|
مقدمة كتاب الاقتصاد السياسى للتخلف
محمد عادل زكى
الحوار المتمدن-العدد: 3637 - 2012 / 2 / 13 - 23:11
المحور:
الادارة و الاقتصاد
خلاصة الكتاب(*) ما الذى أرغب فى قوله؟ _____________________________________________________________ عادة ما يَذكر الباحث ما الذى يُريد قوله أو الوصول إليه، حين ذِكره "النتائج" التى يتوصل إليها فى نهاية بحثه، وهو حين يَذكر ما توصل إليه من نتائج فإنما يَذكر، فى الواقع، الفرضيات التى أراد طرحها منذ البداية، والتأكد من صحتها، ولن أخالِف هنا، بطبيعة الحال، ما قد بات شبه مستقر فى هذا السياق، وإنما، أزيد على ذلك بأن أذكر، ومن البداية، وبإختصار ومباشرة، ما الذى أريد قوله والبرهنة على صحته عبر صفحات البحث، فى محاولة للتبسيط، فى المقام الاول، ولمنع التوقع والتأويل، فى المقام الثانى، ثم لرفض تقويل الباحث ما لم يقله، فى المقام الثالث؛ وهو الامر الذى ينّصب، فى المنتهى، فى مصلحة العلاقة ما بين الباحث وبين قارئه، إنها العلاقة التى يتعين أن تتسربل سربال الاحترام الذهنى، وبصفة خاصة من جانب الباحث الذى يتوجب عليه، من باب إحترام قارئه، بَسط مَقصوده وتوضيحه إلى أقصى حد، ولذلك كان من الواجب علىّ أن أوضح، ومباشرة، ومنذ البدء، مالذى أرغب فى إفتراضه وطرحه والبرهنة على صحته من خلال صفحات هذا الكتاب. ومن الواجب، ومن البداية، كذلك، أن أوضح للقارىء إنى قد أُخيّب ظنه؛ إن هو ظن أن الكتاب الذى بين يديه إنما هو كتاب عن (فنزويلا النفط والانقلابات العسكرية، أو/و سودان التقسيم والانفصال) بالطريقة المعهودة فى التحليلات الاقتصادية الشائعة التى لا ترى سوى (الان) والان فقط، وأقصى ما قد تصل إليه تلك التحليلات كتصورات ميكانيكية ونظرات خطية، هو إدعاء محاولة تكوين صورة كُلية عن (الحدث الحالى، أى ما هو آنى) بالرجوع إلى بضع سنوات خلت، تُفتش فيها عن أى سند تُعزى إليه (هذا الانى) بعبقرية المحلل الفذ!! وغالباً ما يَقنع القارىء بذلك، ولكنى أشك فى إقتناعه!! إننى قد أخيب ظن القارىء، إن هو ظن أن الكتابَ الذى يُمسك به من عينة تلك الكتابات التى ترى فى فنزويلا، مثلأ، رئيس جمهورية مناضل إشتراكى ثورى نقى؛ جاء كى يُنقِذ شعبه من جحيم الظلم والقهر، أو، من زاوية مضادة، تراه ديكتاتوراً عصابياً يحكم شعبه بالحديد والنار، ويتحالف مع أشد الدول إرهاباً، ويكيل الشتائم للولايات المتحدة صباحاً ويصنع لنفسه ثروة من النفط الذى يبيعه لها فى المساء فى علاقة رأسمالية سافرة، والكتاب ذاته لن يكون مِن طراز تلك المؤلفات(بالمعنى السلبى لكلمة تأليف) التى لا ترى فى المسألة السودانية سوى المؤامرة ويد خفية، أو حتى ظاهرة، للصهيونية العالمية، والرغبة الاكيدة فى تطويق مصر، والشرق الاوســـط، أو بسط النفوذ الامبريالى على مُجمَل القارة الافريقيـــــــة. . . من أجل النفط والذهب والماس . . . لن يكون من تلك النوعية أو هذا الطراز؛ لأنه، وببساطة، سيسعى إلى أن ينطلق من رؤية هيكلية لعالم اليوم الذى تشكل عبر (500) عام، هى عمر النظام الاقتصادى الذى يخضع له الكوكب الان، بشقيه المتقدم والمتخلف، هذا النظام هو النظام الرأسمالى، وبمعنى أدق هو نظام "التراكم الرأسمالى" والذى صار مُهيمناً على الصعيد العالمى عبر تطور وتوسع عمره خمسمائة عام، الامر الذى سيجعلنا نتعامل مع الظواهر الاجتماعية التى تطرأ علينا على الصعيد الاقتصادى، بدءً من حقل الانتاج ومروراً بالتداول والتوزيع، وإنتهاء بالاستهلاك كعملية إقتصادية، من منظور هذا التكون الذى تم عبر قرون خمسة من "التراكم الرأسمالى" المنتَج فى الأجزاء المستعمَرة، ثم التابعة، ثم المتخلفة.
----------------------- (*)أرجو من القارىء عدم الاستعجال فى قراءة هذا الجزء، وأنصحه بإعادة قراءته، دون إستعجال كذلك، بعد الفراغ من الكتاب بأكمله، فإن فعل ذلك عرف لما نصحته بذلك. ولسوف نَدرُس فنزويلا والسودان إبتداءً من الوعى بكل ذلك؛ أى أننا سوف نَنظر لكل من الدولتين (كنموذجين للتخلف: فنزويلا عن أمريكا اللاتينية، والسودان عن افريقيا) من منظور هيكلى يأخذ فى إعتباره التكون التاريخى للتخلف الاقتصادى والاجتماعى بداخل كُل منهما. وهو التكون، لاحظ: "الذى تم عبر الزمن وساهمت فى تشكيله مجموعة من العوامل دون أن يَنفرد عاملٌ دون آخر بكونه السبب الرئيسى للتخلف الاقتصادى والاجتماعى"كما يُلقَن!! بالطبع من أجل شيوع التهمة!! وإخفاء أداة الجريمة، وربما إخفاء الجريمة نفسها. . . جريمة إنهاك شعوب وأمم قارتى التسرب، فى القيمة وفى الفائض(أفريقيا وأمريكا اللاتينية) وإخراجهما، بمنتهى القسوة، من إطار التطور على الصعيد العالمى، بسلبهما الشروط الموضوعية لإجراء مثل تلك العمليات الساعية للنمو والتطوير، وأبسط تلك الشروط وأهمها فى نفس الوقت: التراكم الرأسمالى، الممكّن من الدخول إبتداءً، أو حتى لاحقاً، فى صراع النمو والتقدم والتطوير على الصعيد الرأسمالى العالمى المعاصر، ومنذ بدء تبلوره كصراع كونى منذ إعلان النظام الرأسمالى عن نفسه نظاماً مهيمناً، خلفاً للنظام الاقطاعى الذى قام فعلاً بتأدية دوره تاريخياً. إذ ما إتفقنا على ذلك، كان لنا أن نوجز مرادنا من هذا الكتاب فى أمرين: (1) إحياء