أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي - عائشة جرو - المرأة في الربيع الديمقراطي















المزيد.....


المرأة في الربيع الديمقراطي


عائشة جرو

الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 23:00
المحور: ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي
    


انفجار الربيع الديمقراطي: في الأسباب

يؤكد ماركس في عبارة شهيرة بليغة على أن " التاريخ يتطور حين يتعفن" الشيء الذي يحيل إلى قانون التطور الجدلي حيث التراكم الكمي يؤدي إلى طفرة نوعية تتحول فيها الأشياء وتنقلب رأسا على عقب.علما أن الحتمية الماركسية هي حتمية الممكن الذي لن يتحول إلى واقع بقدرة "مكر التاريخ" وإنما بالتدخل المنظم والواعي الذي يستطيع فقط إنضاج شروط التجاوز الثوري للوضع القائم كصيرورة جدلية متواصلة. وقد لا تكون عاصفة ربيع التغيير العربي التي انتقلت كالنار في الهشيم من المحيط إلى الخليج، صورة دقيقة لمدلول هذا "الدياليكتيك المادي التاريخي"، إلا أن ما حدث من تغيرات فعلية بكل من مصر وتونس وامتداد الانتصارات الشعبية والحالة الثورية في بضعة أيام إلى باقي المنطقة العربية والمغاربية برمتها ،بل وتجاوزها إلى مناطق أخرى من العالم ، يشير إلى أن ميزان القوى الطبقي الذي كان في صالح الامبريالية العالمية والأنظمة التابعة لها ، بما فيها الرجعيات المستبدة الجاثمة على صدور الشعوب العربية والمغاربية ، قد بدأ فعلا في التململ ولو بصعوبة لصالح الطبقات الشعبية ذات المصلحة في التغيير بكل فئاتها المتضررة ومن مختلف مواقعها الاجتماعية ومشاربها الأيديولوجية.
فالأزمة الاقتصادية العالمية التي مافتئت تنخر النظام الرأسمالي ، في ارتباط عضوي مع استفحال اقتصاد الريع المعضد لفساد واستبداد الأنظمة المافيوزية الأوليغارشية التابعة ،وامتثالها لتوصيات المراكز المالية العالمية بالاعتداء الاستراتيجي على الحقوق الاجتماعية بما فيها الخدمات الأساسية الضامنة للحد الأدنى للعيش الكريم ، إضافة إلى السقوط المدوي لشرعية الأنظمة الاستبدادية القائمة، سواء منها تلك المستمدة من اتفاقية سايكس – بيكو، أو تلك المترتبة عن حركة التحرر الوطني التي جاءت باستقلالات شكلية وأنظمة أبوية بغطاء من الاستعمار الجديد في غالب الأحيان.أو تلك المستندة إلى الانقلابات التي قام بها الضباط الأحرار حيث كان مآلها الإخفاقات والفشل في المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية و والديمقراطية أو في مواجهة التحديات الخارجية، حين فشلت في مواجهة المشروع الصهيوني الذي احتل قلب العالم العربي. أو تلك المتمثلة في سقوط شرعية الانتخابات المزيفة، وما ارتبط بها من لجوء متكرر لسياسة العصا والجزرة تجاه انواع المعارضة السياسية،
كل ذلك وحد الطبقات والفئات الشعبية المغبونة المحرومة والمهمشة والتي لم تعد قادرة على تحمل وطأة أزمة تدفعها إلى الحضيض يوما عن يوم وبلا انقطاع ، فلبت نداء المقاومة الشعبية . هكذا شاهدنا تلك الملايين من الشباب العربي وهم يتحركون انطلاقا من واقعهم الاجتماعي وهموم شعوبهم الاجتماعية والسياسية، لقد كانت حركتهم جزءا عضويا من حركة الشارع بكل قطاعاته الاجتماعية، الرجال والنساء، بضع مئات من الأطفال وعدد لا يستهان به من كبار السن ،ومن جميع الأطياف المذهبية والدينية و من القوى الديمقراطية ،والطلابية ومن المستخدمين و الموظفين والأكاديميين ورجال القانون، ومن قوى سياسية من إسلاميين وليبراليين ويسار وغيرهم والنخب الإعلامية والمثقفين والعمال والفلاحين والعاطلين عن العمل والمهمشين ومن المنسيين من غير المنتمين لأحزاب أو منظمات والذين عددهم فاق التوقعات وفي جميع المدن العربية الغاضبة.
المرأة في الربيع الديمقراطي: نضال مستمر
مع زوال الاقتصاد المنزلي المشاعي واستبداله بالاقتصاد المنزلي الفردي، ومع تطور الاقتصاد الزراعي وبروز التبادل ابعدت المرأة عن الانتاج الاجتماعي ، وفقدت بذلك السيادة التي كانت تتمتع بها في المشاعات البدائية ،وفي حين احتكر الرجل الأعمال الإنتاجية الخارجية ، أنيطت بالمرأة مهمة القيام بأعمال داخلية وخاصة غير منتجة ، وأصبحت بذالك أسيرة وظيفة الإنجاب والطبخ. ففقد عملها أهميته من منظور اقتصادي، وباتت تعتبر مخلوقا غير ذي قيمة – كما تقول كولونطاي – بالمقارنة مع أي الرجل الذي غدا وحده ،ومنذ ئذ ،ممثل القيم الجديدة .

