|
2011..عام الشعوب
محمد أجليل
الحوار المتمدن-العدد: 3640 - 2012 / 2 / 16 - 14:12
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
اقتبست العنوان من بين عناوين كثيرة نثرها الإعلام في قنواته المختلفة وهو يحاول رصد حصاد السنة الميتة، وما تخللها من أحداث، اثنا عشر شهرا مضت، كان العنوان الأبرز للشعوب فيها: "الثورة". في تونس كانت البداية بشعار جديد، أضحى اليوم قديما: " الشعب يريد.."، هي إرادة تجدرت في القوم وهم يقلبون عرش بن علي، كما قلبت تلك الشرطية عربة الخضار للبوعزيزي بسيدي بوزيد، وقد ذكرتني المدينة بمثل مغربي قديم يقول: " وزيد وزيد حتى لسيدي بوزيد"، وهكذا كان منذ "سيدي بوزيد" حتى "دير الزور"..لا زال الشعب العربي يواصل نضالاته المريرة لنيل الكرامة بحناجر تزداد هتافا بالحرية، وقد أقلب المثل فأقول: " سيدي بوزيد وزيد وزيد"، فقد رحل "زين العابدين"، وما أخاله إلا زين الهاربين لأنه على الأقل فر بجلده قطعة واحدة، فهم الدرس متأخرا، لكنه على الأقل استوعبه عكس جاره "العقيد"، الذي ظن أن ثورة 17 فبراير، هي ثورة حبوب هلوسة وأنها صفحة من صفحات كتابه الأخضر وستطوى يوما وبسرعة كما حسب، أو يكتبها ثانية، يكتب بلاده بالمداد الذي يريد، بأسطر وكلمات يختارها كما اعتاد أن يفعل، يسطر.. يقرر بدل الشعب كما ألف، لكن الذي حصل هذه المرة، أنه وهو يحرق الأخضر واليابس في سبيل ذلك، جرفه الطوفان، طوفان الدم الذي سفكه، "دم الشهداء ..ما يمشي هباء.." جملة رددها كثيرا ثوار ليبيا حتى أخرجوه من جحره..مات على الرصيف كالجرذ..أحيانا الألقاب تليق بمطلقيها، والجرذان استحالوا رجالا وانتصروا، تلونت ليبيا أخيرا، بالأخضر الباقي من شبابها وبالأحمر لون دم الشهداء والأسود الشبيه برداء ثكالى الثورة اللواتي فقدن عزيزا في سبيل العيش بكرامة، في بلد بلا "قذافي". "وزيد وزيد"، كانت مصر على موعد مع الموجة الآتية من الغرب..من سيدي بوزيد وما حولها، دقت طبول التغيير بساحة التحرير، الموعد ضربته سلفا انتخابات مزورة في السنة السابقة، وأكاذيب بلا نهاية عن ميلاد مصر جديدة، وقضية توريث، وأمن غرز الأنياب حتى العظم في جسد الشعب.. "الشعب يريد.."، وهكذا كان، تساقطت تباعا قلاع "مبارك"، وتعطلت أجهزة مباحثه، تقهقرت رجالاته، تنحى "الريس" رغم أنفه خائبا، بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه..أن تبقى سلالته تتوارث الحكم.."فرعون" يليه "فرعون"، وأظن أنه كان ينوي أن يبني هرم "خافوا" إلى جانب هرم "خوفو" الأثري، لكن الشعب وضع لبنات أخرى لصرح جديد، هرم صممه الدم.. "هرم الحرية". اليوم..البلد لازال يهتز، ليتساقط ما تبقى من النظام البائد، المخاض عسير ولا شك، لكن إرادة الثورة باقية عاقدة العزم على التحرير. " وزيد وزيد".. حطت الثورة باليمن، أخذها الشعب باليمين، وحلف يمينا أن لا ينقطع صراخه.." إرحل" .حتى يرحل الطاغية، ومن معركة إلى معركة..من محنة إلى أخرى، لازال بفناء ميدان التغيير، "الحكمة يمنية"، قالها رسول الله يوما، ومن يتابع الشأن اليمني لاشك، سيدرك أن أكثر البلدان العربية تسلحا وقابلية للاشتعال هو اليوم أكثرها جرأة رباطة جأش وحكمة، ماض في سلمية ثورته، بصدر أعزل وصبر أيوبي، رغم همجية المستبد، "من يتمسك بالسلطة فهو مجنون.." قالها صالح ذات خطاب، ولعله وهو ينطقها يتحدث عن نفسه المنفصمة من وجهها الآخر المظلم. الرجل قسم البلد أطرافا، يسلم للغرب طرفا، و للشرق آخر، ويخبز الباقي على عجل، يوزعه على أسرته، يلتهمونه جزءا جزءا، الشعب الذي ضاق ذرعا من التقاط الفتات المتساقط من أنياب أتباعه، صنع ثورة بلسان حال يهتف: "إرحل".. لم يرحل المستبد، بقي جاثما على صدر اليمن.. لكنه حتما راحل، دم الشهداء كابوس مفزع، أكيد سيراوده كل ليلة حتى يقتلعه من عرشه ليضعه على منصة عليها حبل مشنقة. "فاتكم القطار"..