موضوع عِلم الاقتصاد السياسى، ومن ثم إعادة تحديده، لا تعريفه، وبمعنى أكثر دقة ووضوح: مرادى الأول هو العودة إلى عِلم الاقتصاد السياسى"المندثر"، وأصوله"المهجورة"، وإعادة تقديمه كعِلم ينشغل أساساً بقانون القيمة، كمياً وموضوعياً. أى التعامل مع عِلم الاقتصاد السياسى مِن منظور جديد، بمعنى أوضح حقيقى، يرتكز على الواقع، والظرف التاريخى، وما عليه البحث العِلمى الغائى فى هذا السياق الذى تبدى فى كتابات مؤسسى العِلم؛ إبتداءً من"ثروة الامم"، ومروراً "بمبادىء الاقتصاد السياسى والضرائب"، وإنتهاءً "برأس المال"، وعلى إعتبار أن تنظير أدم سميث، فى"ثروة الامم"، وديفيد ريكاردو، فى"مبادىء الاقتصاد السياسى والضرائب"، هو فى الواقع تنظيراً رأسمالياً للرأسمالية نفسها، وعلى إعتبار أن "رأس مال" كارل ماركس هو إعادة النظر فى ذلك التنظير الذى جاء على هيئة عِلم على يد أعظم منظرى النظام الرأسمالى. أدم سميث، وديفيد ريكاردو. فالرجوع إلى أعمال أكابر العِلم هؤلاء، تحديداً أدم سميث، وديفيد ريكاردو، وكارل ماركس، على ما يبدو أنه أضحى من الامور المُلحّة فى عالمنا اليوم. وبصفة خاصة وان فهم الرأسمالية لن يتم صحيحاً، نظرياً على أقل تقدير، إلا بالاعتماد على التراكم المعرفى الذى خلفه هؤلاء الثلاثة، وبلا شك هناك غيرهم مئات من المفكرين، المحترمين بلا أدنى ريب، وإنما يظل هؤلاء هم الرواد والمنظرون العظام على الرغم من أخطائهم، السخيفة أحياناً!! إن الواقع يقول، وبمنتهى البساطة، أن عِلم الاقتصاد السياسى لم يظهر كعِلم مُستقل عن باقى العلوم الاجتماعية، إلا بتبلور مجموعة من الظواهر على صعيد(الواقع)الاجتماعى، لم يعهدها المجتمع قبل ذلك، فيتشكل، على صعيد(الفكر) منظومة ما من شأنها التعامل النظرى مع الظاهرة بتقديم التفسير العِلمى الصحيح لها. وهو الامر الذى إستدعى ظهور الاقتصاد السياسى، كعِلم، كى يتولى التعامل مع الظواهر الوليدة، الاخذة فى التشكل، فى هذا المجتمع الجديد، والتى تدور جميعها فى فلك واضح ومحدد بدقة، آلا وهو فلك الانتاج من أجل السوق من خلال الألة. بما يعنى ضرورة ظهور عِلم إجتماعى ينهض بتفسير ميكانيزم وجدلية وهيكل تلك العملية الاجتماعية التى، وكما سنرى، تدور بأسرها، على أرض الواقع، حول القيمة وفائض القيمة، بالتبعية لدورانها حول محور الانتاج من أجل السوق من خلال الالة. كان من الطبيعى إذاً أن يظهر الاقتصاد السياسى(كعِلم)كى يَشرح للمجتمع آنذاك، ولم يزل، بل وصار مهماً أن يشرح الأن، ما الظاهرة وما القانون الموضوعى الحاكم لها. وهذا ما تبدى فعلياً على صعيد الانتاج الفكرى، بدءً من فرنسوا كينيه، ولا نُغفل بالطبع وليم بتى، ومساهمته الخلاقة كأول فهم واع بالعملية الانتاجية الرأسمالية، ومروراً بموسوعية الكلاسيك وعلى رأسهم أدم سميث، وديفيد ريكاردو، كأول تنظير رأسمالى للرأسمالية نفسها، وإنتهاء بماركس، كمراجعة وإعادة نظر فى مُجمل الجسم النظرى للاقتصاد السياسى، والذى تم إنجازه على يد الكلاسيك تحديداً. وهذا هو عِلم الاقتصاد السياسى الذى أفهمه، كعِلم منشغِل بالقوانين الحاكمة للانتاج والتداول والتوزيع إبتداءً من ظاهرة القيمة، وقانون القيمة الزائدة. ويتعين أن أشير هنا إلى أننى أنظر للتواصل التاريخى الذى يُلقّن للطلاب، فى معظم المؤلفات الجامعية، ومن ثم النظرية الرسمية، التى تتناول تاريخ الفكر الاقتصادى على وجه خاص، كمرحلتين منفصلتين تمام الانفصال بل ومتناقضتين، أى أرى أن ثمة قطيعة معرفية، لا تواصل كما يُلقّن، تمت بعد صدور المجلد الثانى من "رأس المال" الذى أنجزه ماركس، وراجعه وأصدره فريدريك إنجلز عام 1885 فى هامبورج. وبمقتضاها تمت عملية منظمة مؤسسياً أدارت النظر من حقل الانتاج، إلى حقل مختلف تمام الاختلاف، وهو حقل التداول، أى، كما سنرى، نقل الاهتمام من المصنع إلى السوق، وإنما إبتداءً من إرساء دعائم لفن جديد من فنون تسيير الاقتصاد، كما يُطلِق عليه سمير أمين: "فن تسيير"، يستلهم وجوده من قشور الفكر الكلاسيكى لدى سميث وريكاردو، ويدعى نسبته إليه!! هذا الفن هو الذى إبتدعه تيار النيوكلاسيك أو الفكر الحدى. وكأن عِلم الاقتصاد السياسى قد قام بتأدية دوره التاريخى، قبل الاوان، ويتعين البحث عن عِلم غيره يتولى تفسير الظواهر الاقتصادية (التداول، التسويق، التوزيع، الاستهلاك) وكأن تلك الظواهر قد هبطت من السماء، وأن الاقتصاد السياسى يفتقر للادوات التى تمكنه من تفسير(الظواهر الجديدة!!) والكشف عن القوانين الحاكمة لها على الصعيد الاجتماعى. لقد تأكدت القطيعة بمجرد أن أعلن النيوكلاسيك، وفى مقدمتهم ألفريد مارشال، أن "الاقتصاد" هو "الاقتصاد السياسى" دون فارق، وأنه، "الاقتصاد" أو "الاقتصاد السياسى"، إنما يهتم بشئون الحياة العامة للانسان وبصفة خاصة شئونه الحياتية حال بحثه عن الثروة، والثروة، من وجهة نظر مارشال وجمهور الحديين، إنما تتكون فى حقل التداول من خلال عملية البيع والشراء، ولذا فإن جوهر"الاقتصاد هو التداول"(2). بما قد يفكرنا ربما، من زاوية ما، بفكر سابق على الكلاسيك أنفسهم، وهو فكر التجاريين والمعدن النفيس، إن مارشال أو الحديين أو النيوكلاسيك إنما هم فن جديد، وليسوا إمتداداً لعِلم مُنجز هو