غير أن النضال النسائي لم يبدأ مع بداية اضطهاد النساء إبان تلك العهود الغابرة من التاريخ ،وإنما انطلقت الحركة النسائية الفعلية مع بداية نشوء الرأسمالية، حيث ساهمت هذه الأخيرة في إخراج المرأة من البيت و الزج بها في معمعان الاستغلال الطبقي باعتبارها جزء من الطبقة العاملة الناشئة انطلاقا من رؤية الرأسمالية لحرية المرأة و التي تستهدف استغلالها كيد عاملة رخيصة و كذلك كجسد. علما أن خروج المرأة إلى العمل المأجور كان ضروريا لاكتسابها الوعي ليس فقط بواقع الاستغلال الذي يمارس عليها فحسب و لكن كذلك بإمكانية تغيير هذا الواقع.

إن تحرر المرأة بما يعنى استرجاعها لمكانتها في المجتمع و الذي يقتضي القضاء على الأدوار النمطية للجنسين داخله لا يمكن أن يتحقق إلا بتخلصها من عبودية العمل المنزلي وهذا لن يتم إلا بتغيير علاقات الإنتاج في المجتمع و جعل العمل المنزلي عملا اجتماعيا يتحمله المجتمع ككل وهذا لا يمكن تحقيقه في إطار المجتمع الرأسمالي بحكم الاستفادة الاقتصادية الكبيرة التي تجنيها الطبقة البورجوازية السائدة من مجانية العمل الذي تقوم به النساء داخل الأسرة.

