باسم المرعبي
الحوار المتمدن-العدد: 3647 - 2012 / 2 / 23 - 00:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس المنفى سوى مرآة هائلة تستحضر الوطن
فيغدو المنفي أسير هذه المرآة، يُحصي فيها ما ترسّب من صوَر الطفولة الشباب، الأصدقاء، العائلة، والمكان عموماً الذي هو جوهر المسألة لدى المنفي.
الصوَر تترسب في المرآة
في الوقت الذي تتسرّب حياته
والمنفيّ يحيا اللحظةَ مضاعفةً، مزدوجةً.
مضاعفة العذاب وازدواج الزمن
ففي الوقت الذي يعيش ايقاع حياة ـ خارجية ـ ما في مغتربه، منفاه. يجد في داخله ايقاع حياته القديمة ذاته.
نبض اغنية عراقية قديمة مثلاً
فيما الشارع الذي يسير فيه، هنا، يشهد ايقاعاً آخرَ مغاير تماماً
مؤيد كريم عباس
عرفته منذ الستينات، دون أن، تكون هناك صلة مباشرة بسبب فارق العمر
عرفت والده كذلك مُتوّجاً بطيبته وشعره الفضّي اللامع. كان صديقاً لوالدي.
مؤيد، لدّي، ينتمي الى ذلك الزمن والجيل الذي لم يُلوّث. كانت الحياة العراقية أكثر جمالاً، أكثر مدنيةً، أكثر نُبلاً. وكان الناس أكثر صفاءاً...
لهذا نرانا نبحث عن صور ذلك الزمن، نجمعها، نستعرضها ونُفني اللحظات في الإبحار فيها دون ملل أو تعب.
زمن المنفي متوقّف
حين نعود الى أوطاننا بعد كلّ تلك السنوات نريد ان نرى أولئك الذين تركناهم صغاراً كما هُم
لا نريدهم أن يكبروا
لكن الحقيقة الصادمة أن اولئك الأطفال قد غدوا أباءً أو ربما صار لهم أحفاد.
المنفي لايريد للزمن أن يمضي، لذا فهو يتشبّث بصورةٍ بالأبيض والأسود
ينشر مؤيد كريم عباس صور طفولته وفتوّته على صفحة الملتقى الذي أقامه في الفيسبوك، للأصدقاء، كمقهى صغير يتبادلون فيه الأخبار، الآراء، التعليقات،
والأهم من كلّ ذلك الصور. صور شخصية أو صوَر المدينة...
الصورة القديمة هي كلّ رأسمال المنفي.
حين توفي والدي ـ رحمه الله ـ لم أفكّر بأي شيء مما تركه سوى مجموعة الصور العائلية الكبيرة، صوَري مع اخوتي في زمن الطفولة وفي مناسبات مختلفة.
الصورة تاريخ كامل.
قد يحيا المنفيّ في التاريخ أكثر مما يحيا الواقع أو فيه.
انه مشهد افتراضي
كالصداقة في الفيسبوك
كالانتماء الى صورة بالأبيض والأسوَد الى الأبد، دون التفكير بالخروج منها
هل يحيا المنفيون عموماً حياةً افتراضية؟
المسألة لا تتعلق بالمنفى فقط
انها لعبة الحياة كلّها، بالمحصّلة.
#باسم_المرعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