاتهام الى الشريك العربي ويكاد يخلو من مَن يكتب لصالحهم, وان وجد فلا يتعدى التذكير بالاخوة الكردية العربية والدعوة الى التقارب. فلا يوجد مثلا كاتب كردي كتب بغضب عن اتهامات كردية متحيزة ضد العرب, ولا من ايد صراع الشعب العربي ضد الاحتلال الاسرائيلي بحماس ووضوح, كما يفترض في الشركاء, او على الاقل فان هذا الاتجاه غير مألوف لدى الاكراد.

من الطبيعي ان يدخل في هذا الصراع, بعض العرب من خارج هذا الطيف, فيشترك فيه اصحاب مواقف قومية متعصبة لا تتسع قلوبهم وعقولهم للتعامل بالمساواة مع الاخر, ولكني سأهمل هذه المجموعة في مقالتي هذه مركزا على الكتاب الذين اعتبرهم منطلقين من مواقف مبدئية, رغم اختلافهم.

هادي العلوي

المرحوم هادي العلوي اطلق العنان لقلبه الجريح من منظر مذبحة حلبجة, واطفال حلبجة فالتمس العذر منهم بالبراءة من هويته العربية:

"أيها الطفل الكردي المحترق بالغاز في قريته الصغيرة، على فراشه، أو في ساحة لعبه، هذه براءتي من دمك أقدمها لك. معاهداً إياك، ألاّ أشرب نخب الأمجاد الوهمية، لجيوش العصر الحجري، أقدمها لك على استيحاءٍ، ينتابني شعورٌ بالخجل منك، ويجللني شعورٌ بالعار أمام الناس، أني أحمل نفس هوية الطيار الذي استبسل عليك. وليت الناس أراحوني منها، حتى يوفروا لي براءة حقيقية من دمك العزيز. أنا المفجوع بك. الباكي عليك في ظلمات ليلي الطويل. في زمن حكم الذئاب البشرية، لم نعد نملك فيه إلا البكاء.
اقبلْها مني، أيها المغدور، فهي براءتي إليك من هويتي"

هذه العبارة الاخيرة هي التي اطلقت النقاش الحاد الحالي, لكن المتأمل لعبارات المرحوم هادي العلوي يكتشف فورا انه لم يكن يقصد هذا التبرء من العرب واتهامهم كشعب, بل اراد التعبير عن المه واستنكاره باشد الطرق الممكنة للوحشية المتناهية لمن قام منهم بالجريمة.

زهير كاظم عبود

ينضم الاستاذ زهير كاظم عبود الى الراحل هادي العلوي في مقالة عنوانها (شمعة على قبر هادي العلوي).
ورغم انه يبدأ مقالته بالاشارة الى "كم كبير من الاقمار العراقية المشعة" والتي يفهم من سياق بقية المقالة انه يقصد بها "اقمارا عراقية عربية" او على الاقل لايستثنيها, اقول, رغم ذلك فانه يخصص بقية مقالته المفعمة بالالم الى التبرء من هؤيته العربية ومهاجمة العرب بشكل عام, خالطا في ذلك, دون قصد بلا شك, الصالح بالطالح.

فهاهو يتحدث عن "زخة رصاص عربية" و "الكرد المدفونين بأياد عربية" و " رصاصـات أشتروها من ثمن البترول العربي" و " شناعة البطولة العربية" , " قتلهم بهذا الشكل المروع والجماعي والذي لم يهز ضمير العالم العربي ولاأبكى شيوخ الجوامع ولاتذكروهم بالرحمة في الدعاء الطويل الذي خصصوه للقائد الضرورة", " بل وصار حثالات العرب وسقط المتاع محللين سياسيين في الفضائيات العربية يمنحون أنفسهم الحق بشتم من يريدون ويسقطون من يريدون في هذا الزمن العربي الأحول" و" سأقف خلفك أردد برائتك من الهوية وأنحني أجلالا ومهابة لهذا الشعب النبيل" " اتلمس طريقك الجريء حين صرخت بوجه الزمن العربي العاهر وتبرأت من هويتك أمام الطفل الكردي المحترق بالغاز", "أضع شمعتي قرب قبرك الغريب في الزمن الغريب ، ثم اعود لأعلن برائتي من هويتي أمام أطفال كردستان وشباب كردستان ونساء كردستان وشيوخ كردستان وعصافير كردستان التي سممها العقل العربي المريض ، وأرتكب بحقها أقسى المجازر التي عمد الأعلام العربي وهو جزء من الأنحراف العربي في الزمن الاحول أن يتستر عليها ، وأن يشطبها من ذاكرته ويتعامل معها بأعتبارها قضايا أعتيادية في الفعل العربي"

من السهل تماما تبيان ان القاضي زهير كاظم عبود استعمل كلمة "العرب" بلا تمحيص, وهو خطأ فادح, الا اذا اعتبر الحكومات العربية ممثلا منتخبا ومعبرا عن الشعب العربي, وهو تجاوز لا اضن ان الاستاذ زهير يقصده, ولا يقصد تجاهله.

