نجات حميد اْحمد
الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 22:54
المحور:
ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي
ربما من العسير الحديث عن (نصيب)منصف للمراْة العربية في(الربيع العربي) ,لانه من المهم اْن نميز بين شطرين من الانتفاضات ومن ثم التنظيمات السياسية التي تبواْة السلطة في بلدان مابعد الانتفاضة ,لان الانتفاضة كحركة شعبية وجماهيرية عامة غطت مساحاة واسعة داخل كافة طبقات المجتمع وشرائحها,بينما نرى اْن تشكيل الانظمة بعد سقوط حكوماتها اْنحسرت في التمثيل السياسي المحدود واْن القوة التاْريخية لصالح التغيرات الجوهرية في حريات الانسان لا زالت محل شك ,وذلك لاْسباب عديدة نذكر منها:-
1-,ان النخبة الثقافية والسياسية التي تدعي التنجديد واطلاق حريات الانسان العربي من الذكور والاناث ,لم تتمكن من فرض تاْثيرات جذرية وعميقة في المجتمع العربي وفي الراْي العام العربي.
2- ان التراث العربي السلفي لا زال السائد على عقول الاكثرية من المواطنين
3- اْن الحركة النسوية ورموزها في الكفاح من اْجل مساواة المراْة مع الرجل ,لا زالت في خطواتها الاولى.
4-اْن كثرة الصراعات الايدولوجية التي تراهن على الانسان العربي والتي تصب اْكثريتها في التراجع المستمر من الافكار الحداثوية اْدت الى تهميش اْهمية حضور المراءة العربية وتاْثيرها الفعال في المجتمع العربي,كيف الحديث عن مستقبل لحضور المراْة في ظل غياب المراْة نفسها في تبواْ السلطة مع الرجال؟وهل تؤمن اْلاكثرية من النسوة بحقوقها المدنية في الوطن العربي؟
5- اْن مفهوم الديمقراطية التي توصف بالسيف الذي له حدين ,حد يقطع وحد اخر يبني,خير مثال على التمثيل الديمقراطي المنتهج لهذه الانتفاضات ,فبعد الانتفاضات الجماهيرية اْستولت الجماعات المسلحة والجيش على السلطة فهي التي شكلت الحكومة الانتقالية وهي التي اْخذت وتاْخذ على عاتقها تنظيم الانتخابات وبما اْن هذه الجماعات ومنهم الجيش لا يمثلون جميع طبقات وشرائح مجتمعاتهم ,وهي مستعدة لكتم لجام كل صوت مخالف ,فهي اْيضا بمقدورها تشكيل تصور اْولي لشكل الانتخابات وشكل حكوماتها,لانه واضح للعيان اْن السلطات الجديدة في مصروليبيا لم تعمل بعد لصالح حريات الانسان وحرية المراْة ومساواتها مع الرجال,والسبب تاْريخي وحتمي,فالديمقراطية التي تعتمد على صوت الاغلبية في تسلمها للسلطة ستكون لصالح القوى التي لا تؤمن بحرية الانسان وحرية المراْة لان مجتمعاتها لم تستوعب بعد مفاهيم ومبادىْ الفكر الديمقراطي ولا زالت متخوفة من مستقبلها ولا زالت مجتمع ديني دون منافس,بالرغم من ذلك فاْنها حكومات شرعيةوديمقراطية في تشكيلها,ولكنها تسلطية محافظة في ممارستها للسلطة والحكم.
