|
الأهم هو : كيف إستخدمت تلك الجمعيات الأموال الأمريكية ؟
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 10:34
المحور:
حقوق الانسان
وسط قذائف الدخان ، و القنابل الصوتية ، الإعلامية ، التي يمطر بها إعلام السلطة المواطن المصري ، يجب أن يتمسك المرء بالمنطق و الضمير ليصل للحكم الصائب ، و معذرة في بدأ المقال بإستخدام كلمات من نوع قذائف الدخان و قنابل الصوت ، لكني إستخدمتهم بحكم البيئة التي أصبح يعيش فيها الشعب المصري منذ أكثر من عام تحت حكم مجلس عملاء مبارك في القوات المسلحة المصرية ؛ عام شهد خلاله الشعب العديد من المذابح على يد تلك السلطة . مجلس عملاء مبارك في القوات المسلحة يبدو إنه مصاب بعقدة المؤامرة ، و مصر على أن يصيب الشعب بها ؛ فهو يعتقد إنها حبل النجاة الوحيد المتاح له أمام المد الديمقراطي ؛ و مع كل قصة مؤامرة زائفة تحبكها المخابرات السليمانية لصالح المجلس العسكري ، يقوم على الفور إعلام السلطة بإرسال قذائف الدخان ، و قنابل الصوت ، الإعلامية ، على الشعب . في العام الماضي قالوا إنها إسرائيلية ، و قبضوا على شاب يحمل جنسية مزدوجة : إسرائيلية - أمريكية ، و يدين بالديانة اليهودية ، و إدعوا إنه أرسل من قبل الموساد ليوقع بين الشعب المصري و جيشه ؛ و هي القصة المضحكة التي إنتهت بفضيحة السابع و العشرين من أكتوبر 2011 . مع قصة المؤامرة الإسرائيلية لم نتأثر بالدخان و الضجيج الإعلامي السلطوي ، و رأينا طريقنا الصحيح خلال غمامات الدخان ، و وسط ضجيج الإعلام المبرمج ، لأننا إستخدمنا الضمير و المنطق معا . لم يؤثر فينا ضجيج الإعلام السلطوي عن أمريكية و إسرائيلية ذلك المتهم ، و لم نلتفت لديانته اليهودية ، لأننا نؤمن بأن الدين و الجنسية لا يسقطان الإنسانية ، أي التعامل مع المتهم على إنه إنسان ، و الإنسان من حقه أن يحصل على العدالة عندما يُتهم بأي تهمة ، و لهذا طالبنا له بمحاكمة مدنية عادلة علنية بواسطة هيئة قضائية مدنية نزيهة و قانون مدني عادل ، و إعتبرنا أن الحكم القضائي النهائي سيعتبر هو الفيصل لدينا للتعامل في تلك القضية . لكننا لم نغفل أيضا عن إستخدام المنطق ؛ فالمنطق جعلنا نشك في تلك القصة برمتها ، لأنها تتعارض معه ، فليس من مصلحة إسرائيل أن تسقط أصدقائها الذين ورثوا مبارك ، و أعني مجلس عملاء مبارك في القوات المسلحة ، و كذلك المخابرات السليمانية . لهذا رأينا في محاكمة ذلك المتهم محاكمة مدنية نزيهة ، ليس فقط حفظ لحق إنساني ، يأمرنا به ضميرنا ، و ينبع من إيماننا ، بل و أيضا فرصة لإثبات ما توصل إليه المنطق ، لأن المحاكمة المدنية العلنية النزيهة كانت بالتأكيد ستكشف زيف تلك القصة . السلطة لم تجعلنا ننتظر كثيراً ، و تفادت فضيحة كبيرة ، بفضيحة أخرى ، فأنهت القصة بفضيحة السابع و العشرين من أكتوبر 2011 . الآن نعيش في قصة أخرى هي المؤامرة الأمريكية ؛ فالسلطة تحب قصص المؤامرات كما قلت . قصة المؤامرة الأمريكية أعقد بعض الشيء فهي تتركب من عدة أجزاء غير مترابطة ، و هي : أولا : المعونات الأمريكية لمصر و تشمل أيضا العلاقات المصرية - الأمريكية . ثانيا : إدعاءات السلطة و مواليها بأن ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 هي مؤامرة أمريكية . ثالثا : التمويل الأمريكي للجمعيات الأهلية المصرية . سأتعامل بإقتضاب يلزمني به الحيز مع تلك النقاط الثلاثة : أولاً : بالنسبة لموضوع المعونات الأمريكية و كذلك العلاقات المصرية - الأمريكية ، فقد تعاملت معهما في المقال السابق على هذا المقال مباشرة ، و أعني مقال : سحق ربيع العرب سيبدأ من مصر بتمويل من آل سعود ؛ و كتبته و نشرته يوم الجمعة الرابع و العشرين من فبراير 2012 . ثانيا : بالنسبة لإدعاءات السلطة و مواليها بأن ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 هي مؤامرة أمريكية فيكذبه التاريخ و المنطق ؛ فالثورة التي مر عليها بالكاد عام واحد فقط يذكر التاريخ : أن المخابرات الأمريكية إعترفت بأن الثورة كانت مفاجأة لها ؛ فكيف تكون من تدبير أمريكي ؟؟؟ يضاف لذلك أن إدارة أوباما ظلت لفترة متخبطة ، خاصة في الفترة التي كان ميزان القوة متعادل بين الشعب و نظام مبارك ، و لم تؤيد الشعب إلا بعد أن رأت إصرار الشعب على الإطاحة بمبارك ، و يمكن إضافة أيضا : و بعد أن إطمأنت من أن النظام الذي أسسه مبارك لن يسقط بأكمله . هذا عن التاريخ ، أما المنطق فيقول أيضا : كيف تتآمر الإدارة الأمريكية على أكثر أصدقائها إخلاصا و تفانيا في خدمتها ؟؟؟ هل كان من المنطق أن تغامر الإدارة الأمريكية بإسقاط مبارك لتفتح باب المجهول ، حتى لو كانت واثقة من أن عملائه هم من سيخلفونه في البداية ؟؟؟ الثورة مصرية مائة في المائة و لو كره العملاء و الخونة ، الذين حكموا مصر و لازالوا يحكمونها لليوم و يريدون البقاء . ثالثا : بالنسبة لقضية التمويل الأمريكي للجمعيات الأهلية أقول : أن السلطة وفرت علينا هذه المرة المطالبة بإحالة القضية للقضاء المدني ، و سأترك الحكم على نزاهته للمستقبل ؛ لكن هناك سؤال يهمنا و هو : كيف إستخدمت تلك الجمعيات الأموال التي تلقتها من الولايات المتحدة ؟؟؟ القضية أصبحت قضية رأي عام ، و السلطة لا تكف عن الحديث عنها ، و لنا بالتالي أن نتحدث عنها ، و لا خطأ في أن نسأل : كيف إستخدمت تلك الجمعيات تلك الأموال ؟ الإجابة ستحدد الكثير ؛ فلو ثبت إنها إستخدمتها لزعزعة الإستقرار ، و نشر الفتنة الطائفية ، و التغطية على الفساد ، و التحريض على الإنحلال ، و ما إلى ذلك ، فبالتأكيد لنا أن نسأل الإدعاء أن يطالب بأقصى العقوبة ، و لنا أن نطالب بإتخاذ موقف صارم مع الإدارة الأمريكية . أما إن ثبت أن تلك الجمعيات أنفقت الأموال التي تحصلت عليها من الولايات المتحدة الأمريكية في ترسيخ الوعي الديمقراطي و نشره ، و كشف الفساد ، و دعم حقوق الإنسان ، و التنديد بقانون الطوارئ ، و الكشف عن قضايا للتعذيب ، و الإسهام في تقديم ضالعين في التعذيب للقضاء ، و الإسهام في إسترداد حقوق و ممتلكات مواطنين مستضعفين ، و إطفاء حرائق الفتنة الطائفية التي تشعلها السلطة ، و ما إلى ذلك من الأفعال الخيرة ، فإننا بلا أدنى ريب سنطالب بالإفراج عن المتهمين فوراً ، و سنطالب السلطة بتقديم إعتذار