|
من كان وراء محاولة إغتيال قائد شرطة البصرة؟
محمد ضياء عيسى العقابي
الحوار المتمدن-العدد: 3646 - 2012 / 2 / 22 - 10:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كتبتُ مرات عديدة عن الكيد الذي يتقنه الإرهاب بشقيه المتحالفين: التكفيري والطغموي. وبعد كشف الجرائم التي إعترف بها بعض أفراد من حماية السيد طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية، بدأت التصريحات والندوات تتوالى من مسؤولين أمنيين ومن خبراء في الشؤون الأمنية وعلى رأسهم السيد رئيس الوزراء نفسه وفي أكثر من مرة. وقد تم الكشف خلالها عن حقائق مفادها أن حمايات بعض المنخرطين في العملية السياسية يقومون بأعمال إرهابية مستفيدين من الحصانات، ومن المعلومات التي بين أيديهم أو التي يمدهم بها مسؤولوهم، ومن رخص التجوال الرسمية التي يمتلكونها، وسيارات الدولة المخصصة للمسؤولين. كانت الحقائق، التي تم الكشف عنها بإيجاز، مذهلة وهوّن من هولها أمران: أولاً: كانت لدى الكثيرين من الديمقراطيين المتابعين للشأن الأمني العراقي، بجد، شكوك ترقى إلى هذه التجليات. ثانياً: إن ما تم كشفه عن تورط السيد الهاشمي وبعض أفراد حمايته قد سرق الأضواء وأصاب الناس بالذهول وكانت صدمة كبيرة خففت من الصدمات اللاحقة. يبدو أن ما شجع الحكومة والسلطات الأمنية على الكشف عما كان مكتوماً هو تصلب عود الديمقراطية العراقية بعد خروج القوات الأمريكية والنشاط الملموس في حركة البناء. كان أحد أهم مظاهر التطور النسبي الذي حققه البناء الديمقراطي هو إشمئزاز الجماهير الديمقراطية في الغرب العراقي والموصل من الأفعال اللاوطنية للغلاة من بعض قادة إئتلاف العراقية (وهم تحديداً الدكاترة السادة: أياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني) كالطلب من الولايات المتحدة التدخل في العراق لنشوب حرب أهلية قائمة هناك على حد قول رسالتهم في صحيفة النيويورك تايمز. إنه فعل يعاقب عليه القانون.
هذه مقدمة لموضوع حفزني على كتابته عثوري، بالصدفة وأنا أقلّب عناوين المواضيع العديدة التي أنوي كتابتها، على عنوان يخص خبراً قرأته يوم 27/4/2009 في شريط أخبار فضائية الحرة يقول:
"قائد شرطة البصرة ينجو من محاولة إغتيال بانفجار قنبلة مزروعة قرب سلمان باك وهو في طريق عودته من بغداد إلى البصرة."
وفي حينها كتبتُ السطور التالية كخلاصة للموضوع لكنني لم أكمله:
"أما يدل هذا على وجود تآمر بين زارعي القنبلة وبين شخص ما في بغداد ربما في الأجهزة الأمنية التي أَفترضُ أن القائد جاء لقضاء مهام رسمية تخص عمله معها؟ هل تم التحقيق في هذا الأمر وكشف إسم او أسماء المتورط أو المتورطين؟"
واليوم وبعد كل التطورات التي شهدتها الساحة العراقية أطرح نفس السؤال ثانية، آملاً الإهتمام به وإفادة الجماهير، والأهم وجوب تطهير الأجهزة الأمنية مهما كلف الأمر.
هناك أمر آخر حفزني إلى كتابة هذا الموضوع وهو إلقاء القبض على السيارة المفخخة التي كان ينوي سائقها زرعها وتفجيرها بين زوار كربلاء في نفس المنطقة التي حاولوا فيها إغتيال قائد شرط البصرة قبل ثلاث سنوات تقريباً أي منطقة المدائن المعروفة بإسم سلمان باك.
السيارة المفخخة الجديدة ربما كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ كشفت عن تورط حماية السيد الهاشمي، بل تورطه هو شخصياً بهذه الجريمة التي أُحبطت قبل تنفيذها؛ ويبدو أن رئيس الوزراء والمسؤولين الأمنيين قد ضاقوا ذرعاُ بتمادي الهاشمي شخصياً والطغمويين عموماً في أعمالهم الإجرامية فقرروا الكشف عنها خاصةً وأن رئيس الوزراء كان في طريقه إلى واشنطن وقدَّر أنه كان سيضع الرئيس أوباما بالصورة مياشرة بدلاً من سماع الموضوع ربما مشوهاً من هذا وذاك.