من المؤكد ان الحركة النسوية وبالرغم من حضورها ومشاركتها الفعالة في هذه الانتفاضات والحركات الشعبية في الدول العربية,لم تجني مغزى واْهداف مشاركتها بجانب الرجال ,ولم تكون هي صوتها المتساوي والمستقل في التغيرات الحاصلة , هم الرجال وبنسبة مطلقة يقررون شكل الانظمة وها هم يوزعون الادوار والمكانات للمراْة العربية,كانت بشرى الانتفاضة الليبية الغاء قانون حضر تعدد الزوجات,هنالك تراجع في حقوق المراْة في مصرواضطرار كثير من الشخصيات النسوية في الانكماش والعزلة وربما ترك البلاد.وفي اليمن اْن الحديث عن حقوق ومشاركة المراْة في السلطة لا زال مبكرا,ودول اْخرى لم تشهد اْية تغييرات جذرية في مفهوم حقوق المراْة ومساواتها مع الرجال,بل لا اْبالغ عندما اْعتقد اْن حقوق المراْة في تراجع مستمر,وكل ذلك لا يعني غياب صوت المراْة بالمناداة بحقوقها ورفع الظلم عنها,فهذه الحقوق نسبية في منطقة الى اْخرى,فهنالك بلدان لا تزال المراْة عبيدة للرجل وليست لها اْبسط الحقوق ,والمثال على ذلك اغتصاب حقها في التصويت,فكيف الحديث عن حقوقها في المشاركة في السلطة مع الرجال؟هنالك اْسباب تاْريخية واْجتماعية واْيدولوجية لتهميش المراْة وحقوقها في هذه الانتفاضات نلخصها بما يلي:-
1- ان اولوية دعاة التغيير في الانتفاضات العربية كانت ولا تزال اْنهاء الفساد الاداري وذلك باْسقاط النظام واْتهامه بالفساد الاداري وعلى حساب جملة من المبادىْ الضرورية لحرية الانسان ومستقبله,اْي لم تبلغ دعوات هذه الانتفاضات الى مستوى التغيير في عقلية الانسان ورؤيته , العقلية التي تتعامل بشكل يومي مع ميثاق اجتماعي متجذر تنظر الى المراْْة كالنصف الاخر للرجل ولا تعتبر الرجال النصف الاخر للمراْة,فاْن المركز في الحديث والنطق والقرار لا زال بيد الرجال,فها هم يكونون ويؤسسون الدولة وها هم يحددون مكانة المراْة.فلا زال الرجال والدعاة منهم ,يشرعون ما يرونه الصواب,فاْين ممثلي دعاة حقوق المراْة في هذه الانتفاضات؟هل فرضت الحركة النسوية على السلطات التي اْستولت على النظام نسبتها في المشاركة في السلطة؟لايمكن الحديث عن حقوق المراْة في دولة ما, ما لم نحدد نسبة مشاركة المراْة في السلطة ومن ثم حجم القوانين التي تشرع حقوقها واْخيرا حضورمنظماتها في تشكيل الحكومات وتشريع القوانين,فبذلك تصبح حضور المراْة حقيقية.
2- مع الاسف اْن المشاركة الفعالة للمراْة العربية في هذه الانتفاضات لم تحدث اْية تغيرات فعالة في موقع المراْة في المجتمع العربي ولم تؤدي الى جني تضحياتها , لانها لم ترتقي الى اْشكالية جدلية في تشريع القوانين والتاْمل في صياغة قوانين جديدة من اْجل مساواة الرجل مع النساء ,ربما هنالك اْمل في ذلك,بل لم تكون المراْة العربية وبالرغم من صوتها ,من تمثيل نفسها اْمام الرجال والمدعين بالتغير,
3-العقلية التي ترى في المراْة شخصية غير مكتملة والتي عبرت عنها القوانين السابقة لم تصبح مشكلة تاْريخية واْجتماعية .فالاولوية لدعاة التغير في هذه الانتفاضات هي من سيستولي على السلطة .
4- لازال التراث الديني والايدولوجي لهما حضور فعال ومؤثر على المستولين على السلطة,ونعلم جميعا لا يمكننا تصور مستقبل اْفضل للمراْة في ظل العقلية التي تتحرك حسب معتقدات هذا التراث التاْريخي .