رسمي لهم كافة ، بل و سنطالب مجلس الشعب بأن يصدر قرار بتكريمهم رسميا بالأوسمة التي يستحقونها ، فكرامة الإنسان الذي خلقه و كرمه المولى عز و جل ، تعلو فوق أي إعتبارت صنعها الإنسان ، و منها الإعتبارات القومية السيادية . الإنسان ، حياته و كرامته و بقية حقوقه المشروعة ، تأتي أولاً ، و فوق أي إعتبار . نريد من السلطة أن تعطي المتهمين الفرصة العادلة للحديث بالإثباتات عن أعمالهم ، على الأقل خلال السنوات الأربع الماضية ، ليحكم الشعب بعد ذلك قبل أن يحكم القضاء ، فالشعب هو أعلى هيئة قضائية ؛ و السلطة هي من طرحت أولاً القضية أمام الشعب ، فليحكم الشعب . ملحوظة : بدأت هذا المقال في تمام الساعة السابعة و ثلاث و عشرون دقيقة صباحاً ، و إنتهيت منه في تمام الثامنة و إثنين و ثلاثين دقيقة صباحا ، بالتوقيت الشتوي للمنفى القسري : بوخارست - رومانيا ، المماثل للتوقيت الشتوي لمدينة القاهرة ، و ذلك يوم الأربعاء الموافق التاسع و العشرين من فبراير 2012 .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سحق ربيع العرب سيبدأ من مصر بتمويل من آل سعود
-
المجلس العسكري مكانه الصحيح قفص الإتهام
-
كان على الشعب أن يقبض عليهم ثم يتحفظ عليهم بنفسه
-
أحذر من إنقلاب عسكري تخطط له جهة أعلى من المجلس العسكري
-
الحكم بالنسبة لنا وسيلة من أجل تحقيق غايات نبيلة
-
نبيل العربي و عمرو موسى وجهان للعملة الناصرية
-
هل سيتمتع الإخوان في مصر بنفس شجاعة أردوغان ؟
-
بذلة جنرال تركي فوقها عمامة أزهرية
-
شباب السادس من إبريل كانوا من أجل التغطية على عمال المحلة ال
...
-
ديمقراطية فيها الإخوان أفضل من إستبداد فيه الإخوان أيضاً
-
الإعتذار غير مقبول ، و القصاص سيكون بالقانون و في العهد الدي
...
-
لا للبرادعي ، و نعم للإنتخابات
-
شباب العمالة و الخيانة و الفشل
-
الهدوء الإيجابي من أجل فك التحالف القائم بين القيادة الإخوان
...
-
لنعمل جميعاً ، مسلمين و مسيحيين ، من أجل الوصول إلى النيل
-
كل ما يتعلق بالجيش يجب أن تقرره سلطة منتخبة بطريق ديمقراطي س
...
-
إيران ستتبنى هوية شيعية - فارسية
-
خمسون في المائة ميدان واسع في البداية
-
أولها كذبة ، و أوسطها مهزلة ، و نهايتها فضيحة
-
خطأ الأقباط هو إنهم صدقوا أن الثورة إكتملت
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: الدعم السريع احتجزت شاحنات إغاثة في دارفور
-
مبعوث ترامب: صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة يتقدمان بشك
...
-
وصول 9 معتقلين أفرج عنهم الاحتلال إلى قطاع غزة
-
نتنياهو يطالب الوسطاء بضمان سلامة الأسرى
-
أحد أقدم الأسرى الفلسطينيين.. ماذا تغيّر في غياب محمد فلنة؟
...
-
-صفعة جديدة للمحتل-.. تفاعل مع مشاهد تسليم الأسرى في جباليا
...
-
مواجهات بين الجيش الإسرائيلي وفلسطينيين لدى استقبالهم الأسرى
...
-
بتسليم الأسرى.. فصائل غزة تتحدى إسرائيل
-
إصابة شابين بالرصاص واعتقال طفل خلال اقتحام الاحتلال غرب رام
...
-
إسرائيل تكشف شروطها لاستئناف الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|