بتقديري، إن الرئيس أوباما قد أُشعر سلفاً بقضية الهاشمي قبل إثارة الموضوع من قبل الرئيس المالكي معه وذلك عن طريق السفارة الأمريكية في بغداد التي أرسلت تقريراً مذيلاً بتواقيع تؤيد صحة الإتهامات بناءاً على معلومات إستخباراتية سابقة لدى القوات الأمريكية في العراق لكنها أخفتها بناءاً على عدم ملائمة الظروف السياسية آنئذ. الموقعون هم: نائب الرئيس السيد جو بايدن ووزيرة الخارجية ومستشار الأمن القومي.
بالمناسبة، رأى قادة إئتلاف العراقية في توجيه التهمة للهاشمي فرصة لتأليب أمريكا وتركيا والسعودية والأردن ضد العراق ممثلاً بحكومته المنتخبة. فبالنسبة إليهم يجب أن يبقى الكلام عن سيادة الدستور وإحترام القانون وإستقلال القضاء والأهم حرمة أرواح العراقيين والدم العراقي – يجب أن تبقى كلاماً في حدود الشعارات يزايد بها البعض على البعض الآخر ولا يجوز لأيٍّ كان أن يفعِّل أياً منها .... وإلّا.... فتلك هي، في نظرهم، لعبة السياسة، حتى يملَّ الناس فتسقط الحكومة والنظام ب"الضربة القاضية" وهو المطلوب وبيت القصيد.
من هذا طلبوا من السفير الأمريكي حضور الجنرال بتريوس لإجتماع لقيادة إئتلاف العراقية؛ ربما قدّروا أنه سيقف إلى جانبهم شاهداً لصالحهم ولصالح الهاشمي ضد المالكي الذي تخاصم معه على خلفية خطة المالكي لفرض سيادة القانون حسبما صرح هو، الجنرال، للصحافة العالمية في حينه.
حَسِبَ هؤلاء الجهلة، كما يبدو لي، أن المسؤول الأمريكي يتصرف حسب أهوائه ومزاجه وعلاقاته الشخصية مع هذا أو ذاك وفاتهم أن هناك موقف رسميٌ لأية دولة محترمة يتوجب على المسؤولين في جميع مواقعهم الإلتزام به. أما تحلل قادة إئتلاف العراقية من هذا الإلتزام الإنضباطي وتحللهم من المسؤولية الوطنية فهو أمر غريب سيتم قطع دابره، بتقديري، بعد أن إسترجع العراق سيادته الكاملة. أي دستور أباح لهم الإتصال بدولة أجنبية وطلب حضور قائد عسكري للإجتماع بهم؟ ماذا فعل البجاري ومدحت الحاج سري ورشيد مصلح حتى يُعدموا كجواسيس أيام حكمهم؟
المفا جئ في الأمر لهم أن الجنرال، وكان بمعية السفير جيمس جفري، قد أخبر المجتمعين، على ذمة التقارير الصحفية، بأن إستخبارات الجيش الأمريكي في العراق كانت على علم بنشاطات الهاشمي الإرهابية لكنه لم يفصح عنها لأن الظروف السياسية لم تكن ملائمة آنذاك.
وكما يُقال: الشيء في الشيء يُذكر، أقول لو لم يكن لدى العراق جهاز إستخبارات أنشأه لنفسه وسط ممانعة أمريكية لما إستطاعت الحكومة العراقية كشف الهاشمي وغير الهاشمي. إليكم مقطعاً من مقال نشرتُه بتأريخ 9/6/2007 في صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بعنوان "جهاز لجمع المعلومات":
" هل سمعتَ في حياتك حكومة بلا جهاز إستخباراتي لجمع المعلومات عن الأعداء بل حتى عن الأصدقاء كما هو معمول به في جميع أنحاء العالم. أما العراق المبتلى بأشد الإرهاب دموية ودناءة فلا يحق لحكومته أن تملك هكذا جهاز لجمع المعلومات. وأكثر من هذا راحوا يتهمون جهازا من المستشارين في مكتب رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بأنه يمتلك أجندة طائفية شيعية.
