جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3646 - 2012 / 2 / 22 - 09:20
المحور:
حقوق الانسان
من هو جهاد العلاونه؟,هذا سؤال سأله الكثيرون عندما بدأت أنشر كتاباتي في الحوار المتمدن لأول مرة بتاريخ 26-2-2007م وكان أول موضوع لي يتحدث عن (حجاب المرأة الاجتماعي) وتواصلت مع الحوار بعد هذا المقال بسلسلة مقالات متعددة عن المرأة وعن السير الذاتية لبعض المفكرين والكتّاب الأدبيين,وأذكر بأن إحدى السيدات الحقوقيات أرسلت لي بعدة رسائل تقول في أغلبها بأنني لا أصدق أن يكون كاتب كل هذه المقالات شخصا واحدا وأعتقد أن خلف هذه المقالات ثلاثة كُتّاب أو أربعة كُتاب ذلك أن المواضيع في أغلبها مختلفة عن بعضها البعض, وأقسمت في وقتها لتلك السيدة بأن الذي يكتب هذه المقالات شخص واحد وهو أنا وأزيدك من الشعر بيتا وهو أنني لا أملك جهاز كمبيوتر ولا يوجد في منزلي إنترنت, وذهلت يومها تلك السيدة وخصوصا حين شرحت لها طريقتي في كتابة المقال حيث لا يأخذ المقال مني إلا ربع ساعة أو نصف ساعة على أبلغ تقدير وكانت أغلب مقالاتي تحتوي على الكثير من الأخطاء الطباعة والإملائية حيث لم تكن لي خبرة في الكمبيوتر فقد جلست على الكمبيوتر في حياتي لأول مرة من أجل أن أطبع مقالاتي دون أن أعرف كيف يعمل وكيف يحفظ...إلخ, والبعض كان يظن بأنني امرأة لأن كل ما كنت أنشره يخص المرأة وحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين وهذا طبعا قبل أن أنشر صورتي ,ولكن بعد عدة أشهر على الكتابة المتواصلة تبين للجميع في وقتها بأنني رجل أحمل اسما مزدوجا يسمي به الناس أبناءهم ذكورا وإناثا وهو(جهاد).
وواصلت الطريق وواصلت الدرب وعبرت كثيرا من الممرات الضيقة,وكانت صحيفة الحوار المتمدن في كل يوم تكبر وكنتُ أنا معها في كل يوم أكبر,وكانت أهم ميزة تميزني عن بعض الكتاب هو أنني دائم القلق على كتاباتي فأنا حين أكتب تصيبني حالة من القلق وحين أنتهي من موضوعي تصيبني أيضا حالة من القلق, ولم أتلق طوال حياتي دولارا أو دينارا أردنيا واحدا أجرا على ما أكتبه وأعيش من وزارة التنمية الاجتماعية ومن حمل أخشاب الطوبار والحجارة والإسمنت على كتفي,واليوم في هذه اللحظة هنالك من يريد إجباري بأن أعترف بأن كل مقالاتي ليست لي وبأن غيري كان ينشرها باسمي وبأنني كنتُ أتلقى أجرا ضئيلا على كتاباتي, والحمد لله أن جهاد العلاونه عاش كما تعيش الأحاجي والألغاز,الكل يسأل عن جهاد علاونه:من هو؟وما هو مستواه من ناحية التحصيل العلمي, وأقول: مستواي من التحصيل العلمي لم يبلغ الصف التاسع فقد تركت القراءة في سن ال16سنة إلى غير رجعة ولكن بقيت أقرأ في الكتب والروايات والمسرح والفلسفة,وتهتُ كثيرا واحترت كثيرا ولكني لم أقع تحت سلطة أي جهة خارجية,ولم تطلبني أي جهة أمنية في يوم من الأيام-إلا مرتين بسبب قصيدة:يا عمي يا طاغيه- لتقول لي حول كتاباتي الدينية بأن ما أفعله غلط,ولكن اليوم يريدون محاسبتي على أشياء قد تبت عنها والحمد لله والغريب في الموضوع أنهم يريدون محاسبتي بعد إعلان توبتي أما قبل إعلان توبتي لم تكن هنالك أي جهة تريد مقاضاتي.