عِلم الاقتصاد السياسى، فلقد كف، كما ذكرت أعلاه، الاقتصاد السياسى عن التطور. فى نفس اللحظة التاريخية التى وُلد فيها فن جديد يُحاول أن يُفسر قدر طاقته الظواهر ويُحاول قدر طاقته كذلك أن يُوجِد قوانيناُ للسوق، بإدعاء نسبه إلى الكلاسيك، والكلاسيك منه براء. وكان الاجدر به، كفن، أن يُعلِن عن ذاتيته وإستقلاليته كفن تسيير يبدأ وينتهى فى السوق، وإنما إبتداءً من تفسير شاذ للقيمة، كما سنرى، ثم يحاول إقناعنا أنه عِلم!! لن أنشغل ها هنا بتوجيه النقد، لخروجه عن غرضى الرئيسى، وكذلك لأنى فى الواقع أجد أن جل الانتقادات التى تُوجَه فى عمومها إلى فكر الحديين، عقب القطيعة المعرفية مع الاقتصاد السياسى، إنما تنصب كلها فى كون هذا الفكر بمثابة عِلم ومن ثم يوجه له النقد إبتداءً من هذا الباب. ولكن الحقيقة أن هذا التيار هو محض فن، لا عِلم، نشأ بوجه خاص من أجل تعميم نمط الانتاج الرأسمالى على صعيد عالمى، وهو للحق فن متطور، وقادر إلى حد كبير على إعطاء مجموعة تحليلات صحيحة ظاهرياً فى المدى القصير، وتصيّد القوانين الادائية، وإن كان بتجريبية فجة. ولن أنشغل بالمناقشات الدائرة فى هذا الحقل إلا بالقدر الذى أبرز معه القطيعة المعرفية لعِلم الاقتصاد السياسى، ومن هنا كان مرادى الاول هو الرجوع إلى العِلم كما تبلور على يد المؤسسين، وإعادة إحيائه كى أستخدم أدواته الفكرية فى سبيل تحليل الظواهر الاقتصادية على الصعيد الاجتماعى فى عالمنا المعاصر(وبصفة خاصة الاجزاء المتخلفة) وإتخذت من فنزويلا والسودان، وظاهرة التخلف الاجتماعى والاقتصادى التى يعيش فيها البلدين مثلين ونموذجين أقوم من خلالهما، على وجه التطبيق، بإستخدام الادوات الفكرية لذاك العِلم المراد إحيائه، للبرهنة على أصالته وأهميته، وضرورة الرجوع إليه فى سبيل فهم الظواهر الاقتصادية المتعلقة بالانتاج والتداول والتوزيع فى عالمنا المعاصر. وعلى وجه خاص جداً تكمن أهمية إستدعاء أصول عِلم الاقتصاد السياسى كما وضعه مؤسسوه كى نفهم من خلال أدواته مجريات الأمور على صعيد النظام الاقتصادى الرأسمالى العالمى المعاصر؛ وعلى وجه خاص كى نفسر المرحلة الصاعدة للاجزاء المتخلفة ومن ثم نفسر أداء المرحلة الهابطة للاجزاء المتقدمة، لأن ذلك هو بالفعل ما يحدث على صعيد التطور الاجتماعى والاقتصادى بل والسياسى على مستوى العالم بأكمله. تأخذ الأن بعض الدول فى مرحلة الصعود، وتأخذ أخرى فى مرحلة الهبوط، وما كل ما يظهر على السطح من تمكاسك وقوة تلك الاقتصاديات الاخذة فى الهبوط إلا مسكنات تخدر الوضع الحالى وتسعى بكل قوتها إلى تثبيته قدر المستطاع. ولذلك ولأن الاجزاء المتخلفة هى فى طور تطور مرت به منذ عدة قرون الاجزاء المتقدمة، أى أن تلك الأجزاء المتخلفة تحياً فعلياً من الناحية الانتاجية/التاريخية فى القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر، وهى تلك الازمنة التى شهدت نضج عِلم الاقتصاد السياسى، فإنه يتعين إحياء ذلك العِلم من مرقده كى نستخدم أدواته الفكرية من أجل فهم ما يحدث الان من صعود البلدان المتخلفة (وطبعاً من أجل فهم تأخرها عدة قرون على هذا النحو) ومن أجل أيضاً فهم ما يحدث الان من هبوط البلدان المتقدمة (وطبعاً من أجل فهم تقدمها عدة قرون على هذا النحو) ولن يكون كل ذلك إلا من خلال (قانون القيمة) كما ناقشه سميث، وريكاردو، وماركس. (2) وأهدف ثانية إلى إعادة طرح إشكالية (ظاهرة) التخلف الاقتصادى والاجتماعى، بإعتبارها (عملية إجتماعية) ديناميكية فى حالة حركة مستمرة، ليست ساكنة وتاريخية فحسب، من إرتفاع معدل إنتاج القيمة الزائدة، بمفهومها الذى قصده أدم سميث، وديفيد ريكاردو، وماركس، ولن أنشغل هنا بمناقشتها، وسأعتبرها معطى، وإن كنت سأتعرض لتطورها، كفكرة، على الصعيد التاريخى كما سنرى، يتناقض هذا الارتفاع فى معدل إنتاج القيمة الزائدة، نظراً لكثافة إستخدام عنصر العمل فى الاجزاء المتخلفة، مع ضعف(أليات) إنتاجها، نظراً لضعف التقنية وعدم إستخدام الفنون الانتاجية التى يكشف عنها العِلم إلا فى مرحلة تالية لإستهلاك تلك الفنون فى الاجزاء المتقدمة، ومن خلال هذا التناقض ما بين الارتفاع فى معدل إنتاج القيمة الزائدة وبين هشاشة ألية إنتاجها، تتبلور ظاهرة تسرب القيمة الزائدة المنتَجة داخلياً إلى الاجزاء المتقدمة من الاقتصاد الرأسمالى العالمى المعاصر، من أجل شراء السلع والخدمات الاساسية والتى تتوقف عليها شروط تجديد الانتاج. وأطن أنه لا محل هنا للتأكيد على إستخدامى للديالكتيك (بمفهومه العِلمى وليس المؤسسى المبتذل) بشكل كامل. ولنزيد الامر وضوحاً: أولاً: إن تحديد التخلف على هذا النحو من كونه: "عملية إجتماعية "مكتملة القوى والعناصر والاطراف" من إرتفاع معدل إنتاج القيمة الزائدة، المتناقض مع ضعف(أليات) إنتاجها، ومن خلال هذا التناقض ما بين الارتفاع فى معدل إنتاج القيمة الزائدة وبين هشاشة وضعف أ لية إنتاجها، تتبلور ظاهرة تسرب القيمة الزائدة المنتَجة داخلياً إلى الاجزاء المتقدمة من الاقتصاد الرأسمالى العالمى المعاصر. إنما، ووفقاً للديالكتيك، يشير إلى أن الرأسمالية فى الاجزاء المتخلفة وعلى حين يهمها الإبقاء على معدلات إنتاج القيمة الزائدة بل ورفع تلك