|
المرأة في ربيع التغيير العربي
ناصرعمران الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 3660 - 2012 / 3 / 7 - 09:07
المحور:
ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي
المرأة في ربيع التغيير العربي المرأة عرض جانبي لحدَث الرجل الرئيسي ،وأن الثورات يدفعها الرجل بشكل متأصل ويسيطر عليها ،بينما تُترك المرأة لتلعب في افضل الحالات أدواراً مساعدة ،كما تقول الدكتورة (ناتانا جي ديلونغ باس) رئيسة تحرير(موسوعة اكسفورد )،والمهووسة جدا ً بدراسة الاسلام والمرأة ومتابعة ،بشكل دقيق وبعين فاحصة لربيع التغيير العربي وموقف المراة منه ، وهي تثني على دور المراة التي قلبت طاولة واقعها لتنزل الى الشارع والذي لم يكن نزولها تحديا ً واعتراضا ً على جور الحكم الذكوري فحسب بل على الدكتاتورية الأنثوية ايضا ً، كما هو الحال بزوجات الرؤساء امثال ليلى الطرابلسي وغيرها في واقع الدكتاتوريات العربية الساكن منذ زمن طويل ،لم تكن سهام بن سدرين ونزيهة رجيبة واسماء محفوظ ومنيرة فخرووغيرهن الكثيرات التي زخر بهن ربيع التغيير،نتاج حالة راهنية افرزتها رد ة فعل غير متوقعة أوصلت الامور الى ما وصلت اليه ،وانما هن نتاج مخاض عسير لولادة ضاجه بالالم والدم ،نساء الربيع العربي يحملن دوما ثنائيات من الالم والظلم والجور والدكتاتوريات ،فليست مشكلة المرأة مع النظام الاستبدادي الظالم والجاثم بلا هوادة فوق صدرعجلة الزمن فحسب وانما هي حالة من الاستشراء التاريخي للظلم الذي تراكم منذ ان تنازلت ذات يوم في غفلة تاريخية عن زعامة اسطورية للاسرة (الاسرة الامومية ) والحياة لمصلحة الشريك الرجل ، الذي جرها الى التخفي والتشيء والعبودية المقيته وسوق النخاسة والجواري ،والحديث بعموم السرد التاريخي لواقع المراة ، ففي تونس وبعد اول انتخابات ديمقراطية حققت فيها الاحزاب الاسلامية الانتصا ر وبعد تشكيل الحكومة لم نرى ان هناك دورا ً مهما للمرأة كقيادية حملت مع الرجل اعباء الثورة ولم نلاحظ في المغرب ذات الصورة بعد التجربة الاصلاحية المهمة ،اما في مصر ففي ميدان التحرير كانت المراة علامة فارقة وهي تصرخ حرية مساواة عدالة اجتماعية ،ولكن الذي حصل بعد ذلك لم تشكل المراة في ذهنية قيادات الثورة سوى الصورة الهامشية للمراة ،بالرغم ان المراة تعرضت في ميدان التحرير الى اضطهاد وضرب قوات الامن والجيش وبعد الانتخابات لم نلاحظ سوى موتمر للاخوات المسلمات بعد 60 سنة بحضور مرشد الاخوان المسلمين عندما تاكدت القراءات العديدة لهيمنة الاخوان والحركات السلفية على نتائج الانتخابات المصرية ،وفي الوقت الذي حصدت فيه توكل كرمان جائزة نوبل للدورها الريادي في قيادة التظاهرات التي تطالب باسقاط نظام صالح ،لم نرى دورا ملموسا في تشكيل حكومة والتي تمت بصفقات لم ترتق ِ الى قوة المطالبة والتغيير ، فحكومة (باسندوة ) التي هيات طبقاً لمبادرة خليجية خروج صالح بدون مسائلة قانونية لم نلاحظ اي دور يذكر لحصاد جهود المراة اليمنية الذي توجه حصول(توكل كرمان ) على الجائزة العالمية ،وتتابع المراة في سوريا والبحرين دورها الريادي بقيادة المعارضة جنبا الى جنب مع الرجل ، ولعل السؤال المهم والذي يشغل الجميع ماهي محصلة المراة من هذا التغيير الذي يسير باتجاه هيمنة اسلامية ..؟ ان السؤال يحيلنا الى ماذهبت اليه الدكتورة (ناتانا باس ) وهو ان المراة دائما تشكل عنصرا ً مساعدا ً سرعان ما تتحول الى دور هامشي ،ان مشروع الثورة والتغيير يظل مشروعا ً ذكوريا ً بامتياز ولان المشروع الذكوري دائما يجد المراة الاخر الواجهة والصورة ،وبالرغم من ان المراة الثورية تقع عليها مسؤولية وجهد مضاعف ،كونها نتاج المجتمعات الشرقية ذات الصبغة والنوع الذكوري ، والذي يكون قاسيا في التعامل مع المعارض والمخالف كمجتمعات فما بالك بحكومات لها تجربة وممارسة طويلة باضطهاد المعارض والمخالف وسمعنا وعشنا حكايات قريبة للخيال عن انواع التعذيب والاضطهاد الذي مارسته الحكومات الدكتاتورية ،وما حدث في ساحة التحرير للمراة هو خير دليل ، ان الهيمنة السياسية لاحزاب الاسلامية والسلفية لهو حدث كبيروصادم في مسيرة المراة ،ففي الوقت الذي عاشت فيه المراة خيبات امل كبيرة من حكومات وافكار ومجتمعات علمانية تؤمن نظريا على اقل التقدير بحقوق المراة ومساواتها وتاثيرها كعضو فاعل في المجتمع ،هاهي المراة في مصر ترتدي النقاب السعودي الاكثر رواجا في الاسواق المصرية ربما بالتماهي مع اكتساح الفكر السلفي والاسلامي للمجتمعات ،ان الفكر الاسلامي الذي نعنيه لايعني (العقيدة الاسلامية ) وانما نعني به الايديولوجية الدينية والراي الفقهي والسياسي المبني على اسس فكرية تنتمي الى رؤية سياسية ، والاخطر على المجتمع ما نقرأه ونراه على ارض الواقع ،فهل الذي نراه هو ما خرجت من اجله المراة ..!! هل لهذه الاحزاب التي تتسيد الساحة برامج ومنهاج لقيادة المجتمعات وهل رؤية المراة ضمن منهاجهم طبقا ً لرؤية ديمقراطية متسعة للاخر المعارض وقبوله ،ام ان واقع الحال سيجرنا الى مصطلحات الكفر والالحاد والفسوق ،ان ماحدث في مجلس الشعب المصري وقيام احد النواب بقطع جلسة المجلس (بالاذان ) والدعوة الى ان وقت الصلاة قد حل ،هو صورة واضحة لاقحام الدين في مفاصل الدولة والسلطة وفق رؤية ضيقة لم تتسع للاخر الزميل في المجلس فما هوالحال في النظرة الى المرأة.! لم تكن الانتخابات عاملا مساعدا ً للمرأة كي تتخذ من خلاله طريقها الديمقراطي في الوصول الى مكاسبها وحقوقها ،فقد هيمنة على سلوك الناخب عقده الشرقية المتمثلة (بالعصبية القومية والطائفية والقبلية والذكورية ) فكانت المحصلة ،ان تكون خارج البرلمان بعد ان كانت داخله كما حدث في الانتخابات الكويتية الاخيرة ولم يكن الحال بافضل منه في انتخابات تونس والمغرب ومصر ففي هذه البلدان التي عاشت التغيير على مستوى الانتخابات ،كانت المراة العنصر الاقل حضورا ً، واذا كانت تجربة العراق الانتخابية قد منحت المراة تمثيلاً على اساس الجنس ودعما للمشاركة الديمقراطية بوجود المراة واسقراءا ً منطقياً وموضوعيا ً للواقع العراقي ،فان المرأة عانت هيمنة من نوع اخر هو ان تكون رقماً ملزما ًبفعل متطلبات النظام الانتخابي ،لا على اساس التمثيل النسوي الفاعل ،فعانت هيمنة الحزب والتي هي بالمحصلة هيمنة الرجل ،ولقد اتضح جليا حين شكلن النائبات العراقيات وفي الجلسة الاولى لتشكيل الحكومة صورة الاعتراض على تهميشهن ،فهن خارج الا تفاقيات والمؤتمرات التي تعقدها الكتل السياسية ،وزاد ذلك حين جاءت الحكومة خالية من عنصر نسوي في شغل الحقائب الوزارية فكأنما اتفقوا فقط بمواجهة المرأة وهم المختلفين في غيرها دوما ،ًوبالرغم من ذلك فان المرأة العراقية الاكثر تحقيقا ً للحضور والحصول على مكاسب ابان التغيير مقارنة ً مع نظيراتها في بلدان التغيير العربي ،فهن اللواتي ساهمن بالغاء القرار الصادر من مجلس الحكم الذي تم تشريعه لالغاء قانون الاحوال الشخصية ، وهن الان من يحاولن ادخال تعديلات دستورية على المادة (41) من الدستور التي جاءت بتضمين الغاء قانون الاحوال الشخصية لمصلحة التاكيد على التقسيم الطائفي في الخضوع الى مسائل الاحوال الشخصية ، وفي الوقت الذي تضمن المراة العراقية حصولها على مقاعد