وعرفت كثيرا من السيدات المحترمات وكثيرا من الرجال الطيبين والمحترمين والمهددين بالإفلاس مثلي حيث وجدت أشباها لي على الإنترنت وتواصلت أيضا مع غُرف حوار صوتية في بعض المنتديات وتشاركت مع الأغلبية في طرح كثيرٍ من الأمور السياسية والثقافية والدينية والجنسية ولأول مرة في حياتي ألقي بعدد من قصائدي في إحدى غرف الحوار الفكرية سنة 2007م وجمعٌ كثير في جمهورية اليمن يستمعون لي في مدينة(تعز) وأنا في الأردن عبر الإنترنت ويومها أحسست بمدى عشقي وحبي للثقافة وبمدى سعادتي وأنا أرى جهودي لا تضيع عبثا وخصوصا حين بدأ الحوار المتمدن ينشر لي في كل يوم مقالا فكريا أو أدبيا لي وأنا لم أبحث عن الصحف الإلكترونية إلا بسبب رفض الصحف الأردنية الورق نشر أي شيء لي حتى على مستوى قصائد المدح في قيادة البلد وجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم...,وتعرضت خلال مشواري هذا لكثير من التساؤلات المنطقية وما زال لدى الكثيرين شك بأن الذي يكتب كل هذه المقالات ليس شخصا واحدا بل هنالك فريقا من الكتاب يعملون على هذا المنوال وفي كل مرة أقسم للجميع بأنني أنا جهاد العلاونه صاحب كل تلك المقالات ,ويبقى السؤال المهم :من هو جهاد العلاونه؟.
والبعض قال بأن جهاد العلاونه مهندس معماري والبعض قال بأن جهاد العلاونه أستاذ جامعي متخصص في الأدب الساخر وأخيرا أطل عليّ ذات يوم رجل يقول بأن جهاد العلاونه هو أحد أهم كتاب الأدب أو المقالة الساخرة التي تُجمع في تركيبها من وحدات عضوية قصصية ووحدات أخرى تعتمد على المزج بين النمطين القصصي والمقالة, وهذا التفسير لم يقتنع به الكثيرون فبعد أن نشرت سلسلة مقالاتي عن (السُريان) اعتقد البعض بأنه وضع يده على الجرح وبأنه اكتشف حقيقة هذا الوهم الذي تسمونه عبثا بجهاد العلاونه وهنا جهاد العلاونه رجل مسيحي سرياني ولا ينتمي ولا إلى أي صلة تربطه بالإسلام وقال عني البعض بأنني مجرد متخصص باللغة السريانية أو خفايا اللغة العربية العامية ويبقى السؤال المهم والأهم معروفا ومطروحا وهو:من هو جهاد العلاونه؟هل هو سرياني؟أم كاتب قصة؟أم كاتب مقالة؟أم شاعر؟أم امرأة؟أم رجل,هذا السؤال قد حير الجميع بدون استئذان.
والذي يحيرني أكثر هو أنني لم أدعي طوال حياتي بأنني كاتب ساخر أو سرياني أو إلى غير تلك المسميات وكنت دائما ما أقول عن نفسي بأنني جهاد علاونه كاتب أردني,ولا أزيد على ذلك شيئا أكتبُ بمشاعري وبكل ما أملك من أسلحة ثقافية وتخليت عن المصادر والمراجع وصرت في سنة 2009م أكتب قناعاتي ورؤيتي وعلى فكره القناعات الشخصية قد تتغير وأنا والحمد لله قد تغيرت بعض الشيء من ناحية دينية حيث عدت عن شكوكي وأريد اليوم أن أعيش سعيدا في بيتي بين أولادي:علي وبرديس ولميس وبتول,وأحذر أي شخص يريد أن يدمر أسرتي,أحذره لأن لأمثالي خطية وقد يكون صبري الطويل على الحال التي أعيش فيها قد جعلتني وليا من أولياءه أو قديسا من القديسين, لقد صبرت وما زلت صابرا,والله سبحانه وتعالى سيحكم بيننا وهو أعلم بالمتكبرين وبالمتجبرين,وهو أعلم بالذين يرون كفر أو زندقة أو طيش جهاد العلاونه وبنفس الوقت لا أحد يرى ولا يسمع بجوع جهاد العلاونه,يا أصدقائي:الجوعُ أبو الكفار.