5- مع الاسف اْن الاغلبية من النسوة في الوطن العربي لا تؤمن بحقوقها ولا تريد تحقيقها,فهي لا تزال تاْن تحت هيمنة التراث والعقلية الذكورية والسلطوية ,
6-اْستخدام العنف المفرط في مواجهة الانتفاضة من قبل السلطات العربية ساعدت على تهميش حضور المراْة العربية ,كيف الحديث عن مشاركة دور المراْة في القرار السياسي في اْحداث دموية متتالية ومستمرة ؟
وكل ذلك لايعني القنوط اْو التشاؤم المطبق ازاء ما يحدث الان.فالمراْة العربية التي شاركت وبحضور فعال في هذه التغيرات من الصعب تهميشها في ظل قوانين جائرة,لاْنني اْعتقد اْن هذه الانتفاضات ستطرح وبقوة مكانة وشخصية المراْة. اْن الحركة النسوية بعد هذه التغيرات ستحدث تغيرات كبيرة في نمط عملها وفرض حضورها,اْنها وفي السنوات القادمة ستشهد تقدما كبيرا في فعالياتها وحضورها,فلا عجب اْن تطلب المراْة العربية بنسبة مشاركتها في اْية سلطة مدنية,واْعتقد جازما اذا ما ارتاْت اْلسلطات الجديدة تهميش المراْة في حقوقها ستواجه مشكلات صعبة في ادارتها وحكمها,لان الجانب المشرق لهذه الانتفاضات هوفسح المجال اْمام قدرة المراْة وحضورها في التعبير عن نفسها بجانب الرجال,واْن الرجال لابد اْن يتاْملوا هذا الحضور الجديد للمراْة ومدى فعاليتها.
2-اْعتقد اْن الجانب المهم لهذه الانتفاضات ليس في اسقاط الانظمة فقط, بل في طرح مساْلة مكانة وحقوق الانسان في الوطن العربي واْيضا العلاقة التي تربط المواطن بالسلطات الحكومية والاْنظمة السياسية ,ومن ثم حقوقه في المشاركة في القرارات الاستراتيجية ومشاركته الفعالة في السلطة واْتاحة الفرصة اْمام قدرات هذا الانسان للتعبير عن نفسه واْخيرا تاْكيد الارادة المهمشة لهذا الانسان في خلق التغير,من المؤكد اْن هذه الملامح الخفية والمطمورة تحت الاحداث الساخنة ستطفوعاجلا اْم اجلا,واْن المواطن العربي بذكوره واْناثه سيبحثون عن جدوى رفضهم ومطالبهم.ومن الخطاْ جدا الاعتقاد باْن هذه الانتفاضات قد حققت كامل اْهدافها وستستقر على حالها, بالرغم من تحقيق الهدف الرئيسي لها باْسقاط الانظمة,واْن كل ثورات العالم وانتفاضاتها لها لحظات اْستذكارية ولحظات من قوة اْلتاْمل فيما حققها وما لم تحققها.اْي اْن كل ثورة في العالم تحتفظ في داخلها بثورة مؤجلة والمثال على ذلك الثورات الفرنسية والغربية في دفع نخبها للمطالبة بالتعديلات الدستورية التي كانت تتعلق بنمط حيات وحريات اْفرادها في مراحل تاْريخية متعاقبة ومتفاوته.يعني ذلك اْن التمرد على السلطة ورفض السلطة والخروج الى الشوارع اْي كسر الصمت المطبق,قد اْصبح تراثا جديدا لهذا الانسان,التراث الذي سيحمله مسؤلية التغير في كافة النواحي الحياتية والفكرية والثقافية, وبالرغم من ذلك تعتمد التغيرات الاجتماعية والثقافية في اْية ثورات اْو اْنتفاضات في العالم على الارضية الفكرية والسياسية لها نذكرمنها باْختصار:-
