|
عفوا سيادة الرئيس
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 13:55
المحور:
القضية الفلسطينية
جميل السلحوت: بدون مؤاخذة- عفوا سيادة الرئيس أثار طلب الرئيس محمود عباس في كلمته في "مؤتمر القدس" في الدوحة، من المسلمين زيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى، و"فتوى الشيخ القرضاوي بتحريم ذلك" ردود فعل شديدة بين مؤيد ومعارض، وقد اعتبر السيد الرئيس دعوته ليست تطبيعا "بل هي حالة من التواصل مع القدس وأهلها وأن زيارة السجين ليست اعترافًا بالسجان أو تطبيعا معه"، وليس سرّا أن اسرائيل التي تواصل احتلالها لأراضي الدولة الفلسطينية وجوهرتها القدس الشريف، إضافة لأراضي عربية أخرى منذ حرب حزيران 1967، وتواصل الاستيطان فيها بشكل هستيري، لفرض وقائع ديموغرافية تحول دون إقامة الدولة الفلسطينية، لم تأخذ من مبادرة السلام العربية سوى"إقامة علاقات كاملة مع اسرائيل" أي أنها تريد سلاما كاملا مع الدول العربية والإسلامية في ظل مواصلتها للاحتلال، مما يعني من ضمن ما يعنيه الاعتراف بـ"القدس الموحدة" -حسب التعبير الاسرائيلي-عاصمة أبدية لاسرائيل. فهل قضية القدس قضية دينية فقط...أم أنها قضية سياسية وثقافية وحضارية ودينية أيضا؟ وهل تعترف اليهودية بالديانتين السماويتين الأخريين-الإسلام والمسيحية-؟ وهل تسمح اسرائيل المحتلة والتي تحاصر القدس بالكامل وتعزلها عن محيطها الفلسطيني والعربي لأبناء الشعب الفلسطيني من أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة بدخول القدس حتى للصلاة في دور العبادة، كي تسمح لبقية العرب والمسلمين بدخولها؟ فالقدس حسب الديانة الاسلامية جزء من العقيدة، ترسخت عروبتها بمعراج الرسول الأعظم- صلوات الله وسلامه عليه- من مسجدها الأقصى الى السماوات العليا، وهذا المسجد هو قبلة المسلمين الأولى، وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشدّ إليها الرحال، مقرونا بالكعبة المشرفة والمسجد النبوي الشريف، وكل حجر فيها له قصة تاريخية وحضارية عربية إسلامية، وفيها أيضا كنيسة القيامة إحدى أكثر الأماكن المسيحية تقديسا. ومن عاصر ما قبل مرحلة احتلال حرب حزيران 1967 شاهد بأمّ عينيه أن ملايين الحجاج المسلمين كانوا يشدّون الرحال الى القدس للصلاة في المسجد الأقصى في موسم الحج، وإذا ما استجاب المسلمون لدعوة السيد الرئيس بزيارة القدس فهل ستسمح اسرائيل لأربعة أو خمسة ملايين مسلم بشدّ الرحال الى ىالمسجد الأقصى في موسم الحج؟ ولا يغيب عن البال أيضا"فتوى" البابا شنودة بابا الأقباط في مصر الذي حرّم هو أيضا زيارة القدس تحت الاحتلال الاسرائيلي. وإذا ما استجاب العرب والمسلمون لدعوة السيد الرئيس، فهل ستتم الزيارة هكذا وبشكل عفوي وروتيني؟ أم هناك متطلبات يستوجب عملها قبل ذلك، مثل فتح سفارات وقنصليات في العواصم العربية والاسلامية كي تمنح تأشيرة دخول"فيزا"لمن يرغب في الزيارة؟ وليس خافيا على أحد أن بعض الأنظمة العربية والاسلامية قد رضخت للضغوط الأمريكية لتطبيع العلاقات مع اسرائيل كبوادر حسن نية من جانبهم تجاه اسرائيل، فقام بعضها بتبادل السفراء، وقام البعض -ومنهم قطر- بتبادل ما سمي"مكاتب تجارية". مع التذكير بأن اسرائيل تنفذ مخططاتها بتهويد القدس وبقية الأراضي المحتلة، دون عمل أيّ حساب لأيّ من العرب والمسلمين، وهي قامت ولا تزال تقوم بحفريات تحت أساسات المسجد الأقصى مما يهدده بالانهيار، وهي من قامت بهدم حارتي الشرف والمغاربة وحيّ النمامرة، وشردت مواطنيها وبنت حيّا يهوديا