سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 3655 - 2012 / 3 / 2 - 14:18
المحور:
سيرة ذاتية
العمل في جريدة طريق الشعب
مسؤلة صفحة المرأة الاسبوعية والمكاتب الصحفية والاحتفال بيوم المرأة العالمي
اسند الحزب الشيوعي العراقي لي مهمة تحرير صفحة المرأة الاسبوعية في طريق الشعب كما كنت اكتب في الصفحات الاخرى , كما اسندت لي قيادة المكاتب الصحفية لتدريب الراغبين في العمل الصحفي , فضلا عن التدريس في المدرسة الحزبية المركزية . فلم يعد لي مجال لاعداد الطعام , فكانت العائلة تتغذى على طعام مطبخ مقر اللجنة المركزية ,يجلب الى البيت في سفرطاسي . ولم يتذمر زكي ولا الاطفال من ذلك . فقد كان الجميع في غمرة النشاط الحزبي سعيدا . فالاطفال يمرحون مع اصدقائهم في مقرات الحزب ويحضرون الاحتفالات في المناسبات ولكل منهم ابداعاته وشخصيته المتميزة التي تجذب اهتمام الجميع . فقد كان يحيى متفوقا في دراسته ولبقا باحاديثه مع الكبار وصديقا محبوبا لدى الصغار . ووداد كانت طفلة موهوبة في حفظ الشعربما فيه شعر الجواهري, والاحاديث المرحة وتسيطر على انتباه الحضور ببساطة . وكان زكي من الشيوعيين القلائل الذين يؤمنون بحقوق المرأة قولا وفعلا. وكان له دوره المهم في كل ما انجازته وحققته.
كنت اتفنن في خلق المناسبات المفرحة للعائلة من اعياد ميلاد واعياد دينية ورسمية . وخلق البهجة يوميا عند قدوم زكي الى البيت . فنستقبله بالانشاد سوية , هلو بابا!! تعبان باب!! جوعان باب!! وكان يفرح بذلك فيتلاشى تعبه وينسى كل معاناته من الوضع السياسي والحزبي . ويحن الى انشادنا هذا كلما سافر . لقد كنا عائلة سعيدة بكل معنى الكلمة. كان للعيدين السنويين بهجة كبيرة للاطفال . فقد كنا نذهب الى بيت عمتهم زكية ونمضي اليوم الاول مع جميع اولادها واحفادها وقد بلغ عددهم في السبعينات اكثر من 25 حفيدا اكبرهم الشهيد نصيروكان اكبر من يحيى بسنتين ويتدرجون في العمر حتى الرضاعة. كانوا يقضون اليوم باللعب واكل ما لذ وطاب من صنع عمتهم . فوداد التي كانت تعذبني يوميا بقلة اكلها والبطء في تناول الطعام وخاصة صباحا حتى يدق جرس بدء الدراسة في مدرستها التي كانت مقابل بيتنا فتترك كأس الحليب وبقية الفطور وتركض الى المدرسة . اما في بيت عمتها ومع جموع الصغار فكانت تتسابق معهم في الاكل. وكانت العمة مع زوجات اولادها الكبار الثلاثة يعدون انواع الطعام اللذيذ الذي يكفي لاكثر من خمسين شخصا . يصف على سماط يمتد على طول ستة امتار ويجلس الجميع على افرشة متقابلة على جانبي السماط ويستمر الاكل والضحك ساعات ثم يقدم الشاي المهيل . ويمر الوقت بسرعة ونستقبل المزيد من المهنئين بالعيد . ومن الصعب اخذ الاطفال بعد ذلك الى البيت. وبقي يحيى ووداد يتذكرون هذه المناسبات ويحنون اليها ويعتبرونها من اجمل ذكرياتهم حتى اليوم ويحبون عمتهم كثيرا.