1- تعتمد حقوق المراْة في التغيرات هذه على المبادىْ التي تستند عليها دستور البلاد وقوانينها,السبب من تاْخر طرح اْشكالية حقوق المراْة والمطالبة باْزالة العقلية الذكورية يرجع الى الاولوية الطارئة لمطالب ورؤية المنتفظين ومن ثم الى الجماعات الايدولوجية والسياسية التي تاْخذ على عاتقها مسؤلية شكل النظام السياسي,فكيف الحديث عن تغيرات جوهرية في ظل نظام اْيدولوجي لاتؤمن اْساسا بحقوق المراْة وشخصيتها المتساوية مع الرجال ؟
2- يعتمد طرح اشكالية حقوق المراْة ومساواتها على الحركات النسوية ومدى حضورها وفعاليتها في المشاركة السياسية لاْية اْنظمة جديدة للحكم .اْي فتحت الانتفاضة الباب على مصراعيه ووفرت اْرضية جديدة للعمل الجاد والدئوب والخروج من النمط السائد لرؤية المجتمع للمراْة بشكل عام.فمدى تمثيل المراْة لنفسها والعمل على مطالبها هو شرط ضروري لتغير الرؤية الكلاسيكية للمراْة العربية,
3-تعتمد حقوق المراْة وبدرجة كبيرة على طرح مشكلة فصل الدين عن مؤسسات الدولة ,فهي من اْهم اْلاستراتيجيات التي تحدد فيما بعد شكل النظام السياسي وتوفر الفرص للحديث عن حقوق المراْة في قوانين الدول ودساتيرها,
4- ان التوغل والتعمق في التراث والايدولوجيات السائدة في عقلية الاغلبية من الافراد في الوطن العربي ومجتمعاتها تبين وبوضوح مدى صعوبة التقدم في جعل قضية المراْة قضية انسانية وتاْريخية ومستقبلية ملحة,لا يمكن الحديث عن رؤية مجتمع متطور ما لم نتحدث عن انفتاح العقل بوجه دمقرطة الذات ,فاْكثرية المجتمعات العربية التي عملت ولعقود طويلة على فرض ارادة الرجل وتهميش شخصية المراْة فد طورت نمطا فكريا اْصبح فيما بعد وعلى مر التاْريخ تراثا للحياة والفكر معا ,يدخل الى شكل المؤسسات وكيفية عرض برامجها.ويدخل الى شكل العائلة,في المدارس والخدمات وجميع مفاصل الحياة للفرد في المجتمع.
بالرغم من هذا اْعتقد بحصول تغيرات كبيرة في العقلية السائدة للانسان العربي ولكن هذا التغير يحتاج الى زمن اْكثر,واْيضا الى عمل اْكثر,لان ظاهرة الاسلام السياسي ليست متعقلة فقط بالمجتمعات العربية بل اْكتسحت مجتمعات الشرق بشكل عام.ففي العراق هنالك نظام ديمقراطي واتحادي فدرالي,وبالرغم من الادعاء بهما لا زالت حرية المراْة والذكور اْيضا محل شك.فحقوق المراْة في العراق في تراجع مستمر,ومعها حرية الانسان بشكل عام,نستثني من العراق حكومة اقليم كردستان التي طورت من قوانينها لصالح المراْة.ان العقلية الذكورية التي تبيح للرجل فرض ارادته وسطوته حسب قوانين الدولة والميثاق الاجتماعي السائد , من المعلوم اْن العمل على تغير العقلية الاجتماعية المتاْثرة بالتراث وبالاعتقادات الدينية والايدولوجية هو عمل شاق وبطىْ ,لان التغير في هذه العقلية يحتاج الى تجسيد رؤية جديدة للحياة من قبل المفكرين والنخبة السياسية والثقافية التي تهمها التغير.
