|
المرأة العربية في ظل المتغيّرات الجارية
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 23:17
المحور:
ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي
ملف عيد المرأة المرأة العربية في ظل المتغيّرات الجارية
يحلُّ يوم المرأة في العالم العربي هذا العام بلونٍ مختلف عمّا عهدناه سابقاً بفعل المتغيّرات الحاصلة على الساحة العربية في بلدان عملت على تغيير أنظمة الحكم فيها، وبلدان مازالت تتخبط في اتجاهات لم تُحسم بعد. وعلى اعتبار أن المرأة شريك أساس في المجتمع، فلا شك أن لها النصيب الأكبر مما حلّ وسيحل في مجتمعات هذه الدول. كما أن لها القسط الوفير من معاناة كبيرة كأم وزوجة وابنة وأخت من جهة، وكناشطة حقوقية وسياسية واجتماعية من جهة أخرى. إضافة إلى أن هذا العام حفل ببادرة هي الأولى من نوعها، حصول ثلاثة نساء على جائزة نوبل للسلام، بينهن امرأة يمنية ثائرة كانت مثالاً رائعاً للمرأة العربية هي السيدة توكل كرمان، وهذا مؤشر رائع على ما وصلت إليه المرأة في المحافل الدولية من اعتراف بجهودها الرامية إلى تغيير الذهنية المجتمعية التي تتحكّم بمصيرها، إضافة إلى سعيها في أن يسود السلام والأمن والمساواة والعدالة الاجتماعية في بلدانها وبلدان العالم أجمع. وهنا لا يمكنني إلاّ أن أتقدم بالشكر لمؤسسة الحوار المتمدن، ومركز مساواة المرأة على دعوتهما الموّقرة للاحتفال بهذه المناسبة من خلال لقاء يضيء جوانب متعددة من واقع المرأة العربية في ظل المتغيّرات الجارية. س(1) هل سيكون للمرأة في الدول العربية نصيب من التغيرات المحدودة التي طرأت حتى الآن على مجتمعات هذه الدول كأحد نتائج الربيع العربي؟ ج(1) بالتأكيد، لأن المرأة كما أسلفت هي شريك الرجل في كل مناحي الحياة، وبالتالي ستنعكس عليها جميع المتغيّرات الحاصلة في المجتمع، ولكن هذا رهن بالنتائج التي أفرزتها تلك الثورات في البلدان التي تمّ فيها تغيير أنظمة الحكم، كما هو رهن بالعقلية التي تتحكّم بمن وصل إلى الحكم أيضاً. فكما هو معروف أن المرأة في تلك البلدان كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى، وقد نالت نصيبها من الاستشهاد والاعتقال وغير ذلك من مصير وتصرفات حصلت أثناء عملية التغيير، وهذا بحد ذاته يستدعي نصيبها من الإنجازات سلبية كانت أم إيجابية. س(2) هل ستحصل تغيرات على الصعيدين الاجتماعي والثقافي في منظومة القيم المتعلقة بالسلطة الذكورية والعقلية التسلطية التي تعاني منها نساء الشرق؟ وإلى أي مدى يمكن أن تحصل تغيرات جوهرية في ضوء الحراك الشعبي الواسع والخلاص من رأس النظام وبعض أعوانه في أكثر من دولة عربية؟ ج(2) لا أعتقد أن رأس النظام أو بعض أعوانه في أيّ بلد هم فقط المقيدون أو الرافضون للكثير من حقوق النساء، وإنما هناك التشريع المستمد من الفقه الإسلامي فيما يخص قوانين الأحوال الشخصية والتحفظات الموضوعة على الاتفاقيات الدولية التي ترفض العنف والتمييز ضدّ المرأة(السيداو)، وكذلك القوانين المعمول بها( قانون العقوبات، قانون الجنسية،... الخ)، وفوق كل هذا وذاك، الذهنية التقليدية- الذكورية في رؤيتها وتعاملها مع المرأة كتابع للرجل، وكائن من مرتبة