وعادة يأخذهم ابوهم في اليوم الثاني من العيد الى شارع الرشيد وسوق هرج حيث يتمتعون باحاديثه وذكرياته في كل منطقة من مناطق بغداد ويغدق عليهم بالمصروف. واخذهم مرة الى حيث بيت العائلة الكبير مقابل وزارة الدفاع واذا بالبيت قد ازيل وتحول الى ساحة وبقيت الشجرة التي كانت تتوسطه شامخة . وفي اليوم التالي كنت اخذهم الى شارع النهر ليشتروا ما يمكنني شراءه لهم. وفي نهاية الشارع يبدأ السوق. وكان هناك مطعما صغيرا ومتواضعا يبيع التكة والكباب . ومن سنة الى اخرى كنا نمر عليه ونتناول طعام الغداء عنده. ورغم بعد المدة فقد كان يتذكرنا ويلاحظ نمو الاطفال . وكنا نشعر بالالفة معه بحكم العادة ولا نذهب الى غيره من المطاعم المتوفرة وقد نضطر احيانا الى الاكل خارج المطعم عندما يكون ملئ بالزبائن.
نهضت صفحة المرأة بتحقيق مهمة جريدة طريق الشعب في تثقيف ليس فقط نساء العراق بل وعموم المجتمع باهمية تحرير المرأة ودورها الحيوي في العائلة والمجتمع كمنتجة ومربية له , فضلا عن دورها في بناء حاضر الوطن ومستقبله. فالى جانب هيئة تحرير الصفحة التي كانت تضم الصحفيتين البارعتين فاطمة المحسن ورجاء الزنبوري ساهم العديد من المتدربات والعديد من الصحفيين والكتاب المناصرين لقضية المرأة . ولكن كانت كلمة الصفحة من اختصاصي . وكان توقيع معظمها باسم ام تسواهن. وكانت التحقيقات الصحفية من اختصاص فاطمة ورجاء وبتوقيعهما. وتضاعف نشاط صفحة المرأة في عام المرأة العالمي , 1975و من اجل بلورة اهداف عام المرأة العالمي وسبل الاستفادة منه لتحقيق مكاسب للمرأة العراقية . فعقدت الندوات لمجموعات من الحقوقيين لطرح مشروع تقدمي للاحوال الشخصية, فضلا عن التحقيقات الصحفية التي شملت جميع الفئات النسوية . وكرست جريدة طريق الشعب كل صفحاتها لعيد المراة العالمي في عام 1975. فصدر عدد خاص ومزدوج وزينت الصفحة الاولى بلوحة للفنان ضياء العزاوي بعنون , تحية لنضال المرأة, وبعنون كبير , للمرأة واهبة الحياة ... كل الحقوق, . وجاء في الكلمة الافتتاحية , 8 اذار رمز لنضال المرأة في كل مكان,
سيظل الثامن من اذار رمز لكفاح المرأة لا من اجل تامين حقوقها فقط بل ومن اجل تحقبق اهداف البشرية جمعاء..ففي هذا اليوم من كل عام تضع النساء برامج جديدة لمواصلة النضال من اجل حقوق المرأة ولاسيما الكادحة والسعي لتعزيز التضامن مع نساء جميع دول العالم في نضالهن ضد الاستغلال الراسمالي والتمييز ضدهن , من اجل السلم وردع العدوان, من اجل طفولة سعيدة. لقد جندت المنظمات النسوية كل طاقاتها خلال الحرب العالمية الثانية ضد الفاشية عدوة الشعوب وضربت المرأة السوفيتية والفرنسية والبلغارية وغيرها من البلدان اروع الامثلة في البطولة والفداء, في جبهات القتال وحرب الانصار وفي جميع المجالات كما ناضلت بحزم ضد الاحلاف العسكرية ومن اجل نزع السلاح وتحريم اسلحة الابادة الشاملة واسهمت بقسط كبير من اجل تحرير شعوبهن وفي التضامن مع جميع شعوب العالم المناضلة ضد الامبريالية والحروب العدوانية التي تشنها لفرض سيطرتها الغاشمة على الشعوب الطامحة للتحرر والسلم والتقدم.