3- اذا ما اْدركنا شكل النظام السياسي الذي ينتهج فكر الاسلام السياسي في تنظيم وتاْسيس الدولة اْي تنظيم كافة مفاصل الحياة المتعلقة بالفرد في الوطن العربي ,ندرك بسرعة اْن هذا النظام من غير الممكن اْن تغير من اعتقاداتها الدينية المترابطة مع السياسة ,انها مساْلة كيفية الرؤية للانسان وشكل حياته,ويعني ذلك ان هذا النظام يستحيل عليه الخروج من الاعتقادات التقديسية التي تحدد دور الفرد لكل من الذكور والاناث وتحدد حقوقه ودوره واْختياراته في حياته.وعندما يتعلق الامر بالحقوق المدنية والانسانية للمراْة يجب اْن لا نتوقع اْية تغيرات ولو جزئية في كيفية التعامل معها في ظل اْنظمة كمثل هذه الانظمة,لماذا؟ هل باْمكان نظام سياسي ديني اْن يغير في الثوابت الدينية التي ترى من المراْة انسانة غير مكتملة من حيث وجودها الجسدي والعقلي ومركزها الاجتماعي وهويتها المدنية؟اْمام واقع كهذا سنواجه مرحلة صعبة جدا في حياة المراْة في الوطن العربي,ليس بسبب تفاقم التحديات التي تواجهها فقط بل بسبب حجم النشاط الاجتماعي والسياسي والثقافي والتاْريخي الذي ستواجهها في هذه المرحلة الجديدة,واْمام التراجع الكبير في موقع ومساْلة حقوق المراْة في هذه المرحلة,فما الحل؟
العمل على التركيز على الحقوق المدنية والانسانية والقانونية للانسان العربي بشكل عام هو هدف ستراتيجي يقع على عاتق النخبة الفكرية والسياسية والثقافية في الوطن العربي, يحدد اْهداف معينة للعمل عليها وبرنامج واضح وجرىْ للمطالبة بتحقيقه,من ناحية الاحوال المدنية يجب اْن يكون هناك صوت فعال ومؤثر لهذه النخبة في فرض اْعتقاداتها ورؤيتها لحق المراْة في القوانين التي تسن في البلاد.كقانون المساواة بين المراْة والرجل,والطلب بتحديد نسبة المشاركة السياسية للمراْة في جميع مفاصل النظام السياسي الجديد .اْي الطلب بتحديد نسبة مشاركة المراْة في المناصب التي لها علاقة بدفة الحكم وسلطاتهاواْيضا اْتاحة الفرصة اْمام المراْة بنسبة تستحقها في الوظائف الحكومية ,ومن الناحية الاجتماعية يتطلب العمل على تنظيم وتجديد وتاْسيس منظمات نسوية وتنشيط سابقاتها,لكي تتمكن من خلالها اْخراج المواطنين الى الشوارع لممارسة الضغط على السلطات الجديدة في الوقوف ضد القوانين التي تحدد وبشكل غير مدني حقوق المراْة وتنتهكها,اْن هذه النقطة بالذات مهمة جدا لانها التعبير والرفض المباشر والمؤثر على مراكز القرار في اْية اْنظمة تنتهك حقوق المراْة ,ومن ناحية التعاون مع المجتمع المدني لصالح موقع وحقوق المراْة ,فاْن هذه النخبة عليها اْن تكون علاقات متينة مع المنظمات الدولية التي تعني بحقوق الانسان بشكل عام وبحقوق المراْة بشكل خاص.
