جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3638 - 2012 / 2 / 14 - 15:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
رغم ان اللغة هي سمة كوننا بشرا و تميزنا بذلك عن الحيوانات الاخرى و تفوقنا عليها عقليا و هي مصدر تطورنا و قاعدة جميع علوم الانسان الا انها تشكل ايضا حدودنا المعرفي كما قال الفيلسوف الالماني Wittgenstein (ان لغتنا تبين حدود عالمنا) بغض النظر عن كون لغة الرياضيات و الفيزياء و الاجهزة المتطورة قادرة ايضا على توسيع عالمنا اللغوي augmented reality الا انها ايضا كالحواس الخمس محددة في مداها البشري.
لا يستطيع احد ان ينكر ان لساننا احيانا يعجز عن ايجاد كلمات لوصف حالة معينة في لغة معينة و كيف نستطيع التعبير عن ظواهر معينة عندما نتعلم لغة جديدة اي ان اللغات تختلف في دقة و وقوة تعبيرها وفقا لتطورها و حاجاتها و لذلك يقال ان كل لغة تتعلمها تضيف عقل جديد لدماغك وبذلك يتوسع عالمك.
و لكن رغم كل هذا اشتكى مرة شخص يفضل دقة لغة الرياضات و الهندسة و الفيزياء من غموض لغة البشر و انعدام الدقة فيها ناسيا ان الغموض و تعدد المعاني في مفردات اللغة هي الصفة بعينها التي تجعلها تتفوق على لغات الدقة لانها تسمح لك ان تقول شيء و تعني شيء آخر او تلعب على معاني المفردات. ففي لغة البشر يمكن ان يكون جمع 1 + 1 = 2 او اكثر او اقل فمثلا لو قلت (الجو بارد اليوم) لربما تعني (لا تخرج) او (البس معطف) او (دعنا نسافر) و معاني كثيرة اخرى حسب زمان و مكان القول و نية القائل.
من ناحية اخرى يجبرنا فعل الكينونة verb to be على فرض اراءنا الشخصية على ما نقوله و نبيعها للاخرين كحقائق فمثلا عندما نقول (هذا البيت جميل) ننسى ان هذا رأينا الشخصي و لربما لا تمت للحقيقة بصلة لان الجمال نظرة شخصية بحتة و كان الاجدر بنا لو قلنا ان (هذا البيت يبدو جميلا لي) و لربما لذلك قال الكاتب و الفيلسوف الفرنسي فكتور هيجو (الصفة عدوة الاسم) لانها تضيقه و تفرض عليه صفتها الشخصية.
عندما تضيف كلمة على كلمة تتضيق معناها بسبب تعريفها فمثلا كلمة (العمل) واسعة المساحة و لكنها تتضيق اذا اضفت عليها كلمة الدائرة (عمل الدائرة) و تميل لغة الهواتف النقالة و الانترنيت و غيرها الى الاختصار لان بعض الكلمات او العبارات طويلة حقا تتطلب منا المزيد من الوقت و الطاقة فمثلا البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) طويلة تهدر طاقاتنا و تضيع وقتنا لو كررناها مرات عديدة مثلما يضيع رجال الدين طاقاتهم يوميا بتكرار امثالها و لكننا لا نعرف في الحقيقة حدود الاختصار و عواقبها.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