أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سهر العامري - نظرية المال عند صدام !















المزيد.....

نظرية المال عند صدام !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1077 - 2005 / 1 / 13 - 10:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم كل الجيوش التي بناها صدام الساقط لحماية نظامه ، والتي اشاعت الخوف في قلوب العراقيين ، وزرعت الموت في مدنهم ، وقراهم ، لكنه ، مع هذا ، ظل عديم الثقة بها ، متيقنا أنها قد تنقلب عليه بين ساعة واخرى ، ولهذا جعلها مركبة البناء ، جيش يتحكم في جيش ، وفي دورات من التنظيف المستمر ! تلك الدورات التي أخذت معها للموت رؤوسا كثيرة من تلك الجيوش ، فصدام كان يعرف رجاله من عيونهم ، مثلما يقول هو ، فمن نمّت عيونه عن ثقة بصدام حاز تقديره ورضاه ، وإن لم تنمّ عيونه عن تلك الثقة رحل عاجلا الى القبر في أحسن الاحوال ، وإلا سيكون قبره بطون الكلاب الناهشة ، تلك الكلاب التي استقر في بطونها الطبيب اللواء ، راجي التكريتي ، وذلك بعد أن ضمنت السلطات الأردنية سلامته في حالة عودته الى العراق ، فما كان من صدام إلا ان أوقفه عاريا في حديقة القصر الجمهوري بعد وصوله الى بغداد ، وأمام أعضاء قيادة حزب البعث ، وكبار الضباط ، وجميع الوزراء ، والمحافظين 0 بعدها أطلق عليه خمسة من الكلاب الجائعة ، فلتهمته خلال دقائق معدودة 0 لكن مع هذا الحذر كله ، ومع هذه الجيوش الجرارة ، ظل هاجس المال ، والاستحواذ عليه هو المسيطر على عقل صدام منذ اليوم الأول الذي أقعدته فيه المخابرلات الأمريكية على كرسي في القصر الجمهوري ، كنائب لرئيس الجمهورية ، احمد حسن البكر ، وهو لايزال في السنة الثالثة في كلية الحقوق من جامعة بغداد ، والتي دخلها بشهادة مزورة من أحدى الثانويات المصرية ، وبعد أن رفضت جامعة دمشق قبوله على أساس من تلك الشهادة 0
ولكي تكون اموال العراق والعراقيين تحت تصرفه ، يوجهها الوجهة التي يريد ، فرض نفسه مسؤولا أولا ، واخيرا على كل ما يمتّ للثروة النفطية في العراق بصلة ، فقد اعتبر تلك الثروة مفتاح نجاته ، وعماد حكمه ، وهي لهذا ، بعد ذلك ، سر لا يجوز لاحد غيره أن يطلع عليه ، وكل من اطلع عليه ، بمشيئة صدام نفسه كان جزاؤه جزاء سنمار ، وفي هذا بذات كتب حسن العلوي في كتابه : العراق دولة المنظمة السرية ، عن قتل صدام لكل من اطلع على اسرار اللجنة العليا لمنظمة النفطة السرية التي ارتبطت به مباشرة ، وعدد اسماء منهم : مرتضى الحديثي ، غانم عبد الجليل ، اسماعيل النجار ، عدنان الحمداني ، نوري حمودي ، ويضيف : ( وبالاجمال فقد كانت حركة الجهاز النفطي في الوزارة ، والمؤسسات محصورة بعمليات الانتاج ، والتصنيع النفطي ، وترسم منظمة النفط السرية السياسة النفطية ، وتقرر كميات الانتاج ، وتشرف على مفاوضات الاسعار ، والتسويق ، وعقد الاتفاقيات 0
احيطت اعمال اللجنة بطقوس من السرية ، تبدو وكأنها احدى الجمعيات الباطنية ، أو الماسونية ، فقد استفسر عضو من مجلس قيادة الثورة عن مسألة نفطية ، فرد عليه صدام حسين " إنك تقترب من تيار صاعق " 0 )
