|
الربيع العربي وحقوق المرأة
حنان جميل هلسة
الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 23:18
المحور:
ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي
الربيع العربي، كم أتمنى ان يكون كذلك، ولكنه ربيع عربي حقيقي أي ربيع انتزع حقوق الشعوب العربية، وأعادها الى عصر ناضلت حتى تحررت منه، أعادوا الشعوب العربية الى سجن ، دون ان يدرك الإنسان العربي انه يسير إليه. كنت أقراء تحليلا عن الثورة الفرنسية كيف تحالفت الطبقة البرجوازية (والتي تمثل كبار التجار واصحاب المصانع) مع الطبقة الكادحة الاشتراكيه ( والتي تثمل العمال والمزارعين و الأقنان الذين كانوا يعملون عند الإقطاعيين) لانتزاع السلطة من يد الطبقة الحاكمة الإقطاعية (طبقة ملاك الأراضي الزراعية) آنذاك، والتي كانت تقف امام مصالح وتقدم الطبقة البرجوازية وطموحها في السلطة، وكان نتيجة هذا التحالف الثورة الفرنسية التي اعلنت حقوق الإنسان، واستلمت في بدايتها السلطة الطبقة البرجوازية وحلفائهم (الاشتراكيون) ممثلين الطبقات الكادحة، وهم من ناضلوا والإيصال الطبقة البرجوازية إلى السلطة، ولكن الحقيقة ان البرجوازية كانت ترغب في التحالف مع السلطة المتمثلة بالملك والكنيسة وليس الطبقة الكادحة ، كانت ترغب في ترتيب الأمور التي تخدم مصالحها وليس مصالح الشعب . من هنا انقلبت البرجوازية على حلفائها الذين قادوها الى السلطة، ووجه لهم تهم الخيانة العظمة، وبدأت المجازر والمقصلة التي قرئنا عنها في كتب التاريخ، لم تكن المقصلة لأعداء الثورة بل للحلفاء الثورة الذين يدافعون عن مصالح الشعوب الحقيقية، وهكذا لم تعش الثورة التي رفعت شعار الحرية والإخاء والمساواة المعلن عنها في حقوق الإنسان والمواطن، لان البرجوازية كانت تسعى لتحقيق مصالحها لا مصالح الشعوب، وتحقيق العدالة الاجتماعية كما هي تراها والتي تساهم في دعم مصالحها الخاصة. ما أريد قوله من هذه الأسطر، تحليلا بسيطا لتاريخنا، لقد ناضلت الشعوب العربية ضد الاستعمار العثماني الذي رفع كلمة الله ليحكمنا بها، يدعي الحق بذلك (الطبقة الإقطاعية) فكانت الكلمة المكتوبة السيف المسلط على رقاب الشعوب المستضعفة، وكانت الثورة ضدهم والتي قادها الطبقة البرجوازية (التجار واصحاب المصانع) وتحالف معهم الكادحين(العمال والمزارعين العرب) وتحررت الشعوب تحت شعار الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، وتسلمت السلطة الطبقة البرجوازية العربية، ومؤكد ان مصلحة السلطة الجديدة هي بالتحالف مع السلطة البرجوازية العالمية وليس شعوبها، لا اريد اتهام (الطبقة البرجوازية العربيه) لانه قد يكون عن عدم وعي كافي، او طمع بعضهم بالسلطة المنفردة، ولكن ما حصل لم يخدم مصالحهم. ودخلنا ا مرحلة الاستعمار الأجنبي الذي يريد لنا الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان، والتي كانت عبارة عن شعارات للاستيلاء على ثرواتنا، واستمر نضال الشعوب وعاد مرة ثانية تحالفت البرجوازية والشعوب الكادحة (العمال والمزارعين) من اجل تحرير الوطن، وتم ذلك، وكما هو الحال فالبرجوازية لا ترى إلا نفسها ومصالحها وكان الانقلاب على الشركاء والاستيلاء على السلطة منفردين، ومن مصالحتيهم إعادة التعاون مع اعداء الأمس ليكون حلفاء اليوم، وبدا البطش بالشعوب الكادحة لتثبيت سلطتهم وخدمة مصالحهم التي تعيقها شعارات الحرية والمساواة التي ترفعها الشعوب الكادحة، وفرضت العدالة الاجتماعية التي تريدها وتخدم مصالحها. وازداد البطش والقهر للشعوب لسنوات طويلة، الى درجة لم يعد يحتملها الشباب، ولان الأباء متعبون مهزومين من الداخل نتيجة الهزائم المتوالية والتحالفات التي حيكت بين السلطة والمستعمر القديم من دون علمه، أدت الى انهزام كلي داخلي للأباء، ونحن كشعوب مقهورة يأكلها إحساس الذل والهزيمة، فرحنا بهذه