وتصدر العدد قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بعنون, فخورون بنضال المرأة, جاء فيه , ان تحرير المرأة العراقية هو احد المهمات الاساسية التي تواجه الحركة الثورية في بلادنا . اذ بدون انجاز هذه المهمة لا يمكن للمجتمع ان يسير بحزم على طريق التقدم الاجتماعي والحضاري الشامل بسبب تعطيل طاقات المرأة . ان اساس عبودية المرأة مثلما هو بالنسبة للرجل اساس اقتصادي يرتبط بوجود الاستغلال الطبقي ويرتبط بتبعيتها الاقتصادية للرجل وسيادة الافكار والتقاليد الرجعية ووجود التشريعات المتخلفة مما يضع المرأة في مرتبة ادنى من الرجل ويحرمها من المساواة في الاجور ومن الكثير من الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية.
وزينت صفحات طريق الشعب جميعها صور النساء المناضلات وفي المقدمة صورة الدكتورة نزيهة الدليمي وتحت عنوان , الدكتورة نزيهة الدليمي تكتب عن, انعطاف بارز في مجرى الحركة النسائية الديموقراطية في العراق,
وخصصت الجريدة صفحة كاملة تحت عنوان , من اجل قانون تقدمي للاسرة, ساهم فيها الاستاذ هادي العظيمي والمحامي هاشم صاحب, وصفحة للمناضلات زكية خيري وعمومة مصري. وعن نضال رابطة المرأة العراقية من اجل مكافحة الامية بقلم المحامية فرجيني فرنكول . وخصصت صفحة من الجريدة تحت عنوان , المرأة الكردية في يومها العالمي , ونضال باسل ضد العلاقات الاجتماعية البالية وطموح مشروع لتحقيق واقع افضل , وصفحتين عن المرأة في ظل الاشتراكية, .
وتضمن العدد تحقيقات صحفية للصحفيتين البارعتين فاطمة ورجاء تحت عنوان , تحرر المرأة الاقتصادي الاساس المادي لتحررها, عن العاملات والفلاحات. ولم يغفل العدد اوضاع الطالبات وربات البيت. وبالمناسبة فقد كتبت العديد من الكلمات الرئيسية لصفحة المرأة عن ضرورة انصاف ربة البيت. فهي تكدح في البيت ليلا ونهارا من اجل تربية اطفالها وادارة شؤن المنزل دون اي مردود اقتصادي ولا يعتبر عملها عملا اجتماعيا مفيدا ولا يمكن اعتبارها عاملا عاطلا لانها لا تملك حرية طلب العمل خارج البيت ولا ترى من ينصفها في مرحلة الشيخوخة . وطالبت بمنحها حق التقاعد. فما تقدمه المرأة في تربية وتنشئة الاجيال خدمة اجتماعية جليلة. وفي الضفحة الاخيرة مقال بعنوان , احتفلت الصحافة الماركسية العراقية بالثامن من اذار قبل خمسين عاما, بقلم حمدان يوسف جاء فيه,
, الصحيفة, جريدة الماركسيين التي صدرت قبل خمسين عاما جاء في عددها السادس يوم 20/اذار/1925 الذي حوى على مواضيع متعددة عن المرأة , قرار مؤتمر قوى السلم والتقدم في اسيا , دفع للاعتقاد بان العدد مكرس للاحتفال بيوم المراة العالمي . وقرار مؤتمر قوى السلم الاسيوية عن المرأة المنعقد في بغداد في 24الى 26/شباط 1975 تحت عنوان , في النضال المشترك من اجل ازالة التمييز ضد المرأة ومن اجل السلم والتقدم في اسيا .
وكرست الصفحة الاخيرة من العدد الى بطاقات حب للمرأة العرقية وفي مقدمتها بطاقة الشاعر المبدع رشدي العامل بعنوان, الى احدى الامهات , واخرى للشاعر كاظم السعدي بالشعر الشعبي بعنون , الى امي والى كل الامهات, اعداد ابو احمد.
وعلى ضوء كل ذلك اصدرت كتاب , المرأة وافاق التطور في العراق
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