|
ملف - افاق المرأة والحركة النسوية بعد الثورات العربية
مهدي ابوبكر
الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 22:55
المحور:
ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي
1- هل سيكون للمرأة في الدول العربية نصيب من التغيرات المحدودة التي طرأت حتى الآن على مجتمعات هذه الدول كأحد نتائج الربيع العربي؟
ج/ التغريرات التي طرأت على بعض الدول في المنطقة العربية ،ليست تغيرات إجتماعية شاملة، إنما هي تغيرات سياسية فوقية ،والتي غيرت على إثرها بعض الأنظمة الحكم التي كانت تحكم تلك البلدان لأمد طويل، من خلال العنف و اضطهاد المناوئين لسلطتها. هذا من جانب ومن جانب آخر فأن التغيرات السياسية الجارية لم تحدث كمطلب إجتماعي سياسي الداعي الى التغير العلاقات الإجتماعية في داخل تلك المجتمعات، بل حدثت هذه التغيرات كمطلب سياسي بحت وكرد فعل سياسي على افعال و سلوكيات الحكام السياسيين. خلاصة القول ان التغيرات السياسية الجارية لا ولن تأتي معها التغيرات في عقلية المجتمع ،لذلك التصور او التوقع او حتى التفكير حول نصيب المرأة من هذه التغيرات هي ضرب من الخيال.
2- هل ستحصل تغيرات على الصعيدين الاجتماعي والثقافي في منظومة القيم المتعلقة بالسلطة الذكورية والعقلية التسلطية التي تعاني منها نساء الشرق؟ وإلى أي مدى يمكن أن تحصل تغيرات جوهرية في ضوء الحراك الشعبي الواسع والخلاص من رأس النظام وبعض أعوانه في أكثر من دولة عربية؟
ج/ بعد حدوث "الثورات الربيع العربي"، لا يمكن تصور حصول تغيرات على الصعيدين الاجتماعي والثقافي، ولا يمكن كذلك حصول تغيرات في منظومة القيم المتعلقة بالسلطة الذكورية والعقلية التسلطية، لإن وكما نعلم البنية الثقافية في العالم العربي مصدرها الرئيسي هي الدين الإسلامي، وانتجت هذه البنية الرجعية المتخلفة منظومة من القيم السلطوية على مستوى الإجتماعي وحتى السياسي، فإن التغيرات التي أتت من خلال "الثورات الربيع العربي" ليس بمقدورها القيام بتغير الثقافة السائدة في المجتمع ،و في الأساس إن "الثورات" الحالية لم تحدث اصلاً في سبيل تغير القيم الإجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع، بل وبالعكس قامت هذه "الثورات" لترسيخ و توطيد وتطوير الثقافة الإسلامية الذكورية في تلك البلدان. وفي ظل هيمنة الثقافة الإسلامية لايمكن بروز قيم المساواة والعدالة لتحل محل القيم الذكورية القديمة التي تقوم على اساس اللامساواة بين الرجل و المرأة وانتهاك حقوقها بصورة مبرمجة و تصفيتها ذهنياً وحتى جسدياً. 3- ما هو الأسلوب الأمثل لنضال المرأة لفرض وجودها ودورها ومشاركتها النشيطة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في تلك الدول العربية التي وصلت فيها الأحزاب الإسلامية السياسية إلى الحكم؟
ج/ الأحزاب الإسلامية التي وصلت الى الحكم، ستحرص في بداية الأمر على المحافظة المصالح الدول الغربية، وستقوم بتقوية علاقاتها الخارجية مع الدول النافذة على الساحة الدولة ،لاجل الحصول على مكسبين: الأول/ تقوية سلطتها من الداخل عن طريق ضمان عدم التدخل الدول الغربية في سياساتها الداخلية. الثاني/ تجميل مظهرها و واجهتها الخارجية و الظهور بمظهر اللاعب المنظبط في العلاقات الدولية. فإن الأحزاب الإسلامية ،حينما تحصل على هذين المكسبين، ستقوم بتضيق مشاركة عامة فاعلة في كافة المجالات السياسية والإجتماعية والثقافية، وستفرض هيمنتها على الجميع، وستبني نظاماً تعسفياً دينياً على شاكلة النظام الإيراني المطعم بالعقلية السنية السلفية. والمرأة كجزء من المجتمع ليس امامها الخيار لنضال سوى الإصرار على حقوقها كأنسان اولاً و كمرأة ثانياً وذلك من خلال التعاون والتآلف النضالي مع رجال الأحرار والمشاركة الفاعلة في الحركات والنشاطات والأحزاب السياسية اللبرالية ومساندة الشخصيات السياسية والثقافية والفنية اللبرالية في تلك المجتمعات لتقوية جبهة اللبرالين ضد الإسلامين السلفيين.
