جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3640 - 2012 / 2 / 16 - 15:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عاش ابن رشد طوال حياته وهو يحاول أن يوفق بين الدين الإسلامي والعقل والنقل أو المنطق والشرع وبصراحة ذهبت كل جهود ابن رشد في مهب الريح وكما تقول العامة اليوم , وأحرقت كتبه وتحول الحبر إلى رمادٍ تذروه الرياح في يوم شديد الرياح عاصفاً ومرعبا كليلة مقتل يوليوس قيصر.. وذهب تعبه وخسر شقاءه ولم يناله في نهاية حياته إلا النفي والعذاب والتهديد بالقتل,وفشل في محاولة إقناع أهل قرطبة بأن الإسلام دين عقلاني لا يختلف مع العقل والمنطق في أي شيء وطبعا كل هذا من أجل أن يجعل الناس المسلمين محبة للفلسفة قائمة عليها كما تقوم إلى صلاتها ونسكها وقيامها,وأنا شخصيا أقول بأن ابن رشد كان مخطئا جدا , فلماذا مثلا يحاول إفهام من لا يريد أن يفهم ؟وأنا شخصيا أعرف حتى اليوم كثيرا من الناس كلهم مثل المجتمع الذي نُكبَ به ابن رشد كلهم لا يريدون أن يفهموا ولا يريدون أن يتفكروا ونحن حين نحاول التوفيق بين العقل وبين الدين أو بين الإسلام وبين المنطق نكون وكأننا نحرث في البحر ونزرع في الرمل,
,ولو كنت في زمن ابن رشد لأقنعته بأن لا يستمر في عملية المصالحة أو المزاوجة أو إن صح التعبير المصالحة بين ألد الأعداء وهما الإسلام والمنطق وبين العقل والدين,فهذا مستحيل.
وكان ابن رشد عالما بشرائح الناس وعارفا المجتمع الذي يقطن به فقسم الناس إلى ثلاثة أقسام أو ثلاثة أصناف :
الصنف الأول الجمهور الغالب وهم عوام الناس الذين يتسلحون بالعاطفة وينقادون إليها بسرعة,والجدليون أصحاب العقل والمنطق والبرهانيون الذين يحللون كل شيء بناء على الخبرة والملاحظة وهم اليوم من نطلق عليهم مصطلح النخبة المثقفة,وكان على ابن رشد أن يقف في وجه الغزالي حين ألف أبو حامد الغزالي(تهافت الفلاسفة),فألف ردا عليه كتاب(تهافت التهافت) ويقال عنه بأنه كان شخصية مدهشة جدا لم يترك القراءة والكتابة طوال حياته إلا مرتين والأولى كانت يوم زواجه ودخوله على العروس وعلى حسب تعبيره(يوم بنيت بأهل بيتي) واليوم الثاني كان يوم مات أبوه,واشتهر بشروحاته على أرسطو ومداخلاته عليها لدرجة أنه كان يختلف في بعض المسائل مع أرسطو ولهذا السبب يعتبره البعض بأنه مجرد شارح وناقل للفلسفة اللاتينية وأحيانا كان البعض يعتبره فيلسوفا بحق وحقيقي فمُنعت قراءة (إفن روس) كما يسمونه بالعبرية في جامعة باريس سنة1277م لأنها أثارت المشاكل بين الأساتذة وبين الطلاب من جهة أخرى علما أن شروحات ابن رشد على أرسطو قد دخلت الجامعة وباريس ولم يدخلها ابن رشد شخصياً بدمه ولحمه على الإطلاق, ويقال أيضا من أن ابن رشد مع ثلاثة فلاسفة تركوا أثرهم على البشرية كلها ونقدوا كل الذين سبقوهم وأولهم(أرسطو) الذي نقد كل الذين من قبله والقديس(توما الإكويني) و(كانط) الفيلسوف الألماني الذي اشتهر بالمعرفة(الإمبيريقية) و(الابستملوجيا),كما جاء من بعد هؤلاء(داروين)و(كارل ماركس) وكل هؤلاء أقلقوا العالم وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها أو لم تهدأ حتى اليوم منهم وحتى أن الفلاسفة والمؤرخين لم يرتاحوا حتى اليوم من كل هؤلاء,وعاش ابن رشد في بداية مشواره الفلسفي في ظل حاكم أندلسي محبا للفلسفة وهو(أبو يعقوب بن تاشفين) من(الموحدين) ثاني خليفة أسس أكبر إمبراطورية إسلامية خارج قارة أسيا في المغرب مُحبا للعلم حازما صارما وكثير التسامح حتى مع