أدنى. فما لم يتحرر الرجل والمجتمع من تلك الذهنية أولاً، وما لم توجد هناك قوانين مدنية تحكم المجتمع، لا يمكن أن نلمس أي تغيير على وضع المرأة ومعاناتها الأزلية في مجتمعات ذكورية من رأس هرم الحكم إلى البيت والمدرسة والعمل، ومعلوم تماماً وضع المرأة المصرية وما حصل لها بعد الثورة من تصرفات لا تشي مطلقاً بالاعتراف بأهمية المرأة ومشاركتها الرائعة في الثورة، ولا تعزيز حقوقها أيضاً. س(3) ما هو الأسلوب الأمثل لنضال المرأة لفرض وجودها ودورها ومشاركتها النشيطة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في تلك الدول العربية التي وصلت فيها الأحزاب الإسلامية السياسية إلى الحكم؟ ج(3) بدايةً، على سائر النساء أن تدرك وتعي جيداً حقوقها جيداً، كما عليها أن تعي حجم العنف والتمييز الواقع عليها من منظومة التفكير الذكورية- التقليدية، وكذلك من قوانين الأحوال الشخصية، والقوانين الأخرى. كما عليها ودائماً محاولة خرق الذهنية المجتمعية التي تؤطرها في قوقعة الأنوثة والبيت والإنجاب، من خلال التواصل عبر الندوات والمحاضرات وورشات العمل مع الرجل لمحاولة تعريفه بمدى فداحة التمييز والعنف ضدّ المرأة، وتعريفه أيضاً بأنها شريك أساسي له في صناعة الحياة والحضارة. هنا يمكن للمرأة أن تعمل من أجل رفع العنف والتمييز بوسائل تتناسب وكل مجتمع وبيئة. أيضاً على التنظيمات النسائية أن تعزز حضورها الحقيقي في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، من خلال خوض الانتخابات التي من الممكن أن تصل ببعض النساء إلى مواقع يمكنها من خلالها أن توصل صوت المرأة ومعاناتها، والسبل الضرورية لتحسين واقعها القانوني والاجتماعي، إضافة إلى أمر هام وضروري جداً، وهو محاولة الاستمرار بالضغط على الحكومات للوفاء بالتزاماتها حيال الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، وضرورة تفعيلها ورفع التحفظات عنها- السيداو وملحقاتها- س(4) تدعي الأحزاب الإسلامية السياسية بأنها تطرح إسلاماً ليبرالياً جديداً وحديثاً يتناسب مع فكرة الدولة المدنية. هل ترى-ين أي احتمال للتفاؤل بإمكانية شمول حقوق وحريات المرأة ضمن البرنامج السياسي الإصلاحي الاحتمالي لقوى الإسلام السياسي, وهي التي تحمل شعار "الإسلام هو الحل"؟ ج(4) بالمختصر المفيد... لا، بسبب أن هذه الأحزاب التي تحمل شعار الإسلام هو الحل ستعتمد التشريع الإسلامي وقوانينه التي سُنَّت منذ عهد قدري باشا، وتُلزم المجتمع بجنسيه الانصياع لها، وهذا يتنافى مع مدنية الدولة. س(5) هل تتحمل المرأة في الدول العربية مسؤولية استمرار تبعيتها وضعفها أيضاً؟ أين تكمن هذه المسؤولية وكيف يمكن تغيير هذه الحالة؟ ج(5) بالتأكيد تتحمل المرأة أولاً مسؤولية لا تقلُّ شأناً عن مسؤولية الرجل والأعراف والتقاليد والقوانين البالية التي تتحكّم بها، وذلك من خلال جهلها بالكثير الكثير من حقوقها وكيفية الوصول إلى تلك الحقوق، حتى تلك التي تكفلها الدولة أو الشرع. وثانياً تكمن مسؤوليتها الأهم في تبني كل الموروث والقيم والتقاليد التي تضطهدها وعن قناعة راسخة من خلال إعادة إنتاج منظومة تربوية وقيمية لأبنائها عبر هذا الموروث المقيّد