قولته الباطلة اليوم أستعيرها في الحق.."فاتكم القطار" يا من لم تلتحقوا بسرب المحتجين، بفيالق العظماء.. "وزيد وزيد.."، وأزيد لأقول هم في سوريا معقل المقاومة كما توصف دائما، ليس بسبب نظامها الأسدي السادي..قد أدركت الدنيا أخيرا.. وإنما ببسالة أبطالها وأنفة أحرارها. الثورة بدأت فيها مطرا من مطالب صغيرة.. إصلاح.. تغيير، أطلق الأسد ضباعه خلف الشعب، نكلوا بالأطفال، مزقوا فؤاد الأمهات..و"زيد وزيد". ظن أنه ربما زأر.. اعتقد أنه أسد فعلا.. وسوريا الغابة، لكن الشام أيقنت أن من يحكمها كان فأر تجربة لغرب أراده أن يكون يده الطويلة لإبقاء إسرائيل آمنة.. توهم وهو يرتكب مجازره كما توهم الذين تساقطوا تباعا من فوق عروشهم، أن الحديد والنار يبقي الحاكم حاكما والمحكوم محكوما، مغلوبا، صامتا، مقهورا، مدحورا.. توهم أن القتل والقبور الجماعية ستدفن الثورة، وتبقيه على كرسيه.. السوريون قالوا كلمتهم بأحرف من دم: " الموت.. ولا المذلة"، و ما فتئوا خارج بيوتهم المهدمة يصرخون، فيما تجتر الجامعة العربية كلاما عن فرص للنظام المستبد ليحقن الدماء، بعد أن راقبت طويلا ما يجري بصمت، أدركت أخيرا أن يوم الجمعة بالعالم العربي تحول كابوسا للحكام، لحذفوه من اليومية لو استطاعوا، لكنها إرادة الشعوب تصنع من الجمعة يوما تاريخيا، بعد أن كان بدءا يوما إلاهيا بامتياز. لا زال السوريون يتساقطون، فيما ظل "بشار" يشيح بوجهه بعيدا عن ضحاياه، يقال أن الذي يمتهن مهنة حفر القبور للآخرين سيأتي حتما يوم فيه يحفر قبره. "وزيد وزيد".. الجزائر.. الأردن.. البحرين.. دول عديدة هبت عليها رياح الربيع العربي، كما يلقب، وأحسبه شتاء طويلا للذين لم يدركوا أخيرا أن الكلمة للشعب دائما. 2011..في المغرب رقم أشطره شطرين 11 و20.. بدأ العام مع حركة 20 فبراير.. وانتهى على خير بحركة انتخابات شهر 11 نونبر.. دخلنا 2012..آمنين مقبلين على مغرب جديد، و أعود لأشطر الرقم فأقول أن 12 كانت دائما تعني منتصف الوقت، نصف اليوم ، وسط الساعة... ونحن اليوم بين شطري تاريخ.. فلنقرر.. في أي اتجاه ستدور عقارب التغيير.
#محمد_أجليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتفاق الهدنة بلبنان.. مؤلفة كتاب -أرض حزب الله- تبرز 3 أمور
...
-
هدوء -غير عادي- ومخاوف من تهديد حزب الله.. كيف يبدو الوضع شم
...
-
ريابكوف: على روسيا أن تعيد الأمريكيين إلى رشدهم
-
ترامب يقول إنه اتفق مع رئيسة المكسيك على وقف الهجرة والأخيرة
...
-
الجيش الإسرائيلي في بيان عاجل: يحظر عودة سكان 10 قرى جنوب لب
...
-
مستشار السيسي يحذر من ظهور فيروسات جديدة
-
ماسك يتهم موظفا سابقا في البيت الأبيض بالخيانة بسبب علاقاته
...
-
مرشحون في إدارة ترامب يتعرضون لتهديدات بالقنابل
-
صحفية: إدارة -سي بي إس- رفضت إجراء مقابلة مع ماسك دون تحرير
...
-
عوامل بيئية تزيد من خطر الإصابة بـ-كوفيد طويل الأمد-
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|