منذرالفضل

في مقالة له بعنوان "رؤية عربية من حركة الاستفتاء الكوردستانية" كتب الدكتور منذر الفضل:
"تسألت وانا اقف على أرض حلبجة الشهيدة قبل فترة هل حقا انني انتمي للعروبه بعد هذه الادلة على جرائم بطل الامة العربية ؟!
( ألم يحن الوقت أن اعلن الى اطفال كوردستان برائتي من العروبة ؟؟ ) لماذا هذا الصمت مثل صمت القبور من كل العرب وأنظمتهم ومن المسلمين ودولهم على هذه الجرائم ضد الكورد ؟ لماذا سكتت وسائل الاعلام بكل الوانها عن ذلك بينما نطقت بالحق بعض وسائل الاعلام الاجنبية حتى ان قضية هجرة مليوني كوردي بعد انكسار الانتفاضة الباسلة عام 1991 لم يكشفها او ينطق بها احد الا مراسل شبكة CNN الذي يعتبره صناع الارهاب من الكافرين ..!"

ارى ان العاطفة الشديدة قد افقدت الدكتور منذر الفضل دقة الاحساس بمعاني كلماته. فهي يخلط تماما بين العرب وحكامهم, ولا يبدو ان لغضبه العارم من وقت او صبر لتحديد هدفه بدقة, فجاءت نظرته قومية بحتة في تحليلها, شاء ذلك ام ابى, وان كانت بالاتجاه المعاكس.

ان الشعبية التي لدى صدام عند بعض العرب المخدوعين باعلامه والواجدين فيه بديلا عن حكامهم التافهين يدعو للاسف ولتصحيح تصورهم, لكنه لايبرر مثل هذه المواقف السياسية المحقرة للعرب عموما.

ان الدكتور الفضل يعلم جيدا ان "وسائل الاعلام" العربية لم تعبر يوما عن العرب, و لم يكن لها ان تحتج يوما على ذبح العرب انفسهم, فلم يتعجب ان سكتت على ذبح الاكراد؟ اولا يكفي انها سكتت على الظلم والقهر الموجه للعرب لتبرئة العرب منها؟
وهذا المديح للاجانب. هل يلام العرب الذين لاحول لهم في امر حكامهم اكثر من الاجانب (والمقصود الغربيين) الذين ينتخبون حكامهم, على جريمة اشترك فيها حكام العرب والاجانب؟ ان من باع الكيمياوي الذي ضرب حلبجة هم الغربيين, واخص منهم بالذكر تاجر هولندي, بدأوا الان ملاحقته لسبب مجهول. اما مراسل ال CNN فينتمي الى الدولة التي منعت الامم المتحدة وقتها من استصدار قرار ادانة صدام بجريمة حلبجة وقتها, لانه كان طفلها المدلل حين ارتكاب جرائمه وكانت تسانده بالمال والدعم السياسي كما لم تدعم حاكما عربيا في التاريخ. من الجيد التمييز بين مراسل CNN وبين حكومته, ولكن الاجدر ان يميز الشعب العربي عن حكوماته قبل ذلك.

خالد صبيح

يعبر خالد صبيح عن هذا الغضب بقوله:
" لكن الكردي (.....) ليتشبث بشراكة يريد أن يكون هو الرابح الوحيد بها. فهو متشبث بالبقاء ولكنه يعمل ويعيش لحلمه في أن يفارق شركائه (الأجلاف)."
ثم يعود لينبه ان الاكراد ليسوا معصومين من خطر التعصب القومي:"العدو الخارجي مرة أخرى، صرخة القومية المتعصبة الأبدية". ثم يتحول غضبه الى عتاب بين السطور حين يقول:
"فلا يمكن أن يتشارك في ارض واحدة ووطن واحد ومصير واحد قوم لايجيدون لغة بعضهم البعض ولايفهمون بعضهم وأكثر من هذا ينفر بعضهم من بعضهم الآخر وكثيرا ما يشك به ويكرهه والأكثر سخرية يستنكف منه.. فكيف سيعثرون على ما يجمعهم إذن وسط ذلك الاضطراب وتلك الأحقاد."

