|
أمريكا،وخيارات الأنظمة العربية ومعارضاتها
أمجد الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1075 - 2005 / 1 / 11 - 09:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد انهيار منظومة المعسكر الاشتراكي،أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر شراسة وقوة ،وأكثر قدرة على الاستغناء عن خدمات حكام العالم العربي،الذين طالما قدموا لها الخدمات الهائلة أيام الحرب الباردة،مقابل التغاضي عن طبيعة وأشكال حكمهم التي كانت تتعارض في بعض الأحيان مع مصالحها. وبعدهزّة الحادي عشر من أيلول/سبتمبر،والذي صار بمثابة (قميص عثمان)أمريكي ،وبدون أية مقدمات،(اكتشفت )الولايات المتحدة لاديموقراطية هؤلاء الحكام،وقمعهم لشعوبهم،ومساندتهم للارهاب الدولي...الخ.فبدأت بالتضييق عليهم،والأخذ بخنّاقهم ،بحجة الديموقراطية وحقوق الانسان. وهؤلاء الحكام الذين طالما تنّمروا على شعوبهم،واستكلبوا في نهبها،أضحوا اليوم عاجزين تماما عن الوقوف أمام هذا العدو القادم كالبغل الهائج، كي يدوس كل من يقف في طريق مصالحه أو يعترض مطامحه.
لذلك فقد وقعت الأنظمة العربية في(حيص بيص!)،بعد أن أخذتها المفاجأة،وأصبح من الصعب جداً عليها أن تتكيف مع الرؤى والاستراتيجيات الجديدة لهذا الوحش القادم ،صديق الأمس. ومن البديهي أنها ستحاول قدر الامكان التقليل من خسائرها،وابداء نوع من المرونة في الاستجابة للمطالب الأمريكية الغامضة.وأصبح الحديث عن الاصلاح والتطوير والتحديث جزءاً من خطابها السياسي اليومي.دون أن تدرك بالضبط ماهو الاصلاح الذي يناسب أمريكا،ولايقوّض في نفس الوقت سلطة هذه الأنظمة،أو تضعفها الى الدرجة التي قد لاترضاها أمريكا ذاتها!. ومن النافل القول بأن أمريكا لاتريد في نهاية المطاف لااصلاحا ولاتطويرا ولاتحديثا،بل ان جلّ ماتبتغيه هو اعادة ترتيب المنطقة بما يتناسب مع مصالحها،وبما يقطع الطريق على المدى البعيد على أي نفوذ غير النفوذ الأمريكي. إلا أنه وعلى الهامش من مناورات الولايات المتحدة،وتلاعباتها السياسية بالحديث عن الاصلاح المزعوم وعن الديموقراطية القادمة الى المنطقة،فان الأنظمة ومعارضاتها،تلعبان بالوقت الضائع،وتبذلان جهودهما الحثيثة كي تحققا أي مكسب على الأرض مهما بلغت ضآلته في صراعهما مع بعضهما البعض. فبعض المعارضات العربية،تعتقد بأن الولايات المتحدة في سعيها الجديد هذا للحفاظ على مصالحها سوف تقوم بفرض الديموقراطية ،بعد الاطاحة بهذه الأنظمة،لأن طبيعة هذه الأنظمة أصبحت لاتتناسب مع الرؤى والاستراتيجيات الأمريكية ،وبالتالي فهذا النوع من المعارضات يسعى جاهدا لملاقاة أمريكا والسعي لمراضاتها،واظهار بأنها البديل المناسب لهذه الأنظمة الاستبدادية. النوع الثاني من المعارضات،هو الذي يرى بأن أمريكا لم ولن تغير جلدها أبدا..وبأن كل حديثها عن الاصلاح في العالم العربي ،وعن الديموقراطية ماهو الا من قبيل الديماغوجيا الاعلامية،وللتضليل والاستهلاك فقط.أو هي في أحسن الأحوال لتخويف الأنظمة كي تقدم تنازلات أكثر .وبالتالي فان هذه المعارضات تطالب دوما بمقاطعة أمريكا مقاطعة شاملة،مع الدعوة لقتالها،وعدم الاستسلام لأوامرها.وعدم التفاوض معها.كالتيارات الاسلامية على سبيل المثال. وهناك نمط ثالث من المعارضات التي تتعامل ببراغماتية مع هذا الموضوع.فهي تعتقد بأن الضغوط الأمريكية على هذه الأنظمة لابد من أن تجبرها على تغيير جلودها،وإكراهها على أن تدرك بأن اعطاء هامش من الحريات لشعوبها،والقيام ببعض الاصلاحات الديموقراطية،كفيل بتأمين استقرار هذه الأنظمة،وتقويتها،وجعلها أكثر قبولاً لدى الأمريكان ،من حيث قدرتها على القيام بدور الشرطي،الحامي والضامن لاستقرار وأمن المصالح الأمريكية.وبذلك فهذا النوع الأخير من المعارضات يحاول تحسين مواقعه داخل التشكيلة السياسية المرتقبة،عن طريق مطالبة الأنظمة بالاصلاح والتعددية الحزبية وإلغاء قوانين الطوارئ..الخ. هذا من جهة المعارضة،أما من جهة الأنظمة فإنها لاترى أمامها في مقابل المتطلبات الأمريكية الجديدة ،حتى الآن،سوى ثلاثة خيارات:إما الرحيل،حاملة معها مانهبته طوال فترة حكمها، والفرار ناجية بجلدها وبما لها من أرصدة هائلة في البنوك الأجنبية. أو الانحناء لمتطلبات أمريكا الكثيرة والتي تجعل هذه الأنظمة تدرك بغريزتها بأن تنفيذ هذه المتطلبات ستضعفها كثيراً وبالتالي ستجعلها مجبرة على تقديم كثير من التنازلات لشعوبها. أما الخيار الثالث والتي تحاول أن تغمض عينها عنه،وأن تتناساه،لشدّة مرارته بالنسبة لها،فهو طريق المصالحة مع شعوبها وجماهيرها الواسعة،عن طريق اطلاق حرياتها كافة،وتحسين مستواها المعاشي،والكف عن نهبها ،وجعلها تشعر بأن دفاعها عن أنظمتها ما هو إلا دفاع عن أوطانها. وبهذا تتحسن شروط العرب(أنظمة وشعوباً) في أية مفاوضات مستقبلية قادمة مع هذا البغل الهائج، ومع البغل الهائج الآخر شريكه الاسرائيلي .ويصبح بامكانهم مواجهة الاملاءات الأمريكية والاسرائيلية بكل ثقة واقتدار.
#أمجد_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السؤال ؟؟ )
-
هموم تربوية صغيرة !
-
مرثية..لروح الشعب العربي
-
حديث حدث !
-
المرأة..في المنتديات والمواقع الالكترونية الاسلامية
المزيد.....
-
الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي
...
-
إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
-
طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
-
صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
-
هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
-
وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما
...
-
حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر
...
-
صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق
...
-
يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|