4- تدعي الأحزاب الإسلامية السياسية بأنها تطرح إسلاماً ليبرالياً جديداً وحديثاً يتناسب مع فكرة الدولة المدنية. هل ترى أي احتمال للتفاؤل بإمكانية شمول حقوق وحريات المرأة ضمن البرنامج السياسي الإصلاحي الاحتمالي لقوى الإسلام السياسي, وهي التي تحمل شعار "الإسلام هو الحل"؟
ج/ اللبرالية تقوم على اساس الحرية في جميع مناحي الحياة، وتسير على القاعدة دعه يمر دعه يعمل (Laissez-le passer de laissez-faire) اي بمعنى عدم التدخل الدولة في شؤون اليومية للمواطنين والإكتفاء بالمحافظة على امن وسلامة الدولة من الداخل و الخارج وكذلك تقديم الخدمات الحياتية للمواطنين. والدين الإسلامي في بنيته لاينسجم مع هذه الأطروحة، لإن إسلام دين شمولي ويعطي الحق لنفسه التدخل في كل الصغيرة والكبيرة في حياة الإنسان، الإنسان في نظر الإسلام هو كائن مصير ولايحق له الخروج من ما كان رسم له مسبقاً من قبل الله ورسوله و نصوص الآيات القرآن. فإن الجميع الإحزاب الإسلامية السياسية "المعتدلة" والمتطرفة لديهم نفس هذه الرؤية الإسلاموية للحياة والتعامل مع الإنسان، وهذه الرؤية بعيد كل البعد عن اللبرالية والدولة المدنية. لذا فإن الأعتقاد وحتى التفكير بولادة الدولة المدنية على يد الإحزاب الإسلامية، في الدول التي تهيمن فيها هذه الأحزاب على سلطة السياسية سواء في العالم العربي او غيرها من العالم الإسلامي هي حلم كوميدي. الدين الإسلامي لايعترف بالحرية بالمعنى الواسع لرجل ومرأة معاً، وينظر الى المرأة كأنسان من الدرجة الثانية، ومن هذا المنظور لا اتوقع إدراج حقوق والحريات الحقيقية للمرأة ضمن البرنامج السياسي لقوى الإسلاموية السياسية في المستقبل، هناك احتمال حمل تحسين الحقوق والحريات المرأة من قبل هذه الأحزاب كشعار إنتخابي وبشكل دوري في أوقات الإنتخابات، لأجل كسب اصوات الناخبات، ولكن تضمين حقوق والحريات المرأة كمبدأ سياسي وكهدف إجتماعي في برنامجهم سياسي والعمل من اجل تحقيق هذا المبدأ لا تحدث ابداً في مستقبل منظور.
5- هل تتحمل المرأة في الدول العربية مسؤولية استمرار تبعيتها وضعفها أيضاً؟ أين تكمن هذه المسؤولية وكيف يمكن تغيير هذه الحالة؟
ج/ لا اعتقد ذلك، المرأة في الدول العالم الإسلامي ومن ضمنها العالم العربي، ليست لديها اي ذنب في تبعيتها وضعفها امام الرجل ولاتتحمل اية مسؤولية في هذا المجال، وذلك لسبب بسيط الا وهي فإن الرجال انفسهم هم عبيد لثقافة القبلية التقليدية السائدة في المجتمع. والمرأة كجزء من المجتمع وهي خاضعة مثلها مثل الرجل للعرف والعاداة والتقاليد المجتمع والأمتثال بما رسم لها من قبل القرآن والسنة النبوية. فالمسؤولية الرئيسية لتبعية المرأة واستمرار عبودية الإنسان في العالم العربي بشكل عام هي السلطة السياسية وتحديداً النخبة السياسية الحاكمة الذي عمد على إبقاء المجتمع في الجهل والتخلف بهدف ضمان استمرارها في السلطة. 6. ما هو الدور الذي يمكن أن يمارسه الرجل لتحرير نفسه والمجتمع الذكوري من عقلية التسلط على المرأة ومصادرة حقوقها وحريتها؟ ج/ ليست هنالك وصفة جاهزة لأضعها تحت تصرف الرجل في العالم الإسلامي بغية الوصول الى الحرية لنفسه ومن ثم تحرير المرأة. ومع ذلك هناك بعض المسائل الهامة التي تقع مسؤولية ممارستها على عاتق النخبة المثقفة بهدف توعية المجتمع وانتشالها من الجهل و التخلف، من أهمها: 1- التواصل الدائم مع المجتمع من خلال الندوات والمناضرات والمقابلات التلفزيونية والكتابة عن مصادر التخلف المجتمع. 2- عدم الخوف في النقد و وضع اليد على أسباب الذي يؤدي الى تعميق الجهل ومن أبرزهم الدين الإسلامي والعرف القبلي الموروث في أعماق نفوس المجتمع. 3- نقد السلطة السياسية وإشعار المواطنين الى الدور السلبي التي تمارسها السلطة في تعميق الأمية والجهل. 4- القيام بدعم النخب والأحزاب السياسية اللبرالية الحقيقية، ومساندتهم في الإنتخابات وذلك بترشح أنفسهم عن قوائمهم اوعلى الأقل تشجيع و حث المواطنين لإنتخاب المرشحين اللبراليين. 5- عدم القيام بالهجرة وعدم الترك أوطانهم للقوى والنخب الرجعية، و القيام تضيق الخناق عليهم عن طريق التواجد الدائم في جميع النشاطات السياسية والفكرية.
مهدي ابوبكر صحفي وأكاديمي الكردي مقيم في مدينة السليمانية
#مهدي_ابوبكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملف - افاق المرأة والحركة النسوية بعد الثورات العربية
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
آفاق المرأة، والحركة النسائية، بعد الثورات العربية، بمناسبة
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|