وفي النهاية اتصل بي بعض القراء وقالوا بأنهم يصدقون هذه المهزلة الكبيرة ولكنهم لا يصدقون بأن كاتب كل تلك المقالات يقيم في الأردن,فهذا من المستحيل أن يصدقه أحد ولا بد أنك تعيش في أمريكيا أو بريطانيا أو فرنسا أو السويد حتى تتمكن من تجميع كل تلك الشجاعة لتكتب وتنتقد نفس المجتمع الذي تعيش به فهذا بحد ذاته انجازا عظيما كما وأنه تهور عظيم جدا,وواصلت المشوار مرة بدموعي ومرة بعرق جبيني وبقيت أكتب مقالاتي من النوادي والمقاهي حتى منتصف عام (2009)وكنتُ أحيانا أتعرض للطرد بطريقة أدبية من بعض مقاهي الإنترنت بسبب تراكم الديون وعدم قدرتي على التسديد, وتعرضت لكثير من الذائقات المالية ووصلت بي الحال أن أستدين (ربع دينار أردني) من أجل استئجار كمبيوتر لمدة نصف ساعة من أجل طباعة مقال واحد وأحيانا مقالين وأول شخص ظهر في حياتي ودعمني بمبلغ 100دولار كان شيخا إسلاميا وهو(الرحبي) حيث كانت تعجبه كتاباتي الساخرة,وقلت قبل ذلك بأن الدعم الذي كان يأتيني كان على شكل مساعدات إنسانية, من أصدقاء من شتى المواقع الجغرافية وأنا لا أخفي هذا,وهذا أصلا ليس جريمة وعلى فكره أغلب الذين دعموني أردنيون,وقد طرت فرحا حين قدم لي الروائي الأردني هاشم غرايبه جهاز حاسوب على نفقته الخاصة..واستمر المسلسل اليومي وكان العنف والتعب والإرهاق طريقة حياة وطريقة للكتابة استنبط منها ألمي ومن ألم الناس وألمي أمزج بين هذين أللونين لأنتج للقراء مقالة جديدة,وتعرضت لكثير من الأسئلة وما زال السؤال المهم هو :من هو جهاد العلاونه؟ والبعض في هذه المرة اتهمني بالعمالة الداخلية لأجهزة الأمن الأردني واعتبروني موظفا في جهاز الأمن لكي أنشر أو لكي أعطي انطباعا عن مدى السقف من الحرية الذي يتمتع به المواطن الأردني, أما الأردنيون الذين يعيشون معي في الأردن فقد اتهمني أغلبيتهم بالعمالة الخارجية وبأنني عميل ثقافي وحضاري,وقال عني المسيحيون بأنني مسيحي وقال عني المسلمون بأنني شيوعي أو اشتراكي وعلى كل حال كانت الأسئلة وما زالت مطروحة على مائدة الحكايات اليومية, طبعا وكنت في أغلب المرات أنام وأنا مرتاح ولا أكترث لتلك الأسئلة ولكن صدقوني كنت أستاء جدا حين أنام وهنالك سؤال يحير الناس عن شخصيتي وهل أنا شخصية غامضة كما يقولون أم أنني شخصية طبيعية؟.
أنا بجد تعبت جدا من سخريتي بنفسي وتعبت جدا من الملاحقات وتعبت جدا من الشكوك ومن الظنون وأريد أن أستقر وأنا هادئ البال,وأريد من كل الذين يلاحقوني بأن يتركوني لوحدي أعيش من أجل تربية أولادي,وتفاديا للشر لو طلبوا مني اليوم اعتزال الكتابة سأعتزلها شريطة أن أعيش بين أولادي بقية العمر هذا إن بقي في العمر بقية, فالحديد حين يحتك ببعضه كثيرا والنار حين تشتعل كثيرا لا تترك وراءها هي والحديد إلا الرماد..إلا الرماد...إلا الرماد.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