في الوقت الذي يقر فيه خالد صبيح بحق تقرير المصير وحق الانفصال, فهو يراه "ابغض الحلال" لذا فانه غاضب على "دعاة انفصال الإقليم الكردي من جامعي التواقيع" لانهم لايريدون اعطاء الوقت والفرصة لاستمرار العراق موحدا لحين تحقيق حلم الديمقراطية الذي سيسعد الجميع, بل يصرون "على أن يحدث الاستفتاء الذي يريدون أن يمرروا من خلاله مشروعهم، الآن.. الآن، الآن وليس في وقت آخر لأنهم يدركون، بالفطرة ربما، إن الجرح الكردي لايزال طازجا وان مفاعيل الضخ الأيدلوجي في كراهة الشريك العربي والإبداع في وصف عدوانيته وتربصه ستفقد مفعولها تماما إذا ما حلت مشكلة العراق الأزلية واعني بها الديمقراطية السياسية"

محسن صابط الجيلاوي

اما محسن صابط الجيلاوي فيحتج على الهجوم على العرب من قبل بعض المتضامنين مع الشعب الكردي, الذي يراه هجوما متحيزا,.
لكن محسن الجيلاوي يخشى ان يساء فهمه فيقول:

- أنا مع الشعب الكردي في سعيه من أجل الحصول على حقوقه المشروعة سواء ضمن أطار الدولة العراقية أو حتى الانفصال وإقامة دولته الوطنية، وتلك مسائل يقررها الشعب الكردي وحده، طبعا بدعم من أصدقاءه في العراق وفي كل مكان من هذا العالم.
.....
أنا لا أومن( بالقوم?ية) العربية التي تماهى بها البعث كمفردة فاشية، بل أومن بالأمة العراقية التي يتمازج فيها كل أبناء هذا الوطن، طالما ارتضوا لأنفسهم العيش المشرك على هذه الأرض الطيبة."

ثم يلوم زهير كاظم على سوء فهمه لهادي العلوي:

"فكامل مقالة هادي العلوي تناقش الموقف من سلطة غاشمة، من (حسناتها) أنها جعلت العراقيين سواسية في مخططها الإجرامي الموغل بالقتل وتصفية الناس، ولا يوجد في مقالة هادي العلوي المعنونة ( براءة إلى أطفال كوردستان) أي شيء يدل على انه أراد أن يقول أننا جميعا عرب العراق وراء جريمة إبادة الشعب الكردي"

....." بقدر مناقشته لسلطة جندت الناس عنوة بحروب عبثية، لم يكن للناس رأي أو خيار برفضها، فمجرد هروب لأيام معدودة يعني الإعدام ودفع بدل طلقات التنفيذ، وبقدر وجود مئات الآلاف من العرب جنود وضباط في هذا الجيش المسخ وحرسه الوطني وفي المخابرات وقوى الأمن، كان هناك مئات الآلاف من الجنود والضباط الكورد والتركمان والكلدان والاشور"

"في هذا الجيش وفي المؤسسات القمعية الأخرى كان هناك مئات الآلاف من( الجحوش) الأكراد الذين نظمهم النظام بالارتباط مع شيوخ عشائر وأغاوات كانوا يرون في النظام الدكتاتوري خير ضامن لمصالحهم"

"لهذا اجزم أن هادي العلوي كان يريد البراءة من هوية هذا الجيش ( العراقي ) الذي يمارس هذا القتل، من هوية عراقية مغتصبة من دكتاتور أحمق"
"وأي قراءة أخرى هي قراءة مضللة لا يمكن أن تنطلق من رجل ( عراقي – عربي ) يؤمن بالعراق، ووطني صادق لا يشك احد بوطنيته وبالظلم الذي تعرض له على أيدي نفس النظام، وهو الصديق لمئات من العرب المناضلين وهم في طريقهم إلى جبال كوردستان الشماء في سعيهم لإزاحة ليل الدكتاتورية البغيض، لهذا لا يمكن أن يضعنا جميعا ( عرب العراق ) مجرمين وقتله، نقف وراء ما تعرض له الشعب الكردي"