المعدلات، فهى كذلك تقع فى التناقض حين تسعى، وفى نفس الوقت، إلى تطوير قوى الانتاج المتخلفة بالاساس فى تلك الاجزاء التى تتلقى الفنون الانتاجية من الاجزاء المتقدمة بعد إستهلاكها، ومعنى تطوير قوى الانتاج هو إحلال الالة ويعنى إحلال الالة التقليص من معدلات إنتاج القيمة الزائدة. هنا يقع التناقض ما بين إرتفاع معدلات إنتاج القيمة الزائدة وبين ضعف أليات إنتاجها. وإلى حين حل هذا التناقض تأخذ القيمة المنتَجة داخلياً فى التسرب إلى خارج مسام الاقتصاد القومى كى تُغذى صناعات معقدة ومتطورة فى الاجزاء المتقدمة والتى تمد الاجزاء المتخلفة بالسلع كثيفة التكنولوجيا ورأس المال، وتلك السلع تتوقف عليها شروط عملية تجديد الانتاج. ثانياً: إننى أبدأ من حيث الشىء الذى بفضلهِ تطور الانسان، وإنفصل عن مملكة الحيوان، وهو"العمل" بوصفه: كُل مجهود إنسانى واع، وهو الذى صار محور الصراع مع حلول النمط الانتاج الرأسمالى بعد أفول النمط الاقطاعى. وأبدأ تحديداً من قيمة قوة العمل. فما هى قيمة قوة العمل؟ ولنتصور عامل النفط الفنزويلى مثلاً، فما هى قيمة قوة عمل هذا العامل؟ إن قيمة كل سلعة، وقوة العمل هى سلعة هى الاخرى مع نمط الانتاج الرأسمالى، وكما سوف نرى، تُقاس قيمة كل سلعة بكمية العمل اللازم لانتاجها. وقوة العمل توجد فى شكل العامل الحى الذى يحتاج، هو أيضاً، إلى كمية محددة من وسائل المعيشة لنفسه ولأسرته، مما يضمن إستمرار قوة العمل حتى بعد موته. ومن هنا فإن وقت العمل المتَطلَب لانتاج وسائل المعيشة هذه يُمثل قيمة قوة العمل، وإن الرأسمالى"إكسون موبيل"، أو "شل" مثلاً، وغيرهما من المؤسسات الرأسمالية، يدفع له أجره كل شهر، وبذلك يشترى من العامل إستعمال عمله لمدة شهر(ليس لنا هنا علاقة بالطرح الايديولوجى، بل ونرفضه من حيث هو طرح أيدلوجى وغير عِلمى)وعقب ذلك فان الرأسمالى "إكسون موبيل" يجعل عامله يبدأ فى العمل. وفى وقت معين سيقدم العامل كمية معينة من العمل توازى أجره الشهرى. فاذا إفترضنا أن أجر العامل الشهرى يُمثل خمس وعشرين يوم عمل، فإن العامل إذا بدأ العمل فى يوم واحد من الشهر، فإنه يكون، فى يوم 25، قد عوض "إكسون موبيل" عن القيمة الكاملة للاجر المدفوع، ولكن هل يتوقف العامل عن العمل؟ نمط الانتاج الرأسمالى يقول: لا إطلاقاً لا يُمكن للعامل عقب إنتاجه معادل أجره أن يتوقف عن العمل، إذ إشترت "إكسون موبيل" منه عمله لمدة "شهر" وعلى العامل أن يستمر فى العمل خلال الخمسة أيام المتبقية من الشهر كذلك، وهذا العمل الزائد الذى يقدمه العامل فوق الوقت اللازم لتعويض أجره وزيادة عليه هو مصدر" القيمة الزائدة"، ومصدر الربح، والتراكم المتزايد بإستمرار لرأس المال. والذى يدعم صحة الطرح أمران: (أ) المجتمع، أى مجتمع، لا يُمكن أن تظل دورة النقود، بالمعنى العام للنقود، بداخله تدور حول نفس الكمية، إذ المجرى العادى للامور يؤدى إلى زيادة تلك النقود، زيادة كمية، فكيف تزيد؟ إن القيمة الزائدة، أو فائض القيمة لا ينشأ، كما يُظَن، من بيع البائعين لسلعهم بأعلى من قيمتها، أو بشراء المشترين لها بأقل من قيمتها، لأن كلاً منهم، هو بدوره بائع ومشترى، مما يؤدى بالتالى فى المنتهى إلى التوازن العام، وبقاء الكمية النقدية بداخل الاقتصاد كما هى بدون تغيير، كما لا يُمكن، وفقاً لماركس المفكر لا الايدلوجيا، أن ينشأ أيضاً بأن يخدع البائعون والمشترون بعضهم البعض، لأن ذلك لن يخلق جديداً أو قيمة زائدة، وإنما سيؤدى فقط إلى توزيع رأس المال الموجود على الصعيد الاجتماعى(وبالمثل على الصعيد العالمى إذ يظل نفس الكم دون تغيير) بطريقة مختلفة بين الرأسماليين. وعلى الرغم من أن الرأسمالى"إكسون موبيل" يشترى السلع(مواد العمل، وأدوات العمل، وقوة العمل) بقيمتها وبيعها بقيمتها، فهو يحصل على قيمة أكبر من تلك التى بدأ بها. فكيف يَحدث ذلك؟ يَحدث ذلك بإستخراج القيمة الزائدة من قوة العمل، فالذى يُزيد القيمة هو قيمة قوة العمل غير مدفوع الاجر، بما يعنى التراكم الرأسمالى الممكّن من تجديد الانتاج على نطاق متسع. ربما قائل يقول: ولكن الواقع أن الرأسمالى يذهب لشراء قوة العمل ووسائل الانتاج ثم يترك قوة العمل تتفاعل مع قوة الانتاج كى تُنتِج السلعة، وحينئذ يأخذها الرأسمالى إلى السوق ويبيعها طبقاً لما أنفقه فى سبيل شراء قوة العمل ومواد العمل وأدوات العمل، ويضيف إلى تلك النفقات ربحاً له. هنا يَظهر الخلط بليجاً ما بين القيمة الزائدة وما بين الربح، فالاولى حتمية التحقق بمجرد البدء فى العملية الانتاجية. بمجرد معانقة العمال لآلاتهم المحبوبة. وهو الامر الذى لا يتسم بالضرورة بصدد الربح. وعلى حين تتحقق الاولى فى حقل الانتاج، ولا يكون فعل التداول إلا كاشفاً عنها، فإن الربح برمته يتكون فى حقل التداول خاضعاً لقوانين السوق والمنافسة على إختلاف أنواعها. (ب)سواء إستغرق عامل النفط الفنزويلى 25 يوم أو 22 يوم، أو 15 يوم لتعويض أجره فان ذلك قليل الاهمية هنا ويتوقف عادة على الظروف، والشىء الرئيسى هو أن الرأسمالى"إكسون موبيل" ينتزع إلى جانب العمل الذى يَدفع مقابله أجراً عملاً لا يَدفع له مقابل كذلك؛ لأنه إذا إنتزع الرأسمالى من عمل العامل على مدار فترة طويلة ما يوازى ما دفعه على شكل أجور، فسوف يقوم بغلق مصانعه ومنشأته، لأن ربحه فى الواقع سيكون صفر. ولنزيد الامر هنا كذلك وضوحاً: فمثلا الرأسمالى"إكسون موبيل"يدخل العملية الانتاجية بعشر وحدات على النحو التالى: 4 (لادوات العمل) و4(لمواد العمل) و2 (لقوة العمل) والان يشرع عامل النفط فى الانتاج حتى يتمه. فما الذى جناه الرأسمالى "إكسون موبيل" وقد دخل العملية الانتاجية بعشر وحدات وخرج منها بعشر وحدات؟ طبعاً لا شىء ويُصبح غلق المصنع هو الواجب، بل من الواجب عدم فتح مصنع بالاساس طالما كان هذا هو القانون، إذ وفقاً له تكون الصيغة كالاتى: (ن) = (ن) أى النقد(ن) الذى بدأ الرأسمالى بها إنما رجع له بنفس قيمته، وكل ما عمله هو عمليات بيع وشراء ليس إلا، تعود بعدها (ن) فى نفس الشكل(ن). فلذا ولأن الرأسمالى لا يستطيع بطبيعة الحال توليد القيمة الزائدة من المواد أو الادوات، فإنه يولدها من تلك السلعة الغريبة الطارحة نفسها فى السوق، وهى قوة العمل، فتُصبح الصيغة مختلفة، إذ توَلد القيمة الزائدة فى مرحلة الانتاج، وليس التداول كما يُقال للطلاب، كيف ذلك؟ يتم ذلك من خلال الصيغة التالية، وهى الصيغة العامة للقانون العام الحاكم للنظام الرأسمالى على الصعيد العالمى والمحلى سواء بسواء، والصيغة تلك هى: (ن – (ق ع)+(و أ)–س- Δ ن) وهى تعنى تحول النقود إلى قوة عمل، فى هيئة أجرة، وتتحول كذلك إلى وسائل إنتاج تتمثل فى مواد العمل وأدوات العمل، والان يشرع العامل فى الانتاج، وما أن يُتمه إلا ويكون لدى الرأسمالى" إكسون موبيل" ليس (10) وحدات، وإنما (12) وحدة؛ بإفتراض أن معدل الاستغلال 100%. فمن أين جاءت الوحدتان هاتان؟ الإجابة ستكون محل مناقشة موسعة فيما بعد، وإنما نكتفى بالاشارة هنا إلى الخطوط العريضة للاجابة، فالرأسمالى دفع(4) وحدات (لأدوات العمل) و(4) وحدات (لمواد العمل) و(2) وحدة (لقوة العمل) ((مع الوعى بوجود نفقات اخرى تتعلق بالنقل، والمواد المساعدة، واستخدام الطاقة،.........إلخ) والان يشرع العامل الفنزويلى فى الانتاج حتى يتمه. فما الذى جناه الرأسمالى وقد دخل العملية الانتاجية بعشر وحدات وخرج منها بعشر وحدات؟ ذكرنا لا شىء. فكيف يُغيّر الرأسمالى الوضع؟ يُغيّره بأن يولّد القيمة من قوة العمل، فهو يدفع (2) وحدة للعامل. ويأخذ منه عمل يساوى (4) أو (5) أو (12) أو . . . . . وحدة عمل، وهكذا بحسب معدل إنتاج القيمة الزائدة. وكما ذكرنا أن هذا هو السبيل (الوحيد) أمام "إكسون موبيل"(لتوليد قيمة زائدة) وإلا غلق المؤسسة!! ومن هنا فإن القيمة والارباح تولد فى حقل الانتاج، وليس التداول، ولسنا فى حاجة إلى إعادة القول بأن إعادة بيع المنتَج بأعلى من قيمته إنما يخلط ما بين القيمة الزائدة وبين الربح من جهة، ولا يُؤدى على الاطلاق إلإ لخداع محاسبى فيما بين البائعين وبين المشترين. تلك هى القيمة الزائدة، وكما سنرى بالتفصيل كيف تتشكل نتيجة تناقض داخلى وليس كما تقول كراسات التعميم، فكما سنرى أن القيمة الزائدة، ليست خطية كما يقولون طوال عشرات السنين، وإنما هى الجدلية بعينها، إذ تتشكل بالتناقض بين التغير فى القيمة الزائدة بالنسبة لقيمة قوة العمل وبين التغير فى القيمة الزائدة بالنسبة لرأس المال الكلى. ومفاد ذلك ان إعادة إنتاج التخلف الذى ينشأ أثر التناقض بين الارتفاع فى معدل إنتاج القيمة الزائدة، وبين ضعف(أليات) إنتاجها، إنما يتكون بداخل أحشائه جدلية أخرى لا يمكن فهم جدلية إعادة إنتاج التخلف إلا بفهمها. والقيمة الزائدة على هذا النحو كذلك تعمل كقانون حركة عام فى جميع مؤسسات "روتشيلد" كما تعمل فى أحقر"ورشة لصنع أربطة الاحذية" فى أحط أحياء الخرطوم أو كاراكاس. الأمر الذى يُدعم موقفنا الرافض من كراسات التعميم التى لا ترى إلا جانب واحد من قانون الحركة بغية تسويق نظرية الدولة حينذاك وإخفاء القانون الذى يوصم الدولة بالرأسمالية وهى تتشدق ليل نهار بالاشتراكية والعدالة الاجتماعية والمساواةّ!! إلا أنها فى الواقع لم تدخر وسعاً فى سبيل إتلاف النظرية ومسخ العِلم. أرجو أن يكون من الواضح هنا تماماً أن الطرح الخاص بتعريفنا للتخلف، إنما، وللاسف، يغض بصره تماماً عن الموقف الاخلاقى، ولا يَنظر إلى الجانب "القهرى، الاستغلالى" فى عملية إنتاج تلك القيمة الزائدة(وربما يرجع ذلك لكون إنتاج ذلك النوع من القيمة هو من لوازم الرأسمالية كنظام إجتماعى شامل يهيمن منذ خمسة قرون، ولا يمكن له أن يعمل بدونه) إذ يبدأ الطرح وينتهى من حيث فهم وتحليل نمط الانتاج الرأسمالى كنمط لإنتاج سلع وخدمات من أجل السوق. وليس ذلك فقط وإنما كنمط لإنتاج القيمة الزائدة، وطالما كانت (أليات) إنتاج تلك القيمة الزائدة ضعيفة، بغض النظر عن كل شىء أخلاقى، عُدّ الاقتصاد ضعيف ومتخلف بالتبعية لتدهور تلك الاليات، فى حين يُصبح هذا الاقتصاد قوياً إذ ما كانت تلك(الأليات) قوية، بما يلزم ويكفى لتخفيض معدل إنتاج القيمة الزائدة، وعلامات قوتها تتبدى فى النظر إلى(حجم، وقيمة) المنتَجات التى تُمثل إجمالى الناتج القومى، والذى غير إسمه البنك الدولى مؤخراً وأسماه الدخل القومى!! لمزيد من الارباك!! وعلى العموم يشير الجدولان أدناه إلى إنتاجية العمل بالنسبة إلى الناتج