|
عن نفى الأقباط من ديارهم
رفعت السعيد
الحوار المتمدن-العدد: 3649 - 2012 / 2 / 25 - 09:01
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
لم أجد مبرراً للاستمرار فى نشر الحلقة الثانية من مقالى عن دستور وضعه شباب مصريون عام ١٨٧٩.. فأى حديث عن حقوق الإنسان يختفى إزاء حكم عرفى فرض على عائلات قبطية أن تنفى من منازلها إلى مكان آخر، بالمخالفة للحق والعدل والدستور والقانون. أعرف أن غضبا عارما ألزم أصحاب القرار حدودهم، لكنها لم تكن المرة الأولى ولن تكون الأخيرة إذا سكتنا.
وفيما أتأهب للكتابة اتصل بى أحد المواطنين الأقباط ليذكرنى بمقال سابق علقت فيه على الجلسة العرفية التى فرضت على مسيحى بالإكراه التنازل عن حقوقه إزاء سلفيين قطعوا أذنه، وتساءلت: هل إذا كان المسيحى هو الذى قطع إذن مسلم.. كان الحكم سيأتى مماثلاً؟
وسألنى: هل لو كانت الشكوى من أسرة مسيحية ارتكب شخص مسلم ذات الفعل ضد إحدى سيداتها كان الحكم سيكون كذلك؟. واتصل بى أحد أساتذة التاريخ القديم راجياً «من فضلك انشر النص التالى الوارد فى «معجم الحضارة المصرية»
إذا غضب رع على أرض نسى حاكمها العرف
إذا غضب رع على أرض عطل القانون فيها
إذا غضب رع على أرض عطل العدالة فيها.
إذا غضب رع على أرض جعل أغبياءها فوق عقلائها.
كذلك قابلنى أحد المراسلين الأجانب وقال: «بمثل هذا الإجراء لن يتمكن فلسطينى من الاحتجاج على قرارات الإبعاد التى تصدرها محاكم إسرائيل، فعلى الأقل هذه محاكم أما هؤلاء فهم مجرد عناصر متطرفة».
وهأنا أمتثل لرغبة الكثيرين وأتساءل هل اختفى الدستور والقانون ومبادئ حقوق الإنسان داخل عباءات هؤلاء الذين فرضوا أنفسهم حكاماً فى جلسة الحكم العرفى والتى حضرها- ويا للدهشة- أحد أعضاء مجلس الشعب من السلفيين، وهو الذى أقسم بالله العظيم على احترام الدستور والقانون؟ وأتساءل عن مدى علاقة القرار العرفى بالمادة «٦٨» فقرة (و) من قانون العقوبات: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تتجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين فى الترويج أو التحبيذ بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف الدينية المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى.
وبمناسبة هذا الحكم العرفى الكارثة تذكرت وفتشت حتى وجدت نص حكم محكمة القضاء الإدارى العليا برئاسة المستشار أحمد كمال أبوالفضل والصادر فى ١٠/٦/١٩٧٥ بناء على قضية رفعتها المناضلة شاهندة مقلد ضد قرار إبعادها هى وثمانية عشر من أهالى كمشيش، طالبة إلغاء قرار وزير الداخلية بإبعادهم من محل سكنهم فى قرية كمشيش إلى أماكن أخرى. وجاء فى حيثيات الحكم «إن هذا القرار الذى أصدره وزير الداخلية جاء خروجاً عن الأصل الدستورى المقرر من عدم جواز وضع قيود على الحريات الشخصية للمواطنين إلا بمقتضى القانون. وبرغم أن حالة الطوارئ قد ألغيت وهى التى أجازت تحديد إقامة المجرمين الخطرين على الأمن العام والنظام، فإن حكم الإدارية العليا قد أكد على أنه حتى فى ظل الطوارئ يجب الالتزام بالتعريف المنضبط لوصف المجرمين الخطرين وأنه لا يجوز التوسع فى تفسير هذا التعريف». ويقول «ولا جدال فى أن وزير الداخلية لا يملك أن يصم أى فرد بالإجرام إلا إذا كانت هذه الوصمة موسدة بالسلطة الوحيدة