لكن رغم ذلك تكافح النساء من أجل تحقيق مكاسب في إطار الأوضاع الحالية. و هي مكاسب ضرورية لتوفير شروط المساهمة الفعلية للمرأة في النضال السياسي من أجل التغيير الحقيقي.
لقد وفرت صيرورة الربيع الديمقراطي العربي إطارا ومدخلا ملائما وتاريخيا لتجسد داخله المرأة نضالها ومساهمتها في تغيير واقع الاضطهاد الطبقي والذكوري الذي ترزح تحته لقرون خلت من جهة وتغيير واقع الاستبداد السياسي والإقصاء الاجتماعي الذي تكتوي بناره أوسع طبقات الشعب من جهة ثانية ، وبما يفتح عهدا جديدا تنعم فيه الشعوب العربية بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وقد كانت المرأة سباقة إلى صنع أحداث تاريخية في عدد من البلدان العربية والمغاربية. فساهمت في حروب التحرير وكانت في غمار الثورة ضد الاستعمار،متخذة طابعا تغلب عليه النزعة الوطنية ، التي ، بقدر ما كانت معادية للاستعمار، بقد رما كانت خالية تقريبا من المطالب النسائية البحتة. كما انغمست في لهيب الحركة الوطنية وكانت المرأة المستعمرة والمقموعة تناضل جنبا إلى جنب مع الرجل المستعمر والمقموع هو أيضا ، قهر عان منه كليهما معا : قهر السلطة والدين والتراث وتراتب المجتمع الطبقي فيما الرجل المقموع لا يكف عن ممارس اضطهاده وقمعه للمرأة !لذلك ناضلت بشجاعة تعرضت بسببها للاعتقال والسجن حتى يتحرر الرجل والمرأة معا ويستردان حريتها وإنسانيتهما ويمارسان الحضور الفعال في تأسيس المجتمع المدني، العلماني، ومجتمع الحوار ورفض المطلق والجاهز من الأحكام والقيم السلفية.
لقد تفاوت حجم وفعالية المشاركة النسائية في صيرورة الربيع الديمقراطي بين بلد وآخر وحسب طبيعة البلد وقد برزت وبكثافة المرأة اليمنية وفي جميع المحافظات وكانت لهن شعارات خاصة بمطالب عامة وبرزت لهن قيادات معروفة ومتحدثات بشكل رسمي عبر القنوات الفضائية وقد نالت إحداهن جائزة نوبل للسلام بسبب نشاطها الشخصي ودعماً للمرأة اليمنية في بلد قبلي محافظ وعلى النقيض لم يكن أي صدى لتحرك المرأة الليبية سوى بضعة عشرات ساهمن في تعضيد قوى الشعب في جانب التمريض وتقديم الدعم لأزواجهن وأقاربهن في الخلاص من حكم الطاغية، وذلك عكس ما أبانت عليه المرأة التونسية والتي ساهمت بنفس التظاهرات مع أخيها الرجل متحملة نفس مصيره وهو ما طبع أيضا مشاركة المرأة المصرية وخاصة في ميادين القاهرة والإسكندرية وساحاتها العامة وكان من بينهن عدد من الفنانات والصحفيات والمثقفات ورغم التردد الذي أبانت عليه المرأة السورية في الشهورالأولى فإنها سرعان ما بدأت تتحرك في عدد من المدن وخاصة المرأة الكردية في القامشلي التي كانت مشاركتها فعالة منذ الأيام الأولى إلى جانب الرجال.
لقد ارتكبت فضاعات وتعرضت النساء للتنكيل والضرب والاغتصاب من طرف الشبيحة في سوريا والكتائب في ليبيا كما أستشهد عدد كبير من النساء والأطفال على يد أجهزة النظام في سورية واليمن ودخلت السجون الكثير من النساء والمراهقين في سوريا بينما لا زال عدد من المفقودات مصيرهن مجهول..
برهنت المرأة في خضم هذا الحراك على مدى وعيها وشجاعتها في التنظيم والخطابة والهتاف في مختلف الميادين والساحات التي احتضنت المحتجين. وكتبت هذه الصفحة المميزة من التاريخ بمداد من الفخر، رغم أنها لم تسلم من كل ما أصاب المحتجين من رصاص حي ومطاطي وغاز وضرب بالعصي، بل تحملت النساء ما لا يحدث للرجال، حين انُتهكت أعراضهن خلال هجمات أمنية لفض الاعتصامات فتم ضربهن بقسوة بالغة وسحلهن وتعريتهن في الشارع العام وأمام العالم أجمع بسادية واضحة ورغبة جامحة في إشباع مشاعر الحقد المضاعف والانتقام .

لخصت الدكتورة نوال السعدواي مشاعر المرأة العربية إبان هذا الحراك بقولها :"بعد خمسين عاما من العمل النسوي: في ساحة التحرير, شعرت لأول مرة بأن المرأة مساوية للرجل". إن مشاركة المرأة العربية في ساحة التحرير المصرية وساحة التغيير اليمنية وشارع بورقيبة التونسي ودوار اللؤلؤة البحريني وغيرها من عناوين الانتفاضة الشعبية العربية المستمرة كانت مشاركة على قدم المساواة مع الرجل, مع أن تقارير التنمية البشرية العربية المتتالية توثق مشاركتها السياسية والاقتصادية باعتبارها الأدنى في العالم حتى الآن.