البرلمان فهي ايضا صاحبة الحضور الكبير في منظمات المجتمع المدني والتي كان لها دور كبير في الضغط على مجلس النواب في انهاء الجلسة المفتوحة وتشكيل الحكومة ،مع دورها الفاعل في اشاعت ثقافة حقوق الانسان ودولة المواطنة ، وهذا مع اعتبار التغيير العراقي هو الفاتحة الحقيقية للتغيير الذي شهده المجتمع العربي ،بالرغم من السيطرة الواضحه للاحزاب الاسلامية الا ان الواقع العراقي لما يزل يحتفظ بصورته كشعب متدين باطارعلماني ،واذا كانت هناك احداث حصلت في العراق بعد التغيير فهي طارئة اوجدتها التنظيمات الارهابية الخارجة عن نسيج المجتمع العراقي ،لكن الصورة مختلفة في التغيير العربي ،فالصراع في تونس على مدنية الدولة وصراع الثقافات المستندة الى طبيعة الواقع التونسي وهيمنة الاجندات الاسلامية السياسية والتي حققت حضورها انتخابيا ً، فشهدنا اعمال كثيرة وبخاصة في مدينة (سيدي بوزيد ) معقل ثورة الياسمين كما تسمى في تونس ، وسمعنا بان هناك مدينة شكلت امارة اسلامية في تونس ،وهذا انطباع واضح على رؤية التغييرالبعيد كل البعد عن رؤية المراة للتغيير والذي نزلت من اجله الى الشارع . اما في ليبيا فلم نرى اي اشارة الى حضور نسوي فعال في وقت رأينا هيمنة ذكورية واضحة ،واحتراب للثوار بعد مقتل القذافي وشيوع النزعة القبلية باطار ديني مما الهب مناطق كثيرة بنار الحروب والتقاتل فيما بينها ، وبالمنطق فان هذه الاجواء الزاخرة بالدم ستكون المراة بعيدة عن لحاظ قادتها ومشرعني تغييرها . وما اختلفت صورة المرأة في مصر والذي كان لها حضورها الكبير في ثورة شباب (الفيس بوك) الا انها ومع شباب الثورة اختفوا في ظل هيمنة سلفية ترفع صور (بن لادن) يقابلها ظهور اخواني حقق اكتساحه في الشارع المصري ،وفي اليمن وسوريا والبحرين تسجل المراة موقفا ً اشد تاثيرا ً واقوى صلابة وهي تقود المظاهرات للمطالبة بحقوق الشعب وحقوقها والنظرة بثبات الى المستقبل ،الذي نتمنى ان لايحذو حذو التغيير في ليبيا ومصر وتونس . وبالمحصلة فان المراة الثائرة على الانظمة ذات الصبغة العلمانية والمطالبة بالتغيير مستندة الى رؤية دولية تدعم حقوقها وتوجهها هي الان تعاني من هيمنة اسلامية سلفية في صورها الاكثر وضوحاً . والسؤال هل ستقود المراة ربيعاً آخر لتكون مشروعاً وقائدا ًللثورة والتغييرويكون الرجل شريكها وليس سيدها ومسؤولها ورئيسها ، وفي ظل اي انظمة بعد ان جربت هيمنة العلمانيين وتغيير الاسلاميين والسلفيين ..؟
#ناصرعمران_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وحدك...!
-
نسيان يفترض الذاكرة...!
-
عكازة خريف...!
-
تموز...الذاكرة العراقية المرّة...!
-
البيان رقم واحد صورة الدموية المتناسلة في التاريخ العراقي..!
-
منتظراً عند ابواب رأس السنة...!
-
أحتاجك...!
-
عقلنة الدولة وأثره في تجسيد مفهومية حقوق الانسان
-
مُرتمٍ بأحضان الذاكرة يهدهدني الأرق...!
-
لعلك ِمودعة ً ٌبأعتاب الفجرْ...!
-
آبهاً بأشيائي المارَة...!
-
الهيئات المستقلة في الدستور العراقي بين تجربة العمل وماهية ا
...
-
تذاكر الانتظار...!
-
وجع ٌعلى أقواس الفصول...!
-
نزيف إبتهالي...!
-
محاولة لاستدراج وهم بغية اغتياله...!
-
الارتهان ألذكوري في منظومة التشريعات الجنائية قانون العقوبات
...
-
مُنجذبٌ اليك ًبالفِطرة ِ ، يحدوني ا لغَفلْ..!
-
تعال نرممُ ما قد تبقى...!
-
سطور من ثقافة الدم في العراق
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
آفاق المرأة، والحركة النسائية، بعد الثورات العربية، بمناسبة
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|