سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 3656 - 2012 / 3 / 3 - 18:33
المحور:
سيرة ذاتية
الكتاب الثالث
المرأة وافاق التطور في العراق
جاء الكتاب تقديرا للاهمية التاريخية لعام المرأة العالمي, وثمرة عام من العمل الصحفي كمسؤلة عن صفحة المرأة في طريق الشعب وبمساعدة الشهيد سعدون علاء الدين , المدير الفني لدار الرواد أنذاك, فقد بذل المستحيل لاصداره قبل اليوم العالمي للمرأة في 8/اذار/1975, وقبل انعقاد المؤتمر العالمي للمرأة في عام 1975 رغم قصر الوقت المتاح.
يضم الكتاب 135 صفحة وستة فصول. وركز في مقدمته على الاهمية التاريخية لعام المرأة العالمي, لانه سجل الانطلاقة الاولى للمطالبة بالاعتراف الكامل بحقوق المرأة على النطاق العالمي , واطلاق مساهمتها الفعالة في صنع تاريخ وغد البشرية المشرق. وجاء نتيجة حتمية لتطور المجتمع البشري , واكد على ارتباط قضية تحرير المرأة بتحرير البشرية من جميع اشكال الاستغلال والتمييز بين البشر. وقدم في فصوله دراسة شاملة لاوضاع المرأة العراقية عامة واوضاع كل فئة اجتماعية وما تعانيه من مشاكل اجتماعية واقتصادية وثقافية, بهدف وضع الحلول الصائبة لها. ووضع الاسس الصحيحة لا نطلاق المرأة العراقية في ميدان التنمية والتحرر وارتباط كل ذلك بافاق تطور العراق اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وتعزيز مواقعه الدولية ودوره في توطيد السلم والصداقة بين الشعوب.
وربط الكتاب بين التركيب الاقتصادي الاجتماعي للشعب العراقي ووضع المرأة بصورة عامة ووضع كل طبقة او فئة من طبقاته وفئاته. وكانت بلادنا في تلك الفترة اسوة ببقية البلدان النامية تتواجد فيها عدة انماط من علاقات الانتاج , وتصارع القديمة منها من اجل البقاء بترسيخ جميع التقاليد البالية ولاسيما ضد المرأة لشل نصف المجتمع عن الكفاح من اجل التطور. فعلاقات الانتاج شبه الاقطاعية تصارع من اجل البقاء ضد علاقات الانتاج الراسمالية مركزة هجومها على طموحات الفلاحين في انجاز الاصلاح الزراعي الجذري ومتشبثة بكل القوانين والتقاليد والاعراف التي تقييد حركة المجتمع نحو الامام ولاسيما تكبيل المرأة وتعتبرها انسانا من الدرجة الثانية , فهي قاصر ولابد من ولي امر لها ابوها او اخوها او زوجها, وحتى ابنها. وتبيح القوانين لولي امرها تاديبها حتى وان ادى ذلك الى قتلها . دع عنك اباحة قتلها غسلا للعار . ورغم نشوء وتطور علاقات الانتاج الراسمالية في العراق منذ مطلع القرن العشرين فقد ازداد التمييز ضد المرأة العراقية واتخذ اشكالا جديدة فضلا عن القديمة. فالراسمالية حتى في ارقى اقطارها لم تحرر المرأة وابقت على التمييز ضدها بنسب مختلفة.
واذ حتم الواقع الاقتصادي الاجتماعي تقسيم مجتمعنا الى فلاحين وملاكين, وعمال وراسماليين وبرجوازية صغيرة , فقد حتم تقسيم اجتماعي اخر بالنسبة للمرأة العراقية . فالى جانب العاملة والفلاحة والملاكة وحتى الراسمالية والبرجوازية الصغيرة هناك فئة واسعة اخرى تضم اكثر من 50 بالمائة من نساء العراق باسم , ربات البيت, اذ ليس هناك ما يشابهها في التقسيم الاجتماعي للمجتمعات . فلا يمكن ادراجها بالطبقة العاملة لانها لا تتقاضى اية اجور!! ولا بالعمال العاطلين لانه لم يتح لها البحث عن عمل ويحال بينها وبين اي عمل اجتماعي .