على هذه الخلفية عرف المغرب هو الأخر حراكا اجتماعيا شعبيا تمثل في ولادة وانبثاق حركة 20 فبراير بقيادة شبابية متنوعة المشارب والانتماءات والمرجعيات ولكنها موحدة حول أهداف محددة تتكثف في تحقيق الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية بما يعني ذالك من إطلاق للحريات السياسية والاجتماعية وحرية التعبير واحترام لحقوق الإنسان وتداول سلمي للسلطة وفصل السلطات واستقلالية القضاء ونزاهته وبناء الدولة وفق دستور عصري ديمقراطي شكلا ومضمونا، وعلى الصعيد الاجتماعي تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وهدر وسرقة المال العام ، والاحتجاج على البطالة والفقر والتهميش وتكريس مفهوم المواطنة وتطبيق مبدأ المسؤولية وعدم الافلات من العقاب . كما أنها شهدت كل أطياف الطبقات الشعبة ومن كل المراتب الاجتماعية والأجيال والأعمار والمرجعيات ، فكانت لوحة شبيهة بما شاهدناه في الثورات العربية والمغاربية المتواترة، تتقاسم نفس المسببات الاجتماعية، والسياسية للثورة و الاحتجاج والتمرد في المنطقة ونفس الأنظمة الديكتاتورية المتحالفة مع الامبريالية والصهيونية.
وتعد حركة 20 فبراير حركة شعبية كفاحية مستقلة تمثل كل الأطياف فهي بمثابة صوت الشعب الذي يريد إسقاط الفساد والاستبداد.امتدادا للحركات الاحتجاجية التي عرفها المغرب منذ الاستقلال الشكلي فقد عرف المغرب عدة انتفاضات 23 مارس 1965 وانتفاضات اولاد خليفة وتسلطانت انتفاضة 20 يونيو1981 ويناير 1984،و14 دجنبر 1990 بفاس و25 يونيو 1983 ،احتجاجات 14 يوليوز 1996 بالهراويين ، و18 دجنبر 1996 بشيشاوة ، 13 يونيو 1997 بسيدي بطاش ، 13 نونبر 1997 و2 يناير 1998 بايت بلال و 1999بمدينة العيون و 2000 بقرية تارميلات ،9 أبريل 2000 يسيدي الطيبي و8 اكتوبر 2000 بالدار البيضاءاذ انتفاضة الحسيمة على اثر الزلزال الذي ضربها ثم ستتشكل حركة احتجاجية أكثر تنظيما وتأثيرا ستنظم أضخم مسيرة عرفتها منطقة الريف في أبريل 2005 بتماسينت وانتفاضة سيدي افني وصفرو والعيون /مخيم اكديم ايزيك ، أحداث طاطا، بوعرفة ، تازة والريف... .
وقد اتسعت رقعة نزول حركة20فبراير إلى الشارع وشملت جل المدن المغربية بل امتدت الى بعض القرى والمداشر. إلا أنها جوبهت بحرب شرسة من الأجهزة المخزنية القمعية ميدانيا وإعلاميا، إذ وكعادتها ، لجأت السلطة في البداية إلى أسلوبها المعتاد في الاحتواء والاستمالة عبر التفاوض المغشوش ، ليلي ذلك حملة هوجاء من التضليل وتشويه صورة الحركة ، وقياداتها الشبابية من الجنسين واتهامها بالعمالة وخدمة الأجندة الخارجية وتسفيه أهدافها المعلنة عبر قنوات الإعلام الرسمي والإعلام الالكتروني ، وليتوج كل ذلك بالملاحقات والاعتقالات والتنكيل والقتل . وصولا إلى الالتفاف على مطالب الحركة والمناورة بفرض دستور ممنوح وغير ديمقراطي كسابقيه تفنن المخزن خلال الدعاية له في عرض أبشع صور انحطاطه السياسي بلجوئه إلى توظيف معاناة " البروليتاريا الرثة" في حشد مظاهر البلطجة والتسيب واختلاق أجواء الفوضى وأعمال الشغب ، كما لجأ إلى استغلال مأساة النساء اللائي لم يجدن بدا من المتاجرة بأبدانهن وأرواحهن لضمان البقاء لهن ولذويهن،حيث حشرهن بمنصات مجهزة بأقوى أجهزة الصوتية اصطنعها وسط ساحات المدن لغرض إقامة حفلات غنائية وهمية، للتضييق على تجمعات الحركة وسطها والتشويش على شعاراتها . كما وظفهن للصد المسيرات ومنعها من الانطلاق من خلال إطلاقهن أحط الشتائم اتجاه المشاركات بصفة خاصة وتخويفهن وممارسة العنف ضدهن .
وقد عرف هذا الحراك في المغرب ، كما كان الشأن في باقي المنطقة العربية ، انخراطا واسعا للنساء في صفوفها سواء كمناضلات شابات داخل تنسيقيات الحركة ،أو كمشاركات في التنظيم و التعبئة،وقيادة المسيرات،بحماس منقطع التنظير . مناضلات من كل الأطياف والشرائح الاجتماعية مثقفات،موظفات، عاملات ،نساء عاديات ، أمهات، طالبات ، مستخدمات ، عاملات نزلن إلى الشارع للاحتجاج على أوضاع البؤس الاجتماعي ،وواقع الإقصاء والتهميش وانعدام الحريات و من أجل الكرامة والحق في عيش لائق ، لكل أفراد المجتمع .فقد عجت ميادين التغير وساحات التحرير بآلاف الأصوات النسائية وشهدت الشوارع ولا زالت مسيرات يحتشد فيها كل أسبوع وعلى مدى ما يقرب من السنة ماءات الآلاف من المطالبات والمطالبين بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ومتعاهدين على الاستمرار رغم بطش المخزن وقمعه الدموي الذي خلف عشرات المعتقلين وقافلة من الشهداء التي ما فتئت تتعاظم يوما عن يوم وكان للمرأة ضمنهم نصيبها في شخص الشهيدة فدوى العروي .