القومى فى بعض بلدان مختارة من الاجزاء المتقدمة وأخرى متخلفة لبيان الفارق الكبير والملاحظ لصالح الاجزاء المتقدمة. إنتاجية العامل فى بعض من دول الاجزاء المتقدمة (جدول رقم 1) الدولة إنتاجية العامل بالنسبة إلى الناتج القومى(%) استراليا 48,9 الدنمرك 46,8 فرنسا 54,1 المانيا 44,8 اليابان 43,9 إيطاليا 45,6 لوكسمبورج 55,6 السويد 46,9 بلجيكا 54,0 النرويج 52,9 الولايات المتحدة الأمريكية 67,9 المملكة المتحدة 54,9 The Groningen Growth and Development Centre http://www.ggdc.net/dseries/totecon.shtml إنتاجية العامل فى بعض من دول الاجزاء المتخلفة (جدول رقم 2) الدولة إنتاجية العامل بالنسبة إلى الناتج القومى (%) سيريلانكا 8,9 إندونيسيا 8,7 فيتنام 4,5 جورجيا 11,1 اليمن 5,9 الجزائر 7,8 مولدوفا 9,4 مصر 8,7 بنجلاديش 3,1 غانا 2,2 السودان 2,9 فنزويلا 13,6 The Groningen Growth and Development Centre http://www.ggdc.net/dseries/totecon.shtml
وإن التفسيرات المختلفة(3) التى تم تقديمها لظاهرة التخلف كظاهرة إجتماعية، أعتقد أن بينها قاسم مشترك، هذا القاسم يتبلور فى أن التفسيرات المقدَمة تلك إنما تتعامل مع مظاهر التخلف، الذى هو عكس التقدم بالمفهوم المطروح من قبل المدرسة والمؤسسة، ولا تبحث فى التخلف ذاته، فهى تتحدث فى الدخل المنخَفض والاستثمارات الضعيفة والمعدلات المرتفعة من الفقر والمرض وعدد البشر الجوعى...... إلخ وحتى حينما تتجاوز تلك التفسيرات ذلك وتدّعى لنفسها المقدرة على إعطاء تفسيراً يستند إلى الاسباب المؤدية، نجدها تُقدم وصفاً سطحياً من الدرجة الاولى، فعلى سبيل المثال هناك من الإتجاهات، من ضمن عشرات الاتجاهات، مَن يُفسر التخلف على أساس أن مبعثه عدم قدرة البلاد(التى هى متخلفة!! أى أن التخلف لديه معطى!!)على الاندماج فى السوق الرأسمالى!! وهى عدم قدرة ترجع إلى الرفض الاجتماعى؛ إذ يصطدم المجتمع بنموذجين من الانظمة؛ إذ لديه النمط التقليدى، الذى يرد عليه النمط الرأسمالى، الأمر الذى يوقع المجتمع فى "إزدواجية" لا تمكنه من الاندماج الكامل فى النظام الحديث الذى طرأ على النظام القديم، ويتفرع عن ذلك تفسير لا يقل ضحالة حين يرى التخلف كمجرد حاصل جمع سمات التخلف، وتُصبح قضية التخلف مركزة، بعد تجهيل التخلف، فى كيفية الخروج منه، لا تفسير أسباب الوقوع فيه، كما ظهر، من ضمن ما ظهر، تفسيرٌ آخر، ساد فى سبعينات القرن الماضى، قاده رجنار نوركسه(4)، وهو يذهب إلى إستخدام نظريته عن "الحلقات المفرغة" فى تفسير جوانب الفقر المتعلقة بجانبى العرض والطلب لعملية الاستثمار وتراكم رأس المال، فمن حيث الطلب على الاستثمار يرى "رجنار" أنه يتوقف على الحافز عليه، ونظراً لضعف السوق، بسبب ضعف الدخول، التى هى بطبيعتها ضعيفة بسبب ضعف الانتاجية، فسيكون الحافز ضعيفاً مما يؤدى إلى إنخفاض مستوى الاستثمار والتراكم الرأسمالى. . . . وهكذا، ومن حيث جانب العرض؛ فإن الاستثمار يتوقف على الادخار، والادخار ضعيف بالأساس نظراً لضعف الدخول، وضعف الاجور يعود إلى إنخفاض مستوى الانتاجية التى ترجع بدورها إلى تدنى مستوى الاستثمار والتراكم . . . وهكذا، ويُصبح النظام بتلك المثابة واقعاً فى"فخ الفقر"، ولا تعدو تلك التفسيرات بتقديرى سوى تفسير، إن صح التعبير، مبتذل للظاهرة، يعتمد منهج ميكانيكى يختزل الواقع الاجتماعى فى شكل نظرى يبدو متماسكاً نظرياً وهو لا يقوى على إعطاء تفسيراً واضحاً للظاهرة، ومرجع ذلك بالاساس أنه يتناول، كجل النظريات، مظاهر الاشكالية وليس الاشكالية نفسها. فهو، كحال جل النظريات، إنما يتحدث عن إنخفاض الدخل، وتدنى مستويات الادخار، وضعف الانتاجية، وغيرها. . . . وكل تلك الأمور ما هى سوى مظاهر تشير إلى أن هناك تخلف. ولكن ما هو التخلف؟ هذا ما حاولت تقديمه بقولى أن التخلف هو حالة ديناميكية مستمرة من الضعف "المزمن" فى أليات إنتاج القيمة الزائدة المنتَجة داخلياً فى الاقتصاد القومى، وبما يعنى إرتفاع معدلات إنتاجها النسبى، وربما يكون مجال الانتاج الزراعى مناسباً لشرح المسألة، ولا سيما وأنه طبقاً لتقرير مكتب العمل الدولى(الدورة 292/2010) فإن 75% من الفقراء يعيشون فى المناطق الريفية، حيث تمثل الزراعة الدعامة الاساسية للاقتصاد، ويستخدم القطاع الزراعى نحو 40% من القوى العاملة، ويسهم بما يزيد عن 20% من الناتج المحلى (الوثيقة GB.292/ESP/1) وقد إنطلقتُ من فكرة أظن أنها بسيطة، وتجريدية، جداً تقول أن المجتمعات المستعمَرة التى صارت تابعة ثم متخلفة طبقاً للترتيب التاريخى، حالها كحال المجتمعات المستعمِرة، المتبوعة، المتقدمة، لا تكف عن الانتاج كما لا تكف عن الاستهلاك، والمجتمعات المتخلفة، والتى تهمنا هنا، لا تُنتِج سلعاً أو خدمات فقط؛ وإنما تُنتِج قيمة زائدة، ليس العُمال فقط كما هو شائع ومسوَق، على الصعيد الايديولوجى، وإنما المجتمع بأسره، بعد أن تحول المحامى والطبيب والمهندس والمعلم والكاهن وقارىء السورة، بل ورعاع المدن إلى شغيلة فى عداد المأجورين!! بيد أن كراسات التعميم غالباً ما تتجاهل تلك النقطة. فأى مجتمع، ويهمنا هنا الاجزاء المتخلفة من الاقتصاد الرأسمالى العالمى المعاصر، يتعين كى يقوم بالعملية