استيطانيا بدلا منها، وهي من جرفت مقبرة ماميللا التاريخية والتي تحوي رفات صحابة شاركوا في الفتح الاسلامي، ورفات علماء وأعيان ومواطني القدس عبر التاريخ، وهي من تسمح للجمعيات الاستيطانية والدينية المتطرفة باستباحة حرمات المسجد الأقصى متى شاءت، وهي المسؤولة عن حرق المسجد الأقصى في شهر آب-أغسطس- عام 1969، وهي من اقتحمت المسجد عشرات المرات وقتلت المصلين فيه، وهي من قامت ببناء أكثر من ستين ألف وحدة استيطانية في القدس الشرقية المحتلة منذ عام 1967، وأسكنت فيها أكثر من ربع مليون مستوطن، بعد أن صادرت أكثر من 35% من مساحة المدينة، في حين تمنع البناء العرب. وإذا ما استجاب العرب والمسلمون لدعوة السيد الرئيس، فإن اسرائيل لن تسمح إلا للقادة ولبضعة آلاف من المسنين، مع أن اسرائيل تسعى الى تحويل قضية القدس الى قضية دينية، لإيمانها بأن"العربي الطيب هو العربي الميت"على رأي جولدة مائير. لقد أحسن السيد الرئيس عندما طلب من العرب أن يمدوا القدس بالزيت، لدعم صمود المقدسيين فيها، مع التذكير أن المليونير اليهودي الأمريكي موسكوفيتش، قد تبرع لتهويد القدس في الخمسة عشر عاما الماضية، أكثر مما تبرعت به الأنظمة العربية لفلسطين منذ تأسيس منظمة التحرير في العام 1964 وحتى الآن، فهل يستجيب قادة الدول النفطية لدعوة السيد الرئيس؟ وهل ستسمح لهم أمريكا بذلك؟ إن قضية القدس تستوجب تجنيد الطاقات العربية والاسلامية والصديقة من أجل الضغط على اسرائيل كي تنسحب من الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس العربية المحتلة، عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره وإقامة دولتهه المستقلة، فالمشكلة تكمن في استمراية الاحتلال، وليس في إمكانية الصلاة في المسجد الأقصى وهو يئن من ثقل الاحتلال، مع أهمية هذه الصلاة. والحديث يطول. 29-2-2012
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نازك ضمرة يعود لطفولته في رواية الجرّة*
-
مديح لمرايا البلاد في ندوة اليوم السابع
-
محمود شقير في مديح مرايا البلاد
-
رواية -هوان النعيم- لجميل السلحوت تثير جدلا في ندوة مقدسية
-
قراءة في رواية -هوان النعيم-
-
خضر عدنان المدافع عن كرامته وكرامة شعبه
-
البكاء على سوريا
-
بدون مؤاخذة- فشل القوى القومية واليسارية
-
(يوميات امرأة محاصرة) في ندوة اليوم السابع
-
سما حسن في مجموعتها القصصية الجديدة
-
فوز التيارات الدينية ليس مفاجئا
-
أدب السجون
-
تكريم نسب ومروة في ندوة اليوم السابع
-
نسب ومروة نجمتان في سماء القدس
-
رواية-عناق الأصابع- في اليوم السابع
-
اللي فات مات
-
-ورد القوافل- في اليوم السابع
-
نفحات قلب ماجد الدجاني في اليوم السابع
-
الحوار المتمدن والعلمانية
-
بين التطبيع والتضبيع وأزمة المصطلح
المزيد.....
-
الصحة الفلسطينية تكشف موعد إعادة فتح معبر رفح لإجلاء المرضى
...
-
إسبانيا: القبض على -عصابة إجرامية- سرقت 10 ملايين يورو من من
...
-
العثور على الصندوق الأسود لطائرة الخطوط الجوية الأمريكية الم
...
-
ابتكار لفحص الهرمونات بالهاتف المحمول
-
لبنان.. شخص يقتحم موكب تشييع قتيل في -حزب الله- ويصدم عددا م
...
-
المغرب يعلن رفضه دعم إيران للحوثيين
-
رئيسة الوزراء الدنماركية: ما زلنا لا نعرف من أين سنحصل على ا
...
-
مصادر أوروبية: سيسمح لـ50 جريحا فلسطينيا بمغادرة غزة في السا
...
-
التساقط الكثيف للشعر قد يكون مؤشرا لأمراض مزمنة
-
أردوغان: تركيا متمسّكة بالقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|