مؤشرات سلبية:
في 8مارس من العام الماضي دعت المرأة المصرية إلى مسيرة مليونية بهذه المناسبة, لكن بضع مئات منهن شاركن في المسيرة ليواجهن بسخرية الرجال والمطالبة بعودتهن إلى بيوتهن. وعبرت إحداهن عن تذمرها بقولها: "كان الرجال حريصين على وجودي هنا عندما كنا نطالب برحيل مبارك، لكن الآن ،وبعد أن رحل ، هم يريدون مني أن أعود إلى البيت". كما ينبغي هما تسجيل الإقصاء الكلي للمرأة عن اللجان الوطنية التي أنشئت لترتيب الأوضاع في المرحلة الانتقالية،كما عن الأجهزة الحكومية والتشريعية والتنفيذية والادارية وعن كل مراكز القرار الحاسمة في مؤسسات الدولة.
لقد تمت تهيئة الناس فكريا ونفسيا ودينيا للتمييز ضد المرأة. وتغيير ذلك سوف يكون أصعب بكثيرا من التخلص من "مبارك". لذلك فإن وجود مرشحة للرئاسة المصرية، هي السيدة بثينة كامل، لأول مرة في تاريخ مصر ليس كافيا للإقناع بأن الثورة المصرية قد أحدثت تغييرا جوهريا في وضع المرأة المصرية.
ولم يكن الحال أفضل في تونس بعد سقوط النظام ، رغم اشتراط وجود عدد متساو من الرجال والنساء في القوائم الانتخابية التي تنافست في الانتخابات التي جاءت بحزب "ديني" لسدة الحكم ، فإن المرأة ما زالت مهمشة في المرحلة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام بن علي،وما زال الرجل هو المسيطر. ولم تتبوأ المكانة التي كانت منتظرة لها داخل مراكز القرار، بالنظر إلى ما توفرت عليه من رصيد ومكتسبات على المستوى الحقوقي والقانوني قل نظيرها في كل البلاد العربية والمغاربية. حتى أنها أصبحت اليوم في وضع المدافع عن حقوقها الموجودة كاستحقاق له أولوية على الكفاح من أجل نيل حقوق جديدة، ولذلك أصدرت المنظمات النسوية في تونس في العشرين من ابريل الماضي بيانا ضد "الأصوات التي تهدد حقوق المرأة بسبب عوامل دينية أو ثقافية".
وإذا كان من الممكن إسقاط الأنظمة السياسية فإنه من الصعب إسقاط النظام الأبوي، من هنا يبقى سؤال المساواة بين الجنسين وإزالة التمييز بينهما معلقا إلى أجل غير منظور في ما يعد به أفق الربيع الديمقراطي العربي. لقد شاهدنا جميعا كيف اتفق كل من النظام المستبد والجماهير المنتفضة على"عدم الاختلاط" بين الجنسين في ساحات الاعتصامات والاحتجاجات كعرف اجتماعي عميق الجذور يدير دفته الرجل اليمني أيا كان موقعه داخل مشهد الحراك اليمني. فالصفوف الطويلة المجلببة بالسواد التي لا وجوه لها التي خرجت بمئات الآلاف إلى الشوارع دعما للحرية والكرامة الانسانية وهي مصطفة منفصلة عن رجال سافري الوجوه وحاسري الرؤوس وكثير منهم كاشفو الصدور في شوارع العواصم العربية لم يكن فيها ما يشير إلى المرأة سوى العيون . من هنا يمكننا أن نقرأ الوجهة التي تتجهها مسيرات الاحتجاج النسائية التي لا وجه لها والتي هي على الأرجح نحو نظام اجتماعي تظل المرأة فيه بلا وجه ليظل وجه المجتمع ذكوريا محضا.
أما في البحرين فقد تعاملت السلطات مع المرأة على قدم المساواة مع الرجل في تطبيق القوانين. فالبحرين أدانت المحاكم النساء بالسجن النافذ ولأول مرة في تاريخها لدورهن في احتجاجات "غير قانونية" تحرض ضد النظام الحاكم حسب ما أشارت إليه تقارير مركز البحرين لحقوق الإنسان.
إن التذرع بكون "الربيع الديمقراطي العربي" قد تفجر مظاهرات واحتجاجات واعتصامات "لأسباب ديمقراطية واجتماعية " لا "لأسباب نسائية" حجة مردودة ل"تأجيل قضايا المرأة", فهل يستقيم الخلاص بتحرير نصف المجتمع وتأجيل حرية نصفه الأخر إلى أجل غير مسمى ؟ وإذا لم يقد انصهار المرأة في بوتقة النضال من أجل الحرية والكرامة الآن إلى ما يحفظ حريتها ويصون كرامتها فإن حرية الرجل وكرامته سوف تظل منقوصة وسوف لن يزهر أي ربيع عربي لا حرية ولا كرامة إذا لم ينل نصف المجتمع حريته وكرامته, فهاتان القيمتان الإنسانيتان كل موحد لا يعرف التجزئة على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو غير ذلك من ضروب التمييز ضد الآخر.

