|
ملامح نجاح الثورات العربية: الثورة المصرية نموذجا
أحمد سوكارنو عبد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3644 - 2012 / 2 / 20 - 23:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد هبت الثورات العربية فى الجمهوريات العربية الخمس: تونس، مصر، ليبيا، اليمن وسوريا لكنها لم تمتد إلى دول الإمارات والممالك. لعل سوريا هى الدولة الوحيدة بين الدول الخمس التى مازال رئيسها يحكم البلاد ويقطع الرقاب ويشرد العباد. أما باقى الجمهوريات فقد تخلصت من رؤسائها: الرئيس التونسى الذى تولى الحكم فى عام 1978م وانتهى عهده فى 14 يناير عام 2011م حين صعد أول طائرة متجهة إلى المملكة العربية السعودية وكذلك فعل الرئيس اليمنى الذى تولى الحكم فترة طويلة من 1978م حتى 2012م حيث رحل إلى الولايات المتحدة تنفيذا لاتفاقية مجلس التعاون الدولى التى تم توقيعها فى نوفمبر 2011 وموجبها لا يتعرض الرئيس للمحاكمة. ويعتبر الرئيس الليبى الذى بقى فى سدة الحكم أكبر فترة ممكنة، أى من عام 1969م حتى عام 2011م ومع ذلك ظل متشبثا بالسلطة حتى آخر نفس وحتى لقى مصرعه داخل الآراضى الليبية وتحديدا فى سرت فى 20 أكتوبر 2011م، هذا بعد أن فرت أسرته وفر أولاده إلى دول الجوار. أما الرئيس المصرى (1981-2011) فهو الآن يتعرض للمحاكمة ويتنقل بين المستشفى وقفص المحكمة. من الملاحظ أن الرؤساء الأربعة طاعنون فى السنة ويبلغ مجموع أعمارهم 300 عاما، فالرئيس المصرى المخلوع أكبرهم سنا ويبلغ 84 عاما يليه الرئيس التونسى المطرود عن عمر 76 عاما. أما الرئيسان السابقان اليمنى المفصول والليبى المقتول فيبلغ عمر كل منهما 70 عاما وتشاء الأقدار أن يكون هذان الرئيسان من مواليد نفس العام (1942م). والسؤال الذى يسنح فى الذهن هو هل نجحت الثورة المصرية فى تحقيق أهدافها؟ توجهت بهذا السؤال لأحد الأصدقاء فرد قائلا بأن الثورة فشلت والدليل أن كل شىء كما هو ولم يتغير شىء فى جوانب الحياة. فى هذا المقال سوف نتناول الإجابة عن هذا السؤال.
لعل الاهتمام بالثورة المصرية يرجع إلى أن الثورة المصرية سوف تحدد مصير ثورات الربيع العربى وسوف تؤثر على الثورات القادمة فى العالم العربى. من المعروف أن الثورات عبر التاريخ لم تحقق أهدافها بين طرفة عين وانتباهتها. فالثورة الأمريكية التى قامت فى عام 1776م لم تحقق هدفها فى وضع دستور جديد إلا بعد 11 سنة من قيامها. وكذلك الخال بالنسبة للثورة الفرنسية التى قامت فى عام 1789م والتى راح ضحيتها عشرات الآلاف، إذ لم تحقق أهدافها إلا بعد عشر سنوات. وهذه الثورة ألهمت الثورة الروسية التى قامت فى فبراير عام 1917م للقضاء على حكم القياصرة وتأسيس الاتحاد السوفيتى، فهذه الثورة تلتها عدة ثورات فى أكتوبر (الحكومة البلشفية) وخاضت حربا أهلية بين البلاشفة والمناهضين لهم والتى دارت رحاها عدة سنوات. وإذا نظرنا إلى الثورة المصرية التى قامت فى 25 يناير 2011م فإننا نجد أنها ذات طبيعة خاصة لم يتوقع أحد