التى تملك الحكم على تصرفات الأفراد فى علاقاتهم الاجتماعية ألا وهى السلطة القضائية. الأمر الذى يترتب عليه أن القرار المطعون فيه قد شابه عيب لا يصمه بمجرد عيب عادى من عيوب عدم الاختصاص، بل هو عيب ينهض إلى حد اغتصاب السلطة الذى ينزل به إلى مجرد عمل مادى عديم الأثر قانوناً، مما يتعين عليه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار». وأعرف أن بعض السلفيين المتشددين يرون أن الفراعنة كفار وأن تماثيلهم هى مجرد مساخيط وأوثان ويتعين تدميرها. وأعرف أنهم لا يعتدون بالدستور ولا بالقانون فهو عندهم أوراق وضعية وضعها بشر لا يقضون بشرع الله. ولا يعترفون طبعاً بالمحاكم لأنها تتحاكم إلى قوانين من صنع البشر الخطائين.. ولهذا أتمسك أمامهم بالنص القرآنى الكريم «ولا تزر وازرة وزر أخرى» وأسأل ذات الأسئلة السابقة فهل من إجابة؟
وإذا كان الكثيرون قد تقبلوا هذا التعسف العرفى بالصمت، ومنهم حكامنا، كل حكامنا، وكل الجهات المنوط بها حماية القانون وحماية الدستور وحماية حقوق المواطنين، بغض النظر عن الدين، فإننى أتذكر فى شأنهم قصيدة لأحمد شوقى تقول:
إذا زرت يا مولاى قبر محمد
وقبلت مثوى الأعظُم العطرات
فقل لرسول الله يا خير مرسل
أبثك ما تدرى من الحسرات
شعوبك فى شرق البلاد وغربها
كأصحاب كهف فى عميق سبات
وإذ أتلفت إلى العالم حولنا واحترام أغلبه لحقوق أصحاب الديانات المختلفة، وإلى حالنا الذى يتدهور إلى أسفل، أتذكر قولاً فنلندياً يقول «لا يعرف البط المنزلى حقيقة مأساته إلا إذا رأى البط البرى محلقاً فى السماء».
يا أيها المصريون حكاماً ومحكومين، انظروا إلى أحوالكم وإلى ما ينتظركم.. واعرفوا حقيقة مأساتكم.. فتحركوا قبل فوات الأوان.
#رفعت_السعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن الدستور.. رسالة من شباب ١٨٧٩ (
...
-
أوامر سلفية فى ٢٥ يناير
-
الملك فؤاد.. وأوهام الخلافة
-
عن الخلافة وأوهامها (٣)
-
عن الخلافة وأوهامها (٢)
-
٢٥ يناير.. الشعب.. الحكومة.. الجيش
-
عن الخلافة وأوهامها (١)
-
هل هى الفوضوية؟
-
لماذا تخلّفنا؟
-
عيده المئوى .. نجيب محفوظ والمسيحيون
-
بيزنس الإفتاء
-
مرة أخرى.. هل الليبرالية كفر؟
-
الإخوان - الجهاديون - السلفيون .. العلاقات المتشابكة
-
محاولة لفهم ما يجرى
-
هل الليبرالية كفر؟
-
عن الإرهاب الإخوانى
-
المتأسلمون وتحالفاتهم
-
الشيخ صفوان أبوالفتح
-
فلماذا أسميناهم متأسلمين؟
-
عن تجديد الفكر الديني
المزيد.....
-
مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف
...
-
مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي
...
-
الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز
...
-
استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
-
كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به
...
-
الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي
...
-
-التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
-
أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
-
سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ
...
-
منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق
...
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|