4- اْن اْحد اْلاساليب المتبعة من قبل الاسلام السياسي هو قراءة حجم قوته وسطوته وهيمنته على المجتمعات التي يسيطر عليها,وحسب مستويات هذا التقيم يحدد من ردود اْفعاله,واْن هذا الادعاء هو اْدعاء فرضتها الشارع العربي وتكوين الراْي العام لدى المواطنين وليست فكرة اْساسية ولا جوهرية في برنامج الاحزاب الاسلامية السياسية,اْن اْية قراءة للوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمعات العربية تبين بوضوح بداْ مرحلة جديدة في شخصية المواطن العربي وردود اْفعاله ,المرحلة التي بداْت بقول لا لاحتكار وقولبة شخصيته وكيانه من قبل السلطات المتعابقة,اْنها مرحلة جديدة لا تشبه في مغزاها اْية مراحل اْخرى لنضال هذا الانسان في رفض اْستبعاده ورضوخه واْستعباده ومن ثم اْنها مرحلة جديدة في اْسترجاع حضوره الفعال في رسم مستقبله مع الانظمة التي تحكمه.ففي هذه المرحلة لا بد اْن تدعي هذه الاحزاب الدينية السياسية باْنها عازمة على تاْسيس دولة مدنية,الا اْنني اْرى اْن الدولة المدنية ومبادءها لا تتوافق لا مع عمل هذه الاحزاب ولا على البرنامج الذي تفضله وتطبقه في نمط حكمها ودولتها, كلنا نعلم اْن للاحزاب السياسية خطوط حمراء في مسائل حرية الانسان بشكل عام وفي نظرتها لحقوق المراْة ,الدولة المدنية توفر الارضية لعمل المؤسسات المدنية الديمقراطية التي تدافع عن حقوق الانسان وحرياته الشخصية والسياسية دون تدخل من السلطات,الدولة المدنية تعمل على مبادىْ مساواة المراْة مع الرجل اْمام المحاكم وفي قوانينها المدنية والسياسية,الدولة المدنية تشرع قوانينها المتعلقة بالاحوال الشخصية حسب القوانين الدولية والمبادىْ الانسانية المعترفة بها في الاوساط الدولية,وتتعاون مع المنظمات الانسانية التي تدافع عن حقوق المراْة ,فكيف ستتبنى الاحزاب الدينية السياسية هذه المبادىْ وهي التي لها نصوص مقدسة من الكفر المساس بها اْو التعديل فيها اْو الاجتهاد فيها لصالح عالم جديد ؟ ومن هنا تاْتي اْهمية تنشيط الضغط المدني على هذه الانظمة من اْجل تشريع قوانينها بشكل يتناسب مع الحقوق المدنية والانسانية للمراْة ,واْن لا نعلق امال كبيرة على هذا الادعاء التكيفي والتقديرى للاسلام السياسي.ولكنها وبالرغم من ذلك عامل مهم وخطوة مهمة ,من الممكن الاستفادة منها في تنشيط الحملات الاعلامية والفكرية من اْجل اْحداث التغير في العقلية السلفية,
5-لا بد من السؤال عن حجم مشاركة المراْة العربية في التنظيمات والاحزاب السياسية في الساحة,لا بد من دراسة حجم المنظمات الانسانية والمدنية التي تهتم بحقوق الانسان والمراْة بشكل خاص,وعن مستوى ونسبة مشاركة المراءة فيها, لاْنها ضرورية لاثبات حضور المراْة العربية في مؤسسات الدولة ومنظماتها المدنية المستقلة ومنها التابعةللدولة,ومن ثم مهمة في فهم التحديات التي تواجهها المراْة في مجتمعاتها كلما طالبت بحقوقها ,اْن ضعف موقع المراْة في مجتمعاتنا عبارة عن تراكم تاْريخي للعقلية الذكورية,ولها علاقة بالوضع الاقتصادي لكل المجتمعات,والاهم من كل تلك العوامل اْن النظر للمراْة مرتبطة بعوامل حضارية وعلمية واْجتماعية وتراثيةوثقافية مترابطة من حيث فعاليتها وتاْثيراتها السلبية والايجابية,والاهم من تلك العوامل مكانة المراْة في الدين ,المقصود من ذلك اْن حجم التحديات التي تواجهها المراْة الشرق اْوسطية هو اْضعاف ما تواحهها المراْة الاوروبية , فالمراْة الاوروبية تدعمها كافة المؤسسات الانسانية وكافة القوانين والدساتير.