أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علال البسيط - ثلاثية القرآن السنة والسلف الصالح..رؤية تاريخية















المزيد.....

ثلاثية القرآن السنة والسلف الصالح..رؤية تاريخية


علال البسيط

الحوار المتمدن-العدد: 3648 - 2012 / 2 / 24 - 11:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- الإسلام المعاصر سواء في اتجاهاته الإصلاحية أو تياراته الأصولية متشبع برؤية للتاريخ تفضل البدايات على المآلات ، وتقدم اختيارات الماضي على تطلعات المستقبل، ويتعلق الأمر هنا بنوع من المثالية تضفي هالة من القداسة والكمال الأسمى على الأزمنة المتقدمة (ما يعرف بصدر الاسلام) و الأوائل الذين عاصروا الوحي والرسالة.
هذه النظرة التبجيلية للماضي عند المسلمين تذكرنا بما كان يعرف في أوربا بالحركات القومية مطلع القرن التاسع عشر حيث استدعى القوميون الأوربيون ماضيا أسطوريا وأسسوا عليه مقومات هويتهم القومية عن طريق قراءات موجهة للنصوص التاريخية.
ومن المؤكد أن التبجيليون من المسلمين على علم بالواقع وعلى اتصال به, لكن الخلل يأتي من كون الواقع يتم إخضاعه لصالح التأويل المفروض من القدوة والمثال المتمثل في القديم، والمعبر عنه في الثقافة الإسلامية بالمثل الأعلى أو الأسوة الحسنة أوالقرون المفضلة...

- بالنسبة للمسلمين هذه المثالية تشمل عنصرا آخر لا يقل عن سابقه قدسية وكمالا، ونعني به (الوحي). هذا العنصر يجسد البداية الفعلية لأحداث التاريخ الاسلامي وهو بذالك يشكل ركيزة أساسية في الرؤية التبجيلية التي تصبغ الماضي بصبغة الكمال المطلق والعصموية الاسطورية.
تم بالفعل التسليم به كعنصر ضمن المثاليات لموقعه المتقدم في هيكل منظومة المثاليات الكبرى في الكيان الاسلامي. وفي نفس السياق, كان من الطبيعي أن يعد الرسول باعتباره مشرعا المؤسس الفعلي للمجتمع الجديد بمعطيات عقدية ورؤية ترسخ مفهوم مثاليته في العقل الجمعي وتمهد لدخول عنصر ثالث في هذه المنظومة، تلك هي السنة.

من المؤكد أن الرعيل الأول والأجيال الأولى في تاريخ الاسلام أدركوا كما أدركنا أن ظهور الاسلام أحدث تغييرات جوهرية في الحياة الاجتماعية والسياسية في شبه الجزيرة العربية ومقارنة بالفترة التي سبقته- الجاهلية- يكون الاسلام قد قطع كل صلة مع تلك الفترة المتقدمة.
يقوم الرسول بعد هدم المثاليات التي كانت سائدة قبل الاسلام، بتغذية مجتمع المدينة الفتي بمثاليات جديدة، في هذه الفترة كان محمد اكتسب كل الصفات الاسطورية التي تحاكتها العرب عنه قبل الفتح وأصبحت في عِداد المسلّمات، وصار المرشد الروحي والمثل الأعلى والقدوة الكاملة المعصومة, التي هي أعلى وأرقى وأقدس مرام يمكن لمخلوق تمثله عقلا وسلوكا، وها هنا يكمن المضمون الأساسي للسنة.

- على الساحة السياسية وقعت في تاريخ الإسلام وخاصة في عصر الخلفاء الأوائل -الذين وضعوا التوجهات الأساسية للمستقبل- وبسبب الحملات العسكرية التي كانوا يشنونها خارجة الجزيرة العربية وانتصارهم على أكبر امبراطوريتين في العالم القديم، ولكن أيضا بسبب خلافاتهم الداخلية وقعت الحرب الأهلية أو ما يعرف بحروب الردة، وهي الفترة التي عرفت صراعا بين الانتماءات القبلية والجنوح الى الحرية في الحياة البدوية في مقابل مبدأ حكومة مهيكلة أو دولة بالمفهوم العام.

في البدايات الأولى يقدم لنا مسرح التاريخ الصورة الوجدانية والنفسية للمجتمع في عصر خلفاء الرسول، لا أحد يلتفت للوراء بعد، وذلك الشعور بفقدان شيء، وانقطاع يعلن انتهاء واضمحلال حقبة مثالية; أو عصر ذهبي ، هذا الشعور لم يطفوا ويتغلغل إلا شيئا فشيئا، ولم يتبلور إلا مع ظهور مفهوم الخلفاء الراشدين، هذا المفهوم ارتبط عضويا بالعدد أربعة، وتأخر ظهوره و تداوله إلى منتصف القرن الثالث تقريبا، مع أحمد بن حنبل الذي كان أول المدافعين عنه.