وعلى هذا صارت ثروة العراق النفطية ، من وجهة نظر صدام ، ملكا خاصا به ، لا يطيق سؤال سائل عنها ، ولا يريد له شريكا في امتلاكها ، وبهذا التوجه المريض كان يردد على مسامع الناس في العراق ، أنه هو الذي ألبس العراقيين أحذية ، فهم قبل الثورة ! كانوا حفاة لا يعرفونها ، وهو الذي علمهم أكل الطماطة بعد أن كانوا يفتشون عن مخلفات الأكل في علبه التي كانت تُرمى من قبل الجنود الانجليزي خلف معسكراتهم في العراق ، وهو هنا يتحدث عن ايام طفولته البائسة التي عاشها متشردا هنا وهناك ، فالعراقيون ، وعلى العكس من دجل صدام ، كانوا قد عرفوا لبس الاحذية منذ أزمنة سحيقة ، وزرعوا الطماطة ، وأكلوها قبل شعوب العالم ألاخرى ، فهم أول شعب اهتدى للزرع ، والزراعة ، وبلدهم إنما سُمي بأرض السواد لكثرة الزرع فيه ، وليس لغير سبب آخر 0
لقد كان تفكير صدام ينصب في انفاق اموال العراق الهائلة ، بالاضافة الى حياة البذخ التي عاشها ، على تسخير تلك الثروة لحماية نظامه ، وعلى أنه يستطيع من خلالها أن يشتري أي انسان في العالم يريد شراءه ، أملا في مساعدته على البقاء في كرسي الحكم ، ولهذا السبب أغرم هو بدفع الرشى لكل من هب ودب ، والعجيب في أمر صدام هنا هو أنه ، ورغم تربعه على قمة أقذر جهاز قمعي في المنطقة العربية ، كان يقوم بدفع رشاه تلك لمواطنين عاديين هنا وهناك ، مع أن المعروف في بلدان العالم الثالث أن المواطن العادي هو من يقوم بدفع الرشوة للاجهزة المستبدة التي تتحكم به وببلاده ، لكن صداما ، وعلى ما يبدو ، كان يعيش هاجس خوف ظل يسيطر على عقله دوما ، وذلك خوفا على كرسي حكم ما حلم بالجلوس عليه أبدا ، حتى أنه كان يرى اللا شيء رجلا على حد قول الشاعر المتنبي ، وإلا فما الذي تستطيعه أمرأة ، مثل حميدة نعنع ، أن تدفع عن صدام من شر بتصوره هو ، حين ينزل به وبحكمه ، ليدفع لها في واحدة من رشاه تسعة ملايين برميل نفط ، وإذا ما تُرجمت هذه الكمية الى لغة الدولارات لقارب ثمنها الملايين منها !؟
أقول إن حميدة نعنع واحدة من مئات المواطنيين الذين توزعوا على قارات العالم ، والذين وصلتهم رشى صدام الرهيبة ، مع أنهم لا يملكون لانفسهم دفع ضر عنها ، فهل كان صدام فاشلا في دفع رشاه ، مثلما كان فاشلا في حروبه الكثيرة ، وجميع مشارعه من مثل تلك القصور التي بناها ، والتي كلفت العراق ، والعراقيين مليارات الدولارات ، لتصبح في نهاية ألامر مقرات عمل ، واستراحة للجنود الأمريكان ، وليقبع هو في زنزانة تليق به ؟ نعم 0 لقد أثبتت نهاية صدام أنه كان فاشلا في كل شيء ، يضحك عليه مهرج مرتش ٍ مثل مصطفى بكري المصري ، وراقصة في شارع الهرم من القاهرة مثل رغدة السورية ، ورجل متدين يسيل حب الرشوة على جبينه مثل الاردني ليث شبيلات ، وصحفي ينطق قلمه بها مثل الحاج محمد الهوني ، والقاسم ، وعطوان ، وسكرتير حزب مخمور مثل الروسي جيرنوفسكي الذي قال مرة لصحفية سويدية سألته لماذا تذهب الى العراق ولا تذهب الى السويد ، فأجابها ماذا تعطونني أنتم ؟ صدام يغدق علي الملايين !