بينما نصيب المراْة في الدعم المعنوي والسياسي والاجتماعي محدودة جدا ومحفوفة بمخاطر جمة,ولكن من البلاهو اْن نعتقد باْن اْية شريحة اْو طرف سياسي واْيدولوزجي باْمكانه الحديث عن نظام مدني دون اقرار كافة الحقوق المدنية والقانونية التي تساوي حقوق الرجال في مجتمعاته,واْنه لمن السذاجة اْن نعتقد باْن الدولة التي تدعي الحداثة في سلطاتها هي دولة مدنية دون اْن تقر قوانينها لصالح اْستقلال المراْة من النظرة السلفية والتعسفية والتخلفية لها,في اْجواء تملئها المشاحنات الايدولوجية والاجتماعية والدينية السائدة ستكون من المبكر الحديث عن هذه الاستقلالية لشخصية المراْة وعن حقوقها المشروعة,واْن الاولويات في مجتمعات كهذه المجتمعات هي نمط العيش والدخل والاتفاق الجمعي على الميثاقث الاجتماعي الذي يجمع نسبة كثيرةو من السكان في التوافق على مشروعية الطروحات ورفضها من الاْساس,اذا المراءة العربية محكومة بمخاطر اْجتماعية وسياسية وتاْريخية ,فرضت نفسها على مصيرها وحياتها دون رغبة منها,ولكنها تمتلك مجالا واسعا للعمل الجاد ,مجالا مفعما بالحماس والتاْمل والتعمق فيما تفعل وفيما ستواحهها من ردود الافعال.وبما اْن تطوير ثقافة حقوق المراْة لها بعد اْنساني ومدني ,من الضروري اْن لا تكون المراْة في عزلة من مواقعها ومواقفها,بل يجب اْن تدعمها كل العقول التي تؤمن بحرية الانسان ,اْقصد المثقفين والكتاب والفنانين سواسية ,اْذا من البديهي اْن اْنحسار الحركة النسوية وتفشي الشلل في نشاطاتها وفي كثير من المجتمعات العربية عليها اْن تكون تراثا جديدا لها واْن تكسب عقول وتعاطف الافراد من مجتمعاتها بشرعية حقوقها واْهمية مشاركتها في مجمل نشاطاتها,فكيف السبيل الى تحقيق هذا الهدف؟
من الضروري العمل على فكرة اْن حرية المراْة ومساواتها في الحقوق مع الرجال لا تشكل خطرا على المجتمع بشكل عام ,بل من الممكن والضروري اْن يحرك مجتمع ما نصف قواه من السبات التاْريخي لها واْن تكون يد العون في بناء بلدانها ومجتمعاتها,فالمجتمع الذي يعمل على تحيد دور المراْة في مفاصل نشاطاتها هو المجتمع الذي يشل نصف قواه من الحركة في بناء نفسه ومستقبل اْجياله,وتحرم مجتمعاتها من نصف قواها الاقتصادية والبشرية.
6- كيف السبيل الى جعل حرية المراْة جزءا مهما من حرية الرجال؟ اْن اْحداث التغير في دخل واْقتصاد الفرد, والتركيز على اْهمية مشاركة المراْة في هذا التقدم,, العمل على تغير المناهج التربوية التي تركز على مركزية الذكور واْدوارها في البناء والتقدم.توسيع دائرة المنظمات النسوية في مجتمعات ما بعد الانتفاضة,التشجيع على اْنخراط المراْة في العمل السياسي والانساني والثقافي,المطالبة بنسبة معقولة للمراْة في التمثيل السياسي,فتح مجالات العمل للمراْة في مجتمعاتها,العمل على تشريع القوانين والدساتير الجديدة للدولة بمشاركة المراْة فيما يخص حقوقها ,تطوير الثقافة الديمقراطية والتجديدية لحرية الانسان وحقوقه المدنية وجعلها ستراتيجية مركزية للاعلام,تطوير الاعلام المستقل الذي يؤمن بحقوق المراْة ,عدم القبول بالقوانين التي تحدد دور المراْة وتسند دورها الى الرجال,هي في مجملها عوامل تاْريخية ومستقبلية مهمة للعمل عليها بمؤزارة المثقفين والمفكرين والفنانين من الرجال.
#نجات_حميد_اْحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