قيامها. من الواضح أن النظام لم يتوقع هذه الثورة بل كان أربابه يرددون أن مصر "مش تونس" ولم يتوقع الأمريكيون قيام الثورة. يمكن التأكد من ذلك من برقيات السفيرة الأمريكية آنذاك سكوبى والتى نشرها موقع ويكليكس وحتى الثوار لم يتوقعوا نجاحها وقدرتها على إسقاط النظام فى 18 يوما بل كان بعضهم على ارتباط بمواعيد عصر جمعة 28 يناير. وهذا يفسر عدم وجود قائد لهذه الثورة ولعل التاريخ سوف يحدثنا ما إذا كان عدم وجود زعيم ساهم فى نجاح الثورة حيث احتار النظام فى التعرف على الأطراف التى يتفاوض معها. لا شك أن عدم توفر قيادة للثورة دفع الثوار إلى ترك الميدان فور الإعلان عن تنحى مبارك فى 11 فبراير 2011م ولذلك كانوا يلجأون إلى الميدان كلما شعروا أن هنالك تقاعسا فى تنفيذ أهداف الثورة. ولولا هذه الوقفات المليونية ما كان قدم مبارك وأبناؤه للمحاكمة ولولاها ما تمت إقالة حكومة الفريق شفيق وحكومة الدكتور شرف. لقد ساهمت الأحداث المؤلمة التى شهدتها شوارع القاهرة فى إدخال الرعب فى قلوب الشباب وفى إزكاء مشاعر اليأس التى انتابت المواطنين الذين عبروا عن خشيتهم من إجهاض الثورة. وفى الواقع فإن حدوث مذبحتين متتاليتين كانتا كافيتين فى اقتناع البعض بفشل الثورة: مذبحة ماسبيرو التى وقعت فى 9 أكتوبر 2011م والتى راح ضحيتها 24 قتيلا ومئات الجرحى والتى تلتها مذبحة محمد محمود 19 نوفمبر 2011م والتى راح ضحيتها أكثر من ألف مواطن ومئات من المصابين والجرحى. أما أحداث شارع مجلس الوزراء التى وقعت فى ديسمبر 2011م فقد أسفرت عن مقتل عدة أشخاص وإصابة المئات.
وفى ظنى فإن أهم ملامح نجاح الثورة المصرية يمكن تلخيصها فى النقاط التالية:محاكمة مبارك وابنيه ومرؤوسيه وانتخاب مجلس الشعب الذى أسفر عن هيمنة الأخوان والسلفيين وهؤلاء حريصون على تحقيق الأهداف. وكلنا شاهدنا التقرير المبدئى للجنة تقصى الحقائق والضغوط التى يمارسونها لإعادة هيكلة الداخلية والمطالبة بمحاكمة المتورطين فى قتل عناصر الالتراس فى بورسعيد وتفريق قاطنى طرة وإيداعهم فى سجون متفرقة والمطالبة بإيداع الرئيس المخلوع فى مستشفى ليمان طرة.
#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من ذكريات ثورة 25 يناير
-
كابوس النفاق والتملق
-
ثورة المرؤوسين فى مصر
-
دستور يا أسيادنا والبرلمان الاخواطنى فى مصر
-
زلازل مصر واليابان
-
طلاب الثورة وثورة الطلاب
-
أساليب التضليل لتشويه الثورة الشعبية
-
ثورات العرب فى القرن الحادى والعشرين
-
ثورة الانترنت فى مصر
-
لا للتعصب .. لا للعنف .. لا للإرهاب
-
متى تختفى خفافيش الفساد من مصر؟
-
حتي لا تتكرر الواقعة
-
جوزيه البرتغالى والدورى المصرى
-
ايجابيات انتخابات شعب 2010
-
الجامعة وأنواعها
-
مستقبل السودان بعد الاستفتاء
-
البلكونة هى الحل
-
جامعاتنا وجامعاتهم
-
هل انتخابات الكونجرس تعكس عدم الرضا بسياسة أوباما؟
-
العصا السحرية التى أضاعها أوباما
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|