الذنوب الكبيرة وكان ابن طفيل هو سبب التعارف بين الخليفة والفيلسوف, ولم يكن هذا الحاكم من المرابطين وكان من المعروف عن الموحدين حبهم للفلسفة وخصوصا فلسفة أرسطو,وكان في ذلك الوقت من الصعوبة على الخليفة أن يفهم فلسفة أرسطو فطلب من ابن طفيل أن يترجم له أرسطو إلى العربية بأسلوب سهل ومُبسط وكان ابن طفيل مشغولا جدا في إدارة قرطبة من ناحية ثقافية وكان بمثابة مستشار إعلامي وثقافي للخليفة ولم يكن وقته يسمح له بذلك فاستعان بإبن رشد واستدعاه لمقابلة الخليفة ونجح ابن طفيل في حفلة التعارف بينهما وكانت هذه من أهم الأسباب التي أدت إلى التعارف القوي بين الخليفة القرطبي وبين ابن رشد, وحين مات هذا الحاكم خلفه من بعده ولده الخليفة المنصور وكان يكره ابن رشد ويقال بأن الشيوخ في المساجد المنتشرة في قرطبة أغروا به المنصور بعد أن استلم دفة القيادة من والده وكان على أثرها ابن رشد قاضي القضاة وكانت منزلته بمنزلة رئيس الحكومة.. فنبذه الخليفة الجديد عاما كاملا ونفاه إلى مدينة أو قرية صغيرة بجانب قرطبة وهي(اليسانه) وكانت قرطبة موطن المفكرين والفلاسفة وكانت إشبيلية موطن الفن والطرب والموسيقا وكانت قرية اليسانه موطن اليهود والمسيحيين,وكأن المغرضين قالوا له :أنت غير مسلم وتتساوى مع الكفار من المسيحيين واليهود على حسب رأيهم ومعتقدهم, ومن هنا جاءت تسمية ابن رشد بالعبرية(إفن رش) كما يستدل على ذلك من اسمه المنقوش على جامعة باريس إلى اليوم على اعتبار أن شيوخ الإسلام اعتبروه يهوديا أو مسيحيا وبعد عام عاد منها وحاول دخول المسجد برفقة ولده للصلاة فيه فوقفت له عوام الناس على أبواب المساجد ومنعوه من دخول المساجد وتحول إلى سجين في بيته لا يزوره أحد ولا هو يقوم بزيارة أحد حتى وافاه الأجل. والحلو في الموضوع أنه مات في نفس السنة التي مات فيها (المنصور) الذي تسبب في نكبته,ماتوا في نفس العام حيث ابن رشد مات عن عمر يناهز ال 72 عاما سنة(1198)ميلادي.
الدين الاسلامي هو دين العقل ودين المنطق , ومن لا يعرف الاسلام وتعاليم مات جاهلا , وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل لنور35
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }ا
أولا ً دعونا نعرف معنى الآية ومن ثم نتدبر فيها وفي معناها العميق .
لله نور السموات والأرض يدبر الأمر فيهما ويهدي أهلهما، فهو- سبحانه- نور، وحجابه نور، به استنارت السموات والأرض وما فيهما، وكتاب الله وهدايته نور منه سبحانه، فلولا نوره تعالى لتراكمت الظلمات بعضها فوق بعض. مثل نوره الذي يهدي إليه, وهو الإيمان والقرآن في قلب المؤمن كمشكاة, وهي الكُوَّة في الحائط غير النافذة، فيها مصباح، حيث تجمع الكوَّة نور المصباح فلا يتفرق، وذلك المصباح في زجاجة، كأنها -لصفائها- كوكب مضيء كالدُّر، يوقَد المصباح من زيت شجرة مباركة، وهي شجرة الزيتون، لا شرقية فقط، فلا تصيبها الشمس آخر النهار، ولا غربية فقط فلا تصيبها الشمس أول النهار، بل هي متوسطة في مكان من الأرض لا إلى الشرق ولا إلى الغرب، يكاد زيتها -لصفائه- يضيء من نفسه قبل أن تمسه النار، فإذا مَسَّتْه النار أضاء إضاءة بليغة، نور على نور، فهو نور من إشراق الزيت على نور من إشعال النار، فذلك مثل الهدى يضيء في قلب المؤمن. والله يهدي ويوفق لاتباع القرآن مَن يشاء، ويضرب الأمثال للناس؛ ليعقلوا عنه أمثاله وحكمه. والله بكل شيء عليم, لا يخفى عليه شيء.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