هنا نقف قليلا لنتسائل لماذا تحديدا أربعة وليس اثنان أو ثلاثة؟!! ولماذا الشيعة لا يعترفون بهذا المفهوم ويرفضون تلك التراتبية؟
إن الصورة التي تعطى للتاريخ دائما تكون صورة انتقائية وتحتوي عاملا عقابيا تعسفيا يغطي على الحقيقة ويقصي ما قد ينتقص من هيبة المثال المحتذى، فيحق لنا السؤال من هذا المنظور عما أمكنهم أن يدمجوه ويلفقوه لأجل إيهامنا بواقع مثالي لا يوجد إلا في الكتب..وفي الكتب وحدها للأسف؟.

فإذا كان ثلاثة من الأربعة خلفاء قضوا حتفهم مقتولين، فإن هذا يدل على أن الواقع كان أبعد ما يكون عن المثالية والكمال الذي يفرضه المنحنى التبجيلي، ومع ذلك فإن هذه الأحداث التي أدت إلى مقتل ثلاثة من الخلفاء لم تلق أي اهتمام ونسيت تماما أو كادت، باستثناء مقتل عثمان، بينما عمر اختلفوا في مقتله وزعموا أن قاتله كان مجوسيا ولذلك اعتبروا عمر شهيدا, أما علي فقاتله لم يكن من غير المسلمين لكنه كان خارجيا، و عثمان على عكس علي فإن الذي قتله كان -مسلما صحيح الاسلام-.
على المدى البعيد لم تكن هذه الوقائع والاغتيالات لخلفاء الرسول في حد ذاتها سببا في الصدمة، إنما في ما ترتب عليها بعد ذلك من فرقة وشقاق. اندلع الصراع و تمخض عن طائفتين، طائفة تناصر عثمان وهم الذين سيعرفون بأهل السنة، وأخرى تناصر عليا وهم الذين سيعرفون بالشيعة. فإذا كانت المثالية الاسلامية مؤسسة على الرؤية التبجيلية لأهل القرون الأولى باعتبارهم أهل الفضل والكمال والتقديم, فإن كل هذه الوقائع والمقاتل و ما عرف بالفتنة الكبرى بين الصحابة وما ترتب عليها من فرقة واقتتال ونشوء فرق يكفر بعضها بعضا، يخالف ما جاء في القرآن حول الاختلاف والتفرق وأنه محصور في الذين يسميهم كفارا خاصة المسيحيين.
وإذا كان هذا شأن الفئات التي عاداها الاسلام وذم تفرقهم في الدين، فلماذا امتلأ تاريخ المسلمين ومنذ أوائل أيامه بالفرق والمذاهب والنحل المتناحرة تارة بالسيف وتارة بالقلم والتي من كثرتها ألف في تاريخها الشهرستاني موسوعة استغرقت مجلدات ضخام، وتأثرت بها الأجيال المتلاحقة؟.

لقد أدرك العقل الجمعي منذ بدايات عصر التدوين التناقض بين ما تقدمه معطيات الواقع، وما تؤكده النظرة المثالية للماضي، وتبين بجلاء المخالفة الصريحة لأوامر الإله بترك الفرقة والنزاع في تلك الأجيال الثلاثة الأولى التي هي القدوة والمثال، هنا يبدأ البحث عن المسؤول، يبدأ بعده التبرير بل الاتهام والتلفيق، وعلى هذا الأساس وتلك الغاية نشأ في الإسلام علم التاريخ historiographie أو بمعنى أدق علم الأخبار، وتعاطاه طائفة من الإخباريين الأصوليين والقصاص الذين احترفوا اختلاق الأحداث ووضع الروايات التي تضفي صبغة الكمال والتبجيل على القديم، والحرص الشديد على ملائمة الأخبار للمعطيات الدينية الثابتة، وصار الدين بذلك يحدد مسار التاريخ بأثر رجعي ويرسم له مواقفه ومنعطفاته. ومع كل ذلك فإننا تغاضينا عن كل هذه الحقائق التي تبين فساد نظرية القدوة ومثالية الماضي وأسطورية جيل الصحابة، و أصبح فيما بعد الجيل المفضل لدى المسلمين، السلف الصالح.



#علال_البسيط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جواهر لا يعرفها الإسلام!
- إبغض في الله!
- إعدام القذافي مثال على تطبيق الشريعة!
- يوم غرقت مكة في الدماء!
- سيوف الإسلام الأربعة
- المثلية حرام في الدنيا حلال في الآخرة!
- دوائر إبليس
- الأصول الإسلامية للكوميديا الإلهية -1-
- سيف الشريعة لا يعرف الحوار
- جواب سؤال: لماذا الإسلام؟
- تشريع الاغتصاب في القرآن
- سادية النبي
- اعدامات الرسول
- أمية محمد
- متى يعقد المأذون قران المثليات؟
- مشانق القرآن
- بَيْنَ بَيْنْ
- جناية الإسلام على الفنون والآثار
- الراعي والنساء
- الدامغ للقرآن


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علال البسيط - ثلاثية القرآن السنة والسلف الصالح..رؤية تاريخية