الانتاجية أن يكون تحت تصرفه مبلغاً من النقود بالمعنى الواسع للنقود، لا أُفرِق بين إنتاج الحديد والصلب، أو فتح مؤسسة محاسبة مالية يعمل فيها عشرات المحاسبين بأجر. أى أننى، وهذا من ضمن ما أهدف إليه، أقوم بمد القوانين التى كشف عنها عِلم الاقتصاد السياسى فى حقل إنتاج السلع المادية إلى حقل إنتاج الخدمات، وهو الحقل الذى صار مُهيمناً بنحو 65%، على إجمالى هيكل الاقتصاد العالمى المعاصر. وفلنفترض أن المجتمع(ويهمنا المجتمعات المتخلفة) فى لحظة تاريخية معينة وتحت ظروف إجتماعية محددة، يدخل العملية الانتاجية على صعيد "الكُل" الاقتصادى بمبلغ (30) مليارات وحدة، موزَعة بين القطاعات الانتاجية الثلاثة بواقع (10) مليار لكُل قطاع(الزراعة والصناعة والخدمات) ويتم توزيع الـ(10) مليار وحدة على النحو التالى: (50) وحدات لشراء أدوات العمل، و(30) وحدات لشراء مواد العمل، و(20) وحدة لشراء قوة العمل، وهكذا الامر فى كل قطاع، وفى نهاية الفترة وبإفتراض أن القيمة الزائدة المنتَجة فى القطاعات الثلاثة=100%، أى أن الرأسمالى يدفع للعمال (20) وحدة ويتلقى مقابل هذه الـ(20) وحدة عمل يساوى (40) وحدة أى يأخذ (20) وحدة زائدة. فسيكون لدينا ما يلى: القطاع الزراعى: (50 أدوات العمل) + (30 مواد العمل) + (20 قوة العمل) +(20 قيمة زائدة) = 120 القطاع الصناعى: (50) + (30) + (20) +(20) = 120 قطاع الخدمات: (50) + (30) + (20) +(20) = 120 طبعاً لا شك فى أن الانتاج يحتاج إلى أشياء أخرى كثيرة مثل: الارض، والفكرة، والادارة، والنقل. .إلخ بيد أن تلك الامور تأتى فى مرتبة أو مرحلة إتمام المنتَج، وهى مهمة من زاوية ما من أجل "تسيير" العملية الانتاجية، وهى، فى نفس الوقت، ثانوية وغير مؤثرة فى عملية زيادة القيمة، إذ لا تزيد القيمة إلا بقدر دخول عنصر العمل الحى أو المختَزن فى العملية الانتاجية والذى من شأنه أن يُزيد القيمة. ولكنه سوف يزيد قيمة على السلعة الجديدة وليس القديمة، فالنقل لا يزيد قيمة السلعة، وإنما يمكن لعملية النقل خلق قيمة فى حقل صناعة النقل نفسه. وعكس ذلك يقول ديفيد ريكاردو إلى ذلك بقوله :" حقاً، ولكن كيف تُضاف هذه القيمة الجديدة؟ ذلك بأن تضاف إلى تكاليف الانتاج، أولاً تكاليف النقل وثانياً ربح رأس المال الذى سلفه التاجر. وتزداد قيمة السلعة لنفس السبب الذى يمكن أن تزداد به قيمة أى سلعة أخرى، وذلك لأن عملاً أكثر قد أنفق على إنتاجها ونقلها قبل أن يشتريها المستهلك. إلا أن ذلك بعيد أن يكون واحدة من حسنات التجارة". ووفقاً لمثلنا أعلاه فلقد حقق المجتمع زيادة فى القيمة، أى أنه بدأ بـ (30) مليار وحدة، وفى نهاية الفترة صار لديه (36) مليار وحدة. فأين تذهب تلك الـ(6) مليار وحدة والتى إنتجت بداخل الاقتصاد القومى؟ كى نُجيب على تساؤلنا المطروح يتعين علينا البدء من حيث أنه ما من مجتمع إلا ترتبط حياته وإستمرارها بالانتاج، من أجل الاستهلاك الداخلى المباشر، أو من أجل التبادل، ولن يتمكن هذا المجتمع من تجديد إنتاجه إلا إذ ما كان تحت يده حدا أدنى من (الرأسمال المركم) يمكنه من البدء فى تلك العملية، وبالفعل يبدأ المجتمع العملية الانتاجية بكمية معينة من رأس المال، حاله حال كل مشروع رأسمالى، وفى نهاية المدة، ولتكن سنة، لا بد، ولكى يستطيع الدخول فى عملية إنتاجية أخرى لسنة جديدة، وهكذا، لا بد من أن يجد المجتمع تحت يديه كمية من الرأسمال "والذى أُنتِج فى الفترة السابقة". والسؤال: أولاً: ما مقدار معدل إنتاج تلك القيمة الزائدة(النسبى) المنتَجة فى أحد الاجزاء المتخلفة، ولتكن دولة بوروندى مثلاً(2,698,272دولار) مقارنة بالمنتَجة فى أحد الاجزاء المتقدمة ولتكن الولايات المتحدة الامريكية (14,629,200,000,000,0 دولار، لاحظ الفارق الهائل ما بين المليون وبين التريليون!!) من الواضح تماماً مقدار هذا الفارق وهو يُعرب عن مدى قوة أليات إنتاج القيمة الزائدة، فى مقابل ضعفها الجلى فى الاجزاء المتخلفة، وسنرى ذلك بمزيد من تفصيل الارقام أدناه. ثانيا: أين تذهب تلك القيمة الزائدة؛ أو الارباح كما يسمونها؟ هل تُضَخ فى مسام الاقتصاد القومى، من أجل تنميته؟ أم تتسرب إلى الخارج لتغذية صناعات (غذائية، إنتاجية، إستهلاكية، ....) تُنتَج فى المراكز المتقدمة من الاقتصاد الرأسمالى العالمى؟ إننى أفترض أن التسرب هو الاقرب إلى الدقة!! إنه التسرب الذى تدعمه الطبقات الحاكمة فى الاجزاء المتخلفة، والتى تُمثل إمتداداً للظاهرة الاستعمارية (بل كذلك بعد الحركات الثورية ، فلم تزل القيمة تتسرب كما سنرى) فتلك الطبقات بما يحققه لها هذا التسرب فى القيمة الزائدة، ومن قبله ترسيخ ضعف أليات إنتاجها على مستوى القطاعات الثلاثة المنتِجة، من موالاة للاجزاء المتقدمة، فإنه يُصبح من اللازم حرص تلك الطبقات على إبقاء الوضع الحالى دون أى تغيير يَسمح بعدم تسرب تلك القيمة الزائدة إلى خارج مسام الوطن. أو تدعيم أليات إنتاج القيمة الزائدة الممكّنة من تركيم رأسمالى ممكّن بدوره من الدخول فى حلبة الصراع مع الاجزاء المتقدمة التى سبقته، وأرجو أن يكون من الواضح، ومن البداية أيضاً، كونى أناقش إشكالية تسرب القيمة الزائدة، نتيجة التناقض ما بين إرتفاع حجم إنتاجها وبين ضعف أليات هذا الانتاج، ولا أناقش إشكاليات تسرب الفائض. يبقى أمر من المتعين معالجته هنا وإنه ليثير الالتباس ربما لدى البعض؛ فلقد قلنا لتونا أن الرأسمالى يتحصل على مكاسبه، على أساس المعدلات المرتفعة من القيمة الزائدة، وقلنا كذلك أن الاجزاء المتقدمة قد تجاوزت الان إنتاج القيمة الزائدة النسبى، وقلنا كذلك أن تلك الصفة وهى إرتفاع معدل إنتاج القيمة الزائدة من الصفات اللصيقة بالاجزاء المتخلفة. فما هو السبيل إلى الخروج من هذا التناقض؟ إن السبيل الممَهد لحل هذا التناقض هو فى النظر إلى التطور الذى لحق النظام الرأسمالى نفسه، ففى المرحلة الصاعدة كانت القيمة الزائدة هى مصدر الربح والتراكم(بجانب النهب والمذابح) ولذا كان طبيعياً أن لا يرى ماركس حين صياغته "لقانون ميل الربح للانخفاض" سوى (القيمة/الربح) دون حدود واضحة لكل منهما. أما الان وفى مرحلة الهبوط (والانهيار) تنفرج الزاوية 180 درجة ما بين الربح وما بين القيمة الزائدة، وفى الوقت الذى تتقلص فيه القيمة الزائدة ومعدلات إنتاجها، تزيد الارباح وسرعة دوران رأس المال 40 ضعف حجم السلع القابلة للتداول، ومن ثم تأخذ الاجزاء المتقدمة وهى ماضية فى تجفيف منابع القيمة الزائدة(سر حياتها)عبر تخفيض العمالة وإنتاج السلع كثيفة رأس المال والتكنولوجيا، فى طريقها إلى الانحدار شيئاً فشيئاً على الرغم من تلك المليارات والتريليونات لأنها فى الواقع أرقام وهمية، غير مؤسسة على قواعد إنتاجية ثابتة!! ومن هنا نقول أن الاجزاء المتقدمة فى مرحلة الهبوط، وما تلك الارقام الفلكية أحياناً سوى نتاج خلق وعى زائف صار فناً رأسمالياً خالصاً، أسمه فن خلق الوعى الزائف، وكما سنرى أن ثقافة الاستهلاك، والتى أمست أيديولوجية، وثقافة الاشياء الجديدة وإلقاء القديم، أيا ما كان، فى سلة المهملات. دائماً هى الثقافة التى تتطيل فى حياة النظام حتى الآن، وإنما إلى حين لا أعتقد فى طوله كثيراً ولو حتى جيل أو جيلين قادمين. وفى المقابل، ولأن قروناً تفصل فيما بين الاجزاء المتقدمة والاجزاء المتخلفة، فإن الاجزاء المتخلفة هى الان فى طريقها الذى إجتازته الاجزاء المتقدمة من مئات السنين!! وهى الآن فى مرحلة إنتاج القيمة الزائدة!! إعادة تقديم عِلم الاقتصاد السياسى كعِلم مُنشَغِل بظاهرة فائض القيمة،غير المعروفة فى المجتمعات السابقة على الرأسمالية، وإعادة طرح إشكالية (إعادة إنتاج التخلف) الاقتصادى والاجتماعى، والاتخاذ من فنزويلا فى أمريكا اللاتينية والسودان من أفريقيا، مثلين، هو ما أود البحث فيه على صفحات هذا الكتاب، وإنى أرجو أن تنجح المساهمة فى إعادة فتح العديد من الملفات المطوية على مغالطات وأخطاء فادحة أصبحت مع التلقين الجاهل حقائق مقدسة، والنتيجة هى الاعدام اليومى لأذهان الملايين من الطلاب المستسلمين، ومعهم طبعاً ملايين البشر، بل ولم يَسلم بعض الباحثين كذلك من الوقوع فى فخ الضحالة وبئر التعتيم، وراح هذا البعض يدرس التخلف، وهو فى الواقع، وبالاضافة إلى أنه لا يدرس التخلف فى ذاته، وإنما يدرس مظاهره، فهو، فى الواقع، يدرس ميكانيزم كيف يتم إخفاء حقيقة إعادة إنتاج التخلف!! محمد عادل زكى الاسكندرية 10/8/2011
#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملخص كتاب الاقتصاد السياسى للتخلف
-
التكامل الاقتصادى العربى كإمكانية
-
تسرب القيمة الزائدة وتجديد إنتاج التخلف
-
موجز تاريخ الرأسمالية
-
الأهم من الاجابة، هو الطريق الذى يسلكه الذهن فى سبيله لانتاج
...
-
جذور التخلف الاجتماعى والاقتصادى، مصر، كنموذج
-
جدلية القيمة الزائدة فى رأس مال كارل ماركس
-
الديالكتيك فى رأس المال
-
تطوير النظام التعليمى فى مصر، بقلم أستاذنا الدكتور محمد دويد
...
-
من الفكر الإجتماعى والإقتصادى العربى فى شمال إفريقيا والأندل
...
-
قبل أن نبتهج بالثورة إبتهاج البلهاء فى بلاد البله، لأن ربنا
...
-
قبل أن نبتهج بالثورة إبتهاج البلهاء فى بلاد البله لأن ربنا ع
...
-
تجديد إنتاج السلطة
-
الثورة المصرية من منظور جرامشى
-
موجز -فى التناقض- لماو تسى تونج
-
الموجز فى تاريخ السودان الحديث المعاصر
-
مقرح أستاذنا الدكتور محمد دويدار بشأن الأبعاد الإقتصادية فى
...
-
المخدرات كسلعة
-
العلاقة ما بين التخلف الإقتصادى والإجتماعى وبين القيمة الزائ
...
-
القيمة الهاربة، والقيمة المتسربة، والقيمة المضخة
المزيد.....
-
مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
-
مصر.. الدولار يقترب من مستوى تاريخي و-النقد الدولي- يكشف أسب
...
-
روسيا والجزائر تتصدران قائمة مورّدي الغاز إلى الاتحاد الأورو
...
-
تركيا تخطط لبناء مصنع ضخم في مصر
-
زيادة جديدة.. سعر الذهب منتصف تعاملات اليوم الخميس
-
-الدوما- يقر ميزانية روسيا للعام 2025 .. تعرف على حجمها وتوج
...
-
إسرائيل تعلن عن زيادة غير مسبوقة في تصدير الغاز إلى مصر
-
عقارات بعشرات ملايين الدولارات يمتلكها نيمار لاعب الهلال الس
...
-
الذهب يواصل الصعود على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.. والدول
...
-
نيويورك تايمز: ثمة شخص واحد يحتاجه ترامب في إدارته
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|