وتناول الكتاب نشوء وتطور حركة تحرير المرأة في العراق وارتباطه بتطور حركة التحرر الوطني في مطلع العشرينات من القرن الماضي وتحديدها منطلقات التحرر وركائز التخلف والتبعية . وتشخيصها لقضية تحرير المرأة كمنطلق لتحرير المجتمع. ففي عام 1924 نشرت جريدة الصحيفة عدة مقالات عن اوضاع المرأة العراقية وطالبت بتحريرها اقتصاديا واجتماعيا وفتح مجال التعليم امامها وتحريرها من الحجاب . ولم يصبح شعار تحرير المرأة شعارا جماهيريا الا بعد تنامي دور الطبقة العاملة العراقية وحركتها النقابية والسياسية ونشوء فئة من النساء المثقفات وانخراطهن في العديد من المهن المتقدمة كالتعليم والطب والمحاماة والهندسة . وبرز بعضهن في مجال الادب والفن وشغلن المناصب الادارية الثانوية. وتشكلت بعض المنظمات الاجتماعية النسوية في الاربعينات . وفي عام 1952 تأسست رابطة الدفاع عن حقوق المرأة وتطورت الى حركة جماهيرية عملت على تطوير وعي المرأة الوطني والاجتماعي والصحي والثقافي . وتطورت مساهمة المرأة العراقية في نضالات شعبنا الوطنية وانتمت الى الاحزاب السياسية وتحدت الاعتقالات والتعذيب والسجون كما وبرزت بطلات تحدين الرصاص في انتفاضات شعبنا
واحدثت ثورة 14/تموز تطورات نوعية في المجتمع العراقي فقد حررت البلد من التبعية الامبريالية ووجهت ضربة قاصمة للاقطاع, ركيزة الاستعمار والرجعية باجراء الاصلاح الزراعي وكسرت بعض القيود الاقتصادية وفرضت الجماهير الحريات الديموقراطية , فانطلقت حركة تحرير المرأة وفرضت بنشاطها في تحقيق الثورة وصيانتها احترام دورها واستجابة مطالبها ولاسيما سن اول قانون للاحوال الشخصية في العراق وفي البلدان العربية وفتح المجال لها لاشغال المناصب العليا في الدولة بما فيها منصب الوزارة. فكانت الدكتورة نزيهة الدليمي رئيسة رابطة المراة العراقية اول امرأة تحتل مثل هذا المنصب في العالم العربي
ومع ارتداد الحكم عن النهج الديموقراطي انحسر المد الثوري واستعادت القوى الرجعية مواقعها وعادت الى اسلحتها من اجل تثبيت مواقعها وفي مقدمتها قوة العادة والتقاليد البالية وبالاعتماد على قوى التجهيل والظلام وركزت هجومها على مكتسبات المرأة كما يجري اليوم.
واذ لم يشر الكتاب الى جرائم انقلاب شباط الفاشي مراعاة للظروف السائدة فانه اشار الى الضربات التي وجهت الى حركة تحرير المرأة والى انقلاب 17/30/تموز/1968 بالانعطاف الثوري وليس كما يصر الحكم على اعتباره ثورة رغم ان الكتاب صدر في اوج انجازات حكومة البعث في الميدان الاقتصادي والاجتماعي . فقد حاول حزب البعث في هذه المرة الظهور بمظهر الديموقراطية وتبني قضية تحرير المرأة .
واشار الكتاب اخيرا الى ان اهداف المرأة العراقية عموما واهداف كل فئة من فئاتها تنسجم كل الانسجام مع اهداف شعبنا وتعزيز مسيرته وما تتطلبه من تعزيز الاستقلال السياسي والاقتصادي وتوطيد الديموقراطية وتقوية القطاع العام في الصناعة والزراعة ودوره القيادي في الاقتصاد الوطني وتطوير اجهزة التعليم وتعميم التعليم الالزامي ومكافحة الامية وتحرير المرأة وتوطيد الوحدة الوطنية بتعزيز الحكم الذاتي للشعب الكردي وتعزيز نهج التضامن والتكامل الاقتصادي مع الدول العربية والدعم المتزايد لحركة التحرر الوطني العربية ولاسيما للشعب الفلسطيني والنضال من اجل السلم والديموقراطية في العالم. وتحرير المرأة واطلاق مساهمتها الفعالة في جميع هذه الميادين يشكل عنصرا اساسيا في تحقيق هذه الاهداف وتسريع وتيرته
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