الصحوة، ولكن للأسف لم تكن سوى زوبعة صحوة بلا فكر ولا هدف، سوى ان نزيل رمز سلطة ليس إلا، صحوة بلا كيف ومن، كان هناك إجابة على لماذا ثرنا، ولكن لم تتم الإجابة على من سيقود الثورة او الحراك الشعبي والى اين سيقودنا والى اين نريد ان نصل. وها هي ثمارها بدأت بالبزوغ، فالصديق الذي أتحالف معه اليوم ونصب نفسه القائد، هو من كان بلامس يحمل الكلمة (المقصود الحكم بالسلطة الدينية) ويفرضها علي ليمنع حريتي وكلمتي ويحرمني من حقوقي كإنسان ،حر مبدع، ان الإبداع ممنوع والكلام مرفوض والنص الموجود في الكلمة (الدين ، الكتاب المقدس، الشريعة ) هو من سيحكم، هو من جنى الثمار وركب الموجه باسرع من البرق، أعادونا الى زمن الاستعمار العثماني بثوب جديد محلي، ولكنه لم يعود بقدرته الذاتية لأنه غير قادر على ذلك، فقد عاد بالتحالف مع الصديق العدو القديم ايضا، الذي قال لي بالأمس انه سيحررني(الاستعمار الغربي) وتحت شعار حقوق الإنسان، عاد لكي يشكل دولة دينيه من اجل مصالح الغرب، وهل من معقول ان تترك ثرواتنا لنا؟؟؟. دولة دينيه مقابل دولة عبريه دينيه، سيكون التعامل أسهل فكلنا أبناء إبراهيم ونرفع كلمة الله، وهل يعقل ان تترك ثرواتنا لشعوبنا فالغرب لا يمكن ان يفعل ذلك ما دام يملك القوة والعلم. في ظل هذا الربيع الذي أثار مئات الأسئلة والمخاوف في داخلي ومنها، هل تستطيع المرأة العربية الحفاظ على حقوقها المدنية والسياسية، التي ناضلت للوصول اليها-مع انها بسيطة جدا- في ظل سيادة حكم يطلب بتطبيق النص المكتوب للكلمة (الدين، السلطة الدينية)، النص الديني الذي لا يقبل الآخر ولا يعترف بوجوده، ويعطيه حقه وكأنه ضيف عليه (الشعوب العربية غير المسلمة) وايضا الآخر صاحب الاتجاهات الفكرية الأخرى (اليسارية) الذي يرفضه تماما، فما بالك بالمرأة وهي الأخر أمام الرجل، الأخر في النص الديني الذي يعتبره منتج للمجتمع دون فكر او لا يحق له ان يفكر، يعطى حقوق، وتحدد هذه حقوقه، ولكن تقف عند مصلحة الرجل، وهناك وجوب ولإلزام ان نرفىء به ونعطيه العطف و..... الخ من تعابير، وكأنه حيوان أليف يتم الاعتناء به للحاجة له، لإعادة إنتاج المجتمع وتربية الأجيال، فهو الشريك لاستمرار الحياة وليس للمشاركة والمساواة بالحياة والسلطة، مادام هذا النص يستخدم كلمة إنسان بدل المرء لان يكون هناك مساواة او عدالة اجتماعية،( الإنسان يقصد به الرجل باللغة والمرء يقصد بها المرأة والرجل معا هكذا هي اللغة برأي الخاص). فهل أتوقع ان أحافظ على ما وصلت إليه من انجازات وحقوق، لا يمكن للنص المكتوب (السلطة الدينية) ان يؤمن بالتعددية او الديمقراطية او حتى اليبراليه، وهذه البدعة الجديدة، فالنص المكتوب لا يقبل غير ذاته ومصالحه. يرفعون شعار "الحل هو الإسلام" اين البرنامج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي حتى اعرف ما هو الحل، كلمة مفتوحة وكلا يفسرها بقدر علمه وحلمه، ولكن هل تلتقي الأحلام والتفسيرات معا، كفانا ندور بنفس الدائرة. فلإسلام الليبرالي والمسيحية الليبرالية هي وجه واحد لسلطة النص المكتوب (الدين)، ان الحل هو العلم وسلطة العقل (العلمانية) وشعار الديمقراطية التعددية وحقوق المرء والعدالة الاجتماعية، وهذا ما يجب ان تناضل من اجله الشعوب العربية المقهورة إن كان رجلا او امرأة فكلاهما معا تحت القهر والظلم، والنضال لا يكون منفردا او مجرد تجمع عشوائي يجب ان يكون منظم تحت راية اتجاه فكري يجمع الشعوب ويرفع شعار العلمانية ولديه قيادات تؤمن بالعدالة الاجتماعية.
#حنان_جميل_هلسة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تشيء الجسد المعنى والممارسة
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
آفاق المرأة، والحركة النسائية، بعد الثورات العربية، بمناسبة
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|