وقبل أشهر قليلة نشرت صوت العراق تقريرا أمريكيا فيه إحتجاج ولغط على "جريمة" إقترفتها وزارة الداخلية العراقية لأنها شكلت هيئة صغيرة متواضعة لجمع المعلومات عن الإرهابيين. الحجة وراء الإحتجاج هي وجود "جهاز المخابرات" الذي يرأسه اللواء السابق في الجيش العراقي السيد عبد الله الشهواني؛ وأن تشكيل جهاز جديد يشكل خرقا للنظام وتآمرا من قبل الوزارة وقد ربطوا الموضوع كالعادة بالطائفية.
بقي أن نعلم أن جهاز مخابرات السيد الشهواني يقبض رواتبه من العراق ولكنه يقدم المعلومات للأمريكيين فقط. وذكر نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد الجلبي أن ذلك الجهاز قدم تقريرا يتيما للحكومة العراقية مرة واحدة فقط لا غير يقول فيه إن الأذان في البصرة صار يرفع بالفارسية!!!.
كما إتهمت أوساط سياسية الجهاز بالقيام بأعمال إغتيالات ضد الديمقراطيين العراقيين وبأعمال تفجيرات كيدية؛ حتى أطلق الجمهور على هذا الجهاز إسم "الحكومة الخفية"". ومازلنا قد فتحنا باب "الشيء في الشيء يُذكر"، فسأقول: في هذا اليوم الثلاثاء 21/2/2012 وقبل ساعات من الآن شاهدتُ برنامج "بالعراقي" في فضائية "الحرة – عراق" حول موضوع مرور عام على تظاهرات 25/2/2011/ المطاليب وما تحقق منها. أدار البرنامج السيد عماد جاسم الذي طالما أبديتُ عنه ملاحظات سلبية أزدادُ وثوقاً بصحتها كلما شاهدت حلقة جديدة من البرنامج قام بإدارتها.
طرح السيد جاسم الحلفي في ذلك البرنامج مسألة الإرهاب وأشار إلى إخفاق الحكومة في القضاء عليه.
سؤالي: هل تطرق في يوم من الأيام السيد الحلفي أو السيد عماد جاسم أو فضائية الحرة عن مسؤولية الأمريكيين في الإخفاق بهذا الجانب؟ هل دعموا الحكومة والمالكي عندما أصر على موقفه وشكل جهاز مخابرات أصبح يحسب له الحساب؟ ولماذا هذا التقليل من شأن ما أنجزته الحكومة العراقية والمالكي بالذات في قصم ظهر الإرهاب بقدر لم يتمكن الجيش الأمريكي في العراق من تحقيقه؟ هل هي مسألة "مغنية الحي لا تطرب" أم أمر آخر؟
#محمد_ضياء_عيسى_العقابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديماغوجيون
-
ما هكذا الولاء يا دكتورة ندى
-
نبوءة نوري السعيد تحققت يوم 8 شباط الأسود
-
السيد طارق الهاشمي يهذي بتأثير حمّى إفتضاح أمره
-
لماذا موقفا (منظمة الهيومان رايتس ووج) وصحيفة (الغارديان) غر
...
-
حذارِ حذارِ من محاولات الإستهانة بمؤسسة مجلس النواب
-
هم يلعبون ويخربون وأنتم إعملوا وإلعبوا لترويضهم
-
إنتهى الوجود العسكري الأمريكي في العراق فما هي القصة من الأس
...
-
لماذا توجد ملفات أمنية سرية غير مفعلة؟
-
توقفوا عن التأجيج الطائفي يا أصحاب المشروع -الوطني-
-
حافظوا على سلامة السيد طارق الهاشمي من الإغتيال الكيدي
-
هل الدكتور أياد علاوي يتستر على الإرهاب أم متورط فيه؟
-
أفيقي من أحلام اليقظة يا سيدة ميسون
-
متى يستقيم وضعنا يا مثقفون؟
-
الديمقراطية ليست هامبركر يا سيد صالح المطلك!!
-
الثورة السورية والعراق والربيع العربي والجامعة
-
ما لم يقله وكيل الداخلية للإستخبارات حول التخطيط البعثي
-
lموقف الجادرجي من قيادة ثورة 14 تموز
-
ماذا وراء تصريحات وزير الدفاع الأمريكي؟
-
لو حرصوا حقاً على مصالح الشعب
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|