لا أعرف لماذا يتناسى المقابر الجماعية في الجنوب، ولماذا هذا الصياغة البسيطة لطبيعة ما جرى في العراق، ؟ فهوية القتلة معروفة، أما المديح والنوايا الضيقة لا يكمن لها بأي حال أن تخلق مستقبلا أفضل"

لهذا لا يمكن لشعبنا في جزءه العربي أن يؤخذ بجريرة أحد أبناء جلدته ( وهو أمر افتراضي )، كما لا يمكن أن يؤخذ الشعب الكردي بجريرة جرائم جلال أو ناوشيروان، أو بجرائم الجحوش من هيركيين وزيباريين وبرادوستيين وطلبانيين بحق الآلاف من البيشمركة الأبطال أيام النضال ضد الدكتاتورية.

"الشعب الكردي يحتاج إلى مثقف يثير الجدل في شارعه السياسي، لا إلى مديح وتصفيق فتلك هي أبجديات الضحك على الشعوب الفقيرة"

خاتمة

اذا اهملنا البعض القليل من التهجمات الشخصية المؤسفة وغير المفيدة لموضوع النقاش, نرى ان ما د ار كان حوارا ممتازا, يحتوي الكثير من المراجعات الذكية والشجاعة لموضوع العلاقة العربية الكردية في العراق بصراحة وعقلانية تتفوق على ماسبقها في كل شيء.

من ناحيتي اقول ان وضع اللوم على الشعب العربي حكم عام فيه ظلم له وتبرئة ضمنية لحكامه من جريمتهم ومن صفتهم الدكتاتورية. ان من يلجأ الى التخلي عن هويته موجها بذلك رسالة احتقار لاهله ربما دون ان يحس بذلك, انما يعبر عن افتقار الى الدقة في الحكم ويرتكب خطأ مؤلما. فهو يقدم نفسه, ربما دون ان يدري, على انه النظيف الوحيد في شعبه, او من القلائل فيه. لو ان اجنبيا وصف شعبنا بهذه الطريقة لجن جنوننا, فلم نفعل ذلك نحن؟

لايستحق الشعب العراقي الذي امتلأت السجون والمقابر الجماعية بابنائه الرافضين للظلم هذه المعاملة وهذا يعرفه من وقع في ذلك الخطأ اكثر مما يعرفه غيرهم.

من ناحية ثانية نلاحظ كما هو متوقع, ان مثل "حملات التبرء" هذه تقابل بحماس شديد في الجانب الكردي, وهو امر مفهوم, ان يمتدحك احد بلا حدود, ويتعاطف مع الامك بلا حدود. لكن المراقب المتأني يلاحظ انه ربما لا تكون تلك المواقف الاحادية في صالح الاكراد انفسهم. ليس فقط لانها لاتشجع النقد الذاتي المهم, لكنها تفقدهم شريحة كبرى من الاحتياطي المثقف الذي يقف معهم عادة في المواقف السياسية والانسانية, لكنه يرفض تحميل الشعب العربي في العراق ذنبا لم يقترفه. لاحظوا ما يجري الان من نقاش او صراع ولاحظوا ان طرفيه ينتميان بلا ادنى شك الى المدافعين عن حقوق الاكراد, والبعيدين تماما عن العنصرية القومية.

العراق يا ناس كان سجنا يضم, مثل كل السجون, سجانين وحوش, وسجناء لاقدرة لهم حتى على الدفاع عن انفسهم, فهل لنا ان نجمع هؤلاء واؤلئك بعبارات لاتميز بينهما؟ هل لنا ان نتحدث عن "رأي السجن" مثلا؟
. لنتصور كم هي فارغة من المعنى عبارات مثل "رصاصات جماعة السجن" و "ضمير جماعة السجن" و "زمن جماعة السجن الاحول" و "اعلام السجن" و"عقل جماعة السجن المريض".

فهل ان علاقة العرب بحكوماتهم علاقة شعوب بحكومات تمثلهم ام انها اقرب الى علاقة المساجين بالسجانين؟

ان التضامن مع الشعب الكردي وحقه لايشترط, ولايجب ان يكون, على حساب شعب مظلوم ثان, هو الشعب العربي, خاصة من قبل خيرة مثقفيه. الشعب العربي بحاجة الى تظامن ابناءه وغيرهم معه, هو بحاجة اليهم لتوكيد القيم النبيلة فيه والتركيز عليها وانعاشها ورفع ثقته الانسانية بنفسه وبالعالم, وليس العكس. ولعله اليوم اكثر حاجة الى تضامن الشعب الكردي معه من حاجة الشعب الكردي الى تضامن العرب معه في العراق. فالاكراد في العراق اقوى الفئات تنظيما وتسليحا ووحدة, وتتمتع بافضل العلاقات مع القوى المؤثرة في العراق.

