نبيل هلال هلال
الحوار المتمدن-العدد: 3639 - 2012 / 2 / 15 - 18:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
" قبل عصر التصنيع , كانت أنماط الاقتصاد الزراعي قد جعلت الدولة مجرد مزرعة كبيرة منزوعة السلاح يتوارث إدارتها أصحاب الأرض من الإقطاعيين بمساندة فعالة من السماسرة ورجال الدين , ولم يكن ثمة قوة اجتماعية قادرة على التصدي لهذا التحالف بأي قدر من الكفاءة , مما ضمن إجهاض الثورات المسلحة في جميع أرجاء العالم القديم, وجعل الدعوة إلى التغيير تقتصر- تاريخيا - على الدعوة المسالمة إلى تغيير ما بالنفوس وحب العدل والإحسان ورحمة الضعيف وإطعام المسكين وإعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله , أملا في الفوز بالجنة في عالم ما بعد الموت . وهي الدعوة التي تمثلت في نصوص الشرائع الدينية منذ عصر سومر , وما تزال تشكل قاعدة لحركات الإصلاح في جميع المجتمعات غير الصناعية ومنها مجتمعنا العربي "( انظر الصادق النيهوم – الإسلام في الأسر).
وعزوف المسلم المقهور عن مناهضة سلطان السوء كمريض السرطان الذي يخشى استئصال الداء بالجراحة ويعمد إلى ابتلاع أقراص الأسبرين ظنا منه بالشفاء السهل الرخيص , ولكن هيهات . فليس الخروج على الجماعة دائما شر ومفسدة , فالأنبياء كلهم - وهم أفراد في مجتمعاتهم - خرجوا عليها , و المصلحون أفراد يخرجون على مجتمعاتهم بغية الإصلاح والتقويم , وكذلك المفكرون أفراد يخرجون بأفكارهم على الجماعة , والجماعة ليست دائما على حق , وقد يكون الإجماع على باطل أو حق موهوم - كما أسلفنا - فقد أجمعت الشعوب فيما مضى على مروق الأنبياء إذ يَدْعون إلى عبادة إله واحد على غير ما أجمعت عليه . وأجمع الناس على فساد المصلحين ممن جاءوا بما يخالف العرف والمألوف , والإجماع يعني ضمنا عصمة وصواب من قالوا به وطرح ما قيل سواه .
#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