تلقت ناشطات حقوقيات مصريات تهديدات بالتصفية الجسدية من"جماعات متطرفة" على خلفية بعض آرائهن المتعلقة بحقوق المرأة في قانون الأحوال الشخصية . وهذا مسعى خطير ينبئ بالأسوأ في الأفق المنظور، مسعى "التطرف الديني" الى العمل العلني بصورة "قانونية" مستفيدا من "الربيع العربي"ومنتش باكتساح الإسلام السياسي ( إخوان وسلفيين /ولا فرق بين الرايتين ...) لمجلس الشعب في مشهد ترتعد معه فرائص حقوق الإنسان عامة وحقوق المرأة وفي قلبها "المساواة" بصفة خاصة.
وبتفاؤل معقلن للتطور الذي يعرفه المغرب الكبير والبلدان العربية ، ومعه الرهانات الاقتصادية و الإستراتيجية وثقل التقاليد : يبدو جليا أننا نحتاج أكثر من "ربيع " حتى تشهد هذه الرقعة من العالم الحرية وتحقق الانعتاق وتعانق التحرر وتعرف أنظمة ديمقراطية مستوحاة من جوهر فكرة الحق الإنساني.: كل الناس يولدون أحرارا متساوون... في الكرامة والمساواة .. خاصة المساواة بين المرأة والرجل.

عائشة جرو _اصيلة_المغرب_



#عائشة_جرو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فدويى العروي شهيدة العنف الطبقي
- صباحات معتادة
- عابر كلام
- البرتقالي
- رقصة الجسد المذبوح
- المرحوم
- نوارة
- قصيدة عندما لاذ العشق بالمجيء
- ميدان الأحرار
- مسحوق الظلام


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- آفاق المرأة، والحركة النسائية، بعد الثورات العربية، بمناسبة ... / محمد الحنفي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي - عائشة جرو - المرأة في الربيع الديمقراطي