لقد تغيرت خارطة القوى السياسية في العراق, لكننا مازلنا ناخذ مقاييسنا من الخارطة القديمة.

عندما اشار كل من هادي العلوي وزهير كاظم عبود ومنذر الفضل, كل الى براءته من هويته, كان يقصد بلا شك التبرء من الظلم والجبروت حتى لا يحسب ظالما متسلطا على الاخرين, بل الوقوف الى جانب المظلوم. فهل "العرب" بشكل عام ظالمون ليتاح لنا ان نتخلى عن الظالم دون ان نسيء الى مظلوم؟ لا نحتاج لاكثر من لحظة تفكير واحدة لنعرف ان العرب اجدر بوصف المظلوم من الظالم, فارضهم محتلة وشعوبهم مقهورة بجنود اجنبية ودكتاتوريات عميلة او لحسابها, ونفطهم منهوب لايشترى بثمنه الا القيود التي تكبلهم والرصاص الموجه الى صدورهم, فهل للمرء ان يفخر بالتخلي عن شعبه ان كان في مثل هذه المحنة؟

لا ادعو بالطبع الى مسامحة المظلوم عندما يظلم اخرين, ولا التساهل معه بالنقد الجارح العادل الموجه. لكن ليس للمثقف العربي او غيره ان يتمتع برخاء المواقف المبسطة التعميمية وان ينساق مع غضب قلبه الى قرارات عاطفية شاملة مدوية. ليس له ان يوجه الى شعبه اسلحة دمار شامل تضرب الجميع بلا تمييز, بل هو مسؤول عن تجشم عناء التحليل والتفصيل, ليوجه ضربته بشكل اكثر دقة.



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طائر الشمال الجميل يسحب استقالته!
- استقالتك مرفوضة ايها الطائر الجميل
- خير الامور ليس دائما اوسطها: في العلاقة العربية الكردية في ا ...
- الاعلام والحملات الانتخابية -4 – نظرية التوازن النفسي وتأثير ...
- الحملات الانتخابية والاعلام -3- الخط الايديولوجي
- تحية تقدير للمبادرات السياسية الذكية واصحابها
- ملاحظات حول مشروع الدستور الدائم للدكتور منذر الفضل
- الحملات الانتخابية والاعلام 2- حلزون الصمت
- الحملات الانتخابية والاعلام-1- الرسالة الاعلامية والمتلقي
- من هم الملوك؟
- ملاحظات عاجلة حول الحملات الانتخابية
- الامانة الموضوعية.. والشجرة: مراجعة لمقال صبحي الحديدي
- لم الحماس للقوائم الموحدة؟
- خدمتين جديدتين مهمتين لمستعملي الحاسبات
- هولندا: شعب طيب وصحافة عاهرة – 2- منع التكامل الاجتماعي –
- مقالق جلالة الملك
- الانتخابات: سنذكرها كحلم جميل, ام كابوس مرعب؟
- هولندا: شعب طيب, وصحافة عاهرة: 1- -كفار وسرقتهم حلال-
- عقدة الخوف من صدام تعود الى قلوب العراقيين
- نحن وحوارنا المتمدن


المزيد.....




- قائد الثورة : اصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو غير كاف بل يجب ...
- قائد الثورة: لا يكفي صدور احكام اعتقال قيادات الكيان الصهيون ...
- حملة اعتقالات بالضفة تطال 22 فلسطينيا بينهم صحفي وجريح
- هيومن رايتس:-إسرائيل- استهدفت صحافيين بلبنان بأسلحة أميركية ...
- عاجل | المرشد الإيراني: إصدار قرار الاعتقال لقادة إسرائيل لا ...
- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- هآرتس: ربع الأسرى الفلسطينيين في سجون -اسرائيل- اصيبوا بمرض ...
- اللاجئون السودانيون في تشاد ـ إرادة البقاء في ظل البؤس
- الأونروا: أكثر من مليوني نازح في غزة يحاصرهم الجوع والعطش
- الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - صائب خليل - صراع بين المتضامنين مع الشعب الكردي