لإنسانيتها وحريتها، وهنا يمكننا القول أن هذه المرأة وبتلك العقلية هي العدو اللدود للمرأة وتطورها وانطلاقتها. ولا يمكننا تغيير هذه الحالة إلاّ بسعي المرأة ذاتها للتعرّف إلى حقوقها والمطالبة بها، وكذلك من خلال تربيتها لأبنائها تربية قائمة على رفض التمييز بين الذكر والأنثى، وأيضاً على رفض موروث قيمي ديني اجتماعي يعزز استلابها وتبعيتها، وذلك من اجل خلق جيل مؤمن بحق المرأة في الحرية والمساواة. س(6) ما هو الدور الذي يمكن أن يمارسه الرجل لتحرير نفسه والمجتمع الذكوري من عقلية التسلط على المرأة ومصادرة حقوقها وحريتها؟ ج(6) بدايةً، على الرجل أن يعترف بإنسانية المرأة وبأنها مثله تماماً إنسانة تمتلك من المشاعر والأحاسيس، وكذلك العقل والحكمة التي تؤهلها لتشاركه فعلاً الحياة. ثمّ، أن يكون مقتنعاً تماماً بقضية تحرير المرأة ومساواتها له في الحقوق والواجبات، وإلاّ لا يمكن له أن يصل في مسعاه إلى نتيجة. إضافة إلى تعزيز ثقافته ومعرفته بحقوق المرأة وما يتفرع عنها من اتفاقيات ومواثيق دولية تناهض العنف والتمييز ضدّ المرأة، ومن الضروري أيضاً إخضاع الرجال المقتنعين نوعاً ما بقضية المرأة إلى دورات تأهيل وورشات عمل تعزز قناعاتهم تلك، وتُفضي إلى نشر آرائهم في المجتمع لتكون مدخلاً لمحاولة تغيير الذهنية المجتمعية تجاه المرأة، ولزيادة أنصار ذلك التغيير في المجتمع. بعد كل هذا، تظل المرأة رغم كل العنف والتمييز والاضطهاد المجتمعي زهرة تصنع رحيق النحل على الدوام، وشريكاً أساسياً للرجل في صوغ الحياة ترنيمة أبدية فتغدو الحياة أجمل وأنقى وأحلى.. وكل عام ونساء الأرض بألف فرح وحب وسلام... ونساء سوريا بخير وحب ينتشلهنّ من هذا الحزن والاتشاح بدموع الفراق.
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عيد الحب... في زمن الكراهية والدم
-
المخدرات... سعادة زائفة تغتال الشباب
-
حقاً هي خطوات نوعية خطيرة.!!!! فصل النساء في سورية ظاهرة متز
...
-
بجدارة وكفاءة... المرأة السورية تحمل وزر الظروف والأزمات
-
لنتفهمهم قليلاً... إنهم حقيقة فاعلون
-
قوى اليسار... وقفة مع الذات
-
نصف مليون سوري كل عام والمحاولات لا تزال هزيلة
-
من أجل مجتمع معافى... عيادات حديثة لفحوص ما قبل الزواج
-
الإرشاد النفسي والاجتماعي ضرورة يفرضها الواقع.
-
مشروع تمكين المرأة الريفية بين الواقع والطموح
-
في ظل الإصلاحات الجارية... أين استحقاق المرأة السورية
-
تعديل قانون الجنسية للسوريات... هل سيخضع لمعايير مزدوجة...؟
-
قانون الأسرة ضرورة يفرضها الواقع.
-
إنجاز جديد للمرأة السورية يتوّج نضالها من أجل المساواة
-
اجتثاث الفساد أولوية أساسية للتقدم والحرية
-
الطفولة خط أحمر ..كل هذا الدم سوري ولا مجال للتمييز
-
نساء سوريا يزركشن وشاح الحرية
-
صرخة امرأة سورية
-
أمومةٌ مقهورةٌ تحت عروش الديكتاتوريات فخورةٌ في ساحات الثورا
...
-
في يوم المرأة العالمي نظرة على قضايا المرأة ما بين الخطتين ا
...
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
آفاق المرأة، والحركة النسائية، بعد الثورات العربية، بمناسبة
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|