لقد قدم حكام كثر غير صدام رشى على امتداد التاريخ ، ولكنهم كانوا يضعونها فيما يحقق لهم مصلحة أكيدة بحكم أو بغيره ، فحين اشتد الصراع بين معاوية ، وبين الامام الحسن عليه السلام ، نفذت رشوة معاوية الى عبيد الله بن العباس ، قائد طليعة جيش الحسن ، وقد جرى الاتفاق على استلام تلك الرشوة على قسطين : قسط مقداره خمسين الف دينار يسلم لعبيد الله نقدا ، وقسط بذات المبلغ يسلمه معاوية له حال دخول معاوية الكوفة عاصمة الدولة الاسلامية وقتها له 0
هذا هو الدهاء الذي وصف بعض من المؤرخين العرب معاوية به ، بينما وصفه الامام علي عليه السلام على غير ذلك بقوله ( والله ما معاوية بأدهى مني ، ولكنه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس 0) ، ولكن صداما ، رغم غدره ، وفجوره ، ما كان داهية كما صورت له نفسه ذلك أبدا 0
لقد تخيل صدام واهما ، بعد ذلك ، أنه في حالة فقدانه الحكم في العراق سيعود اليه بالاموال التي سرقها من العراقيين ، واستودعها في أماكن شتى ، وقد كانت آخر سرقة كبيرة لتلك الأموال ، وفي هذا التوجه ، ما قام به ابنه قصي حين سطا على البنك المركزي العراقي قبيل سقوط بغداد بيومين في أيدي القوات الامريكية ، سارقا ملياري دولار ، وبأمر من صدام نفسه الذي أوعز في الوقت نفسه لفلوله بتنفيذ العمليات الارهابية بعد هزيمة جيوشه الجرارة دون قتال على مشارف العاصمة العراقية ، بغداد ، وذلك من خلال جيوش جديدة تعيش في الظلام ، وتقتات على اموال العراقيين المنهوبة ، وترتدي الدين لباسا هذه المرة ، فكان جيش محمد ، والجيش الاسلامي ، وانصار السنة ، وما هؤلاء الا مطية أراد صدام الركوب عليها للوصول الى الحكم في العراق ثانية ، وحتى في هذا الشطر من النظرية المالية الذي كان يتغنى به صدام منذ سبعينيات القرن الماضي ، وهو على سدة الحكم ، سيكون صدام فاشلا حتما ، فهو لم يقدر أن هناك من يمتلك مالا اكثر منه ، وأن كل ما سرقه من العراقيين لا يعادل ذرة مما تضيق به الخزائن الامريكية من بلايين الدولارات ، وفشله في نظرية المال هذه! سيكون مثل فشله في نظرية حرب المدن ! تماما ، تلك النظرية التي بناه على يقين راسخ ، وبعد أن تعلم من هزيمته المنكرة في الكويت ، أن كل ما بناه من جيوش جرارة لقتل العراقيين لا يصمد أمام عواصف النيران الامريكية القاتلة حين تهب !



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاكم والناس والدين في العراق !
- الطائفية مرض الماضي يعيش في الحاضر !
- ظرف الشعراء (32 ) : ربيعة الرقي
- قيض من فيض التخريب الايراني في العراق !
- ظرف الشعراء ( 31 ) : أبو الشمقمق
- الحزب الشيوعي العراقي : العمل الجماهيري والانتخابات !
- إبن فضلان سفير العراق المقيم في أوربا
- ظرف الشعراء ( 30 ) : أبو الهندي
- ظرف الشعراء ( 29 ) : العتابي
- بين البصرة وبهرز الحجة اطلاعات يصول !
- كلهم على طريق ?لاوي !
- دالت دولة الارهاب !
- الى الشيخ حارث الضاري وآخرين لا تعلمونهم !
- الفلوجة كانت ستكون عاصمة الدولة الطائفية !
- حججكم واهية يا ذيول صدام !
- بوش الى الأبيض ثانية !!
- العراق بين كيري وبوش !
- ظرف الشعراء ( 28 ) : قيس بن الملوح العامري
- المصالحة الوطنية مصالحة بعث لبعث !
- معهم في الكويت ضدهم في العراق !


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سهر العامري - نظرية المال عند صدام !